كتاب فتح 1983: بيانات الانشقاق/الانتفاضة
ترحيب بالتأييد وشرح أسباب التحرك
2. التعميم 2: ترحيب بالتأييد وشرح أسباب التحرك
حركة التحرير الوطني الفلسطيني
القيـادة العامة لقوات العـاصـفة
تعميم إلى كافة الوحدات والأجهزة والأقاليم «2»
أخي يا ابن فتح
أيها المناضلون في قوات العاصفة
لقد هزنا من الأعماق التأييد العارم الذي لقيه تحركنا من قبل أبناء الحركة في الوحدات والأجهزة والأقاليم، وعزز إيماننا بأننا نتحرك في الاتجاه الصحيح من أجل حماية فتح ووحدتها وتماسكها، وترسيخ دورها طليعة للثورة، وضمانة للوحدة الوطنية الحقيقية، وعقبة كأداء في وجه المخططات الإمبريالية-الصهيونية-الرجعية، الرامية إلى ضرب ثورتنا وتصفية قضية فلسطين.
ولقد تفهمنا بعمق الموقف المسؤول الذي وقفه بعض الإخوة الذين انفعلوا بتحركنا فجاؤا من موقف الحرص والالتزام يعربون عن مشاركتهم لنا في فهم الأسباب التي دفعت إلى تحركنا وأبدوا تحفظا على الأسلوب الذي اتبعناه، وطالبوا باللجوء إلى اللجنة المركزية والمجلس الثوري لمعالجة الموقف وإلغاء القرارات التي استهدفت شق فتح وتصفية قواتها (العاصفة) وكانت آخر أسباب تحركنا.
وكان ردنا واضحا بأن تحركنا يستهدف فيما يستهدف رد الاعتبار إلى اللجنة المركزية والمجلس الثوري، اللذين فشلا في ممارسة دوريهما كإطارين قياديين، وبعد أن اعتُدي على صلاحيتهما وفُرضت عليهما مواقف خطيرة، شكلت خروجا على نظامنا الأساسي ومخالفات لبرنامجنا السياسي، واللذين اهتزت شرعيتهما منذ سمحا بالاعتداء على الشرعية الأم، التي يستمدان منها الشرعية، وهي شرعية البرنامج السياسي والنظام الأساسي.
ولقد أبلغنا هؤلاء الإخوة أن كثيرا من جلسات اللجنة المركزية انتهت بالفشل وبالخلافات لأن البعض فيها، أصر، وما يزال، على رفض لائحة داخلية للجنتكم المركزية، تضبط أعمالها ونشاطاتها، كما ينص النظام الأساسي، مما أدى إلى التسيب والفوضى والانفلاش، وإلى ما نجم عنها من انتكاسات وتراجعات أفقدت اللجنة المركزية كل قدرة لديها للقيام بواجباتها ومسؤولياتها، وسمحت —كنتيجة حتمية لإلغاء دور اللجنة المركزية والمجلس الثوري— بتفرد فرد يساعده أفراد في اتخاذ قرارات خطيرة ومصيرية تمس أمن قضيتنا، وتهدر نضالات شعبنا، وتقوّض قوانين الصراع مع العدو.
ولم يفاجأ هؤلاء الإخوة حين أبلغناهم أنه لا اللجنة المركزية ولا المجلس الثوري وافق على مشروع فهد (قرارات فاس) ولا على الدخول في حوار مع النظام الأردني على أرضية مشروعه الرامي إلى تطبيق مشروع ريغان، ولا على إقامة علاقات مع نظام حسني مبارك، ولا على مقابلة الصهاينة سرا وعلنا، ولا على بقاء قواتنا مشتتة، ولا على وجود قيادات الحركة تتنقل بين المنافي. ولم يعترض هؤلاء الإخوة على حكمنا بأن اللجنة المركزية والمجلس الثوري، اللذين اكتفيا، كأطر، بالحصول على علم وخبر بكل هذه المواقف والقرارات الخطيرة، أعجز من الوقوف في وجه القرارات الانشقاقية والانقلابية الأخيرة والتي جاءت استكمالا لما اتخذ من قرارات سياسية خطيرة.
ولقد شرحنا لهؤلاء الإخوة أن ما ذكر عن موقف اللجنة المركزية من مشروع الاتفاق الأردني-الفلسطيني والذي جاء على أساس مشروع ريغان، وعُلق التوقيع عليه في آخر لحظة إنما كان لأن المنفردين بالقرار أحسوا بأن المعطيات السياسية والعسكرية عربيا وفلسطينا، وخاصة في فتح، لا تسمح باتخاذ خطوة على هذا القدر من الخطورة، وليس لأن اللجنة المركزية تملك دورا مؤثرا في الأحداث، إذ لو كانت المعطيات تسمح بتنفيذ الاتفاق، لتم التوقيع كما جرت العادة، ووُضعت اللجنة المركزية تحت الأمر الواقع. وهذا هو الذي دفع الرئيس ريغان إلى تهديد حملة البنادق المعرقلين لمخططاته، وأنه لن يسمح للراديكاليين الفلسطينيين بتخريب مساعي (السلام) الأميركية.
وشرحنا لكل الإخوة الأبعاد السياسية الخطيرة للقرارات التي اتخذت، وإنها إضافة إلى كونها تشق فتح وتصفي قواتها (العاصفة) وتشكل انقلابا عسكريا وتنظيميا، وتسمح باستفراد فئة معينة بقوات الثورة دون جميع الفصائل، تشكل البداية التي لا بد منها لفرض موقف سياسي معين في فتح تمهيدا لفرضه على كل الساحة الفلسطينية، ولإضعاف الموقف العربي الوطني المناهض للمخططات الأميركية ضد قضيتنا الفلسطينية ووطننا العربي. لذلك، وانسجاما مع فهمنا لتأثير اللجنة المركزية والمجلس الثوري، لم يبق أمامنا غير اللجوء إلى الأسلوب الذي اتبعناه من أجل تصحيح مسيرة الثورة على كافة الأصعدة، وهو أسلوب مشروع وصحيح حين يصر البعض على الإمعان في فرض ما يريدون على حركتنا وثورتنا وقضيتنا، خروجا على نظامنا الأساسي وبرنامجنا السياسي وإلغاء لدور مؤسساتنا ومنظماتنا القيادية، وخلافا لكل ما هو مشروع وصحيح.
أخي يا ابن فتح
أيها الإخوة المناضلون في قوات العاصفة
إن الذين فزعوا من حجم الالتفاف والتأييد الذي أظهره أبناء الحركة للأسلوب الذي اتبعناه وللأهداف النبيلة التي دفعتنا لوقف الانحراف في حركتنا والسعي لتصحيح الأوضاع فيها، يلجأون بدلا من التراجع عن أخطائهم، إلى نشر إشاعات وأباطيل تعكس مدى الرعب الذي أصابهم نتيجة الالتفاف والتأييد لموقفنا، فأخذوا يسربون إلى الإذاعات والصحف أن الأمور سويت وانتهت، وأن هذا القائد أو ذاك من الإخوة الذين قادوا تحركنا قد أعلن أنه يرغب في العودة عن دوره، وأن هناك انسحابا وتراجعات من المناضلين الثوريين عن موقفهم، وذلك لتغطية الحقيقة التي فاجأتهم وهي أن أحدا من الثوار الحقيقيين لم يبد استعداده للوقوف إلى جانبهم وتحمل مسؤولية أخطائهم، وارتفعت أصوات ثوار العاصفة ترفض الانصياع لأوامرهم، وتعلن تأييدها للمطالب التي أعلناها بوصفها مطالب كل أبناء الحركة، مما أحبط أيّ محاولة لإسالة الدم الفلسطيني، وللإساءة إلى تحركنا.
إن الحقيقة التي يحاول إخفاءها الذين ارتكبوا كل المخالفات والخطايا هي أن موقفنا يزداد وضوحا أمام أبناء الحركة، ويزداد تأييدهم له والتفافهم حوله، فأخذوا يشيعون اتهامات وأضاليل حول ارتباط تحركنا بهذا الطرف أو ذاك أو أن تحركنا لا ينبع من موقف فتحوي أصيل طالما قمعوه باسم الشرعية.
إن القيادة العامة لقوات العاصفة معنية أن توضح لكافة الإخوة في الوحدات والأجهزة والأقاليم أن طلقة واحدة لم تطلق رغم مرور ستة أيام على تحركنا، وأننا، من مطلق الحرص على كل نقطة دم، سنلتزم بعدم إطلاق النار مهما كانت الأسباب.
أخي يا ابن فتح
أيها الإخوة المناضلون في قوات العاصفة
إننا نناضل من أجل صون وحدة فتح، تنظيميا على أساس النظام الأساسي، وسياسيا على أساس البرنامج السياسي. وفي سبيل هذا الهدف نعلن:
= أن تحركنا يشكل بداية صحيحة لفرض إرادة القاعدة الثورية المنظمة عبر مؤتمر طارئ يعقد بأسرع وقت من أجل تخليص حركتنا من الواقع الفاسد الذي نعلمه جميعا، والذي تعاني منه الحركة وسمح للذين اندسوا على حركتنا أن يعملوا فيها هدما وفسادا وتمزيقا.
= أن تحركنا يستهدف أن تكون حركتنا هي التنظيم القائد لا أن تكون تنظيم القائد.
= أن تحركنا يستهدف تطبيق المركزية الديمقراطية، حسب نظامنا الأساسي، وخاصة القيادة الجماعية.
= أن تحركنا يستهدف أن تكون قرارات المؤتمر العام هي الخط السياسي للحركة، وهي وحدها الجديرة بالاحترام والتطبيق.
= أن تحركنا يستهدف إسقاط القاعدة التي تجعل التحكم في قرار صرف المال هو المتحكم في القرار.
= أن تحركنا يستهدف صيانة القرار الوطني المستقل لأن حركة قوية متماسكة مقاتلة تسير على خط سياسي واضح هي التي تستطيع أن تصون استقلالية قرارها، بينما لا تستطيع حركة ضعيفة متفككة يحكمها فرد أو أفراد دون التزام بخط سياسي، أن تصمد في وجه الوصاية أو التبعية أو الاحتواء.
= أن تحركنا يستهدف رد الاعتبار للفدائي الذي كان رمزا لكل ما هو مشرق ومفرح ونبيل، فطمس نضالاته وتضحياته وعذاباته أولئك الذين نُصّبوا قادة عليه رغما عن إرادته، فكان همهم التهريب والمضاربة وتجارة الذهب والفضة.
= أن تحركنا يستهدف الوفاء لتضحيات جماهيرنا لكي يشكل الرافعة المطلوبة لمعنوياتها، ولكي تستأنف الثورة الشعبية المسلحة طريقا وحيدا وحتميا للتحرير.
أخي يا ابن فتح
أيها الإخوة المناضلون في قوات العاصفة
إن مهمتكم اليوم أن تحموا ثورتكم، وأن تشدوا قبضاتكم على بنادقكم، وأن تقفوا إلى جانب القوى الوطنية اللبنانية المناضلة التي قررت أن تصعد نضالها لإحباط اتفاق العار الذي عقد مع العدو الصهيوني. إنها ساعة الانتفاضة في وجه التراخي والتفريط. إنها ساعة الثورة.
= لترتفع بنادقنا موحدة مع البنادق الوطنية الفلسطينية والعربية لمقاتلة العدو الصهيوني والإمبريالي.
= لتتعزز ثقتنا بعدالة قضيتنا وبحتمية انتصارنا.
= ولترتفع أصواتنا عالية: ثورة، ثورة حتى النصر.
القيادة العامة لقوات العاصفة.
= = =
التاريخ المرجح لهذا البيان 15/5/ 1983. يرد في البيان أنه يصدر بعد ستة أيام من بدء التحرك الذي انطلق يوم 9/5/1983.
= = =
المصدر: مجلة «الحقيقة». العدد الأول: 9/1983.
::
::
3. التعميم 3: تجديد المطالب بتصحيح المسار
حركة التحرير الوطني الفلسطيني
القيـادة العامة لقوات العـاصـفة
تعميم إلى كافة الوحدات والأجهزة والأقاليم «3»
أخي يا ابن فتح، أيها الإخوة المناضلون في قوات العاصفة
مر اثنا عشر يوما منذ أعلن بعض إخوانكم في قوات العاصفة احتجاجهم العالي الصوت على القرارات التنظيمية والتشكيلات العسكرية الانقسامية بعد أن يئسوا من إمكانية نهوض اللجنة المركزية والمجلس الثوري بمسؤولياتهما، وبعد أن فقد هذا الإطاران القياديان أية قدرة على مواجهة التفرد والتسلط والانحراف، وبعد أن استغل من أصدر القرارات دقة الموقف والتوقيت لإصدار قراراته التي استهدفت إقصاء فريق من المناضلين المعروفين عن مواقعهم كخطوة لا بد منها لضبط الساحة الفلسطينية ومنع أية محاولة لعرقلة المشروع الأميركي الذي يستهدف تصفية قضيتنا وثورتنا.
ولقد ناضلنا، خلال الأيام الماضية، بإخلاص كبير لكي يكون موقفنا واضحا لكل فتحوي مخلص، ولكل من يسعى لمعرفة الحقيقة، وأكدنا التزامنا المطلق بالشعارات التي أطلقناها منذ بداية تحركنا:
= التمسك بوحدة فتح، قواتها وتنظيمها.
= مقاومة كل دعوات الانشقاق، ومظاهره، وعلى رأسها القرارات والتشكيلات الأخيرة.
= منع الاقتتال بين الإخوة ورفاق السلاح، مهما كانت الأسباب.
كما التزمنا، انطلاقا من الشعور الكامل بالمسؤولية، بعدم اللجوء إلى وسائل الإعلام، واكتفينا بمخاطبة الوحدات والأجهزة والأقاليم، عبر تعاميم داخلية تشرح موقفنا وتوضح أهدافنا، وتحبط الأغراض التي سعى إليها البعض دون الشعور بالمسؤولية، والتي استهدفت الإساءة إلى تحركنا، عبر تصويره بأنه مرتبط بتلك الدولة أو ذاك التنظيم، أو عبر تصويره بأنه يقتصر على هذه الفئة أو تلك من أبناء فتح.
وأعلنا مطالبنا، وأوضحنا أن انعقاد مؤتمر عام طارئ يدرس أوضاع الحركة، ويضع الحلول الجذرية لمشاكلها، يمكن أن يكون طريقا حقيقية لفرض إرادة القاعدة، ووضع الأمور في نصابها. واستمعنا إلى كافة الإخوة الذين تحركوا لإيجاد مخرج للأزمة، والذين ثـمّـنوا دعوتنا لعقد مؤتمر عام طارئ، وروح المسؤولية التي حكمت تحركنا، كما رفضوا المزاعم التي تشير إلى أن المسألة قد سُوّيت، أو أن بضع عشرات فقط، يقومون بها، ووافقونا بأن هذه المزاعم تكشف النوايا الحقيقية لأصحابها، والطريقة التي سيلجأون إليها لمعالجة الأزمة.
وفي يوم 18/5/1983، صدر تعميم من مقر القائد العام إلى الجميع، يثبت صعوبة المأزق الذي يعاني منه كاتبو التعميم والذي جاء بمثابة رفض صريح لفكرة عقد المؤتمر العام الطارئ كسبيل للخروج من الأزمة، وحاول تصغير تحركنا بعد أن شتم بعض الإخوان المشاركين فيه بالاسم وبأسلوب متدن.
كما حاول بطريقة تدعو للشفقة أن يقول إن تحركنا يأتي في خدمة مدير إذاعة لندن الصهيوني، وإنه يأتي في سياق حملة تشنها الولايات المتحدة على قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وربط تحركنا بإحدى الدول العربية، وبأحد التنظيمات الفلسطينية وشتم قياداتهما بنفس الأسلوب المتدني.
ولأن كل من في فتح يعلم من نحن، ويعلم في نفس الوقت من هم الذين يراهن عليهم من يحاول تشويه أهدافنا، فإننا لن نرد بنفس الأسلوب، وإنما سنرد من خلال تصعيد نضالنا من أجل أن تبقى فتح حركة الشعب الفلسطيني القادرة على تطهير صفوفها وتجديد ثوريتها وعلى لفظ الفاسدين والمشبوهين من داخلها، وبالشكل الذي يثبت أننا أمناء على تأدية واجبنا في تصحيح أوضاع فتح كخطوة أساسية لا بد منها لتصحيح الأوضاع في الساحة الفلسطينية كلها ومقدمة لتخليص حركة التحرر العربية من أزمتها الراهنة.
والقيادة العامة لقوات العاصفة معنية بأن توضح بأن الذين يتوجب عليهم الاستجابة إلى طلبات قاعدة فتح —قوات وتنظيم— يخطئون إذا أصروا على عدم الاستجابة إلى طلباتنا، أو استعاضوا عن تلبية المطالب بتوجيه الاتهامات، واللجوء إلى طرق ملتوية للتغلب على الأزمة.
أخي يا ابن فتح، أيها الإخوة المناضلون في قوات العاصفة
انسجاما مع الخطة الساذجة التي يعتقد أصحابها أن تصغير تحركنا، وتشويه أهدافه هو المدخل الأنسب لتطويق آثاره ولمنع القاعدة الفتحوية من النضال لفرض إرادتها ووقف الانحراف والتفرد، أخذوا يزعمون أن ما دفعنا إلى هذا التحرك هو خلاف على الصلاحيات أو على المناصب، متجاهلين الحقيقة الثورية الواضحة، وهي أن التركيب البشري لتنظيم ما يحدد هوية هذا التنظيم، وحقيقة أهدافه، وأن نوع الأشخاص الذين يتسلمون مواقع مؤثرة، وإن كان يمثل عملا تنظيميا في الظاهر، فإنه —في حقيقته— يمثل عملا ذا أبعاد سياسية هائلة التأثير، فإذا كنا نريد تحقيق أهداف الثورة من خلال بناء التنظيم الثوري والقوات الثورية، فإننا نكون صادقين حين نضع في المواقع المؤثرة من تثق القاعدة أنهم قادرون على تحمل تبعات النضال القاسي على طريق التحرير والثورة. أما إذا وضعنا في هذه المواقع من تعرف القاعدة أنه سيوظف موقعه طريقا للثروة وليس طريقا للثورة، وأنه سيستغل موقعه لإيجاد مركز قوة خاص له، عبر تقريب الأزلام والأقارب والتابعين، فإننا نكون غير مؤهلين للقيادة وغير أمناء على أهداف الثورة وغير أوفياء لدماء الشهداء. وفي حال الإصرار على بقائهم رغم رفض القاعدة لهم، فإن هذا يعني أن هناك أهدافا أخرى لا علاقة لها بأهداف الحركة المعلنة.
ولأننا ما زلنا نصر على أن يأخذ تحركنا الثوري أبعاده المعلنة، ولأننا نريد ممن يعنيهم الأمر أن يقلعوا عن أساليبهم الخاطئة، التي تحاول تصغير تحركنا وتشويه أهدافنا والتقليل من شأن طلباتنا، فإننا نجدد التأكيد على مطالبنا الستة الواردة في التعميم الأول، ونضيف إليها المطالب التالية:
1. استدعاء قوات الثورة الموجودة في المنافي للعودة فورا إلى ساحة الثورة، وفوق ساحة المواجهة.
2. وضع خطة عسكرية لقوات الثورة الفلسطينية، تشرك قوات (العاصفة) بدورها الأساسي، مع ما يستلزمه ذلك من حشد للإمكانيات ومن توجهات جدية وتشكيلات.
3. تشكيل لجنة ذات صلاحيات تشرف على أموال الحركة، وتوقف عمليات الإفساد والتخريب المبرمجة في جسم الحركة عن طريق المال، والتحقيق مع الذين أثروا على حساب الثورة والمقاتلين والشهداء.
4. الدعوة إلى مؤتمر عام طارئ للحركة لإيجاد الحلول المناسبة لكافة قضايا الحركة وعلى مختلف الأصعدة.
أخي يا ابن فتح
أيها الإخوة المناضلون في قوات العاصفة
إننا نعاهدكم على عدم التراجع عن مطالبنا، التي نعرف أنها مطالب كل أبناء فتح، والتي لم يكن لنا من دور إلا شرف إبرازها باسمكم، ونعاهدكم على عدم الخضوع للمساومة والابتزاز، حتى نحقق أهداف احتجاجنا المشروع، باعتباره المقدمة الضرورية لإصلاح أوضاع فتح تمهيدا لإصلاح الأوضاع في الساحة الفلسطينية، صعودا بالثورة على طريق النصر. وثورة حتى النصر.
القيادة العامة لقوات العاصفة
20/أيار/1983
= = =
المصدر: مجلة «الحقيقة». العدد الأول: 9/1983.
::
::
4. التعميم 4: رفض وضع ضباط بإمرة القائد العام
حركة التحرير الوطني الفلسطيني
القيـادة العامة لقوات العـاصـفة
تعميم إلى كافة الوحدات والأجهزة والأقاليم «4»
أخي يا ابن فتح
أيها الإخوة المناضلون في قوات العاصفة
لقد جاءت التطورات المتلاحقة التي شهدتها الساعات الأخيرة والتي أبرزتها التعميمات والبيانات والقرارات الصادرة، لتبرهن مجددا ما كنا قد أعلناه في تعميماتنا السابقة، من أن الإجراءات التنظيمية والتشكيلات العسكرية التي صدرت تشكل انقلابا تنظيميا وعسكريا في الحركة، وتعبر عن نهج انشقاقي، تمهد لترتيب أوضاع الحركة لتصبح أكثر انسجاما مع المشروع الأميركي الرامي إلى تصفية قضية فلسطين وإحكام القبضة الإمبريالية الأميركية على عموم منطقتنا العربية.
فلقد أقدم عدد من أعضاء اللجنة المركزية يوم أمس على إصدار بيان باسم اللجنة المركزية يعلنون فيه عن وضع عدد من الضباط المناضلين بإمرة القائد العام، أي إحالتهم إلى الاستيداع، وهم الضباط الذين يعرف كل المناضلين في حركتنا وفي الساحة الفلسطينية دورهم وصمودهم البطولي في بيروت والجنوب، وهم الذين يسهمون الآن في قيادة الاحتجاج الثوري على الإجراءات والتشكيلات الخاطئة والخطيرة التي صدرت مؤخرا، وفي الدعوة إلى إصلاح أوضاع الحركة وتطهير صفوفها من المنحرفين واللصوص والمشبوهين والمعتدين على تقاليد الثورة والنضال، وإلى تصويب مسارها السياسي ليكون منسجما مع مبادئ فتح وأهدافها وأسلوب نضالها وبرنامجها السياسي.
أما ما ترافق مع هذه القرارات الجديدة من دعوة المجلس الثوري للانعقاد لمناقشة أوضاع الحركة، وللتحضير لعقد مؤتمر عام، فليست أكثر من محاولة للتغطية على القرارات الجديدة التي جاءت مكملة لسلسلة القرارات الانقسامية، وتمعين في تسميم الأجواء داخل الحركة، وتحبط أيّ مسعى لعقد مؤتمر عام.
إن بعض أعضاء اللجنة المركزية، بقراراتهم التي أصدروها، يؤكدون رفضهم لأي حل للأزمة ينسجم مع مصلحة الحركة والثورة، ويمهدون لاتخاذ قرارات انشقاقية أشد خطورة، ويقومون بحركة التفاف ساذجة تنسجم مع خطتهم الداعية إلى تصغير تحركنا والرامية إلى عزل هذا التحرك ومن ثم احتوائه وتصفيته بعد أن فشلوا في استعداء ثوار العاصفة بعضهم على بعض.
لقد عمد أصحاب هذا النهج الانشقاقي، منذ الأيام الأولى لاحتجاجنا، إلى محاولة تصغير حجم تحركنا وإغراقه بحملة واسعة من الإشاعات والافتراءات والاتهامات الباطلة، ولكنهم كانوا يفاجئون، كل يوم، باتساع التأييد لتحركنا وبتعاظم التفاف أبناء فتح حوله، فلم يجدوا أمامهم إلا أن يصدروا قراراتهم الجديدة، مرفقة بإنذار إلى ثوار العاصفة بوضعهم تحت طائلة المسؤولية إذا أقدم أحدهم على الاتصال بأحد من الذين عبروا باحتجاجهم عن ضمير كل فتحوي مخلص.
إن الذين أصدروا القرارات الجديدة، والإنذار الذي ترافق معها، يقدمون برهانا جديدا على نهجهم الانشقاقي من خلال إحداث شرخ آخر في صفوف القوات والتنظيم، بإغلاق أبواب الاتصال والحوار بين أبناء حركة فتح، ولا ينسون بعد ذلك أن يتغنوا بالحرص على وحدة الحركة وعلى الحوار الديمقراطي داخل صفوفها.
إن هذه القرارات تكشف بوضوح كامل المأزق الذي يتخبط فيه أصحاب النهج الانشقاقي، كما تظهر خشيتهم من تواصل الوعي الثوري داخل حركتنا، من خلال إصدار الأوامر بوقف اتصال الثوار بعضهم ببعض تحت طائلة المسؤولية التي طالما طالبناهم باستعمالها ضد المنحرفين والمشبوهين واللصوص المعتدين على كرامة الجماهير.
إن من يمتلك الثقة بموقفه السياسي، وبصحة قراراته وإجراءاته، لا يخشى أن يتصل الثوار ببعضهم، وأن يتحاوروا فيما بينهم من أجل إيجاد سبيل لخروج حركتهم من مأزق جاء نتيجة نهج خاطئ. أما الذين لا يستطيعون الدفاع عن موقف خاطئ، ويصرّون على فرض قرارات لاقت المعارضة الشاملة، فإنهم يعمدون إلى قمع الاتصال، ويحولون دون استمرار الحوار الأخوي الديمقراطي، لأنهم يعلمون أن كل أبناء فتح وكل المناضلين في قوات (العاصفة) أيدوا تحركنا ورفضوا إدانة احتجاجنا الداوي، وأبدوا التعاطف الكبير مع المطالب العادلة التي تعبر عن إرادتهم، ولكي يحولوا دون تضامن الجميع للإسهام في فرض إرادة القاعدة الثورية الفتحوية حفاظا على وحدة الحركة، وإحباطا للنهج الانشقاقي، والقرارات الانقسامية التي جاءت منسجمة مع تعليمات الدوائر الرجعية في بعض البلدان العربية للتخلص من كل المناضلين الثوريين في الساحة الفلسطينية المعارضين للمشروع الأميركي المعادي لثورتنا وقضيتنا.
أخي يا ابن فتح
أيها الإخوة المناضلون في قوات العاصفة
إن التطورات الأخيرة، وما شهدته حركتنا من قرارات جديدة تعيد الأمور مرة ثانية إلى جوهر المسألة السياسية والتنظيمية. إن لنهج الثورة والتحرير أدواته ورموزه، كما أن لنهج المساومة والتفريط أدواته ورموزه. إن من يريد النضال من أجل تحرير فلسطين لا يقوم بتعيين المنهزمين والمنحرفين والمدانين قادة على قوات الثورة، ولا يصر على بقاء هذه القوات مشتتة في الأقطار النائية، بعيدة عن ساحة الثورة، بعيدة عن جماهيرنا التي استفرد بها الصهاينة والفاشيون وأعملوا فيها قتلا وإذلالا وانتقاما. وإن من يتحدث عن رفض الاتفاق الصهيوني اللبناني وعن احتمالات نشوب الحرب مع العدو لا يقوم بنقل عدد من خيرة ضباطنا وكوادرنا إلى المنافي البعيدة، ولا يحيل إلى الاستيداع أولئك الذين أسهموا في صنع مأثرة البطولة والصمود في بيروت والجنوب.
إن هذا الإصرار الغريب على تنصيب أولئك الذين لفظهم شعبنا وأدانهم كل عضو في فتح وكل مقاتل في العاصفة وكل مناضل في الساحة الفلسطينية لأمر يدعو إلى التساؤل والارتياب.
وردا على المحاولة التي تسعى لتضليل الأعضاء والجماهير من خلال الإيحاء بأن القرارات التي صدرت عن اللجنة المركزية تعني تراجعا عن القرارات السابقة وأنها بداية إيجابية للخروج من المأزق، فإننا نؤكد وبعد قراءة متأنية لبيان اللجنة المركزية أنها لا تتضمن أية إيجابية لا تصريحا ولا تلميحا، فتشكيل قيادة جبهة تشمل جميع قوات الثورة الفلسطينية المتواجدة في لبنان وسوريا تعني مجرد استحداث تشكيل جديد دون إلغاء أيّ قرار من القرارات القديمة، فالعقيد أبو هاجم حسب تلك القرارات هو قائد الساحة اللبنانية، وهذا لا يتعارض مع التشكيل المستحدث. كما أن تعيين العميد أبو المعتصم قائدا لهذه الجبهة لا يحمل أيّ جديد إذ من قبيل تحصيل الحاصل أن يكون العميد أبو المعتصم، بوصفه نائبا لرئيس الأركان، قائدا لكافة القوات سواء كانت موزعة على ساحات أو جمعت في جبهة، في حين يتضح للجميع أن وضع الضباط الخمسة في إمرة القائد العام يشكل تصعيدا للموقف وعزلا لهم من مواقعهم.
أما الفقرة المتعلقة بالعقيد الحاج إسماعيل فقد جاءت خارج نصوص القرارات، وهي تقول حرفيا (وقد أوصت اللجنة المركزية أن يوضع الأخ العقيد الحاج إسماعيل بإمرة الأخ قائد الجبهة نائب رئيس الأركان) وهو كما نرى مجرد توصية، قد يؤخذ بها وقد لا يؤخذ ولا تعني قرارا.
وعليه فإن هذه القرارات لا تشتمل إلا على تغييرات شكلية لا قيمة لها، وتهدف إلى امتصاص الأبعاد السياسية والتنظيمية التي طرحها تحركنا الثوري وتصغير حجمها إلى مجرد سلوك عسكري لا انضباطي ولا جذور له في أعماق تنظيمنا وثورتنا ومنظماتنا الجماهيرية.
إن السؤال الأساسي المطروح الآن على كل المناضلين في حركتنا هو: كيف نحمي الثورة؟
كما أن القضية المركزية المطروحة في هذه الآونة على جدول أعمال كل الفتحويين هي «فتح» حركتنا التي انطلقت لتكون رأس الحربة في مواجه العدو الإمبريالي-الصهيوني-الرجعي والتي يراد لها أن تكون الجسر الذي يعبر فوقه المشروع الأميركي الرامي إلى تصفية قضيتنا وإحكام القبضة على وطننا، والمتمثل في مشروع ريغان وقرارات فاس ومشروع الكنفدرالية، وما رافق ذلك من اتصال مع نظام مصر كامب ديفيد، ومن لقاءات مع الصهاينة ودعوات للاعتراف بدولتهم.
هذا هو جوهر الصراع الدائر الآن في حركتنا وعلى امتداد ساحة النضال الفلسطيني والعربي، وهنا يتحدد بالضبط دور وموقع المناضلين والوطنيين المخلصين لقضية الشعب والثورة.
وإذا كان أصحاب النهج الانشقاقي يتحملون ما أصاب حركتنا وثورتنا من مصائب وانتكاسات، فإن كافة أبناء فتح يتحملون في هذه الساعة الحاسمة شرف المسؤولية لإنقاذ حركتنا وفرض إرادة قاعدتها للانطلاق بها مجددا على هدى منطلقات فتح وبرنامجها السياسي وفاء لفلسطين، وللشهداء، ومن أجل شرف ومجد أمتنا العربية.
أمام حملة التضليل والتشويه، وفي مواجهة خطة العزل والتصغير التي اعتمدها البعض لمواجهة احتجاجكم الداوي، تعلن القيادة العامة لقوات العاصفة:
1) أن العقيد أبو موسى، والعقيد أبو مجدي، والمقدم أبو رعد، والمقدم زياد الصغـيّـر، والرائد أبو عيسى، باقون في مواقعهم الثورية، ومستمرون مع باقي إخوانهم من الضباط والمناضلين الثوريين، في قيادة التحرك الثوري من أجل تصحيح مسار الثورة، ومنع استمرار الانحراف فيها، ومن أجل تصعيد الكفاح المسلح ضد العدو الصهيوني.
2) أن تحركنا الثوري باق ومستمر حتى تتحقق كافة المطالب من أجل حشد الإمكانيات لإفشال مشروع ريغان وكل المشاريع المشبوهة المكملة له، ومن أجل المساهمة في منع انضمام النظام الأردني إلى مفاوضات الخيانة مع العدو، ولمنع مشاركة فلسطينيين مع النظام الأردني في هذه المفاوضات، كما يريد البعض في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية.
3) أن تحركنا الثوري باق ومستمر حتى نزيل العوائق والعقبات التي تمنع إقامة جبهة وطنية فلسطينية حقيقية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، تتلاحم مع القوى الوطنية اللبنانية في نضالها لتحويل البقاع والشمال إلى قاعدة للنضال الوطني اللبناني كخطوة أساسية لدحر الاحتلال الصهيوني للبنان وإحباط اتفاق العار اللبناني-الصهيوني.
وعهدا للثوار أن يستمر النضال دون تراجع أو هوادة حتى يعود إلى فتح وجهها الثوري، وحتى تظل طليعة الثورة والكفاح المسلح من أجل تحرير فلسطين. وثورة حتى النصر.
القيادة العامة لقوات العاصفة
23/أيار/1983
= = =
المصدر: مجلة «الحقيقة». العدد الأول: 9/1983.
توثيق المقتطفات من الكتاب في الهوامش (أسلوب شيكاغو):
النسخة الورقية:
1. عدلي الهواري (محرِّر)، حركة فتح 1983: الانتفاضة/الانشقاق: التعاميم والبيانات الأولى (لندن: عود الند، 2023)، ص - -.
توثيق النقل من الموقع:
يحذف من التفاصيل أعلاه رقم الصفحة، ويضاف إليها رابط الصفحة المنقول منها.
توثيق الكتاب في قائمة المراجع:
الهواري، عدلي (محرِّر). حركة فتح 1983: الانتفاضة/الانشقاق: التعاميم والبيانات الأولى. لندن: عود الند، 2023.
عنوان الكتاب يكتب بخط مائل أو يوضع تحته خط.