نادية شيخة - فلسطين
حروف متراقصة
شعرت بالأسابيع الماضية وكأنها سنة كاملة. تراقصت الحروف على مسامعي، تأتي حينا وتذهب في حين آخر، تتمايل وتتحايل، كأنها طفل صغير يريد أن يلعب معي لعبة الغميضة.
كنت في البداية أجده بسرعة كبير فلم يكن يستطيع الهرب مني، أما الآن فقد أصبح بارعا جدا، لدرجة أني ابحث عنه كثيرا لكني لا أجده، فأمل منه واتركه مختبئا في انتظار مجيئي.
حاولت التحايل عليه، كأن أعطيه حبة شوكولاتة، أو علكة من نوعه المفضل، أو ما يشاء، لكنه دوما كان يرفض الفكرة، ويريد اللعب معي، فاستنتجت طريقة جديدة جعلتني ألملم كل أوراقي وانظر إلى الماضي بحده وأسترجع سرعة بديهتي للإمساك به أينما كان مختبئا.
أعتقد أني بدأت أفهم أني أنا من تخلّى عن الكتابة وليست هي من تخلى عني. شعرت منذ مدة قصيرة بإحباط شديد، وأمل معدوم، واكتئاب حاد، لا أعلم السبب، لكن كل ما أعرفه أن مزاجيتي قاتلة ومدمرة بعض الشيء.
علمت أن الحياة فانية وأن لا شيء يستحق. اقسم أني حزينة ومتألمة حد الهلاك، نعم أقسم، لكن لن أجعل أيا من هذا يؤثر علي. أريد أن أترقب الأحداث بلهفة وأمل كانتظار الأطفال عودة آبائهم من العمل كي يحضروا لهم بعض الحلويات. أريد أن أفرح كفرحة الطفل حين يمسك مجموعة كبيرة من البالونات، أريد أن أكون مثله، وأن أتصرف مثله، لكن أن أظل بعقلي واعية للكثير من الأمور.
كم تبدو حياة الأطفال رائعة، كأنها قصة خيالية. أود كثيرا أن استيقظ من نومي، متفائلة ونشيطة، أربط شعري بطريقة مرتبة وأضع أقراطي المفضلة ذات اللون الأسود، وأن ألبس ملابس جذابة متمردة بعض الشيء.
أريد أن أقف أمام مرآتي أتأملني وأرى أني أصبحت أجمل وأفضل حين قررت أن أرمي أحزاني وهمومي ومشاكلي وراء ظهري، وأن أعيش كل لحظة بلحظتها، وأن أشعر بالسعادة التامة مع كل من أحب.
بعد أيام من التفكير، أيقنت أني أمتلك أشياء تجعلني أطير من الفرح، كعائلتي وصديقاتي ومن أحبهم، وأهم شيء بالتأكيد: أمي، جنتي وملاكي.
أحب حياتي وكل من فيها، سأعمل على أن أكون سعيدة متفائلة ومفعمة بالنشاط، وسأتناسى أحزاني وهمومي، لأني أعلم أن الله أكبر من كل شيء، وأعلم أيضا أني سأحقق ما أريد يوما ما، إن كان قريبا أم بعيدا.
حقا سأتناسى الحزن، وأصنع لنفسي عالما مليئا بالبهجة والفرح كمدينة ديزني لاند، يفرح بها الأطفال حتى أنا، فبداخل كل منا طفل صغير.
اشتقت كي أضحك ضحكة من أعماق قلبي ومن دون أن أتألم، واشتقت للنوم أيضا، واشتقت لعيني من دون دموع، اشتقت لوجهي من دون أن تبدو عليه ملامح التعب والألم والعجز. اشتقت لأن أراني على قيد الحياه. باختصار شديد، كل ما في الأمر أني اشتقت لنفسي القديمة.
من الآن فصاعدا قررت أن أعدل قوانين حياتي قليلا لتصبح سعادة وأملا وتفاءلا وبهجة، ومن ثم أنا مع كل من أحب،.
كم أشتهي في هذه اللحظة أن تكون السماء ماطرة كي أخرج وألعب تحت المطر وبيدي مجموعة كبيرة وملونة من البالونات، ومن ثم حين أعود تنشفني أمي وتضعني بحضنها وتقص على مسامعي قصة ما قبل النوم، وحين أغفو تطبع قبلة على جبيني وخدي وتضعني جانبها حتى الصباح.
تبا للحزن وللكآبة فهما حقا يقصران من العمر وينسيانا أولوياتنا ويقتلانا.
أهلا بي من جديد. لقد تعاهدت الآن مع الحروف وتراقصت معها من جديد. سأتناسى كل ما كان، وسأبدأ صفحة جديدة وأخطها بالأمل وأرسمها بالسعادة وألونها بالبهجة من أول سطر إلى آخر سطر.
4 مشاركة منتدى
حروف متراقصة, زهرة يبرم/ الجزائر | 26 حزيران (يونيو) 2014 - 11:59 1
لقد دعمت فينا الأمل وأخذت بأيدينا إلى الحياة.. شكرا لك..
1. حروف متراقصة, 26 حزيران (يونيو) 2014, 20:52, ::::: ناديه شيخه
شكرا لك صديقتي ... الأمل دائما موجود وحين تشتد الصعاب فقط انظري لسماء وحلقي فيها وتراقصي مع النجوم ... لأن لا شيء يستق فالدنيا فانيه :)
2. حروف متراقصة, 30 حزيران (يونيو) 2014, 07:53, ::::: نهى شيخة أمريكا
حلو كتير نادية بتمنالك التوفيق ان شالله وإلى الامام كل عام وانت بخير
3. حروف متراقصة, 30 حزيران (يونيو) 2014, 07:55, ::::: نهى شيخة أمريكا
الامل دائماً موجود
حروف متراقصة, إيمان يونس | 29 حزيران (يونيو) 2014 - 01:13 2
أ / نادية ..ما أحلى الرجوع إليكِ ..دُمتِ ودام نبض قلمك ..تحياتى
1. حروف متراقصة, 29 حزيران (يونيو) 2014, 16:41, ::::: ناديه شيخه
شكرا لك عزيزتي ... دمت بخير ... وكل عام وانت بخير :)
حروف متراقصة, ولاء المصري فلسطين | 29 حزيران (يونيو) 2014 - 10:04 3
سواء كانت حالة شعورية عارضة ألمت بالأنسان او فكرة ارخت سدولها على الورق ما يتراءى لي أن الفرح منازل والتعبير عنه يكون على قدر استشعارنا له كما ان الحزن منازل ان لم نستعن بالبأس للتغلب عليه يستكمل هجومه الذي ينطلي علينا على هيئة استسلام مرير يصعب التعافي منه .
لذا السعادة مبهمة وقد تكون الجسر الذي يربط قلوبنا بالحياة حينا ويغمسنا بالحزن حينا آخر ونادرا ما تفتح السعادة لنا ذراعيها لأن البشر في هذا القرن غير مرحب بهمم في كنفها
نادية شيخة نص جميل وقلم أجمل بالتوفيق
1. حروف متراقصة, 29 حزيران (يونيو) 2014, 16:26, ::::: ناديه شيخه
شكرا لك عزيزتي ... وما تقولينه صحيح لكن الخطأ ليس بالسعاده بل بأنفسنا لأننا نحن الوحيدون القادرين على انتشال أنفسنا من ذاك البئر العميق المدعو بالحزن ولا أحد يساعدنا ان لم قدر نحن على مساعدة أنفسنا ... وبالرغم من جميع مصاعب الحياة وتلك الذ
كريات العقيمه يبقى الأمل أقوى سلاح لنحارب به الحزن ... والتفاؤل رفيق الدروب .
حروف متراقصة, نورة عبد المهدي صلاح | 12 تموز (يوليو) 2014 - 13:22 4
ما بين تراقص الأحرف ، وإنسياب الأفكار كالنهر الصافي .. تهبط كلماتك بنسق رائع ومثير ، تحمل بين سطورها الكثير من الجمال حتى لو كانت موجعه، ولا أعرف أثناء السنوات السابقة لماذا كان الجمال مرافقاً لكل شيء حزين في حياتنا، أعجبني إصرارك على أن تكوني كما أردت مع كل صباح جديد ، عروسة الفرح بعيدة كل البعد عن ماض هوى في بئر سحيق، وتبقى الكتابة دائما هي التي تهبنا ميلاداً جديداً بعد كل عثرة تعفرنا بالتجربة التي أوقعتنا فنعلوا على أحزاننا من جديد بأمل وإنتظار وترقب كل خير.
محبتي ..