كتاب: تقييم الديمقـراطيـة في الأردن: 1990-2010
ف 1: المواطنة والقانون والحقوق
د. عدلي الهواري
قبل أن اختتم هذا الجزء من مبدأ سيادة القانون هناك حاجة لمناقشة هذا المبدأ. لا شك أن مبدأ سيادة القانون مهم، وكذلك مبدأ تساوي الجميع أمامه. ولكن التطبيق لا يكون متوافقا دائما مع المبدأ. فبوسع الممسكين بالسلطة أن يتحايلوا عليه ويقوضوه. مواجهة الحكومة في المحكمة ليست مهمة سهلة، فالحكومات تلجأ إلى أعذار من قبيل أمن الدولة أو المصلحة الوطنية لوقف الإجراءات أو الامتناع عن تقديم الأدلة.
يتألف باب تقييم الديمقراطية بشأن المواطنة والقانون والحقوق من أربعة أقسام: (1.1) الأمة والمواطنة؛ (1.2) سيادة القانون والوصول إلى العدالة؛ (1.3) الحقوق المدنية والسياسية؛ (1.4) الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. السؤال المتعلق بكل قسم يسبق علامات التقييم.
القسم 1.1: الأمة والمواطنة
السؤال العام (س1ق؛ س7ط): «هل يوجد اتفاق عام حول المواطنة المشتركة بدون تمييز؟» أجاب عن السؤال كل المقيّمين الأربعة والعشرين. العلامة الأدنى 1؛ الأعلى 10. المعدل 5، وهي العلامة الأكثر تكرارا.
المعدل لا يعكس وجود اتفاق على هذه المسألة. السبب متعلق بوضع الفلسطينيين في الأردن. مظاهر الخلاف تبرز بشكل متكرر. على سبيل المثال، في أيار 2010 برزت المسألة بقوة، والسبب الظاهري وجود مخاوف من أن يكون حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن.
مسألة الفلسطينيين في الأردن تناقش أحيانا بانفعال شديد بسبب اعتبارات داخلية وخارجية. العامل الخارجي يتعلق بإسرائيل التي كثيرا ما يردد سياسيوها أن الأردن هو الوطن البديل للفلسطينيين، وبقولهم ذلك يقاومون حق الشعب الفلسطيني في وطنه، فلسطين، وحق العودة إليه، ويتنصلون من المسؤوليات الإنسانية والأخلاقية والقانونية المترتبة على الاستيلاء على فلسطين.
والسبب الآخر داخلي. في هذا الصدد، سيجد الباحث شكاوى من الجانبين: بعض الأردنيين يعربون عن الاستياء من أي إيحاء بأن الفلسطينيين الذين لجأوا إلى الأردن كانوا أكثر تطورا من الناحية الثقافية، وأن الأردن ازدهر بسبب الفلسطينيين. في المقابل، هناك استياء من بعض الفلسطينيين نتيجة شعورهم بأنهم لا يحصلون على ذات المعاملة عندما يتعلق الأمر بالعمل في الدوائر الحكومية، على سبيل المثال.
من الملفت للنظر أن عدد الفلسطينيين في الأردن غير معلن رسميا، رغم إجراء تعداد للسكان كل عشر سنوات. أبو عودة (1999، ص 255) يشير إلى «أن الحكومة امتنعت عن نشر تفاصيل أعداد الأردنيين من أصل فلسطيني والأردنيين». صايغ (1987، ص 14) يشير إلى تقدير قديم يرد فيه أن عدد الفلسطينيين في الضفة الشرقية عام 1967 يعادل نسبة 47.1 في المئة. وإذا حسبت النسبة على أساس مجموع سكان الضفتين الشرقية والغربية ترتفع النسبة إلى 70.35 في المئة.
في مناقشة أبو عودة للموضوع، يشير إلى معلومات معتمدة على إحصاءات جمعتها دائرة الأحوال المدنية، وهي الهيئة الحكومية المسؤولة عن إصدار جوازات السفر وبطاقات الهوية. تشير هذه الإحصاءات إلى أن نسبة الأردنيين من أصل فلسطيني في الضفة الشرقية في عام 1988 بلغت 40 في المئة من عدد السكان (1999، ص 255). في 2 أيار 2010، صدر بيان باسم المتقاعدين العسكريين، ونشرت فيه أعداد محددة للفلسطينيين في الأردن. حسب البيان، ينقسم الفلسطينيون في الأردن إلى ثلاثة أقسام:
في القسم الأول هناك 2.5 مليون فلسطيني، من بينهم «مليونان من اللاجئين والنازحين المجنسين نهائيا»، أي لا يعترض البيان على جنسيتهم الأردنية. وفي القسم الثاني يوجد «حوالي 850 ألف نازح مجنس يحمل البطاقة الصفراء» أي لديهم تصريح إسرائيلي يمكنهم من الإقامة في الضفة الغربية. وفي القسم الثالث، هناك 2.25 مليون فلسطيني «من غير المجنسين الذين يحملون البطاقة الخضراء (الضفة الغربية) والزرقاء (غزة)». [الفلسطينيون في القسم الثالث هم لاجئو حرب 1967 الذين لجأوا إلى الأردن من الضفة الغربية وقطاع غزة].
يبلغ مجموع أعداد الفلسطينيين في الأقسام الثلاثة حوالي 5.5 مليون. أحدث الإحصاءات الرسمية المتوفرة من دائرة الإحصاءات العامة وقت إجراء البحث للكتاب كانت إحصاءات عام 2004، وذكر فيها أن عدد سكان الأردن في 1 تشرين الأول 2014 بلغ 5.3 مليون نسمة. أما نسبة نمو عدد السكان فكانت 2.5 في المئة. عدد السكان الوارد في الإحصاءات الرسمية 2004 لا يشير إلى تفاصيل أصول السكان. وتظهر الإحصاءات أن المحافظات ذات الكثافة السكانية الأكبر هي عمان (38 في المئة من السكان)؛ إربد (18 في المئة)؛ والزرقاء (15 في المئة). نسبة التحضر 82 في المئة.
باستخدام الأرقام الواردة في البيان الصادر باسم المتقاعدين العسكريين وإحصاءات 2004، فان الـ 2.5 مليون فلسطيني الذين يحملون الجنسية الأردنية يشكلون نسبة 47 في المئة، أي حوالي نصف السكان. وإذا لم يدخل في حساب النسبة الـ 850 ألف فلسطيني ممن يحملون «البطاقة الصفراء»، فإن هذه النسبة تهبط إلى 37 في المئة، ولكنها تظل نسبة عالية من مجموع السكان. هناك إمكانية لوجود هامش خطأ بسبب الحاجة لتعديل الأرقام وفقا لمعدل الخصوبة، ولكن النسب المئوية ستبقى نفسها تقريبا.
ورغم أن بيان المتقاعدين العسكريين ليس له طابع رسمي، وبالتالي يمكن التشكيك في الأرقام الواردة فيه، إلا أن الأعداد والنسب قريبة من تلك المذكورة أعلاه. لذلك فإنه من المحتمل أن الأرقام المحددة الواردة في البيان صحيحة لأن المتقاعدين العسكريين تمكنوا من الحصول على بيانات رسمية، أو قدمها إليهم أشخاص مطلعون على هذه المعلومات.
يجسد بيان المتقاعدين العسكريين الجدل المتكرر حول وضع الفلسطينيين في الأردن. يقول البيان إن «المملكة تتعرض لضغوط صريحة لتجنيس الجميع ومنحهم كوتا [حصة] في النظام السياسي تساوي نسبتهم، وهو ما يقود إلى الوطن البديل». لا يحدد البيان مصدر الضغوط. لكن جعل الأردن وطنا بديلا للفلسطينيين أمر يروجه مرارا المسؤولون الإسرائيليون.
ويدعو البيان إلى دسترة قرار فك ارتباط الأردن بالضفة الغربية الصادر في عام 1988 «وإصدار القوانين اللازمة لتطبيقه نصا وروحا». يجدر بالذكر هنا أن قرار الملك حسين فك الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية تعتبره جماعة الإخوان المسلمين في الأردن غير دستوري. لم يكن في الأردن في ذلك الحين محكمة لها سلطة تحديد دستورية قرار أو قانون ما. ولو كانت موجودة لما سمح لها بالنظر في دستورية قرار الملك حسين.
هناك موقفان مختلفان تجاه مسألة دستورية هذا القرار. الموقف الأول عبر عنه رئيس الوزراء السابق عبد الرؤوف الروابدة، وهو يقول إن قرارات الانفصال لا تحدث باستخدام وسائل دستورية، ويذكر كمثال على ذلك فشل الوحدة بين سورية ومصر في عام 1961 [1].
التيار الثاني ضمن أصحاب هذا الموقف يدعو إلى دسترة قانون فك الارتباط مع الضفة الغربية. بعبارة أخرى، يجب تعديل الدستور ليصبح واضحا أن الضفة الغربية ليست جزءا من الأردن، وأن فلسطينيي الضفة الغربية ليسوا أردنيين. هذه الخطوة (الدسترة) تقضي على الأمل الضعيف والمستبعد في احتمال إعادة النظر في المستقبل في قرار فك الارتباط واعتباره غير دستوري.
أحد أبرز الداعين إلى دسترة القرار ناهض حتّر [2]، اليساري فكريا. غير أنه من الصعب ملاحظة فرق بين نظرته إلى هذه المسألة كيساري ونظرة اليميني الوطني الشوفيني. قال حتّر في إحدى مقالاته المنشورة في موقع كل الأردن بتاريخ 27 نيسان 2009 إن «شعار «الوحدة الوطنية» في الأردن هو شعار مضلل، فالأردنيون موحدون جدا» [3]. تعريفه للأردني لا يتضمن الفلسطينيين، بل يشمل «الأقليات العربية وغير العربية التي جاءت إلى المنطقة قبل تأسيس دولة الأردن». وفيما يلي النص الكامل للفقرة المتعلقة بذلك:
شعار «الوحدة الوطنية» في الأردن هو شعار مضلل، فالأردنيون موحدون جدا. ولن تنجح محاولات مروجي مشروع الأقاليم — بتفكيك وحدتهم. الأردنيون - بمن فيهم الأقليات العربية وغير العربية التي وفدت إلى البلاد قبل تأسيس الدولة فيها .. هم شعب واحد، مسلمين ومسيحيين، وشعار «الوحدة الوطنية» بالنسبة إليهم نافل بل مضحك. ولكن ما يقصده الروابدة هو بالطبع «الوحدة الوطنية مع اللاجئين والنازحين» المجنسين بالجنسية الأردنية. والجنسية هي شأن قانوني له ظروفه العملية وليس شأنا سياسيا. والوحدة الممكنة مع اللاجئين والنازحين هي الوحدة القومية التي تحافظ على هوية الفلسطيني الوطنية بغض النظر عن جنسيته ومكان إقامته. نحن نريد أوطد العلاقات القومية والنضالية مع الفلسطينيين ضد الصهيونية، ولكن ليس الوحدة الوطنية التي هي شعار داخلي لا يعني سوى الأردنيين، وهم لا يحتاجون إليه.
لبيان المتقاعدين العسكريين أهمية إضافية لثلاثة أسباب. أولا، الجيش ومنتسبوه، بما في ذلك المتقاعدون العسكريون، يعتبرون تقليديا أساس النظام. ثانيا، المواقف التي وردت في البيان لم تكن متوافقة مع الموقف الرسمي في ذلك الحين. ثالثا، مشاركة المتقاعدين العسكريين في الجدل حول هذه المسألة تبدو خطوة محسوبة من أشخاص غير عسكريين يتبنون المواقف الواردة في البيان. يعد الجيش في الأردن أحد «الخطوط الحمراء»، أي ضمن الموضوعات التي لا يمكن الخوض فيها، والمقبول في هذا الشأن يقتصر على الثناء.
ويدعو البيان إلى وضع ترتيبات دستورية تنهي «تداخل المواطنة مع الضفة الغربية وتداخل النقابات والهيئات والأحزاب الخ»، وإلى معاملة الفلسطينيين في الأردن بطريقتين. الأولى هي مواصلة معاملة لاجئي 1948 كمواطنين أردنيين إلى أن يتقرر مصير قرار الجمعية العامة للأمم 194 المتعلق بحق العودة إلى فلسطين، وجعل تنفيذ القرار «محور أركان السياسة الخارجية الأردنية».
الطريقة الثانية هي إعطاء لاجئي حرب عام 1967 إما «الجنسية الفلسطينية أو وثائق سفر فلسطينية». هذه المسألة المتكررة تثير قلق الفلسطينيين في الأردن. يرى لبيب قمحاوي (2010) أن الإجراءات التي تؤدى إلى سحب الجنسية الأردنية تعد «طبقاً للتعاريف الدولية» شكلا من أشكال «التطهير العرقي». ويقول في مقالته: «إن التعنت والإصرار من قبل البعض على الاستمرار في برنامج التطهير العرقي ضد الأردنيين من أصل فلسطيني سوف يفاقم من حالة القلق وعدم الشعور بالأمن والأمان والاستقرار النفسي».
الحديث عن «تطهير عرقي» في هذا السياق غير سليم، لأن «التطهير» يقوم على العنف والطرد. ولكن المشاعر الغاضبة في مقالة قمحاوي ليست بلا أساس، لأن سحب الجنسية يؤدي إلى نتائج مدمرة على مقدرة الأشخاص على كسب الرزق، وعلى السفر، وفرص الحصول على عمل.
ورغم أن العنصرية أو الغلو في المشاعر الوطنية يمكن أن يكونا حافزا لهذه الحملات لإبقاء الأردن أردنيا وللأردنيين فقط، إلا أن الحملة متأثرة بالأوضاع الاقتصادية التي أدت إلى زيادة الفقر في الأردن. وكما الحال في مناطق أخرى من العالم، عندما تتدهور الأوضاع الاقتصادية، يشعر جزء من السكان أن المهاجرين وطالبي اللجوء هم مسؤولون عن التدهور. ويوجد دائما أشخاص وسياسيون ونشطاء وإعلاميون يستغلون حجة من هذا القبيل، وخاصة في مراحل الحملات الانتخابية.
ثمة تناقض في منطق بيان المتقاعدين العسكريين. من سمات المناقشات المشوهة التي تحدث في الأردن أن كل بيان أو تصريح يبدأ بكيل المديح للملك والإعلان عن الولاء الصلب. بعد ذلك، يبدأ الحديث عن المطالب. وتوجه كل الانتقادات للحكومة. الناقدون يتظاهرون أن الحكومة تطبق سياسات من وضعها، ويغضون الطرف عن حقيقة أن رئيس الوزراء يعينه الملك لتنفيذ سياسات وتوجيهات تذكر في كتاب تكليف الملك رئيس الوزراء بتشكيل حكومة.
مع أن هذا الأسلوب ينجح أحيانا في إقالة وزير أو الحكومة بكاملها، إلا أن هذا الموقف يفتقر إلى الشجاعة السياسية. فبعد إقالة حكومة وتشكيل أخرى لا شيء يتغير، لأن السياسات التي تنفذ ليست من وضع الأفراد الذين أقيلوا. وكثيرا ما يبدو أن هذا الشكل من التجاذب السياسي يمليه غياب وسائل أخرى أكثر تنظيما وعقلانية. ولكنه في الوقت نفسه غير قادر على إحداث تغيير لأنه لا يعالج القضايا الجوهرية مثل الحرية والعدالة الاجتماعية، ويمتنع عن المطالبة بإصلاحات من الملك نفسه، وليس من الأشخاص الذين يعينهم في المناصب المختلفة.
الجدل الناتج عن عدم وجود اتفاق على المواطنة في الأردن كان يُهدّأ في الماضي بإصدار مناشدات بشأن الوحدة الوطنية، والحديث عن الأردنيين من شتى المنابت والأصول. في عام 1996، قال الملك حسين إن الذين يريدون زعزعة الوحدة الوطنية أعدائي حتى يوم القيامة. عندما تكرر الجدل في عام 2010، صدر عن الملك عبد الله الثاني قول مماثل، ولكن لم يكن له التأثير نفسه.
الحديث عن الهوية في الأردن يشبه الجدالات التي تشهدها الدول الغربية بشأن التعددية الثقافية والانصهار. خطاب غلاة الوطنيين يساوي بين الهوية والجنسية، والنتائج القانونية المترتبة على الحصول على الجنسية في بلد ما. لذا، يعتبر البعض تعريف الفلسطيني في الأردن نفسه بأنه فلسطيني ضربا من عدم الولاء. لكن اعتبار الهوية مرادفا للجنسية موقف غير سليم في بلد يهاجر الكثير من أبنائه إلى دول أخرى أو يقيمون فيها للعمل سنوات عديدة. ولكنهم يحتفظون بهويتهم الأردنية.
استجاب الأردن لرغبة الأردنيين الحاصلين على جنسيات أخرى في عدم إضعاف إحساسهم بهويتهم الأردنية وارتباطهم بالأردن. ولذلك، تم تعديل قانون الجنسية في عام 1987، ليجيز الجمع بين الجنسية الأردنية وأخرى. تنص المادة (17) -أ من القانون: «يبقى الأردني الذي حصل على جنسية دولة أجنبية محتفظا بجنسيته الأردنية ما لم يتخل عنها وفقا لأحكام هذا القانون».
على ضوء الجدل الذي يدور حول التعددية الثقافية في الدول الغربية مثل بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وكندا، يمكن القول إن غلاة الوطنيين الأردنيين من أنصار وجهة النظر التي تريد من المهاجرين الانصهار في المجتمع الجديد. ولكن الفلسطينيين في الأردن ليسوا مهاجرين، بالنظر إلى أن الدولة-الأمة في الشرق الأوسط ظاهرة حديثة نسبيا، ورسمت حدودها بعشوائية.
قبل تأسيس الدولة-الأمة كان السكان يتحركون من مكان إلى آخر بسهولة، مما يجعل فرض هوية وطنية ضيقة على فئة من سكان منطقة صغيرة أمرا غير منطقي أو واقعي. مطالبة غلاة الوطنيين الآخرين بالانصهار أمر غير واقعي لأن الاختلاف الثقافي بين السكان وهمي، فالأردنيون والفلسطينيون يتشاركون اللغة والثقافة والدين: الأغلبية دينها الإسلام، وهناك مسيحيون أردنيون وفلسطينيون. المهاجرون واللاجئون يندمجون في الثقافات المختلفة، من خلال تعلم لغة مختلفة على سبيل المثال. لا يندمج الإنسان في ثقافته فهي من مكونات شخصيته وهويته.
بالنسبة إلى الأسرة الحاكمة، أقام الملك حسين علاقات قوية مع بعض الأسر الفلسطينية مثل طوقان النابلسية. واصل الملك عبد الله الثاني السير على نفس الدرب. شغل أفراد من عائلة طوقان مناصب رفيعة مثل محافظ البنك المركزي الأردني ووزير التعليم العالي.
أيضا، حجج غلاة الوطنيين الأردنيين غير متوافقة مع حقيقة أن سكان الأردن كانوا دوما من أصول مختلفة قبل ومنذ تأسيسه. وصفي التل، رئيس الوزراء الذي اغتاله مسلحون فلسطينيون في القاهرة عام 1971 يحظى بأشد الإعجاب من غلاة الوطنيين الأردنيين. لا يذكر الغلاة أن أم التل كردية، فالعقلية الذكورية تتجاهل دور الأم.
الكثير من الأردنيين متزوجون من نساء عربيات وأجنبيات. وهذا ينطبق أيضا على أفراد من الأسرة الحاكمة، فضمن الزوجات أميركية وبريطانية وباكستانية وجزائرية ولبنانية وفلسطينية. في المقابل، الكثير من النساء الأردنيات متزوجات من رجال من جنسيات عربية مختلفة، خاصة من حملة الجنسيات الذين يأتون للعمل في الأردن. ولكن أبناءهن لا يحصلون على الجنسية الأردنية. نتيجة لذلك، يواجه الأبناء مشكلات متعددة، وخاصة أبناء اللاتي يهجرهن أزواجهن.
مع أن المشاعر المغالية في الوطنية الأردنية موجودة، من غير الواقعي أن يتخيل المرء وجود شرخ رأسي يفصل جميع الفلسطينيين في جهة وكل الأردنيين في جهة أخرى. مقابل كل مغال في الوطنية الأردنية هناك كثيرون يرفضون هذا التعريف الضيق للوطنية. من أبرز منتقدي غلاة الوطنية الكاتب خالد محادين (2010) الذي انتقد بيان المتقاعدين العسكريين لأنه استخدم لغة تقوض الوحدة الوطنية. وأشار في مقالته إلى ناهض حتّر دون أن يذكر اسمه، وسخر من قول حتّر إن الأردنيين الحقيقيين هم المسيحيون والبدو.
أيضا، هناك الكثير من الأدلة التي تقوض الرأي القائل إن أهالي الأردن لا تهمهم القضية الفلسطينية. ينبغي للمرء أن ينظر إلى المظاهرات وغير ذلك من وسائل التعبير عن دعم فلسطين في المناسبات المختلفة، وخاصة عندما يتعرض الفلسطينيون إلى عدوان إسرائيلي، كما حدث في 2008/2009، عندما تعرض قطاع غزة المحاصر إلى عدوان استمر ثلاثة أسابيع. أشكال التعبير عن الدعم تظهر أن التأييد للفلسطينيين وقضيتهم متجذر في جميع فئات المجتمع الأردني.
في الاستبيان الطويل، أجاب خمسة من الخبراء الستة عن السؤال. العلامات هي: 2؛ 2؛ 5؛ 6؛ 7. المعدل 4.4. لا تختلف هذه العلامات كثيرا عن علامات المقيمين في الاستبيان القصير. بعبارة أخرى، تقييم الخبراء يعزز النتائج التي نوقشت أعلاه. لمعالجة هذه المسألة على نحو أكثر فعالية، ينبغي للأردن سن قانون لمنع التمييز [4]. ورغم أن القانون لن يمنع التمييز، لأنه من الممكن تبرير اختلاف المعاملة على أسس أخرى، إلا أن وجوده يوفر خيار اللجوء إليه، ويمكّن المحاكم من النظر في الشكاوى وإنصاف من يتعرض للتمييز، وخاصة عندما يكون التمييز صارخا.
القسم 1.2: سيادة القانون والوصول إلى العدالة
السؤال العام (س2ق؛ س14ط): «هل تخضع الدولة والمجتمع لحكم القانون باستمرار؟» أجاب عن السؤال كل المقيمين. العلامة الأدنى 1؛ الأعلى 10. المعدل 5.8. يشير المعدل إلى وجود تحفظات. أشار بعض المقيمين إلى أمور مثيرة للقلق، من بينها القوانين العشائرية، والتأثير السياسي على القضاة، وعدم ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الدستور، وعدم وجود محكمة دستورية، ومحاكم أمن الدولة، والمحسوبية، والواسطة.
يعود تاريخ اعتراف الدولة بالقوانين العشائرية إلى عام 1936 عندما أقرت الحكومة قانونا يعطى عشرا من قبائل البدو الحق في اللجوء إلى محاكم عشائرية لاتخاذ القرارات على أساس التقاليد العشائرية. تسمح المادة الخامسة بمعاقبة مرتكب الجريمة والعديد من أقاربه (حتى الدرجة الخامسة من القرابة).
ألغت الحكومة رسميا القانون العشائري في عام 1976. ولكن الممارسات العشائرية لا تزال سائدة، ولا تعترض عليها الحكومة كما سيوضح أدناه. يشرح مسعد (2001، ص 76) أنه كانت هناك «دفعة جديدة لإلغاء العشائرية» في عام 1976. النقاش حول ذلك لم يبق داخل المؤسسات الحكومية. وظهر في الصحف التي نشرت مقالات ضد العشائرية، وخاصة في عام 1984، عندما أجريت انتخابات برلمانية فرعية.
يلخص مسعد النقاش (ص 70-71) ويشير إلى رسالة علنية وجهها الملك حسين إلى رئيس الوزراء آنذاك، أحمد عبيدات. يقول الملك حسين في الرسالة إن انتقاد التقاليد العشائرية له «انعكاس على الملك وعائلته» (ص 70). رسالة كهذه من الملك حول المسألة، وتتضمن موقفا واضحا ومحددا، تعادل أمرا بوقف النقاش.
وزيرة الإعلام آنذاك، ليلى شرف، استقالت احتجاجا، ووزعت رسالة الاستقالة على وكالات الأنباء الدولية. الملكة نور (2003، ص 259-260) تقول إن ليلى شرف فعلت ذلك بعد أن امتنعت الصحافة الأردنية عن نشر رسالتها. عدم نشر رسالة استقالة وزير قرار تحريري غريب. ولكن حقيقة أن الاستقالة احتجاج على موقف اتخذه الملك حسين يفسر امتناع الصحف الأردنية عن نشر رسالتها. وتضيف الملكة نور أن الملك حسين كان غاضبا (ص 259-260).
كتب للعشائرية عمر جديد بعد سن قانون عرف بقانون الصوت الواحد، وهو مختلف عن القانون الذي كان سائدا وقت الانتخابات النيابية التي جرت في عام 1989، الذي سمح للناخب بالتصويت لأكثر من مرشح في الدوائر ذات المقاعد المتعددة. ولا تزال القوانين العشائرية مستخدمة. ويظهر وجهها البشع عندما يحدث خلاف بين عشيرتين، وخاصة في حال وقوع جريمة قتل، فعندما يقتل فرد من قبيلة فردا من قبيلة أخرى، يكون للممارسات العشائرية عواقب وخيمة.
على سبيل المثال، وقعت جريمة قتل في عجلون في آب 2009. قتل رجل من عشيرة المومني أثناء زيارته ابنه في بيت نسائبه من عشيرة الصمادي. اشتبك أفراد العشيرتين معا وأحرقوا ممتلكات. اضطرت شرطة مكافحة الشغب، الدرك، إلى التدخل، وفرضت حظر التجول.
وتماشيا مع التقاليد العشائرية، تم تشكيل وفد من الوجهاء وتوجه إلى عشيرة القتيل لطلب هدنة (عطوة). تمت في هذه الحالة الموافقة على العطوة بشروط تشمل عدم حصول المتهم بالقتل على تمثيل قانوني، وأن تحكم عليه المحكمة بالإعدام. بعبارة أخرى، تناقض الشروط مبادئ الحصول على محاكمة عادلة. من النتائج الأخرى لجرائم القتل ما يسمى «الجلوة»، التي تعني رحيل عائلة القاتل والكثير من أقاربه إلى منطقة أخرى.
العشائرية مسؤولة أيضا عن العديد من المشاجرات التي تندلع في الجامعات الأردنية في أجزاء مختلفة من البلاد، بما في ذلك الجامعة الأردنية، أقدم وأكبر جامعة في الأردن. في 23 و30 كانون الأول 2010، حدثت فيها مشاجرة أسفرت عن إصابات وإلحاق أضرار بالممتلكات.
في البداية، كان هناك تقليل من شأن ما حدث، ولكن بعد نشر فيديوهات في يوتيوب، حصل اعتراف بخطورة الأمر. وشكل رئيس الجامعة، عادل الطويسي، لجانا للتحقيق، ثم اتخذت إجراءات تأديبية بحق ثلاثين طالبا. المشاجرات المتكررة في جامعات الأردن كانت موضوع مقالة لساطع الزغول (2011) الذي جمع إحصاءات من مصادر مختلفة أظهرت حدوث 634 مشاجرة في فترة 1999-2010. هذا الرقم يعني أن معدل المشاجرات سنويا يبلغ 64، أي أكثر من مشاجرة في الأسبوع.
وأشار الزغول إلى أن عام 1999 شهد أكبر عدد من المشاجرات، وبلغ 102. أما آخر عام مشمول في إحصاءات مقالة الزغول، 2010، فقد شهد حدوث 84 مشاجرة. معلقون أردنيون، من بينهم أحمد أبو خليل، عبروا عن القلق من هذه الظاهرة، التي حولت الجامعات إلى ساحة نزاعات عشائرية بدل أن تكون مكان النشاط والتنافس الفكريين.
وسواء أتعلق الأمر بجرائم القتل، أم ترشيح أشخاص للانتخابات، أو مشاجرات في الجامعات، من الواضح أن التقاليد العشائرية غير مناسبة في المجتمعات الحديثة، رغم وجود اعتقاد بأن للعشائرية جوانب حسنة، اصطلح على وصفها برأس المال الاجتماعي. إضافة إلى ذلك، فإن هذا النوع من التقاليد العشائرية دليل على أن غلاة الوطنيين يقيمون أسس الوطنية الأردنية على رمال متحركة، فهذا الجانب من التقاليد لا يعترف بالروابط المشتركة القائمة على الانتماء لوطن أو دين.
وبالنسبة إلى القوانين التي تسنها الدولة، سيجد من يتابع الأحكام النهائية في المحاكمات القضائية الرسمية مؤشرات على استخدام القضاء كامتداد للسياسة، ولكن مع ميزة إضافية وهي أن الإجراءات القضائية يمكن التحكم بها من ناحية سرعة أو بطء اتخاذها. من الممكن ملاحظة أن قرارات المحاكم تتأثر بالعوامل المبينة أدناه.
أول عامل ملحوظ يتعلق بحالات التآمر على الملك. من واجبات الأجهزة الأمنية حماية الملك. تلاحظ رسالتان متناقضتان عند الحديث عن الملك: الأولى هي أنه يتمتع بشعبية كبيرة، والثانية أنه يتعرض لمحاولات كثيرة لاغتياله. في عام 1993، لفق رئيس دائرة المخابرات العامة، سميح البطيخي، مؤامرة لاغتيال الملك حسين في عام 1993. ولكن جميع المتهمين أطلق سراحهم في نهاية المطاف. وتبين لاحقا أن البطيخي استغل منصبه لتحقيق منافع شخصية، ففي عام 2003، تمت محاكمته وإدانته بتهم فساد.
أحد العوامل الأخرى يلاحظ في قضايا لها صلة بأحد أفراد الأسرة الملكية، أو لها تأثير عليه. من الأمثلة على ذلك، قضية ضد أحمد عويدي العبادي. وهو ينتمي إلى قبيلة العدوان. وكان ضابطا في الشرطة الأردنية وانتخب نائبا في مجلس النواب في عام 1989. كان العبادي ينشر مقالات في صحيفة «شيحان» الأردنية الأسبوعية أعرب فيها عن مشاعر معادية للفلسطينيين. بعد انتهاء فترة عضويته في مجلس النواب واصل كتابة مقالات ناقدة.
في عام 2007، رفع عيد الفايز، وزير الداخلية آنذاك، قضية ضد العبادي. أدين العبادي بنشر مواد تشهيرية على الإنترنت، وحكم عليه بالسجن عامين. نفى العبادي نشر المواد التي ذكرت الملكة رانيا، واعتبر القضية ضده كيدية. وفي نيسان 2010، أمرت محكمة أردنية بإعادة المحاكمة من جديد. ودعا محاميه فراس الروسان (2010)، الملكة رانيا إلى منع عيد الفايز من استخدام اسمها في وثائق المحكمة.
العامل الثالث الذي يؤثر على قرارات المحاكم يلاحظ عندما تحرك قضية بإيعاز من رئيس الوزراء ويتم إصدار الحكم فيها أثناء وجوده في المنصب. في هذه الحالة، يكون حكم المحكمة لصالح رئيس الوزراء. من الأمثلة على ذلك قضية توجان فيصل التي حركت قضية ضدها أثناء تولي علي أبو الراغب رئاسة الوزراء. في أيار 2002، حوكمت فيصل، وصدر عليها حكم بالسجن ثمانية عشر شهرا (المزيد عن هذه القضية في قسم آخر).
إذا تمت المحاكمة بعد مغادرة رئيس الوزراء منصبه، يزيد احتمال صدور حكم لصالح المتهم. على سبيل المثال، في عام 2007 حركت قضية بإيعاز من رئيس الوزراء معروف البخيت ضد فهد الريماوي، رئيس تحرير صحيفة «المجد» بسبب افتتاحية ناقدة للحكومة. ولكن المحاكمة تمت بعد أن غادر البخيت منصبه. وأصدر القاضي حكما لصالح «المجد» في حزيران 2008.
العامل الرابع الذي يلاحظ يعادل استخدام القانون كوسيلة للي ذراع أشخاص أو جمعيات. عندما يتعلق الأمر بالأفراد، لا يحرك المدعي العام قضية بقرار منه، بل كاستجابة لشكوى من شخص أو أكثر. من الأمثلة على ذلك الإجراءات القانونية التي اتخذت بحق عدنان أبو عودة، وهو وزير سابق من أصل فلسطيني. حركت القضية استجابة لشكوى من مفتي مدينة جرش. من الأمثلة الأخرى حالة ايفا أبو حلاوة، التي حضرت وآخرون اجتماعا مع نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، في آذار 2010.
في الحالتين، أوقفت الإجراءات القضائية، ومن المحتمل أن ذلك كان نتيجة تدخل أميركي. كان أبو عودة ألف كتابا عن الفلسطينيين في الأردن، وقام بالبحث اللازم له في الولايات المتحدة. وإيفا أبو حلاوة تحمل الجنسية الأميركية.
حركت قضية أخرى ضد شخصيتين أردنيتين معروفتين، هما موفق محادين وسفيان التل، بعد أن شاركا في برنامج حواري تلفزيوني أذاعته قناة الجزيرة الإخبارية القطرية في عام 2010. ناقش البرنامج الوضع في أفغانستان بعد مقتل ضابط أردني من أقارب الأسرة الملكية، وهو علي بن زيد، وكان ذلك في هجوم انتحاري وقع في مدينة خوست.
قدم الشكوى ضدهما عسكريون متقاعدون، واتهم محادين والتل بإهانة الجيش. واعتقلا في شباط 2010. ولكن كانت هناك حملة تأييد قوية لهما. وأفرج عنهما بكفالة. وعندما جرت المحاكمة صدر حكم ببراءتهما في أيار 2011. وتمكن ملاحظة استخدام القانون بطريقة انتقائية ضد منظمات من خلال المثالين الآتيين.
في عام 2007، تعرض الاتحاد العام للجمعيات الخيرية لإجراءات قانونية سبقها تعليق المجلس التنفيذي للاتحاد، وتعيين الحكومة مجلسا بديلا. ووجهت إلى الأعضاء في المجلس المعلق تهمة استغلال المنصب. وعندما جرت المحاكمة، صدر حكم بالبراءة. وخسرت الحكومة الاستئناف على الحكم، إذ أيدت محكمة التمييز في أيلول 2010 حكم البراءة.
واتخذ موقف مماثل تجاه الجمعية الخيرية المعروفة باسم المركز الإسلامي الذي تديره جماعة الإخوان المسلمين. تملك الجمعية مستشفيين إضافة إلى هيئات خيرية أخرى. وكانت الحكومة حلت الهيئة الإدارية للجمعية وعينت أخرى مؤقتة في عام 2007. وبعد الانتهاء من تحقيقات دامت ثلاث سنوات، بدأ اتخاذ الإجراءات القضائية في عام 2009.
حركت هذه القضية أثناء تولي معروف البخيت رئاسة الوزراء الذي كان له موقف عدائي تجاه الجماعة/الجبهة. مراقب الجماعة، همّام سعيد، قال إن القضية سياسية وليست قانونية.
من الأمور الأخرى التي تلاحظ في التعامل القضائي مسألة الكفالة، فهي إما ترفض أو تؤخر لزيادة الضغط على المتهم. حدث ذلك في حالة موفق محادين وسفيان التل. في عام 2010 كانت هناك قضية فساد متعلقة بمشروع توسيع مصفاة النفط. ومضى وقت طويل قبل منح المتهمين كفالة. صالح العرموطي الرئيس السابق لنقابة المحامين الأردنيين، ومحام رئيسي في فريق الدفاع عن المتهمين قال إن القضية تصفية حسابات بين سياسيين.
في تموز 2010، أدانت المحكمة المتهمين، وحكمت عليهم بالسجن ثلاث سنوات. وأيدت محكمة التمييز هذا الحكم في تشرين الأول 2010. الحالات المذكورة أحيلت إلى محكمة أمن الدولة، التي وصفتها منظمة هيومن رايتس ووتش في عام 2006 بأنها «محكمة لا تفي بالمعايير الدولية المتعلقة بالاستقلال والنزاهة» (ص 2). حتى أوائل التسعينات، لم تكن الأحكام الصادرة عن هذه المحكمة تخضع للاستئناف.
في الاستبيان الطويل، أجاب عن السؤال نفسه خمسة من الخبراء الستة. العلامات هي 3؛ 6؛ 6؛ 6؛ 6. المعدل 5.4. عند مقارنة معدل علامات المقيمين والخبراء، يتضح أن تقييم الخبراء يعزز تقييم زملائهم الأربعة والعشرين.
يحصل أحيانا تشكيك في دستورية بعض القرارات. أحد الأمثلة على ذلك سبق ذكره، وهو المتعلق بقرار بفك الارتباط مع الضفة الغربية. هناك أيضا شكوك في دستورية سن قوانين مؤقتة في أوضاع عادية، وليس أثناء حالات الطوارئ مثلما ينص الدستور.
ومن المسائل الدستورية التي قررتها الحكومة وليس محكمة دستورية تتعلق بتفسير العفو الملكي الذي يصدر بصيغتين: عفو عام وخاص. الحكومة فسرت المسألة بقولها إن العفو العام يعني إلغاء مفعول كل المخالفات التي ارتكبها المعفو عنه. وبالتالي يكون له/لها كل الحقوق بما في ذلك حق الترشح في الانتخابات.
أما العفو الخاص، حسب تفسير الحكومة، فإنه يقتصر على الإفراج عن المعفو عنه، ولكنه لا يؤدي إلى استعادة جميع حقوقه. بناء على هذا التفسير، رفضت الحكومة ترشيح توجان فيصل في الانتخابات النيابية عام 2007. المحامي الدستوري ووزير العدل الأسبق، محمد الحموري، يرى أن لنوعي العفو الأثر نفسه (2005، ص 80-81). ولكن نتيجة عدم وجود محكمة دستورية للنظر في المسألة فرض تفسير الحكومة.
هناك محكمة عليا لها صلاحية مراجعة القرارات التي تتعلق بموظفي الحكومة. ويمكنها في حالات فصل الموظف أن تأمر بإعادته إلى وظيفته. ولكن نطاق اختصاص هذه المحكمة لا يشمل النظر في المسائل الدستورية.
قبل أن اختتم هذا الجزء من مبدأ سيادة القانون هناك حاجة لمناقشة هذا المبدأ. لا شك أن مبدأ سيادة القانون مهم، وكذلك مبدأ تساوي الجميع أمامه. ولكن التطبيق لا يكون متوافقا دائما مع المبدأ. فبوسع الممسكين بالسلطة أن يتحايلوا عليه ويقوضوه. مواجهة الحكومة في المحكمة ليست مهمة سهلة، فالحكومات تلجأ إلى أعذار من قبيل أمن الدولة أو المصلحة الوطنية لوقف الإجراءات أو الامتناع عن تقديم الأدلة.
ورغم أنه يمكن الاعتراض لدى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية في حال كانت المسألة في بلد أوروبي، إلا أن هذه الآلية غير متوفرة في كثير من الدول ومنها الأردن. القمع في الدول غير الديمقراطية يتم باسم القانون. لكي يكون مبدأ سيادة القانون مبدأ فعالا، يجب أن يكون متوافقا مع الحريات، ويجب أن تكون هناك آلية للطعن في دستورية القوانين.
القسم 1.3: الحقوق المدنية والسياسية
السؤال العام (س3ق؛ س19ط): «هل تتوفر الحقوق السياسية والمدنية للجميع بشكل متساو؟» أجاب عن السؤال كل المقيمين. العلامة الأدنى 1؛ الأعلى 10. المعدل 5.
سأتناول تحليل الإجابة عن هذا السؤال من زاويتين: الأولى ضيقة، وتركز على حريات محددة مثل حرية التعبير. والثانية عريضة، وتفحص كيف تتم حماية تساوي الحقوق بصورة عامة فيما يتعلق بالنساء ومكان إقامة المواطن في بلده.
الحقوق المدنية والسياسية تذكر معا في العادة. وهما موضوع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. يعدد العهد الحقوق، وهي تشمل الحق في الحياة ومنع التعذيب، والحق في الحرية والأمن، وحرية التنقل، والمساواة أمام المحاكم، وحرية الفكر والوجدان والدين، وحرية التعبير، وحرية التجمع، وحرية تكوين الجمعيات. تسمى هذه الحقوق أيضا الحريات المدنية.
لدى دراسة حقوق محددة ضمن المذكورة أعلاه، يجد المرء اختلافا في درجة احترامها. على سبيل المثال، حرية التنقل تحترم أكثر من حريات التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات. الحق في التظاهر مقيد بشدة. عندما يتمكن أناس من التظاهر، بتصريح أو دونه، يلاحظ المرء إجراءات قاسية، كما حدث في حالة إضراب العمال في ميناء العقبة في تموز 2009. وتعرض لمعاملة قاسية مماثلة المتظاهرون احتجاجا على العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2008/2009.
أجاب عن السؤال نفسه في الاستبيان الطويل أربعة من الخبراء الستة. العلامات هي 3؛ 5؛ 5؛ 7. المعدل 5 وهو نفس معدل العلامات في الاستبيان القصير. أوجزت هنا في مناقشة حقوق محددة لأنها ستذكر في أسئلة أخرى. ولذلك سوف أفحص الآن غياب الحقوق المتساوية بالمعنى الأوسع، أي تمثيل سكان المحافظات والنساء في مجلس النواب.
الأردن مقسم إلى اثنتي عشرة محافظة جغرافيا وإداريا. أما انتخابيا فهو مقسم إلى خمس عشرة منطقة، ثلاث منها مخصصة لبدو شمال ووسط وجنوب الأردن، ولكل واحدة منها ثلاثة مقاعد في مجلس النواب. المحافظة الأكبر في الأردن هي محافظة العاصمة عمان، حيث يعيش نحو نصف سكان الأردن. ولكن عدد المقاعد النيابية المخصصة لعمان غير متناسب مع عدد سكانها. على سبيل المثال، يعادل الصوت في الكرك أكثر من سبعة في عمان (انظر/ي الجدول 2.1: نسبة تمثيل سكان المحافظات).
تبرر الحكومة هذا التفاوت في عدد المقاعد النيابية بالحرص على تمثيل جميع مناطق المملكة. هذا الحرص جدير بالترحيب، ولكن هناك تناقض في التطبيق. يجب تمثيل جميع المواطنين على قدم المساواة، فالمادة السادسة من الدستور تقول: «الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين».
للمسيحيين والشركس والبدو كوتا في مجلس النواب تعود لزمن تأسيس المملكة. في عام 2003، عدل قانون الانتخاب لتخصيص كوتا للنساء في المجلس تساوي ستة مقاعد. وفي عام 2010، رفع العدد إلى اثني عشر مقعدا.
ونظرا لأن عدد النساء في الأردن يبلغ 2,773,000، وعدد الرجال 2,950,000، فإن نسبة تمثيل النساء في مجلس النواب تعادل مقعدا لكل 462.2 ألف امرأة عندما كانت الكوتا النسائية ستة مقاعد. وأصبحت النسبة مقعدا واحدا لكل 231.1 ألف امرأة عند أصبحت الحصة النسائية اثني عشر مقعدا. وبالنظر إلى أن 104 من مقاعد مجلس النواب يمكن أن يشغلها رجال، فإن نسبة تمثيل الرجال في الأردن تعادل مقعدا لكل 28 ألف رجل.
بالنسبة لنظام الحصص، هناك جدل حول دستوريته، وهناك رأي يرى أن كل الحصص غير دستورية. حجة المعترضين على الحصص تستند إلى المادة 6 (1) من الدستور التي أشرت إليها أعلاه: «الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين». وبالنسبة إلى حصص البدو، يستند الاعتراض عليها إلى أن البدو لم يعودوا يتنقلون كما في الماضي، وبعض الأردنيين من أصل بدوي تولوا مناصب عليا في الدولة، مثل عاكف الفايز وابنه فيصل.
بالنسبة لحصة المسيحيين، يعتبر ناهض حتّر نسبة المسيحين مقارنة بعدد سكان الأردن أعلى من النسبة المستخدمة في تحديد الحصة. النسبة الأعلى للمسيحيين في حسابات حتّر تنتج عن استبعاد عدد الفلسطينيين في الأردن. الجانب الأكثر أهمية بالنسبة للمسيحيين في الأردن يتجاوز عدد المقاعد المخصصة لهم.
يشاد بالأردن بأنه متسامح. وفي الواقع يتمتع المسيحيون في الأردن بقدر كبير من الحرية الدينية. كذلك، يتولى بعض المسيحيين مناصب حكومية رفيعة، مثل وزير المالية ومحافظ البنك المركزي الأردني. غير أن مظاهر التسامح لا تخفي حقيقة أن المسيحيين غير موجودين في المناصب العليا في الجيش. والمقصود هنا رتب العسكريين حملة السلاح، وليس الأطباء العاملين في المستشفيات العسكرية، فهؤلاء يحصلون على رتب عالية.
ولم يتول مسيحي بعد رئاسة الوزراء. تم تعيين مروان المعشر، وهو مسيحي، نائبا لرئيس الوزراء. ولكن هذا المنصب رمزي في قيمته، إذ يمكن أن يكون لرئيس الوزراء في الأردن أكثر من نائب في وقت واحد. في رأيي أن تعيين المعشر في هذا المنصب كان مكافأة له على أدواره في عملية السلام التي أدت إلى توقيع معاهدة بين الأردن وإسرائيل عام 1994. وكان أول سفير أردني في إسرائيل.
الحقوق السياسية والمدنية للنساء غير متساوية مع الرجال وغير مكفولة. حصلت المرأة في الأردن على الحق في التصويت في عام 1974. وكان ذلك في وقت لم يكن أحد يمكنه التصويت لانتخاب الحكومة. وتم منح النساء حق التصويت قبل بدء الاحتفاء بعام المرأة (1975). كانت أنعام المفتي أول أردنية تتولى منصبا وزاريا وكان ذلك في عام 1979. وتولت منصب وزير الشؤون الاجتماعية. أثناء توليها المنصب، تم تأسيس منظمة نسائية جديدة سميت الاتحاد العام للمرأة الأردنية.
ثاني وزيرة كانت ليلى شرف، زوجة عبد الحميد شرف، الذي ينتسب للأسرة الملكية، وتولى أيضا رئاسة الوزراء. استقالت شرف في عام 1985 بعد أن أوقف الملك حسين النقاش حول إلغاء القوانين العشائرية. مسعد (2001، ص 70-71) ينتقد إشارة شرف في رسالة الاستقالة إلى «تنوير المواطن» بقوله: «يبدو أن شرف تبنت مشروع التحديث بطريقة غير نقدية» (ص 71).
تفسير مسعد لهذه الإشارة يعتمد على الإفراط في التنظير، ولا يعترف بأنها تحلت بقدر كبير من الشجاعة عندما قررت الاستقالة، ونشر رسالتها على الملأ، والتعرض لغضب الملك حسين. ليس لإشارة شرف إلى «تنوير المواطن» صلة بـ«مشروع التحديث» كما يفترض مسعد. «نوّر/ينوّر» فعل استخدامه شائع: نورنا أي أخبرنا أو أعلمنا، وما شابه.
ثالث امرأة تشغل منصبا وزاريا كانت ريما خلف التي تولت منصب وزير التجارة والصناعة، ثم وزير التخطيط. أثناء توليها المنصب الثاني، وقع الأردن اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي. وكانت أيضا أحد ثلاثة نواب رئيس الوزراء في حكومة عبد الرؤوف الروابدة التي تشكلت في عام 1999 وهي أول حكومة تشكل بعد تولي عبد الله الثاني الملك بعد وفاة والده. لكن منصب نائب رئيس الوزراء رمزي كما سبق وقلت.
تولت النساء مناصب حكومية رفيعة عبر مسار التعيين. أما المسار الانتخابي فقد أظهر أن النساء يواجهن مشكلة في الفوز في الانتخابات النيابية. عندما قرر الأردن إجراء انتخابات في عام 1989، تطلعت النساء إلى الفرصة. هيفاء البشير قالت إنها اعتبرت أن من واجبها خوض الانتخابات [5]. وبلغ عدد المرشحات في عام 1989 اثنتي عشرة مرشحة. ولكن لم تفز أي منهن.
وفي عام 1993، نافست المرشحة، توجان فيصل، على المقعد المخصص للشركس وفازت. في انتخابات 1989 لم تتمكن فيصل من الفوز، فقد استفزت التيار الإسلامي. وقالت في مقالة عنوانها «يشتموننا وننتخبهم» (1989) إن الإسلاميين لا يحترمون النساء، ومع ذلك ينتخبنهم. كانت فيصل نائبا نشيطا. وكانت، ولا تزال، تهاجم الفساد بصراحة. لم تتمكن من الاحتفاظ بمقعدها في عام 1997، واتهمت الحكومة بتزوير الانتخابات لصالح منافسها.
في عام 2002، اتهمت فيصل رئيس الوزراء علي أبو الراغب بتغيير القانون الذي ينظم شركات التامين لصالح أفراد أسرته الذين يملكون شركات في هذا القطاع. وقد نشرت اتهاماتها في موقع صحيفة «عرب تايمز» تصدر في الولايات المتحدة. اعتبرت حكومة أبو الراغب أن فيصل تجاوزت الحد. ووجهت إليها تهمة نشر أخبار كاذبة تضر بهيبة الدولة. ولم يضطر أبو الراغب للإدلاء بشهادة أمام المحكمة. وحكمت فيصل بالسجن ثمانية عشر شهرا.
أضربت فيصل عن الطعام أثناء الحبس. وعفا عنها الملك عبد الله الثاني في حزيران 2002. ولم يسمح لها بخوض انتخابات عام 2003 لأن الحكومة اعتبرت أن لها سجلا جنائيا. رغم أن عفوا ملكيا صدر بشأن فيصل، فسرت الحكومة العفو الخاص بأنه لا يمحو السجل الجنائي. وأن هذا يتم في حالة العفو العام فقط. تعتقد فيصل أن تأثير الحكم بسجنها على قدرتها على خوض الانتخابات سينتهي بعد مرور خمس سنوات على الإفراج عنها، وبعد ذلك يمكن أن ترشح نفسها. وإذا منعتها الحكومة من خوض الانتخابات بعدئذ، قالت إنها ستقاضى الحكومة [6]. ولكنها لم تترشح في انتخابات عام 2010.
في انتخابات عام 1997 التي قاطعتها الجماعة/الجبهة، كان هناك سبع عشرة مرشحة، وهو عدد أكبر بكثير من عدد المرشحات في عام 1989. ومع ذلك، لم تنجح أي مرشحة في هذه الانتخابات رغم مقاطعة الجماعة/الجبهة لها. هذا يدل على أن الموقف السلبي تجاه النساء غير مقتصر على مؤيدي الإسلاميين.
وفي عام 2001 أصبحت امرأة أخرى، وهي نهى المعايطة، نائبا، فقد شغر مقعد في مجلس النواب بعد وفاة النائب راشد البرايسة. وتقرر أنه لا حاجة لإجراء انتخابات في دائرته. وترك قرار ملء المعقد للنواب. وانتهزت هذه المناسبة لاختيار امرأة. كانت نهى المعايطة ضمن سبعة عشر مرشحا، ووقع الاختيار عليها.
عندما فشلت النساء مرارا في الفوز بمقاعد نيابية، خصصت لهن الحكومة حصة من ستة مقاعد في مجلس النواب. وكان ذلك استجابة للتوصيات من هيئة الأردن أولا. وجرى تعديل قانون الانتخابات في عام 2003 لإدخال الكوتا النسائية، وتم تحديد الصيغة التي يتم وفقها اعتبار المرشحة فائزة بأحد المقاعد المخصصة لنساء.
تعتمد صيغة فوز المرشحة من خلال الكوتا النسائية على تحويل عدد الأصوات التي حصلت عليها إلى نسبة مئوية من الأصوات التي أدلي بها في دائرتها الانتخابية. المرشحات الست اللاتي يحصلن على أعلى نسبة مئوية في عموم الأردن يعتبرن فائزات.
عنت هذه الصيغة في انتخابات عام 2003 أن المرشحة في مدينة الزرقاء، حياة المسيمي، أصبحت نائبا نظرا لحصولها على أكثر من سبعة آلاف صوت. وفي المقابل، حصلت المرشحة في الطفيلة، إنصاف الخوالدة، على 365 صوتا فقط، وأصبحت نائبا أيضا. كانت هناك مرشحات أخريات حصلن على أصوات تجاوزت ألفين، ولكن شرط النسبة المئوية حال دون اعتبارهن فائزات (انظر/ي الجدول 1.1: المرشحات ومعادلة الفوز في الكوتا النسائية).
على سبيل المثال، المرشحة في إربد، آمنة الخصاونة، حصلت على أكثر من ألفي صوت، أي ثاني أعلى عدد من الأصوات التي حصلت عليها المرشحات في عموم الأردن. ولكنها لم تعتبر فائزة وفق معادلة الكوتا بسبب شرط النسبة المئوية.
لكي تتمكن مرشحة من الفوز في دائرة عمان الثانية، كان عليها أن تحصل على 4167 صوتا على الأقل. الجدول 1.2 يبيّن عدم تكافؤ تمثيل المحافظات، فعدد المقاعد النيابية المخصص لكل محافظة لا يعتمد على عدد سكانها.
كانت حياة المسيمي ضمن مرشحي الجماعة/الجبهة. وكادت تفوز دون الحاجة إلى معادلة الكوتا، ولتحقيق ذلك كانت بحاجة إلى عدد قليل من الأصوات. ينسب عدم تمكنها من الفوز دون الاعتماد على معادلة الكوتا إلى كونها امرأة، وفلسطينية الأصل. يذكر سميح المعايطة هذه الحالة كمثال على تغلغل الشعور القومي في صفوف جماعة الإخوان، وهو أمر لم يكن يحدث من قبل [7]. وقالت المسيمي إنها فازت دون معادلة الكوتا، ولكن الحكومة أعلنت فوزر المرشح الآخر لأنها ستفوز وفق المعادلة [8].
ورغم أن نظام الكوتا طبق من أجل تحسين تمثيل النساء في مجلس النواب، فإن النساء اللواتي قابلتهن في الأردن شكون منه، وأوضحن أن المعادلة تحول دون فوز المرشحات في عمان. والنتيجة هي أن جميع النساء اللاتي يجلسن في مجلس النواب من خارج عمان. ولكن انتخابات عام 2010 أنتجت مفاجأة في عمان، وهي فوز المرشحة اليسارية الفلسطينية الأصل، عبلة أبو علبة، وفق معادلة الكوتا، فقد تم حساب نسبة الأصوات على أساس المجموع في الدائرة الواحدة. هذا التغيير جعل عدد الأصوات التي حصلت عليها، وهو أكثر من ألف، كافيا للفوز.
مرشحة أخرى، ريم بدران، فازت في عمان دون الاستفادة من الكوتا. ولذلك فهي ترفض الرأي القائل إن النساء لا يصوتن للمرشحات. ولكن الناشطات رأين أن حالة ريم بدران حالة استثنائية. وكما توضح إميلي نفاع فإن فوز ريم بدران لم يكن مفاجئا [9] فهي ابنة مضر بدران، رئيس الوزراء الأسبق. كما ذكرت من قبل، هناك نقاشات حول دستورية الكوتا المخصصة للنساء. ولكن النساء رأين أنه من غير الممكن لهن الفوز وفق قانون الصوت الواحد.
في ختام تحليل البيانات المتعلقة بهذا السؤال، يمكن القول إن معايير الحقوق المدنية والسياسية في الأردن لا ترقى إلى مستوى المعايير الدولية. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ينص في المادة (29) البند (2):
لا يُخضع أيُّ فرد، في ممارسة حقوقه وحرِّياته، إلاَّ للقيود التي يقرِّرها القانونُ مستهدفًا منها، حصرًا، ضمانَ الاعتراف الواجب بحقوق وحرِّيات الآخرين واحترامها، والوفاءَ بالعادل من مقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاه الجميع في مجتمع ديمقراطي.
في مجتمع من هذا القبيل، لا يعتبر انتقاد رأس الدولة ذنبا جنائيا. الكوميديون في الدول الديمقراطية يسخرون من السياسيين، بما في ذلك رأس الدولة. في الأردن، هناك قانون يجرم انتقاد الملك. ويسمى الذنب مجازا «إطالة اللسان». في أيلول 2010، أصدر الملك عبد الله الثاني عفوا عن ثمانية عشر شخصا اتهموا بإطالة اللسان.
القسم 1.4: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
السؤال العام (س4ق؛ س26ط): «هل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية مضمونة للجميع بشكل متساو؟» أجاب عن السؤال كل المقيمين. العلامة الأدنى 1؛ الأعلى 9. المعدل 5.3.
للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية عهد دولي خاص بها. وتشمل هذه الحقوق المساواة بين الرجال والنساء؛ والحقوق المتعلقة بالعمل؛ والجمعيات المهنية (النقابات)؛ والضمان الاجتماعي؛ والأسرة والأمهات والأطفال؛ والصحة البدنية والعقلية؛ والتعليم. أنصار هذه الحقوق يقولون إنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بالحقوق المدنية والسياسية.
الأردن يوفر تعليما مجانيا يدوم اثني عشر عاما، يبدأ بالتعليم الابتدائي، وينتهي بعد تقديم امتحان الثانوية العامة. وعلى ضوء النتائج، يقرر الطالب الاكتفاء بما تعلم، أو مواصلة تعليمه الجامعي ودخول التخصص الذي يؤهله له معدله في امتحانات المرحلة الثانوية. ووفقا للإحصاءات الرسمية الأردنية (2007)، كان هناك 1.207 مليون طالب في التعليم الأساسي (أول تسع سنوات من التعليم، 6-15 سنة). هذا يعادل خمس مجموع السكان (5.7 مليون نسمة). وفي نفس العام، كان هناك أكثر من 184 ألف طالب في التعليم الثانوي، حيث تتراوح أعمار الطلبة بين 16 و18 سنة.
رغم أن التعليم مجاني، فإن قطاع التعليم الخاص مزدهر. ولبعض المدارس الخاصة سمعة حسنة، ورسومها مرتفعة. تحرص الحكومة على تمييز بعض مدارس البنين والبنات على حد سواء، مثل كلية الحسين وكلية رغدان ومدرسة زين الشرف الثانوية ومدرسة سكينة بنت الحسين ومدرسة سمير الرفاعي الشاملة. في أوقات الانكماش الاقتصادي تسعى بعض الأسر إلى خفض النفقات بنقل الأبناء من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية.
في الاستبيان الطويل، أجاب عن السؤال نفسه خمسة من الخبراء الستة. وكانت العلامات 4؛ 5؛ 6؛ 7؛ 8. المعدل 6، وهو أعلى من معدل درجات المقيمين. الاختلاف في المعدلين يعنى أن الخبراء يرون أن وضع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أفضل مما يراه زملاؤهم الأربعة والعشرون. ولكن الاختلاف بين المعدلين ليس كبيرا، وبالتالي لا يستدعي البحث عن سبب الاختلاف في التقييمين.
= = =
الهوامش
[1] ندوة حضرتها في عمان بتاريخ 23/6/2009 في المركز الثقافي الملكي.
[2] تحديث: اغتيل ناهض حتّر في عمان (25 أيلول 2016) وأُعدم قاتله.
[3] مقالة نشرت في موقع (allofjo.net) «كل الأردن»، 27 نيسان 2009.
[4] التمييز بالمعنى المحدد له في قانون مكافحة التمييز في بريطانيا (1976) أي تفضيل مواطن على آخر بسبب العرق أو الأصل في التوظيف وخلافه.
[5] مقابلة شخصية. عمان، 24 حزيران 2009.
[6] مقابلة شخصية. عمان، 6 حزيران 2009.
[7] مقابلة شخصية. عمان، 23 حزيران 2009.
[8] مقابلة شخصية. عمان، 25 آذار 2010.
[9] مقابلة شخصية. عمان، 18 تشرين الثاني 2010.
توثيق المقتطفات من الكتاب في الهوامش (أسلوب شيكاغو):
النسخة الورقية:
1. عدلي الهواري، تقييم الديمقـراطيـة في الأردن: 1990-2010 (لندن: عود الند، 2018)، ص - -.
توثيق النقل من الموقع:
يحذف من التفاصيل أعلاه رقم الصفحة، ويضاف إليها رابط الصفحة المنقول منها.
توثيق الكتاب في قائمة المراجع:
الهواري، عدلي. تقييم الديمقـراطيـة في الأردن: 1990-2010. لندن: عود الند، 2018.
عنوان الكتاب يكتب بخط مائل أو يوضع تحته خط.
- تقييم الديمقراطية في الأردن
- غلاف كتاب تقييم الديمقراطية في الأردن. المؤلف: د. عدلي الهواري