عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

نازك ضمرة - فلسطين

النقد وأهميته للرواية العربية


نازك ضمرةالكتابة هي تعبير عن مفاهيم ومستوى الفكر والمعرفة للإنسان في عصره، فمعظم الأمم تتقدم وتتطور، ولا شيء ثابتا أو مقدسا عندها. ومن هنا يبرز دور النقد في أي مجتمع، بل هو أساسي وضروري لكشف مشكلات العصر حسب نوع الكتابة التي أمامنا.

والرواية هي تاريخ ما لا يوثقه التاريخ. هي تخيل وتصوير للحياة على لسان وتصرفات شخوص، تعكس الهم والمعرفة السائدة في ذلك العصر بلغة وعقل الكاتب. ولهذا إذا لم يرافق كتاباتنا الروائية نقد، فهناك أخطار وأخطاء، جمود وجدب في ذلك الشعب، لا بد أن نبحث عنها ونتوقعها، فالنقد يكشف للكاتب وللقارئ معا ما تم ترميزه وتنبؤه وتصويره من قبل الكاتب.

وأعتقد أن الروايات لم تخلق للتسلية فقط ولا لإضاعة الوقت، بل هي أنماط حياة تعكس الحاضر والمتخيل في ذهن الكاتب. والناقد يسهل الطريق أمام القارئ، ويوضح ما قد يخفى على القارئ، مثل بعض الترميزات التي أشار لها الكاتب في نصه الروائي. وفي الوقت نفسه، فإن النقد يساعد الكاتب نفسه على تحقيق بعض ما رمى إليه، بأن يبسط بعض ما خفي من النص، أو بعض الكنايات والترميزات والتمثيلات، ويكشف بعض عيوب النص أو ما فات الكاتب معالجته.

وإن لم نجد النقد الجاد والمحايد والاحترافي، فستظل الأمة وكتابنا ومفكرونا متفرقين ومحيدين ومنعزلين عن آمال الأمة وطموحاتها.

وقد تعكس الرواية جوانب من المشهد الفكري العربي وازمته، وكيف نقف مع قضايا النهضة والتنوير والتغيير، وذلك بتطويرها حداثيا وبقراءتها قراءة معاصرة في ضوء ما يجد من وقائع محلية وعالمية.

وعلينا ألا ننسى أن امتنا مأزومة، وما زالت تبحث عن هويتها ونهضتها منذ قرن ونصف ونيف. ولكن المتربصين والأعداء يقفون بالمرصاد لكل خطوة للأمام في حياتنا. والرواية بالذات تعكس هذا الموقف بشكل فاعل، ونبحث عبرها عن مواطن الفشل والضعف والقوة.

ومع أن الجميع يعترف بسوء ظروف أمتنا، وبمعظم مشكلاتها، إلا أننا ما زلنا نتخبط في نفس مواقعنا، بل نتراجع أحيانا، فيفرض الغير والغرب المتقدم جدا بعض رغباته علينا دون إكراه، فنجد أنفسنا مضطرين لتقليد المنتصر والأقوى، ولا نكتشف الطريق الصحيح إلى خلق شخصية عربية متوازنة لتعادل وتواجه الوعي الثقافي الغربي وتقدمه في كل الميادين.

والنقد لا يقتصر على الأدب أو الرواية، بل يشمل جميع إبداعات الحياة وتصويرها وتطويرها، من علم وفن ومسرح وأدب. وباختصار، أي أمة لا يتوفر فيها النقد، لن تكون قادرة على مسايرة ظروف العصر، ومواجهة الرأي الآخر، واكتشاف أين نحن من المستوى الفكري العالمي، مقارنة بما لدى غيرنا من الشعوب، وموازنة مستوانا بمستوى الأمم والشعوب الأخرى.

D 25 آب (أغسطس) 2014     A نازك ضمرة     C 0 تعليقات