عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

هدى الكناني - العراق

غد سقيم ونصوص أخرى


وشم قرب القلب

وشمت أول حرف من اسمك قرب قلبي، فاعتزل الشعر وأبت القصائد النطق وأقسمت أن تُخاصم النثر ولن تبوح بشيء على الورق.

جرح ابتسامتي

خلف قناع ابتسامتي أجتر خيبات يومي، ولوعات أمسي وإخفاقات غدي الذي نكبته الحسرات وأرضعته الأنات وتحول نحيبه إلى عويل نجمة ثكلى، تندب قمراً غادرها وما عاد.

غد سقيم

أنى لي التعامل مع غد سقيم بأوجاع الذكريات، لا ينسى تفاصيل حزن أحاط ابتسامتي بأسلاك شائكة من شجن قديم أدمى القلب وشطب الغد من تقويم أيامي وأغرقني في دوامة الأبجديات؟

سلة عمري

أحوك سنواتي من صوف كلماتي، بصنارة قلمي، رداءً أُخبئه في سلة عمري كل سنة رداء، بلون وعبق مختلف وجرح أحمر قاني لا يتغير. وحين يبدأ بُعدك ينمو في شوقي ويضج القلب حنينا إلى وجهك، عينيك وكل تفاصيلك، أُخرج أرديتي من سلتي كبخيل يُمتِّع ناظره بثروته، لتراه ذاكرتي، تشمه وتتمرغ بعبقه حد الألم ثم تعيده إلى سلة ضجّت بأردية وألوان وأنين عبَّق الزمان والمكان.

لامست مرآه

ما أن لامست عيناي مرآه، حتى اعتصر القلب إشفاقا، هذا الهزال وتلك الحيرة في عينيه التائهتين المتوسلتين لحنان كان يرشح به قلبي زمان.

انتفض من سويداء القلب فحيح أفعى تردَّد صداها في زواياه، التهمت قلبي اغتصبت دماه، امتصتها كما المياه تمتصها رمال الصحراء، فأفرغت سماً زعافاً، ثم غرست أنيابها في عينيّ، فأطفأت فيهما نور شفقتي وأوقدت نيران شماتة يعربد شرارها كالبركان.

أنسيت يوم كنت لي سجانا وجلادا؟ يا من استوطنت القلب والروح والجسد وأفرغت فيها كل سموم أسلحتك وترسانة غدرك. ترى أين اختفت سطوتك وما حل بكل أسلحتك؟ يا من أحلت أيامي إلى خراب ودمار.

الآن صرت تستجدي حناناً؟ ومِن مَن؟ مِن التي عاملتها كالسبايا والإماء وما كان حلمها إلا أن تلوذ بدفئك كما يلوذ بعشه الحمام؟ كيف أعطيك ما حصدْته مني لسنوات؟ رياحين روحي، زهور مودتي وصباي وغرست بديلاً عنها أشواك ذل وحرمان، أطفأت أنوار قلبي وملأت جوفي قرحا ورملا وعلقما.

فوجئت أنك صُدِمت؟ ألم تأخذ ما كان سيجرى في الحسبان؟ ألم تضعه في أجندة القادم من الأيام؟

عزف منفرد على العود

عزفت على عودي بأوتار قلبي، فهل من مستمع لأنين عودي؟

كم أحتاج لكي أؤمن بأن كل شيء في الدنيا نصيب، لأدعك تغادر سويداء قلبي؟ عند رحيلك أخفيت لك خصلة من شعري تحت غيمة حبلى بالمطر، سوداء كشعري ونفحة من أنفاسي بين زهرتي كاردينيا ومانوليا، عسى إن شممتهما يختبئ شذاهما ويتردد مع رفيف رئتيك.

قد تذكرك بعطري، رعشة قلبي أسكنتها أوراق شجرة تُهدهدها النسمات، دمعتي غرستها على شفاه زهرة الفجرية وقمرا أوصيته أن يُرسل ظلي على صفحات "التايمز" حيث تكون، فهو مسافر أزلي مثلك، أما أنا فتسافر إليك الروح كل ليلة منذ سنوات.

ألا ترى إن كل حرف أخطه وكل كلمة أرسمها ينضح منهما شوقي إليك؟

أحبك سراً لا علناً، أيامي عُتقت بخمر انتظارك. سنواتي ملت عد بُعدك عنها كلماتي غصّت بدموع ترشح صبرا، لكنك ما قرأت يوماً ولا حرفا مما أكتبه لك وحدك.

أهو حظي العاثر، الذي لا يقود قلبك إلى حيث تناديك كلماتي؟ لست أدري.

آهات فراق

حين افترقنا هطلت دموعنا مدرارا، فَنَذَرْن الغيمات ألّا يتشِّحن إلا باللون الأبيض لا الأسود، كي لا ينزل المطر، كقُبلات يُمطرها حبيب على وجه الحبيبة لحظة لقاءٍ بعد طول فراق وحتى لا تغرس لوعتي أظفارها في جسدي.

قلبي كالناعور يُملأ ماءً رقراقا، ويصبه، ليسقي الأراضي العطشى وتبقى دلاؤه فارغة، جافة كشفتيّ، لفوران براكين قلب يئن للارتواء من فيض حبك.

جائعة أنا وأنت لرغيف عُجن بقطرات ندى زهور أحببناها، دموع أرقناها وحبات عرق بذلناها. نكهته زهر الليمون، خميرته أنفاس مُتخمة بقيلولة حب، مخبوز بغليان دمي حين اقترابك مني. أنا أختنق حبا، فلم لا تدعه يتنفس ولو بلقاء عابر؟

ألا تدري حين أغص شوقا إليك تنثال الكلمات حولي وتسحبني إلى قلب دوامتها لأجدني أهيم وَجْدا وحيدة، تعجز حروفي وكلماتي عن تصوير ما في داخلي من توق لرؤياك، فأتوسد صدر قصيدتي لأغفو، علني ألتمس طريقا لملامح وجهك ولو للحظات.

هل غاب عن ذهنك ما قلته لك: "حياتي من دونك مرآة متشظية تمزق قلبي؛ تٌريني حتى الجمالِ قبحا".

D 25 شباط (فبراير) 2014     A هدى الكناني     C 20 تعليقات

11 مشاركة منتدى

في العدد نفسه

كلمة العدد 93: حقوق المرأة في الغرب والشرق

النص القرآني وأنواع المتلقين

الرواية التاريخية: بين التأسيس والصيرورة

التّجديد في القصيدة العربية

أديب يحمل صندوق الدنيا