كتاب فتح 1983: بيانات الانشقاق/الانتفاضة
مصادر ومراجع
5. نداء من العاصفة إلى المقاتلين التابعين لعرفات
أيها الإخوة المناضلون
نخاطبكم اليوم وقد أصبحت نهاية الانحراف، نهجا ورموزا، أمرا حتميا. وبعد أن أصبح كل ما يسعى إلى تحقيقه المنحرفون هو الكيفية التي يخرجون بها من طرابلس. إنهم لا يـفكرون فيكم، ولا يفكرون بمصلـحـتكم، بعد أن أهدروا مصلـحة الثورة، فـلم نكن يوما في نـظرهم —نحن وإياكم— أكثر من أدوات يستعملونها في تحقيق مآربهم المشبوهة، فموتكم أو حياتكم أمران لا قيمة لهما عندهم، وجماهيرنا لا اعتبار لها، وقضيتنا [تباع] وتشترى في سوق المشاريع الأميركية.
وإذا كان صحيحا «قل من تصادق أقول لك من أنت» فإن الصحيح أن نسأل من هم أصدقاء عرفات؟ ومن هم الذين يدافعون عنه؟ إنهم الملك حسين وحسني مبارك وكل القوى الرجعية العربية المتآمرة. إنهم فرنسا وكل دول السوق الأوروبية المشتركة.
إن ياسر عرفات يريدكم أن ترحلوا معه ليس لأنه يريدكم مقاتلين تواصلون الثورة، وإنما لأنه يريد أن يخرج من طرابلس باعتباره ملكا على منظمة التحرير، محاطا بالمقاتلين والأتباع، ومشيعا بمظاهرة إعلامية ضخمة. إنه لا يهتم بمصير الثورة، وإنما يهتم بمصيره، فالثورة عنده قد انتهت منذ زمن طويل، حين وافق للأميركيين على الخروج من كل لبنان، وحين وافق على تشتيت قواتنا في كل مكان، وحين اعترف بإسرائيل وأنهى حالة الحرب معها، وحين اتفق مع الملك حسين أن تصبح قواتنا جزءا من جيش النظام الأردني، وأن تصفى قضية فلسطين حسب مشروع الكنفدرالية ومشروع ريغان، وحين التقى مع الصهاينة وعزز علاقته مع حسني مبارك.
إن ياسر عرفات يريدكم أن ترحلوا معه إلى المنافي البعيدة، وهو يعلم أن أُسَرَكم وأهلكم وأحبابكم هنا في سوريا ولبنان، ولكنه لا يأبه لعواطفكم ولا يهتم لمشاعركم، إذا كان الغرض هو الحرص على عواطفه ومشاعره. ولا بأس أن تداس كرامتكم، كما ديست كرامة الثورة، طالما أن المهم هو أن يخرج عرفات بكرامته.
أيها الإخوة المناضلون
نحن نعرف أنكم تريدون أن ينتهي المأزق الذي أنتم فيه، وأن تظلوا قريبين من فلسطين، تقاتلون من أجل تحريرها. ولكنهم يخوفونكم أنكم ستتعرضون للإرهاب والانتقام، والكل يعرف أن هذا ليس طبعنا، ولا هو موقفنا، فأنتم إخوتنا: لنا ما لكم، وعلينا ما عليكم، وفتح حركتكم مثل ما هي حركتنا، وقوات العاصفة قواتنا جميعا.
وكل ما ناضلنا من أجله هو تخليص حركتنا من نهج الانحراف. وقد جاءت الفرصة الآن للتخلص من المنحرفين. فليخرجوا وحدهم، هم وأتباعهم من اللصوص والمنتفعين وأصحاب الامتيازات الذين اغتنوا على حساب الثورة والشهداء إلى حيث سيحلون ضيوفا عند حلفائهم، فهذا من العملاء والرجعيين قراراهم الذي اتخذوه بعد قمة فاس، وهو أن يرحلوا إلى المنافي البعيدة عن أرض الثورة.
ولكن الجديد أنكم تمتلكون اليوم قراركم بأن تمتنعوا عن الرحيل معه، وأن تظلوا مع إخوانكم لنكمل معا مشوار النضال ونتابع مسيرة الشهداء. انسحبوا أيها الإخوة والتحقوا بإخوانكم فرادى ومجتمعين بأسلحتكم أو بدونها، وأنتم تعرفون كل الطرق المؤدية إلى مواقعنا. خذوا قراركم قبل أن تجدوا أنفسكم في ورطة الرحيل مع عرفات إلى المنافي البعيدة، إلى حيث الندم والغربة والضياع.
أيها الإخوة المناضلون
نحن بانتظاركم، صدورنا مفتوحة لكم، فأهلا بكم إخوة ومناضلين، لكي نبدأ معا من جديد، نلتصق بمبادئنا ونلتزم بأهدافنا، ونشد على بنادقنا، ونواصل الثورة حتى النصر.
القيادة العامة لقوات العاصفة
16/11/1983
= = =
المصدر: نشرة «التعميم». العدد 36: 29/11/1983.
::
::
وضع طرابلس في مجلس الأمن الدولي
6. قرار + رفع علم الأمم المتحدة على سفن الإجلاء
إن مجلس الأمن، وقد نظر في الحالة السائدة في شمال لبنان، وإذ يشير إلى البيان الذي أدلى به رئيس المجلس في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 1983 بشأن هذه المسألة، وإذ يـسـاوره بالغ الـقـلـق لاشتداد القتال الذي لا يزال يسبب كثيرا من الآلام وخسائر جسيمة في الأرواح،
1. يأسف بشدة للخسائر في الأرواح التي تُسببها الأحداثُ الدائرة في شمال لبنان؛
2. يكرر الإعراب عن دعوته إلى احترام سيادة لبنان واستقلاله السياسي وسلامته الإقليمية داخل حدوده المعترف بها دوليا احتراما دقيقا؛
3. يطلب من الأطراف المعنية أن تقبل على الفور وقف إطلاق النار وأن تتقيد بدقة تامة بوقف الأعمال العدائية؛
4. يدعو الأطراف المعنية إلى تسوية خلافاتها بالوسائل السلمية وحدها وإلى الامتناع عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها؛
5. يشيد بالعمل الذي أنجزته وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى ولجنة الصليب الأحمر الدولية في تقديم المساعدة الإنسانية الطارئة إلى المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين في طرابلس والمناطق المحيطة بها؛
6. يطلب من الأطراف المعنية الامتثال لأحكام هذا القرار؛
7. يرجو من الأمين العام [للأمم المتحدة] أن يتابع الحالة في شمال لبنان، وأن يتشاور مع حكومة لبنان، وأن يقدم تقريرا إلى مجلس الأمن الذي سيُبقي المسألة قيد النظر.
::
::
7. بيان الأمين العام للأمم المتحدة
يوم 3/12/1983 أدلى الأمين العام للأمم المتحدة [خافيير بيريز دكويار] بالبيان التالي أثناء مشاورات مجلس الأمن الدولي:
أود أن أوضح أن المسألة الوحيدة التي أثرتها هي طلب رفع علم الأمم المتحدة، إلى جانب العلم الوطني للسفينة المعنية، على السفن التي ستجلي عناصر مسلحة من م ت ف من طرابلس. فعل ذلك راجع لأسباب إنسانية بحتة، لتسهيل حل وضع كلّف الكثير من الأرواح وأدى إلى حدوث دمار كبير. الإذن برفع علم المتحدة سيعطى للدول التي ترفع أعلامَها السفنُ التي ستشارك في عملية الإجلاء.
فهمت أن العدد المحتمل للسفن المشاركة سيكون حوالي خمس لإجلاء حوالي 3000 عنصر مسلح، مع احتمال إضافة ألف من أفراد الميليشيا، يحملون أسلحة شخصية فقط.
المقصد المحتمل للسفن سيكون تونس والجمهورية العربية اليمنية. لن تكون هناك تبعات مالية [على الأمم المتحدة] والغرض الوحيد هو تقديم حماية رمزية. جنسيات سفن الإجلاء وتواريخ المغادرة سوف تتقرر على ما يبدو بعد وصول ردي على طلب استخدام علم الأمم المتحدة.
الترتيبات الفعلية للإجلاء من الواضح أنها في المقام الأول مسألة للحكومة اللبنانية وأطراف الاتفاقية التي تم التفاوض عليها بمساعدة من المملكة العربية السعودية وسوريا.
بعد ظهر أمس [2/12/1983]، تحدثت هاتفيا مع الرئيس [اللبناني أمين] الجميل، وذكرت له المشكلة [رفع علم الأمم المتحدة] ضمن قضايا أخرى. كما فهمت، ليس لدى الحكومة اللبنانية اعتراض على استخدام علم الأمم المتحدة على سفن الإجلاء، شريطة رفع العلم اللبناني في المياه الإقليمية اللبنانية. وطبعا سأظل أشاور الحكومة اللبنانية في هذا الشأن، الذي من الواضح أنه يحتاج إلى موافقتها.
لست بحاجة لأن أضيف أن أيّ عمل أقوم به سيكون متماشيا مع الهدف العام المتمثل في احترام سيادة وسلطة حكومة لبنان. أود أن أكرر أن العامل الإنساني هو ما يهمني هنا. لقد شاورت المجلس وشعرت أن هذا الأمر هو الصحيح عمله في ظرف كهذا.1
= = =
نال بيان دكويار تأييد مجلس الأمن في بيان باسم رئيس المجلس:
«بالإشارة إلى البيان الذي أعلنه الأمين العام للأمم المتحدة اليوم، وبعد المشاورات مع الأعضاء في المجلس، أؤكد، بصفتي رئيسا لمجلس الأمن، أن البيان يتمتع بتأييد الأعضاء في المجلس».2
(1). بيان أمين عام الأمم المتحدة، دكويار، بالإنجليزية. ترجمة عدلي الهواري. المصدر: https://undocs.org
(2). Ramcharan, B., 2002. The Security Council and the protection of human rights. The Hague: Martinus Nijhoff Publishers, p. 43.
::
::
صحافة/القبس: عرفات يغادر طرابلس
عـرفـات بكى طـرابـلـس .. وإسـرائـيـل «صـوّرت» الـمـغـادرة
أبو عمار والشيخ شعبان يتعاهدان على اللقاء في القدس
والجيش اللبناني تسلم الأسلحة الثقيلة من الموالين
مع طلقات بروتوكولية من سفينة يونانية، ودموع وزغردات وهتافات حشد من المودعين في ميناء طرابلس، بكى السيد ياسر عرفات واستقل السفينة مودعا طرابلس مع مقاتليه بعدما عاهد على الاستمرار في الكفاح حتى تتحرر القدس. ورد الشيخ شعبان، زعيم حركة التوحيد الإسلامي، في كلمة وداعية، معاهدا أبو عمار بدوره على اللقاء ثانية في القدس.
وفي غضون ذلك، كانت الطائرات الحربية الإسرائيلية تصور عملية المغادرة وتتابعها أولا بأول. ورغم المخاوف الكبيرة التي سادت عاصمة الشمال من احتمال انفجار الموقف بعد رحيل القوات الموالية للسيد ياسر عرفات، فقد زال التوتر عندما تسلم الجيش اللبناني الأسلحة الثقيلة من هذه القوات، فيما بقي 1900 مقاتل منهم في المخيمات مع أسلحتهم الفردية الخفيفة. وأبحرت السفن في وقت واحد حاملة الزعيم الفلسطيني وقواته إلى أكثر من عاصمة. وكانت ساعة الإبحار الرابعة إلا ربعا بعد ظهر أمس بتوقيت الكويت.
= = =
المصدر: صحيفة «القبس» الكويتية. العدد 4168: 21/12/1983.
::
::
صحافة/الأهرام: عرفات يلتقي مبارك
مبارك يستقبل عرفات في القاهرة
استقبل الرئيس حسني مبارك ظهر أمس [22/12/1983] السيد ياسر عرفات، زعيم منظمة التحرير الفلسطينية. وكان الزعيم الفلسطيني قد وصل مع وفد من 7 أعضاء إلى القاهرة قادمين من الإسماعيلية، يرافقه الدكتور فؤاد محيي الدين رئيس الوزراء، والدكتور بطرس غالي وزير الدولة للشؤون الخارجية، والدكتور أسامة الباز مدير مكتب الرئيس للشؤون الخارجية، وذلك عقب استقبال شعبي حافل للزعيم الفلسطيني ورفاقه المقاتلين الذين عبروا منطقة قناة السويس على ظهر السفن اليونانية التي نقلتهم [من طرابلس]، والتي توقفت بهم في كل من بور سعيد والإسماعيلية والسويس.
وقد عقد الرئيس والزعيم الفلسطيني اجتماعا مطولا استغرق ساعتين. وأعلن الرئيس مبارك في تصريحات أدلى بها للصحفيين عقب الاجتماع أن مصر لم تتأخر في الماضي ولن تتأخر في المستقبل عن دعم وتأييد القضية الفلسطينية بكل إمكانياتها. وكشف الرئيس مبارك عن دور مصر في تأمين رحلة السفن التي أقلت الفلسطينيين من طرابلس. وأعلن أن قطع الأسطول المصري وطائرات السلاح الجوي تولت تأمين هذه البواخر قبل أن تدخل مياهنا الإقليمية بمسافة.
وأضاف الرئيس في كلمته أمام المؤتمر الصحفي أنه سعيد للغاية بلقائه مع ياسر عرفات كمناضل وزعيم معتدل يكافح من أجل الحصول على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وأضاف أنه جرى خلال الاجتماع استعراض شامل لجميع المشاكل المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
وفي بيان قصير أدلى به عرفات عقب انتهاء الرئيس من كلمته أوضح الزعيم الفلسطيني أنه يشكر الرئيس مبارك على موقفه القومي والوطني والعربي والأخوي الذي وقفه مع الشعب الفلسطيني في كل الأوقات الصعبة. وقال عرفات مخاطبا الرئيس مبارك: إننا لا ننسى يا سيادة الرئيس موقفكم معنا أثناء ملحمة بيروت وخلال حصار طرابلس.
ودعا عرفات إلى ضرورة توحيد الموقف العربي، وقال إن زيارته للقاهرة سوف تساعد في وحدة العرب التي هي الطريق الأساسي لاستعادة فلسطين. وقد أقام الرئيس مبارك أمس مأدبة غداء بقصر القبة تكريما للسيد عرفات والوفد المرافق له، ثم غادر عرفات حوالي الساعة الرابعة إلا ربعا إلى الإسماعيلية ليواصل رحلته إلى اليمن.
وقال [عرفات] إن المجلس الوطني الفلسطيني سوف يدعى إلى الانعقاد خلال شهر فبراير [شباط] القادم في الجزائر.
= = =
المصدر: صحيفة «الأهرام» المصرية. العدد 35439: 23/12/1983.
::
::
صحافة/فلسطين الثورة: ياسر عرفات: خطاب إلى الأمة
إن الاتفاق الذي توصلنا إليه، أيها الإخوة، شكّل بداية ليس إلا، تضع أُسُس الحل الانتقالي وعناوين الحل النهائي الذي يجب أن يكون قائما على رحيل الاحتلال، وانسحابه التام عن أرضنا وشعبنا ومقدساتنا وقدسنا الشريف. وأما الخطوات المرحلية التالية والانتقالية فإنها تتمثل في هذه المرحلة باستعادة جزء عزيز من أرضنا الفلسطينية المحتلة على أساس الانسحاب الإسرائيلي الكامل عنها في قطاع غزة ومنطقة أريحا، وإقامة السلطة الوطنية الفلسطينية عليهما، مع تطبيق سلطة حكومة الذات الفلسطينية الانتقالية في باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، واشتراك فلسطينيي القدس الشريف بالانتخابات، والمحافظة على المؤسسات العربية والأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية فيها، بجانب عودة النازحين منذ سنة 1967، وذلك ضمن إطار كيان واحد وسلطة فلسطينية واحدة، وانتخابات عامة شاملة. إن أهم ما في الاتفاق ليس النص على الانسحاب من غزة وأريحا فقط، وإنما الإقرار بأن السلطة الفلسطينية وولايتها تشمل وتغطي جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة. وهذا الاتفاق ليس حلا شاملا، وإنما هو جزء من مرحلة انتقالية مرتبطة بالوضع النهائي، الذي سيبدأ في بحث ومناقشة قضايا هامة وأساسية تتعلق بمستقبل شعبنا وأمتنا، ألا وهي: القدس الشريف، والمستوطنات، واللاجئون القدامى، والحدود. وهذا ما تم الاتفاق بشأنه في إعلان المبادئ. كما أن الحل النهائي مرتبط بحل هذه القضايا. والسلام الشامل لا يقوم إلا بالحل على كافة المسارات العربية.
= = =
مجلة «فلسطين الثورة». العدد 954: 26/9/1993.
::
::
الخـاتـمـة
خلال الأشهر السبعة التي يُـعنى بها هذا الكتاب، ربحت الانتفاضة الجولة الأولى من الخلاف عسكريا وسياسيا. الأول تمثل في موافقة عرفات على الخروج من طرابلس مع بضعة آلاف من المقاتلين. أما سياسيا، فقد مثّلت زيارة عرفات لمصر الدليل العملي الدامغ على صحة ما كان يوجه له من انتقادات في بيانات الانتفاضة.
كسبُ الجولة الأولى أعطى قادة الانتفاضة ثقة عالية جعلتهم يقيّمون ما أنجزوه بكثير من غير الواقعية. وسرعان ما بدأ قادة الانتفاضة يتخلّصون من بعضهم بعضا. وكانت البداية مع نمر صالح (أبو صالح). وعادت صيغة عدم التجانس الفكري في فتح للعمل في أوساط الانتفاضة.
كان التركيز على اعتبار أن ساحتي سوريا ولبنان تغنيان عن كل الساحات الأخرى خطأ استراتيجيا في إدارة الخلاف. وتبين ذلك بوضوح بعد خروج عرفات من طرابلس وزيارته مصر، فقد بدأ يعيد ترتيب الأوضاع في فتح ومنظمة التحرير والاتحادات الفلسطينية لتصبح خالية تماما من الأصوات المعارضة لنهجه. وتكللت جهود عرفات من أجل تفصيل وضع فلسطيني يُسيّـره كما يحلو له بعقد جلسة للمؤتمر الوطني الفلسطيني في عمّان في الأيام الأخيرة من عام 1984.
كانت الانتفاضة في فتح خطوة جريئة وفرصة أخيرة لتصحيح مسار حركة فتح والثورة الفلسطينية بعد الخروج من بيروت. كانت البداية منعشة للآمال في تصحيح مسار الثورة، ولكن لأسباب أشرت لها بإيجاز شديد أعلاه، خسرت الانتفاضة الجولات التالية، ولم تتمكن من قيادة كل فتح، وبالتالي لم يمكنها قيادة م ت ف في اتجاه جديد متوافق مع ما أرادت الانتفاضة تحقيقه. وفي نهاية المطاف، أصبحت فصيلا إضافيا آخر.
أما أسلوب عرفات في قيادة فتح ومنظمة التحرير فظل يتسم بمواقف معلنة للاستهلاك الجماهيري، واتصالات سرية لتحقيق هدف غير متوافق مع المعلن. وتمسك بوهم تحسين ما طُرح أميركيا كحل للقضية الفلسطينية، أي حكم ذاتي فلسطيني، مع وجود دور للأردن. وكان لعشوائية المواقف ثمن كبير، وخاصة تأيـيد عرفات الغزو العراقي للكويت في عام 1990.
وعندما عُقد مؤتمر السلام في مدريد عام 1991، شارك فيه فلسطينيون ضمن وفد أردني قبل أن يتم فصله إلى اثنين. وبينما كان الوفد الفلسطيني برئاسة حيدر عبد الشافي يفاوض الإسرائيليين في واشنطن، ويطالب بوقف الاستيطان، كان عرفات يجري مفاوضات سرية في العاصمة النرويجية، أوسلو، تُـوّجت بإعلان اتفاقية في أوسلو (1993) تمنح قسما من الفلسطينيين حكما ذاتيا محدودا لم يكن يستحق التضحيات التي قُدّمت منذ انطلاقة فتح في بداية عام 1965.
يتكرر كثيرا سؤال لا يخلو من شماتة: ماذا بقي من الانتفاضة؟ التساؤل الأهم الذي يطرح نفسه بقوة على كل محب لفلسطين وشعبها: ماذا بقي من فلسطين وقضيتها تحت قيادة عرفات ومن ورثه؟
لا تترك/ي لي الحكم. اقرأ/ي المقتطف المنشور في الكتاب نقلا عن مجلة «فلسطين الثورة»، مجلة م ت ف الرسمية، واسأل/ي نفسك: ماذا تحقق مما هو مذكور فيها حتى اليوم؟
::
::
مصادر ومراجع الكتاب
1. «الحقيقة». 10 أعداد: 1-10. 9/1983-12/1984. الأعداد العشرة متوفرة للتصفح والتحميل دون قيود في موقع المؤلف: adli.uk.
2. «صدى الجبهة». العدد 1. 7/1983. مجلة أنصار الجبهة الوطنية القومية الديمقراطية العراقية في أميركا وكندا. تضمن العدد التعاميم الثلاثة الأولى الصادرة عن انتفاضة فتح، التي نشرت في عدد «الحقيقة» الأول.
3. «التعميم». الأعداد 7-58. 25/6/1983-1/5/1984. باستثناء العدد 37، الذي لم يكن بين النسخ الرقمية المنشورة في موقع معهد الدوحة للدراسات العليا، وحصل المؤلف على نسخة منها عندما كانت متاحة.
4. أرشيف ذاكرة فلسطين، معهد الدوحة للدراسات العليا. وقت إعداد هذا الكتاب لم أتمكن من فتح صفحات الأرشيف، إما لوجود خلل تقني لم يتم إصلاحه، أو لسبب آخر.
5. «القبس». أعداد 12/1983. نسخة رقمية متوفرة في archive.org.
6. «الأهرام». أعداد 12/1983. نسخة رقمية متوفرة في archive.org.
7. قرارات مجلس الأمن الدولي بالعربية:
https://www.un.org/securitycouncil/ar/content/resolutions
Ramcharan, B., 2002. The Security Council and the protection of human rights. The Hague: Martinus Nijhoff Publishers, p. 43.
مراجع ذات صلة
«الشراع»، مجلة. أزمة فتح: جذورها، أبعادها، مستقبلها. بيروت: مجلة «الشراع»، 1983. جُمعت المقالات في كتيّب صدر في واشنطن، عن مجلة «الحقيقة» في عام 1984. الكتيّب متوفر في adli.uk.
صايغ، يزيد. 2002. الكفاح المسلح والبحث عن الدولة: الحركة الوطنية الفلسطينية، 1939-1993. ترجمة باسم سرحان. بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2002.
محسن، هاشم علي. الانتفاضة: ثورة حتى النصر. دمشق: دار الجليل، 1983.
توثيق المقتطفات من الكتاب في الهوامش (أسلوب شيكاغو):
النسخة الورقية:
1. عدلي الهواري (محرِّر)، حركة فتح 1983: الانتفاضة/الانشقاق: التعاميم والبيانات الأولى (لندن: عود الند، 2023)، ص - -.
توثيق النقل من الموقع:
يحذف من التفاصيل أعلاه رقم الصفحة، ويضاف إليها رابط الصفحة المنقول منها.
توثيق الكتاب في قائمة المراجع:
الهواري، عدلي (محرِّر). حركة فتح 1983: الانتفاضة/الانشقاق: التعاميم والبيانات الأولى. لندن: عود الند، 2023.
عنوان الكتاب يكتب بخط مائل أو يوضع تحته خط.