د. عدلي الهواري
عرض لرواية خلف الأبواب المقفلة
تستهدف رواية "خلف الأبواب المقفلة" لسماح إدريس الفتيان والفتيات في مرحلة الدراسة الثانوية التي تقرر مصير الاختيارات الدراسية الجامعية. وهي أيضا المرحلة التي يكون الفتى والفتاة عندها في المنطقة العازلة بين كون المرء شابا قادرا على اتخاذ قراراته، والتعامل معه كقاصر/ة.
والرواية أيضا عن هذه الفئة الشابة في عصر انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة فيسبوك، إضافة إلى برامج الرسائل والمحادثات المتوفرة على الهواتف الذكية.
لا تهدف الرواية إلى الوعظ أو رسم حبكات معقدة أو التشويق، بل هي عرض صور "سلايد شو"، يعطينا فكرة عن هذه الفئة الشابة في عصر الإلكترونيات.
والمسألتان الرئيسيتان في الرواية هما استكشاف الذات من خلال استكشاف الحب، واختيار التخصص الدراسي المناسب. والمعاناة في المسألة الثانية كبيرة لأن الاختيار يكون في أغلب الأحيان تلبية لرغبات الأهل، أو لأن بعض التخصصات ذات حظ أوفر في فرص التوظيف من أخرى، ولذا فالأهل يدفعون الطلبة نحو السعي إلى الحصول على معدلات تؤهلهم لدراسة الطب والهندسة وما شابه ذلك من تخصصات علمية.
أتوقع أن تروق الرواية الفئة المستهدفة، فهي رواية قصيرة (119 صفحة)، وشخصياتها وأحداثها مألوفة جدا، وكل شابة أو شاب في هذه الفئة العمرية سيشاهد نفسه إلى حد كبير في الرواية. وكثيرا ما تكون الأشياء العادية التي نمارسها كل يوم ملفتة للنظر عندما نجد من يعرضها لنا بالكلمات أو الصور أو الكوميديا التي بدأ الشباب يلجؤون إليها، وهي في العادة لقطات من الواقع.
ونظرا لهذه الأجواء، واللغة التي تمزج بين الكلمات الأجنبية الشائعة الاستخدام، ولغة عربية تمزج بين الكلمات العامية اللبنانية وفصحى يسيرة، سيكون من الممكن لأي شاب/ة من محبي القراءة بسرعة إكمال الرواية في ثلاث ساعات أو أربع. ومن يعتبر هذه الفترة الزمنية طويلة، يمكنه الاكتفاء بفصل أو فصلين كل يوم، فكل فصل يتألف من بضع صفحات.
تناقش الرواية مسألة الحب من خلال الشخصيات الفتية/الشابة، فكل مراهقة أو مراهق يفكر في هذا الأمر ويتمناه، وقد يخوض التجربة فعلا. وهكذا تطرح الرواية من خلال الشخصيات تعريف الحب، ومتى يكون ما نشعر به حبا، والحب من طرف واحد، واحتمال تغير المشاعر تجاه من نظن أننا نحبه عندما يحصل ابتعاد جغرافي.
والمسألة الرئيسية الأخرى هي الأداء الدراسي تمهيدا لدخول الجامعة، ومعاناة محب الأدب واللغة مع الرياضيات المضطر لدراستها إرضاء لوالديه ولدراسة تخصص كالطب والهندسة لزيادة فرص الحصول على وظيفة. وهذه المسألة تعيشها الأسر كل سنة عند اقتراب موسم امتحانات السنة الدراسية الأخيرة التي تسبق دخول الجامعة.
من خلال نقاش عبر سكايب بين فتى وفتاة، تنجح الفتاة في أقناع الشاب بعدم التردد في اختيار دراسة اللغة العربية بدلا من التعثر المتكرر في امتحانات الرياضيات التي يدرسها مكرها. بعد النجاح في إقناعه، تنضم إليه الفتاة في تغيير موضوع دراستها من المواد العلمية إلى الإنسانيات.
نتائج الامتحانات الرسمية التي تؤهل الطلبة لدخول الجامعة نادرا ما تأتي مطابقة لتوقعاتهم وأهاليهم، ولذا تتكيف الأغلبية مع الواقع فتختار التخصصات التي تتوفر من لغة عربية إلى تاريخ إلى شريعة. وبعض من لا يرضخ للأمر الواقع قد يختار الدراسة في الجامعات الخاصة أو إعادة الامتحانات في العام التالي على أمل الحصول على معدلات أعلى والتأهل للتخصص المرغوب.
ويختار بعض آخر السفر إلى دول عربية أو أجنبية، وفي مرحلة ما كان الذهاب إلى دول أوروبا الشرقية قبل انهيار الاتحاد السوفييتي شائعا. وحاليا يقصد أكرانيا كثيرون من الراغبات والراغبين في دراسة الطب. كما أن الدراسة في الولايات المتحدة والدول الأوروبية تستهوي الكثيرين رغم ارتفاع تكاليفها.
نجحت الرواية في إيصال فكرة أن دراسة اللغة العربية وغيرها من تخصصات غير علمية ليست عملا غير مجد. وقد اقتنعنا بذلك من خلال شخصية الشاب المبدع في الأدب المتعثر في الرياضيات.
ولكن استطيع أن أضيف إلى ذلك أن في الواقع حالات يكون فيها الطالبة أو الطالب متوفقا في كل المواد، ويحصل على معدل عال يؤهل لدراسة الطب أو أي تخصص آخر، ولكنه يفضل دارسة مادة غير علمية لأنه في الأصل ذو ميول أدبية، ولكنه ساير رغبات أهله فأثبت تفوقه. وبعد هذا البرهان، يحصل توافق مع الأهل حول دراسة التخصص الذي يريده. هذه حالات قليلة وتحتاج إلى والدين على قدر عال من المرونة، ولكنها حالات تستحق الإشادة بكل أطرافها.
الخلاصة إذن هي أن رواية "خلف الأبواب المقفلة" رواية سلسة، وتوصل أفكارها بدون وعظ. وسيكون من المفيد توفير نسخة إلكترونية منها لتمكن قراءتها (بعد شرائها) على أجهزة الهواتف الذكية والحواسب اللوحية، مع التأكيد على أن الراغبات والراغبين في القراءة السريعة لن يملوا إن هم قرروا اقتناء نسخة ورقية.
◄ عدلي الهواري: بحوث ومقالات وقصص
▼ موضوعاتي