هدى الكناني - العراق
أشلاء وردة ونصوص أخرى
عارية على جسد ورقة
ما أن تقع عيناي على ورقة حتى تغويني بأن ُأُعَرّى ذاكرتي على جسدها الأبيض الناصع، وأن تتهاوى كلماتي لتتوَسَدْ صدرها. أن تتخلى روحي عن أرديتها قطعة تلو أخرى لتبقى حقيقة حبك عارية إلا من توقٍ إليك، بالكاد يسترها.
أشلاء وردة
حين تعشق النساء، يعمدن إلى تقطيع أوصال وردة أو زهرة، متسائلات: "يحبني، لا يحبني؟" ما ذنب رقة وبراءة كهذه تُقطّع إلى أشلاء، لا لشيء إلا تساؤلاً ولهفة؟ أنا أعمد إلى إعداد الكثير من فناجين القهوة. أعشق كركرة ماءها ونحيب بخارها المضمّخ بعبيرها وهي طازجة كوردة بتول ما شم عبيرها أحد، أرتشفها فنجاناً تلو الآخر، هامسة مع كل رشفة بتساؤل عنك أو فكرة.
أقلبها لأقرأ خطوطها، علّني ألمح حرفك يحتضن حرفي أو أقرأ أسمك مزروعاً في قلب إحداهن. يا من تُحيل نظراتك رماد أيامي إلى جمرات متقّدة.
وسأظل اقرأها عسى يوماً ما، أقرأ في تضاريسها ارتواءاً لعطشي الدائم إليك.
تمرد الذاكرة
أنّى لي النسيان وألمي ينسكب من جراحاتي المعتقّة؟
أتحسس أنينها، فتتناثر كلماتي وتتدافع حتى الاختناق. لم تعد داري وشارعي تحتوي لهفتي إليك حتى مدينتي، أصبحت كقماط طفل لا يتجاوز طوله الذراع. ولوعتي دُنيا أطبقت على كل الأكوان وابتلعتها.
ما أن أطفئ نور غرفتي وأسدل جفنيّ لأغفو. تتمرّد ذاكرتي فترسل النيازك لتُشتعل نيراناً، يضُج بها فكري وتغرس حراباً نارية في قلبي، تصهره حنينا إليك.
لست أدري يا حبيبي مَنْ منا حظه عاثر أكثر من الآخر أنت أم أنا؟
أمتعة الرحيل
هيأت أمتعتي، أبغي الرحيل ؛ حبك الرابض في الذاكرة، روحي التي لا تكِّل تطلبك كمفطوم أتعبه الحنين إلى صدر أمه وقلبي. وضعتُ ذاكرتي في حقيبة يدي وروحي في حقيبة أخرى إلا قلبي، ما إستوعبته أكبر حقائبَ سفرٍ في العالم.
خارطة الحواس
أصختُ سمعي إلى ذلك الصمت الذي ما باحت به شفتاي، بل حنجرة قلبي و أوتاره الحسية، خلايا ضَجّت حنيناً وذاكرة أفرغت كل ما فيها من مشاهدٍ و أحداث وصور. تخليت عنها وأنا في كامل قواي العقلية. وادخرتُ لك قلماً تخط أنامله خارطة الحواس على شغاف القلب.
أشلاء حزني
لملمت شعثي وأقنعت حزني ليترك قلبي ودعوته لنعاقر خمر الفرح ونسافر، أخرجت قلبي من بين ضلوعي، حملته على كفي. أبحرنا في ذاك القارب الصغير المنسي، الذي يتهادى على صفحة بحيرة. أسرتني مويجات تقافزت برشاقة ولهو دلافين صغيرة، تبتعد مُكرْكرة عن خط سيره. أسكرني خمر هدوءها المعتّق ونسمات أرق من الحنان. رفع القمر سراجه وأنار طريقنا وفرشت النجوم ردائها الموّشى بغيمات لؤلئية. و أنا كعابد في صومعة، فَرِح بخلوته.
ما أرجعني إلى واقعٍ مرير كنت قد نسيته، إلا أنين قلبٍ، يتلوى تمرداً في كفي أجفل سكينة نفسي، فأرجعته إلى صدري، أوصدت قضبان ضلوعي عليه وطفقت أبكيه وأندب حظي.
◄ هدى الكناني
▼ موضوعاتي
6 مشاركة منتدى
أشلاء وردة ونصوص أخرى, إيمان يونس - مصر | 26 كانون الثاني (يناير) 2014 - 17:54 1
مجموعة نصوص فصيرة جدا بعنوانين مختلفة جمع بينهم لغة شاعرية ومشاعر راقية حزينة فى الكثير منها ،ويجيش بها الصدر ولا تجد سوى الورقة للبوح وتخفيف حدة ألم الذكرى ..تحياتى للكاتبة وأطيب أمنياتى
1. أشلاء وردة ونصوص أخرى, 29 كانون الثاني (يناير) 2014, 21:37, ::::: هدى الكناني من العراق
ايمان يونس من مصر
سيدتي
وما أوراقنا إلا بوح قلوبنا في أحزانها وافراحها.
اسعدتني تلك الكلمات التي سطرتها اناملك الرقيقة كحسك سيدتي.
اشكر مرورك وتقبلي مني كل الود والتقدير.
هدى الكناني
أشلاء وردة ونصوص أخرى, آيات محمد من العراق | 26 كانون الثاني (يناير) 2014 - 18:26 2
اشلاء وردة نص معبر .. والله يا ست هدى انتي افرغتي ما في قلبي في هذا النص و رسمت لوحةً قهوائيةً اللون والرائحة
سلمت اناملك الرقيقة
1. أشلاء وردة ونصوص أخرى, 29 كانون الثاني (يناير) 2014, 21:15, ::::: هدى الكناني من العراق
آيات من العراق
اليك ياعاشقة القهوة ، اقدم شكري وتقديري لكلماتك المعبرة وما كتاباتنا إلا انعكاس لاحاسيس انسانية ممكن ان يمر بها كل من له قلب ينبض حبا واملا .
اسعد الله ايامك عزيزتي
هدى الكناني
أشلاء وردة ونصوص أخرى, إبراهيم يوسف - لبنان | 27 كانون الثاني (يناير) 2014 - 12:25 3
هدى الكناني
حين تتخلى روحي عن أرديتها قطعة تلو أخرى
لتبقى حقيقة حبك عارية لا يسترها إلا توقي إليك.
هذا (ستريپ تيز) أدبي؛ مغرٍ وجميل
والقهوة فيها إكسير مشبع
يحرك الدورة الدموية ويرفع وجيب القلب
أما آيات محمد؛ فَلِمَ لم تقل: "ورسمتي لوحة" ما دامت تقول: أنتي وأفرغتي..؟
وإيمان يونس الكاتبة القديرة.. لِمَ لَمْ تقل: مجموعة نصوص قصيرة جدا بعناوين مختلفة جمع بينها..؟ نصوص: جمع تكسير، وليست جمع مذكر سالم. أرجو أن تكون هفوة مطبعيَّة فحسب.
تحيتي ومحبتي للجميع
أشلاء وردة ونصوص أخرى, سلطان سلطان من العراق | 27 كانون الثاني (يناير) 2014 - 20:27 4
اليك ياقلم الإبداع
باقة الورد ورائحة المسك
كلمات ينحني لها القلم
وتعجز عن وصفها الحروف
تحياتي لابداعك ولقلمك
ودمت في خير وسعادة
لا ينقطعان برعاية الرب....
خالص الود والاحترام...
1. أشلاء وردة ونصوص أخرى, 29 كانون الثاني (يناير) 2014, 21:09, ::::: هدى الكناني من العراق
سلطان سلطان من العراق
اسعدني مرورك وأطربتني كلماتك التي أهديتني أياه وذاك الحس الادبي الذي لمسته في كلماتك التي خطتها اناملك .
لك كل التقدير وامنية صادقة بان يسعد الله كل القلوب الصافية الصادقة.
هدى الكناني
أشلاء وردة ونصوص أخرى, احلام مهدي - العراق | 30 كانون الثاني (يناير) 2014 - 21:18 5
قرات كل ماكتبتي ياعزيزتي هدى ولااكتمك سراً فكلما قراتُ سطرا تشوقت لقراء السطر الذي بعده وفي نفس الوقت احن للسطر الذي قبله يالها من كلمات تلامس شغاف القلب وتثير المشاعر فهي تُعيدنا الى الماضي وذكرياته رغم مابها من الم ولكن نبقى نحن اليها وكما قلتي كالنيازك والشهب تطلق نيرانا لتحرك فينا هذا الحنين ،بحق اسعدتني كلماتك رغم مابها من مرارة والم ولوعة وفراق ،ارجو ان تواصلي ابداعك وتألقك كعهدي بكِ سلمت يداك .
1. أشلاء وردة ونصوص أخرى, 1 شباط (فبراير) 2014, 22:24, ::::: هدى الكناني - العراق
احلام مهدي عزيزتي ما ان أقرا كلماتك الغارقة في شوقٍ رقيقٍ يداعب حنايا القلب والوجدان ويحثنا لان نغرق اوراقنا في بوحٍ وأنين واحيانا أبتسامات خجولة معطرة بقطرات من الامل .دمتِ متذوقة لكتاباتي المتواضعة، وأنتم ياعزيزتي من تجعلونا نواصل العطاء .مرورك عطّر كلماتي باريج الرياحين.دمت .هدى الكناني
أشلاء وردة ونصوص أخرى, مهند فوده-مصر | 21 شباط (فبراير) 2014 - 15:05 6
كلما قرأت نصوصك القصيرة تلك, تمنيت أن أقرأ لكِ نص كبير (قصة قصيرة وليست قصيرة "جدا"), ربما يعود ذلك لان قِصر نصوصك تتركنا كقراء متلهفين لسطر أو سطرين زيادة, تعبيراتك رائعة , ولك تشبيهات مبتكرة غاية في الرقة ... دام لكِ النجاح والتوفيق