مكتبة وأرشيف

د عدلي الهواري

للمساهمة في التراكم المعرفي وتعزيز التفكير النقدي

ORCID iD icon https://orcid.org/0000-0003-4420-3590
 
أنت في : الغلاف » كتب الهواري بالعربية » فتح 1983: بيانات الانتفاضة/الانشقاق » شرح أسباب الأسلوب والتوقيت

كتاب فتح 1983: بيانات الانشقاق/الانتفاضة

شرح أسباب الأسلوب والتوقيت


. التعميم 5: شرح أسباب الأسلوب والتوقيت

حركة التحرير الوطني الفلسطيني

القيـادة العامة لقوات العـاصـفة

تعميم إلى كافة الوحدات والأجهزة والأقاليم «5»

أخي يا ابن فتح

أيها الإخوة المناضلون في قوات العاصفة

منذ تأسست حركتنا فتح ناضلنا لكي نقيم الحركة على أسس تعتبر الثورة علما له قوانينه وضوابطه، ولكي نشكل تنظيما فاعلا من نمط جديد يكون قادرا على تحمل تبعات النضال ومؤهلا لنقل أهداف الثورة من النظرية إلى التطبيق. وحتى لا تكون فتح حشدا عشوائيا تقوده عفوية النضال وتجريبية القرار، كان برنامجنا السياسي دليل نضالنا وأداة وحدتنا السياسية، وكان نظامنا الأساسي ضابط الحياة الداخلية في الحركة، وأداة وحدتنا التنظيمية (قوات وأجهزة وتنظيم).

وكانت نظرية فتح الثورة إطارا تحددت فيه مبادئنا وأهدافنا وأسلوب نضالنا، ومرشدا لتحديد أعدائنا وأصدقائنا، ومعلما لكي نصوغ تحالفاتنا. وكانت نظريتنا التنظيمية بناء متكاملا يقوم على أساس المركزية الديمقراطية وخاصة عقد المؤتمرات وانتخاب القيادات واتباع القيادة الجماعية.

وكنا نحاول دائما أن نكون حماة لضوابط الثورة وقوانينها لكي تظل في اتجاهها المرسوم، ولكن الخروج عن الالتزام بالخط السياسي للثورة والتفرد والأنانية كانت السمة الأساسية للقيادة في الحركة، وكنا نقاوم كل التصرفات التي تؤدي إلى تخريب الحركة، وكان غيرنا يستغل المعارك المتلاحقة التي خاضتها الثورة لإجهاض كل محاولة لوقف الخراب، ولإسكات كل صوت ينتقد الانحراف ويطالب بالإصلاح.

ولقد كان المؤتمر العام الرابع الذي عقد في شهر أيار 1980 بمثابة ناقوس خطر مرتفع الصوت، يشير إلى كل الأخطاء والخطايا، وينذر باسم القاعدة الفتحوية إلى أن للصبر حدودا، وأن لفتح أبناء مخلصين. وبدلا من الإنصات لصوت القاعدة، وتجنيد كل الطاقات لتنفيذ ما قررته في مؤتمرها، وجدنا أن التسيب زاد وأن الانحراف قد اتسع، وأن اللصوص والجبناء والمشبوهين والمنحرفين قد ازدادت سطوتهم واستفحلت جرائمهم وهجر المناضلون وأبعدوا، أو استقدم بدلا منهم المرتزقة من أقاصي الأرض، إلى أن وجدنا أنفسنا في صيف العام الماضي وجها لوجه أمام الاجتياح الصهيوني المدمر للبنان، واستعدادنا لمواجهته أقل من قدراتنا المتوفرة.

وكان الصمود العظيم في بيروت الذي صنعه الرجال والكوادر المنسيون في القاعدة وحققته الجماهير الفلسطينية اللبنانية المناضلة بعذابها وبدماء أطفالها. ورفض المناضلون أن ينسحبوا، ولكنهم اضطروا للانسحاب على أمل أن يعودوا للقتال بكل الخبرة التي اكتسبوها، ورأى البعض أن ينسحب لكي يلقي المناضلين في المنافي البعيدة ومتعهدا لفيليب حبيب ألّا يعود القادة إلى ساحة القتال ورافضا عودة أيّ مناضل من المنافي، تحت طائلة فصله وقطع مخصصاته المالية، وحالماً أن يعطيه الإمبرياليون والصهاينة دورا في مفاوضات، أو حصة في تسوية.

وذبح أهلنا في صبرا وشاتيلا، وأصبحت جثث الفلسطينيين المغدورين منظرا مألوفا في مخيمات وشوارع وأزقة الجنوب اللبناني، وبكى شعبنا كما لم يبك طوال تاريخه. وبدلا من حشد كل القادة والمقاتلين لردع الفاشيين والصهاينة، أخذ البعض يجوب أرجاء الأرض على متن طائرات خاصة، يلهث وراء السراب الإمبريالي، يقابل السماسرة، وعرابي الخيانة، ويلتقي الصهاينة سرا وعلنا، متفردا بقراراته، مستهترا بالشهداء وبالأطر والوحدة الوطنية، وبالجماهير، متنكرا لكل تضحيات شعبنا وتاريخه، ضاربا عرض الحائط كل النصائح والتحذيرات.

وأصبح الخطر ماثلا للأعيان، وأخذت قرارات الثورة المضادة تلبس رداء الثورة، وتتقنع بقناع النضال، وتطورت قوانين الصراع مع العدو دفعة واحدة، فأصبحت الخيانة وجهة نظر وأصبح الحديث عن الاعتراف بالعدو الصهيوني حديثا عاديا، وأصبح التنظير لصهيونية تقدمية وصهيونية رجعية فلسفة علمية تستوجب إقامة الندوات والمحاضرات لشرحها والدعوة لها، واختلطت الاستراتيجية بالتكتيك، ولم يعد هناك فارق بين أعدائنا وأصدقائنا، ولم يعد ممكنا التمييز بين ما هو رجعي وما هو تقدمي.

ومن أجل أن تمر فلسفة الثورة المضادة دون عوائق أو عراقيل، كان لا بد من تجنيد الأموال الطائلة للتخريب والإفساد، فاغتنى الأزلام والمحاسيب، وتنعم اللصوص والمنحرفون، وتقدم الصفوف ضعاف النفوس، وأبعد المناضلون، وقـُهر الثوار والفقراء.

أخي يا ابن فتح

أيها الإخوة المناضلون في قوات العاصفة

لقد كانت القرارات التنظيمية والتشكيلات العسكرية والانقسامية تحمل دلالات خطيرة، [و]تمثل مؤشرا واضحا يستهدف السيطرة على قواتنا (العاصفة)، وعلى قوات الثورة الفلسطينية، تمهيدا لخطوة انسحابية، تكمل خطوات الانسحاب من لبنان التي اتخذت من قبل، وتؤدي إلى عزل وإضعاف أيّ موقف لبناني أو عربي يسعى لإفشال الاتفاق الصهيوني-الكتائبي في لبنان، ومنع آثاره المدمرة على النضال العربي. وحين نقول إن هذه القرارات انقسامية، فإننا نعي ما نقوله، فقد قال الأخ أبو إياد لأحد إخواننا الموثوقين تحذيرا لنا من الاستمرار في تحركنا، واعتقادا منه أننا ندعو للانشقاق، بأن هذا ما طلبه الملك الحسن من الأخ أبو عمار حين دعاه إلى التخلص من المعارضين وفصلهم، ولم يجب الأخ أبو إياد، حين قال له هذا الأخ، إن هذا يؤكد قولنا إن هذه القرارات بمثابة فصل لفئة معروفة بمواقفها، وهي في حقيقتها قرارات انشقاقية تمهد للعودة للحوار الأردني الفلسطيني، والتوقيع على الاتفاق الذي عُـلّق التوقيع عليه بسبب تنامي الدور الوطني الفلسطيني الذي لم يسمح بتوقيع مشروع الاتفاق المذكور، كما أننا نعي ما نقول، ولا نفتري على الحقيقة حين نؤكد بأن هذه القرارات تمهد لخطوة انسحابية نهائية تكمل خطوات الانسحاب السابقة، والتي يؤكدها ما يلي:

1) اتخذت اللجنة المركزية لفتح في اجتماعها في تونس بتاريخ 14/9/1982 قرارا يقضي بتجميع قواتنا في كل من الأردن ومصر والعراق، وأن يكون وجودها في أيّ مكان آخر وجودا رمزيا.

2) كانت قواتنا تعد للانسحاب من لبنان نفسيا وماديا حيث منعت من الحفر والتحصين، وكانت تسحب بالتدريج إلى الجزائر وتونس أو اليمن وغيرها من المنافي، تحت أعذار مختلفة، كإكمال تجميع قوات أجنادين، أو المشاغل، أو مديرية التدريب، أو اللوازم، وما إلى ذلك. وكان يمنع أيّ مقاتل من العودة إلى ساحة الثورة، حتى لو كان عياله في سوريا أو لبنان تحت عذر أن سوريا ترفض ذلك، ولما وصل المئات منهم فرادى وبواسطة جوازات سفرهم، فصلوا وقطعت مخصصاتهم، وأن خيارهم الوحيد هو أن يعودوا إلى المنافي.

3) كانت هناك دعوة لتسريح المقاتلين، ودعوات مماثلة للعودة إلى الأردن، أفراديا، وبعد الحصول على راتب سنة، وأجرة بيت عن سنة، ومساعدات مالية كبيرة تحت شعار زائف يتحدث عن تركيز تواجدنا في الأردن. وعلى أية حال، فإن الأخ أبو جهاد الوزير كفانا مؤونة الاجتهاد بتصريح إلى مجلة «التايمز» في الأسبوع الماضي حين قال: إنه على استعداد لسحب قوات الثورة من لبنان مقابل أربعة شروط/وهي:

ا. أن يتيح الاتفاق الإسرائيلي اللبناني نوعا من التواجد السياسي لمنظمة التحرير في لبنان.

ب. أن يكون لمنظمة التحرير وجود عسكري رمزي في لبنان.

جـ. ضمانات لحماية الفلسطينيين في لبنان.

د. حوار بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة اللبنانية.

والتفسير البسيط لهذا التصريح يعني أن هناك استعدادا للانسحاب وللاعتراف بالاتفاقية الصهيونية الكتائبية، مقابل مكسب تافه هدفه تضليل الجماهير يتحدد في وجود سياسي ما، ووجود عسكري رمزي في لبنان.

ولمزيد من توضيح الحقائق نذكر بأن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قد مُنعت من اتخاذ قرار برفض الاتفاق الكتائبي الصهيوني في لبنان، وذلك في اجتماعها الذي عقدته في دمشق في الأسبوع الأول من شهر أيار سنة 1983، وحين حاول الناطق الرسمي للمنظمة أن يصرح بما يعني رفض الاتفاق، منع من ذلك، تحت طائلة التهديد بتكذيبه وأنه إذا أراد التصريح بشيء عليه أن يصرح به باسمه الشخصي، وليس بوصفه الناطق الرسمي.

وإمعانا في إبداء (حسن النية) تجاه المخططات ومشاريع الاتفاقات الأميركية، صرح الأخ أبو جهاد الوزير إلى مجلة «كل العرب» (أن الموساد الإسرائيلية هي التي نسفت السفارة الأميركية في بيروت، وأن روبرت ايمز، رئيس محللي وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في الشرق الأوسط والذي قتل في حادث السفارة الأميركية كان متعاطفا مع القضية الفلسطينية).

وحين نقول إن القرارات والتشكيلات الانقسامية كنت تمهد للانسحاب من لبنان، بكل ما يعنيه من الإسهام من تمرير الاتفاق الكتائبي الصهيوني، وتمهد لإعادة الحوار مع النظام الأردني من أجل التوقيع على الاتفاق، فإننا لا نلقي الكلام جزافا، فقد قال الأخ أبو إياد، لأحد الإخوة الموثوقين إنه يخطئ من يقول إن هناك تراجعا من قبل البعض عن إصرارهم على توقيع مشروع الاتفاق الأردني-الفلسطيني، أو أنهم يرون طريقا آخر للتسوية غير هذا المشروع. ومن المفيد أن نذكر أن هذا المشروع قائم على أساس مشروع ريغان وعلى مدخل خبيث هو الكنفدرالية الذي يعني كما قال عدنان أبو عودة تكتيكا لتجاوز ثلاث عقبات، هي عقبة الدولة المستقلة، وعقبة حق تقرير المصير، وعقبة الوفد المفاوض مع العدو الصهيوني.

أخي يا ابن فتح

أيها الإخوة المناضلون في قوات العاصفة

مرة أخرى نريد أن نرد على التشكيك حول مسائل الأسلوب والتوقيت والانشقاق ورفض الحوار ونقل الخلاف إلى منظمة التحرير الفلسطينية:

1. بالنسبة للأسلوب: لقد قلنا منذ بداية التحرك أننا لجأنا إلى الأسلوب الذي اعتمدناه من أجل الوصول إلى مطالب القاعدة الفتحوية العريضة، لأننا عجزنا عن اللجوء إلى أيّ أسلوب آخر، فالجميع يعرفون أن إطار اللجنة المركزية قد جوّف وألغي عمليا، وهو إطار لم يتخذ أيا من القرارات المصيرية التي تفرد البعض باتخاذها مؤخرا، سواء قرار الموافقة على مشروع فهد في قمة فاس، أو قرار الحوار مع الأردن على أرضية مشروع ريغان، أو قرار فك العزلة عن نظام مصر كامب ديفيد، أو قرار الحوار مع الصهاينة أو قرار بقاء قواتنا مشتتة في المنافي، أو قرار بقاء قياداتنا موزعة في كل الأقطار، وقلنا إن إطار المجلس الثوري قد تخلى عن دوره في السهر على تطبيق النظام الأساسي والبرنامج السياسي واكتفى بالحصول على (علم وخبر) بالقرارات المصيرية الصادرة. وكثيرا ما يحصل عليها عبر وسائل الإعلام وليس عبر متخذيها.

وأكدنا أن كلا الإطارين سمح بتمرير ما يتنافى مع الخط السياسي الذي رسمه المؤتمر الرابع ومبادئ وأهداف وأسلوب الحركة، ففقدا بالتالي مشروعيتهما وأهليتهما لحل مشاكل الحركة. وبالتالي فإن الأسلوب الذي اتبعناه يصبح ثوريا وضروريا ومشروعا.

2. أما بالنسبة للتوقيت الذي صادف تحركنا، فقد قلنا إنه جاء ردا على القرارات الانشقاقية التي أرادت أن تستغل المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة لتمرر قرارات خطيرة ذات دلالات سياسية واضحة تستغل الشعور بدقة الموقف للجم أيّ محاولة للتصدي للقرارات الخاطئة، هذا من ناحية. ومن ناحية ثانية، نحن نسأل: متى لم تمر الثورة في مرحلة لم تكن فيها عرضة للهجوم والتآمر؟ ونحن لا نبالغ إذا قلنا إن تحركنا رغم دقة المرحلة جاء دفعا لخطر داهم يندفع باتجاه تصفية قضيتنا، وجاء في اللحظة التاريخية الحاسمة التي تقرر فيها أن ينتقل المشروع الأميركي ضد ثورتنا ومنطقتنا العربية إلى مرحلة الحسم سواء في لبنان أو في الأردن والتي تسمح لنا بالقول إنه لو لم نتحرك في تلك الساعة التي تحركنا بها لتسارعت الأحداث بطريقة تسمح بتقدم المشروع الأميركي وبإضعاف روح التحدي والمواجهة لدى المواطن العربي.

3. أما القول بأننا نسعى للانشقاق، فهو اتهام يطلقه الانشقاقيون أنفسهم، فنحن لا نريد الانشقاق. ولو كنا نريده فعلا، لكان من السهل أن يعقد عدد من الإخوة المعروفين مؤتمرا صحافيا يعلنون فيه انشقاقهم وينتهي الأمر.

أما الذين يريدون الانشقاق فهم الذين طلب منهم ملك المغرب أن يفصلوا المعارضين ويتخلصوا منهم. ونفس هؤلاء الذين طلب منهم الملك الحسن فصل المعارضة يقولون بأن لا مجال لعودة الأمور إلى مجاريها وأنه لا بد من (التفريق بإحسان).

والحقيقة أننا حين نصر على عدم الانشقاق فلا يعني هذا أن نسمح ببقاء اللصوص والمهزومين والمشبوهين والمدسوسين في صفوف فتح. وحين نطالب بإخراجهم، فإننا ندعو إلى ممارسة أعقد عمل تنظيمي، لا بد أن يقدم عليه كل تنظيم يريد أن يحمي نفسه ويحقق أهدافه، ونقصد به تطهير الصفوف من كل الذين لم تعد تنطبق عليهم شروط العضوية.

4. ثم أخذنا نسمع أننا نرفض الحوار، وأنهم قبلوا عقد المؤتمر العام وتساهلوا إلى آخر مدى حتى أنهم يقبلون أيّ شيء، ونجيب بأن هذا تضليل وخداع، فقد حاورنا كل من جاء للحوار معنا إلى أن فوجئ الجميع بقرار علني يمنع الاتصال بنا تحت طائلة المسؤولية. ولقد قبلنا انعقاد المؤتمر العام الطارئ ووافقنا أن يعقد في عدن بتاريخ 1/6/1983، وأبلغنا موافقتنا إلى معتمد الحركة في عدن. وفوجئنا ردا على ذلك بتعميم يتهمنا بالعمالة لليبيا والتنسيق مع الجبهة الشعبية القيادة العامة، ومع أبو نضال، بل وبخـدمة مدير إذاعة لندن الصهيوني، وأن تـحـركـنـا يأتي في سـيـاق حـمـلـة تـشـنـهـا الـولايات المـتـحـدة عـلى قـيـادة م ت ف (كلنا نذكر أن الحملة الأميركية على قيادة م ت ف تجلت بوصف الرئيس ريغان للبعض بالاعتدال وأنه لن يسمح للعناصر الراديكالية بتخريب التسوية الأميركية).

وليس صحيحا أنهم وافقوا على عقد المؤتمر الطارئ، فقد أجيب على مطالبتنا بمؤتمر طارئ بقرار اللجنة المركزية الذي يدعو المجلس الثوري للانعقاد ليبحث، فيما يبحث، مسألة الدعوة لعقد المؤتمر الخامس العادي وليس لعقد مؤتمر طارئ. وهذا لا يعني الموافقة على عقد المؤتمر، وإنما أن يكون المؤتمر العادي على جدول أعمال المجلس الثوري الذي قد يدعو لمؤتمر عام وقد لا يدعو.

أما مسألة تساهلهم والقبول بأي شيء فهذا غير صحيح، فنحن قدّمنا مطالب واضحة، فليقولوا إذا كانوا يوافقون عليها أو على أيّ شيء يوافقون منها، لا أن نُدعى إلى حوار مجهول النتائج مع بعض أعضاء اللجنة المركزية، لا نعرف إلى أين يمكن أن يوصل ولا إلى أيّ مدى سيستمر، وسيكون هذا الحوار ضمن خطة مدروسة لتشكيك المناضلين الذين تضامنوا معنا بأن مصالحة وتبويس لحى قد تمت بين الكبار وأنها (راحت عليهم). وحين نكتشف أن الحوار غير مجد، يحصل معنا ما حصل مع الراعي الكذاب.

5. أما القول بإن الخلاف داخل فتح قد ينتقل إلى منظمة التحرير الفلسطينية تمهيدا لشقها وإيجاد منظمتي تحرير، فإنه قول يعكس إما دسا مغرضا من أقلية حاقدة، أو يعكس قلقا مشروعا من أكثرية مخلصة تؤيد تحركنا وتخشى التآمر عليه من قبل من يدفعون باتجاه شق فتح وبالتالي شق المنظمة.

ونحن بمقدار ما نحذر أبعاد الدس الحاقد، نتفهم مشروعية القلق الذي ينتاب الكثير من المخلصين. ومن هنا فإننا نؤكد على أننا نرى وحدة منظمة التحرير الفلسطينية واستمرارها أهم إنجازات شعبنا التي سنقاتل من أجل صونها، ونرى أن الشخصية الفلسطينية التي كان طمسها أول أهداف المؤامرة الصهيونية قد تبلورت وتمثلت في منظمة التحرير باعتبارها الإطار الجبهوي العريض الذي يضم المنظمات الفلسطينية والتنظيمات الشعبية والشخصيات الوطنية. ولذلك فإننا سنبذل كل الجهد ونحرص كل الحرص لمنع انتقال الخلاف داخل فتح إلى مؤسسات منظمة التحرير، وسنظل من أصدق المدافعين عن وحدتها وعن كونها الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا، بل إن تحركنا يستهدف حماية ميثاقها وإنجازاتها وقطع الطريق على المتخاذلين والمفرطين الذين انسجموا مع المشروع الأميركي الرامي إلى إضعاف المنظمة واغتصاب وحدانية تمثيلها لشعبنا الفلسطيني من خلال اللجنة الأردنية الفلسطينية المشتركة التي تقتضي إفراد دور أساسي للنظام الأردني في مسألة التمثيل بكل ما يعنيه ذلك من خطر يهدد المرتكزات الأساسية للنضال الفلسطيني.

أخي يا ابن فتح

أيها الإخوة المناضلون في قوات العاصفة

لم يجد الذين أفزعهم التفاف أبناء فتح حول المطالب التي أعلناها، والتقاط جماهيرنا لأبعاد تحركنا، وخاصة في الأرض المحتلة والأردن ولبنان وسوريا، وتفاعل تحركنا على الصعيدين العربي والدولي، لم يجدوا مخرجا من مأزقهم إلا توجيه الاتهامات والتشكيك. ونحن لا نستغرب ذلك، بل إنه أمر متوقع ومفهوم، فحين تتعرض مكاسب المنحرفين وامتيازاتهم ومناصبهم للخطر يلجأون إلى توجيه الاتهامات، والتشكيك بإخلاص المناضلين واستقلالية تحركهم. ونحن لا نريد أن نرد على حملة الافتراء والاتهام، إذ لن يهزنا صراخهم ولن تبتزنا اتهاماتهم، فجماهيرنا تعرف الحقيقة، وتعرف في أيّ محور رجعي تتركز ارتباطات الذين يتهموننا، وإلى أيّ مكان أوصلوا قضيتنا، وتعرف في نفس الوقت أننا شكلنا عبر سنوات النضال الطويلة ضمير فتح وبؤرة الحفاظ على قراراها الوطني المستقل.

وإننا إذ نؤكد على هذه الحقيقة نعاهد كل المناضلين في حركتنا وفي الساحتين الفلسطينية واللبنانية أن نظل على الأصالة النضالية التي هي رأسمالنا، نرفع صوتنا عاليا، لا تبعية ولا وصاية، ولا احتواء، ونرفع بنادقنا شامخة من أجل حماية ثورتنا وصون قضيتنا.

وثورة حتى النصر.

القيادة العامة لقوات العاصفة

1/حزيران/1983

= = =

المصدر: مجلة «الحقيقة». العدد الأول: 9/1983.

::


::

6. التعميم 6: رد على حملة التضليل

حركة التحرير الوطني الفلسطيني

القيـادة العامة لقوات العـاصـفة

تعميم إلى كافة الوحدات والأجهزة والأقاليم «6»

أخي يا ابن فتح

أيها الإخوة المناضلون في قوات العاصفة

نظرا لحملة التضليل الواسعة التي يشنها البعض في قيادة الحركة ضد تحركنا من خلال أجهزة إعلامه والأجهزة الإعلامية الرجعية والكثيرة، التي وظفت لخدمتهم، نجد من المفيد أن نطرح الحقائق كما هي وأن نعود للتأكيد على بعض ما كنا قد أوضحناه.

منذ أن بدأنا تحركنا الاحتجاجي ضد القرارات التنظيمية والتشكيلات العسكرية الانشقاقية التي كانت تمهد لسحب قوات الثورة من لبنان، ومنذ أعلنا مطالبنا التي أجمع كل الفتحويين وكل المناضلين على الساحة الفلسطينية أنها مطالب عادلة وأساسية، وأن تحقيقها يشكل البداية الصحيحة لمعالجة كافة المعضلات السياسية والعسكرية والتنظيمية التي تعاني منها الحركة والثورة الفلسطينية.

إلا أن الذين يتوجب عليهم تلبية هذه المطالب وقفوا موقفا لا يمت إلى الشعور بالمسؤولية بصلة، وكشف عن عجز فاضح وقصور عن فهم طبيعة المرحلة، وطبيعة المتغيرات التي تمخض عنها زلزال بيروت، فبدلا من أن يعلنوا موقفا من المطالب لجأوا إلى المراوغة والمداورة، وقرروا في أول الأمر أن لا حوار في ظل البنادق، ولجأوا إلى تصغير حجم تحركنا والتقليل من شأنه. ولما صدمتهم التطورات، وتبين لهم حقيقة الأمر، طلبوا محاورة الأخ قدري فقط، فأوضحنا لهم أن هذا أسلوب مرفوض، رغم أن تحركنا يستهدف في الأساس فتح أوسع أبواب الحوار حول مشاكل الحركة، أما مطالب التحرك فإنها تتطلب الإجابة عليها وليس الحوار مع واحد منا دون غيره، مما يعني إمعانا في التمسك بقرارات غير شرعية سبق أن اتخذتها اللجنة المركزية دون سند من النظام.

وخلال الحوارات الطويلة التي عقدناها مع كثيرين من الإخوة الذين تحركوا غيرة على مصلحة الحركة، أوضحنا لمن وافق على المطالب واعترض على الأسلوب أننا لجأنا إلى هذا الأسلوب بعد أن قـصـّرت اللجنة المركزية والمجلس الثوري عن القيام بمهماتهما الأساسية، وسمحا بالخروج على النظام الأساسي والبرنامج السياسي، ومن ثم الدخول في المحرمات، وبعد أن استنفدنا كل الوسائل في اللجوء إلى الأطر. وذكّرناهم بالمذكرة التي تلاها الأخ العقيد أبو موسى في المجلس الثوري الذي انعقد في عدن يوم 27/1/1983، والتي كان واضحا أنه يتلوها باسمنا جميعا والتي سجل في بدايتها انعدام أيّ تقييم لما جرى قبل وأثناء وبعد حصار بيروت، والتي اقترح فيها نفس الطلبات التي هي محور تحركنا، ثم طالب المجلس الثوري بالتحضير لعقد مؤتمر طارئ قبل المجلس الوطني الفلسطيني إذا لم يكن ممكنا الأخذ باقتراحاته، وإلا فإنه يحذر من عواقب هذا الأمر. وختم بقوله (ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد). وذكرنا الجميع أن بعض القيادة في فتح، بدلا من أن تأخذ مذكرة الأخ أبو موسى بعين الاعتبار، أقدمت على فصل الأخ أبو صالح من عضوية المجلس الوطني، ومنع الأخ قدري من الحديث أمام المجلس الوطني، وطردت الأخ أبو أكرم من المجلس، واستمرت على النهج الذي جرى التحذير من مغبة الاستمرار عليه، حيث انخرط البعض بعد انعقاد المجلس الوطني في محادثات مشبوهة مع النظام الأردني على أساس الكنفدرالية، وكمدخل لتحقيق مشروع ريغان، وتمت الموافقة على اللقاء مع منظمة صهيونية جديدة هي (منظمة جنود الاحتياط من أجل السلام)، وقدمت دراسة تتحدث عن ضرورة التمييز بين صهيونية تقدمية وأخرى رجعية، وتم لقاء في هنغاريا مع وفد صهيوني ضم أفرادا من حزب العمل الصهيوني، وجرى الحديث عن الاستعداد لتمزيق الميثاق الوطني إربا إربا إذا قبلت إسرائيل التفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية.

ثم تلا ذلك تعدد الوسطاء والمخلصين وتوقفوا عند مطلبنا الداعي إلى مؤتمر عام طارئ، وتبين لنا أن البعض يعتقد أننا نطالب بانعقاد المؤتمر كنوع من التكتيك، وأرسلوا لنا مع الأخ معتمد الحركة في عدن أننا نخسر لو انعقد المؤتمر، وأكدنا ثقتنا بأعضاء المؤتمر وأننا نصر على الاحتكام إلى مؤتمر طارئ، فذهب وعاد إلى محاورتنا يوم 18/5/1983، حيث وافقنا، كما اقترح علينا، أن ينعقد المؤتمر الطارئ في عدن يوم 1/6/1983. وفوجئنا بدلا من إعطاء إشارة البدء في الإعداد لعقد المؤتمر الطارئ بتعميم لا يترك اتهاما إلا ويلصقه بنا، وتلا ذلك صدور قرارات عن عدد [من] أعضاء اللجنة المركزية، مثلت قمة المراوغة والتضليل، ورافقها إشاعات أن اللجنة المركزية قدمت تنازلات هامة في قراراتها المذكورة، وأنها تتضمن الموافقة على عقد مؤتمر طارئ. والحقيقية أن القرارات تضمنت فقط دعوة المجلس الثوري للانعقاد على أساس جدول أعمال يتضمن بنودا كثيرة من بينها مسألة الدعوة لعقد مؤتمر عام عادي وليس مؤتمرا طارئا. ومعروف أن المؤتمر الطارئ ينعقد بنفس الأعضاء القدامى ويتم انعقاده بالسرعة، ويخصص لدراسة الإشكال القائم الذي ينعقد المؤتمر لمعالجته فقط. أما المؤتمر العادي، فإنه ينعقد بتركيب جديد (من ضمن ذلك التشكيلات العسكرية الأخيرة) ويكون على جدول أعماله قائمة طويلة من المواضيع السياسية والعسكرية والتنظيمية والمالية والإعلامية والشؤون الاجتماعية والانتخابات وغيرها، حيث يضيع الإشكال المطروح ولا يعطى الاهتمام اللازم وتنصرف الأذهان إلى مسائل أخرى.

وجميعنا يتذكر أن تلك القرارات تضمنت عزلا لخمسة من الإخوة الذين قادوا التحرك ووضعهم في إمرة القائد العام، ومنع الجميع من أيّ اتصال بهم تحت طائلة المسؤولية.

لقد أثبتت قرارات اللجنة المركزية المذكورة زيف ادعائهم حول الاستعداد لحل الإشكال، وعكست عنادا يتذرع بهيبة البعض في اللجنة المركزية، حتى لو كان هذا على حساب المصلحة الوطنية، مما دعانا إلى إيجاد متغيرات على أرض الواقع، أجبرتهم أن يصيخوا السمع لصوت الحقيقة، ولكنهم لجأوا إلى أسلوب جديد من المداورة، بدا وكأنه يحمل استعدادا للتنازل، حيث أرسلوا مع الوسطاء أنهم على استعداد للحوار وأنهم يقترحون أن يدخل اثنان من أعضاء اللجنة المركزية منهم في حوار مع اثنين من أعضاء اللجنة المركزية منا وتنازلوا عن الإصرار السابق باقتصار الحوار على واحد منا فقط دون الآخر، فقلنا لهؤلاء الوسطاء إن هذا يقلب منطق الأمور، وإن هذا يشكل دعوة للدخول في حوار مجهول النتائج مع اثنين من أعضاء اللجنة المركزية نعرف أن ليس في أيديهم ما يمكنهم من وضع حلول لمشاكل الحركة، وإنهما سيجلسان معنا، يشكوان كما نشكو، ويشخصان مشاكل الحركة كما نفعل، وسيطول الحوار مع (الشُطّار) في فن المراوغة إلى أن يقولوا إن المطالب صعبة وغير ممكنة. وحين نصل إلى هذه النتيجة سنجد أن مصداقيتنا قد ضربت، وسيتسلل الشك إلى الكثيرين حول مدى إصرارنا على تصحيح المسيرة وتقويم الانحراف. وحين ذاك لن يغفر لنا أحد سذاجتنا ووقوعنا في شِباك المراوغين. وقلنا لهم إنهم إذا كانوا حسني النية فليعلنوا موقفا من المطالب كلها ولا سيّما أنهم يقولون إنها مطالب عادلة ومحقة وغير مختلف عليها، وعند ذلك ندخل في حوار حول كيفية تطبيق هذه المطالب، وحول التركيب البشري الذي سيتحمّل حماية تطبيق هذه المطالب، إذ ليست القضية أن يكون هناك إعلان سياسي يوافق على المطالب، ويعلن الالتزام بها فحسب، وإنما لا بد من يؤمن به في مواقع التطبيق، فبرنامجنا السياسي يشكل قمة في الصحة والوضوح، ولكن التركيب البشري الذي أنيط به السهر على تطبيق هذا البرنامج لم يكن مؤمنا به ولا حريصا عليه، بل كان يعمل على منع تعميمه وتطبيق كل ما يتناقض معه.

ولا شك أن أكثر ما أقلق الذين اتبعوا أسلوب تصغير حركتنا والتقليل من شأنه هو أن تحركنا قد شكّل بالنسبة للجماهير الفلسطينية، داخل وخارج الأرض المحتلة، بصيص الأمل الوحيد وإرادة التحدي الأولى في مواجهة المشروع الأميركي الذي يستهدف إبادة شعبنا وسحقه وتصفية قضيته، فعبرت عن تأييدها والتفافها بأشكال متعددة، أسقطت كل أساليب التضليل والتخريب التي مورست عليها. ولم يستطع المال (الذي أخذوا يوزعونه دون حساب على كل من هبّ ودب، انسجاما مع الفهم المنحرف لوظيفة المال كأداة إفساد مبرمج) أن يغير الحقيقة التي أخذت تصفع المنحرفين والمفسدين، وهو أن تحركنا الثوري أصبح بالنسبة لكل المناضلين والشرفاء بمثابة الفرصة التاريخية لتصحيح مسار الثورة، ومناسبة غير عادية أشبه بمؤتمر عام طارئ، وحقيقي، يعقد على أرض الواقع ويشارك فيه كل أبناء الحركة والثورة الفلسطينية ويناقشون كل مشاكل الثورة، ويقررون الحلول الصحيحة لمعضلاتها ومشاكلها.

أخي يا ابن فتح

أيها الإخوة المناضلون في قوات العاصفة

بعد أن تأكد البعض أن المشكلة تتسع، وأنها تجاوزت حدود القوات إلى الأجهزة والتنظيم، وهالهم عجزهم عن تحريض أيّ مناضل حقيقي وتوجيهه لإحداث الاقتتال بين الإخوة ورفاق السلاح، لجأوا إلى تكثيف أكاذيبهم واتهاماتهم، وإلى مضاعفة إنفاق الأموال الطائلة لشراء الذمم والضمائر، وبشكل هستيري وقاموا بحشد عدد من المدسوسين على قوات العاصفة، والهجوم على مواقعنا، وكانت النتيجة أن ارتد كيد المدسوسين إلى نحورهم، وانضم عدد من المغرّر بهم إلى صفوف قواتنا، وفوّتنا الفرصة عليهم لإسالة الدم الفلسطيني واللبناني، وتحميلنا المسؤولية عن ذلك.

ويبدو أنهم انساقوا وراء حملاتهم المريضة، وأنهم صدقوا ما وجهوه لنا من اتهامات بالتبعية لهذه الدولة أو ذاك التنظيم، فقاموا بدلا من مواجهة الأزمة بروح المسؤولية بإدارة الظهر لها، ولجأوا إلى الأنظمة العربية، وشنوا علينا من خلالها حملة استقواء واسعة، معتقدين أنهم بذلك سينجحون في إجهاض تحركنا، وتطويق الظاهرة الثورية التي حركت الأمل في نفوس الأعضاء والجماهير. ولم تتوجه حملة الاستقواء بالأنظمة للضغط علينا مباشرة، وإنما توجهت بالضغط انسجاما مع الخطة الساذجة والخبيثة التي اتبعوها في اتهامنا [بالتبعية] إلى سوريا وليبيا، اعتقادا منهم أن هذا هو الأسلوب الناجح لمعالجة الأزمة وتخليصهم من مأزقهم.

إن القيادة العامة لقوات العاصفة، وهي تقود نضالا ينبثق من الأصالة النضالية التي تربينا عليها في فتح، ومن كبرياء قرارنا الوطني المستقل، الملتزم بالكفاح المسلح وبنضال الأمة العربية في مواجهة الإمبريالية وعملائها من صهاينة ورجعيين، تعلن للجميع، وخاصة لأولئك الذين راهنوا على أسلوب الاستقواء علينا بالأنظمة العربية، أن هذه الحملة قد فشلت وتبددت، وبعد أن ثبت للطاغين [للضاغطين؟] استحالة الضغط على من يمسك بالموقف الصحيح، وبعد أن عرفوا حجم الأزمة وأبعادها وبعد أن أعربت سوريا وليبيا للضاغطين، أن لا شأن لهما بالأزمة الداخلية داخل فتح، وأن إقحام اسميهما أو الحديث عن دور لهما في تحركنا أسلوب خاطئ في معالجة الأزمة، ويمثل حركة التفاف خاسرة عليها.

أخي يا ابن فتح

أيها الإخوة المناضلون في قوات العاصفة

لقد حقق تحركنا الثوري أشياء كثيرة حتى الآن، ومن المحتم أن يظل الموقف على صلابته حتى تحقيق أهداف التحرك، ويكفي أن نشير إلى تصريحات المسؤولين الأميركيين في معرض تعليقهم على الأحداث داخل حركتنا فتح لنتأكد من الأبعاد الهامة التي أثارها تحركنا، (فقد أوضحت واشنطن أن الدول العربية المعتدلة تخشى أن تؤدي أزمة فتح إلى سيطرة المتطرفين، ووصف نيقولاس فيليوتيس مساعد وزير الخارجية الأميركية حركة المعارضة بأنها مسألة خطيرة). كما صرح فيليوتيس نفسه أن الولايات المتحدة ستعيد النظر في سياستها الشرق أوسطية، وأشار إلى أن بعض الفلسطينيين المتورطين ليسوا قادرين أن ينخرطوا على ما يبدو في خطوات السلام الأميركية.

أما فيليب حبيب [فقد] (حذر من أن نجاح التمرد داخل حركة فتح سيعني عودة المقاومة الفلسطينية إلى ما وصفه بسياسة التطرف والتشدد والإرهاب). وقال «إن المنظمة ستعود لتلك السياسة في حال تولي الجناح المتطرف زمام الأمور داخلها». وأكد في مكان آخر (أن هذا الأمر يعتبر مسألة مضرة بعملية السلام الحالية التي ترعاها الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط).

أما نحن فنقول ونؤكد بأننا عطّلنا خطة انسحاب قوات الثورة من لبنان، مما سيؤدي إلى منع العودة إلى مشروع الاتفاق الأردني-الفلسطيني، القائم على أساس مشروع ريغان والذي عُـلّق التوقيع عليه مؤقتا، وإلى [منع] تنفيذ اتفاق العار الكتائبي-الصهيوني في لبنان، إذ لا حياة لمشروع ريغان، ولا حياة لاتفاق شولتز إذا ظلت قوات الثورة في لبنان.

أخي يا ابن فتح

أيها الإخوة المناضلون في قوات العاصفة

من أجل فتح ووحدتها تحملنا الكثير، وحرصا منا على وحدة الحركة ووحدة جهدها حجبنا عن الجميع تفردنا بقرار القيام بالعمليات العسكرية ضد العدو الصهيوني فوق الساحة اللبنانية والأراضي الفلسطينية المحتلة. إننا نؤكد لكم وللمرة الأولى قيامنا بالجهد الأكبر للعمليات العسكرية ضد الاحتلال إلى جانب المقاومة اللبنانية والقوى الفلسطينية التي تؤمن باستمرار الكفاح المسلح، واستمرار وجوده فوق الساحة اللبنانية.

إن الغالبية العظمى من العمليات العسكرية التي شهدتها الساحة اللبنانية هي من جهد قوات العاصفة والتنظيم المسلح فوق الساحة اللبنانية، اللذين يشكلان الأساس المتين للانتفاضة الثورية داخل الحركة، بما تهدف إليه من حشد للطاقة الوطنية المهدورة ودفعها في مسارها الثوري.

وإننا نعاهد كل أبناء الحركة ومناضلي الثورة الفلسطينية وجماهيرنا بأن يستمر الكفاح المسلح ويتصاعد، وأن نظل ثابتين على مطالبنا، وألّا نخضع لأي ابتزاز أو مساومة، وأن تظل قوات الثورة في لبنان متلاحمة مع القوى الوطنية اللبنانية المقاومة للاحتلال، ومع القوات العربية السورية المصممة على إحباط المشروع الإمبريالي-الأميركي ضد أمتنا العربية بدعم من حلفائنا في المنظومة الاشتراكية وفي مقدمتها الاتحاد السوفيتي الصديق. وثورة حتى النصر.

القيادة العامة لقوات العاصفة

16/6/1983

= = =

المصدر: مجلة «الحقيقة». العدد الثاني: 10/1983.


توثيق المقتطفات من الكتاب في الهوامش (أسلوب شيكاغو):

النسخة الورقية:

1. عدلي الهواري (محرِّر)، حركة فتح 1983: الانتفاضة/الانشقاق: التعاميم والبيانات الأولى (لندن: عود الند، 2023)، ص - -.

توثيق النقل من الموقع:

يحذف من التفاصيل أعلاه رقم الصفحة، ويضاف إليها رابط الصفحة المنقول منها.

توثيق الكتاب في قائمة المراجع:

الهواري، عدلي (محرِّر). حركة فتح 1983: الانتفاضة/الانشقاق: التعاميم والبيانات الأولى. لندن: عود الند، 2023.

عنوان الكتاب يكتب بخط مائل أو يوضع تحته خط.

فتح 1983: بيانات الانشقاق/الانتفاضة

بحث