هدى الكناني - العراق
نغمة نشاز ونصوص أخرى
خطان متوازيان
إلى متى سأبقى في منتصف الطريق إليك؟ إلى متى سنبقى خطين متوازيين لا يلتقيان؟ ألا تجدني دوما إن لم يكن في يقظة ففي حلم؟ أما من نظرية مطلوب إثباتها: الخطان المتوازيان يلتقيان؟ ألا تلتقي الأنهار في مصباتها؟ ألا تلتقي الخطوط المتوازية بوضع نقطة في منتصف المسافة وبرسم خطين بمسطرة على ورق؟ فلم لا يلتقي نهر توقي بنهر شوقك؟ كم أتمنى أن يصبا في بحر وجعنا؟ ليكونا دواتنا التي لا تنضب، لنخط بها على قارعة الوقت: كان هناك خطان متوازيان، التقيا ذات زمن، التقيا ذات حلم .
خصب كلماتي
ما يبعدك عني عالم واحد، لو تخطيته، لكنت الآن معك، أسبح في ماء عينيك وأتنشف برموشهما. يا مرارتي وخلاصي، يا أعذب تفاصيل وجه ارتشفته عيناي. ما بال الكل يعرف اسمك وما رددته حنجرتي ولا نطقت به شفتاي؟ أتراهم سمعوا خافقي بحروفه يتنغم؟ أم رأوك في وجعي؟ أم في مسودة قصتنا تنسخها دمعاتي؟ ما بال مشهد لقاءنا يسكنني حد الوجع؟
بم اشتري لقاء ولو عابر، خارج حدود الزمن؟ أأشتريه بخصب كلماتي؟ أم بماء عيوني؟ أم بتلك الحسرة التي تذيب جليد القطبين، وبنيرانها أحرق ليل انتظاري؟
بم أفديك؟ ليس لدي سوى مداد دموعي، حاضري المنهك ومستقبلي الوجل حد الاختناق. سأعرضها للبيع كلها، سوى ماض عذب الذكريات أنحر له كل الكلمات وأكتب بمدادها القاني: بدونك أنا بلا هوية. بدونك أنا لست أنا. فهل من يشتري؟
نغمة نشاز
لم تصرخ؟ لم تحتج ؟ لم تظن بي الظنون بأي حق تطلب مني ما ليس لك؟
يجيبها: "أنا حانق وكاره لنفسي التي أصبح شغلها الشاغل التفكير بك. اخبريني ماذا أفعل؟"
تجيبه والدموع تتناسل في مقلتيها حتى لتخشى أن تطرفهما فتتساقط كأوراق خريفية لفظتها أشجارها. اختزلت كل الوجع وتجاهلت توسلات عينيها وضجيج قلبها وأشاحت بوجهها عنه ورددت: "ارحل. أرحل".
وكأنها نغمة نشاز هاربة من عود مهترئ الأوتار، خاصمته الألحان. ظلت ترددها وقد خذلتها كل حواسها، إلا ذلك الصوت الأبح، يرددها كآلة بلا أحساس. غادر يائسا حانقا غاضبا وقد أسدل يديه مستسلما.
تتمتم ارحل قبل أن أتراجع وتخونني بقايا كبرياء أتعكز بها، وآخر معقل لثورة ألجم بها قلبا ضاج بالتوسل كي لا أفعل. أعلم كم خسرت حين تركتك تغادر. كم أنت ساذج يا حبيبي؟ إذ اشتريت ما بعته لك من أكاذيب بمنتهى البساطة، ليتك تعلم كم سيكابد ليلي لاحتضان فجره.
ليتني أستطيع أن أقول لك خذني معك إلى حيث يذهب الوقت ولا يرجع. ليتك تعلم كم كانت تلك الكلمة غالية الثمن. ليتك تعلم.
قبر طازج
تنسل سنيني من عمري كما تنسل الرمال من بين الأصابع. أعود لأعدها فإذا بأرقامها تتوالى؛ وإذا بقاطرة العمر تجرجر مقطوراتها وترحل.
انتظرتك حتى غاب عني حلم أعتّقه منذ الأزل، انتظرتك حتى سننت ْبذور القمح لتصير سنابل وحصدت عشرات المرات، فطفقت أعب من كاس يأسي حتى الثمالة.
كل شيء يعدو من حولي، إلا أنا مسمّرة أراقب الأفق حتى غزت الطحالب الزرقاء جسدي وحاكت من نسيجها اللزج شباكا حول الروح والجسد. أرى قبري طازجا، يناديني لأتوسده فأشتهي أن أغفو في أحضانه. لكن ما أن أخطو خطوة ليضمني، كشرّت لي الحياة عن أنيابها لتردني مزمجرة.
ترى ما الذي تخبئينه لي يا حياة؟ وما الذي تطهينه لي في قدرك يا أيام؟
◄ هدى الكناني
▼ موضوعاتي
10 مشاركة منتدى
نغمة نشاز ونصوص أخرى, زينب من العراق | 25 أيلول (سبتمبر) 2014 - 10:53 1
دومك مبدعة
1. نغمة نشاز ونصوص أخرى, 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2014, 18:59, ::::: هدى الكناني من العراق
زينب من العراق
نستلهم الابداع من اعجابكم ببوحنا
اسعدني مرورك
نغمة نشاز ونصوص أخرى, سارة جميل | 26 أيلول (سبتمبر) 2014 - 07:51 2
بدااااااعة
نغمة نشاز ونصوص أخرى, جليلة الخليع /المغرب | 28 أيلول (سبتمبر) 2014 - 11:47 3
ترى ما الذي تخبئينه لي يا حياة؟ وما الذي تطهينه لي في قدرك يا أيام؟
هدى أيتها المبدعة،هو ذاك السؤال الذي يجتر تفاصيل بوحي ، ولكنني لم أعبر عنه بفصيح العبارة ، ولم أمتلك الشجاعة لطرحه.
كنت هنا في دوائر الحب المتداخلة ، بصافرة الرحيل التي دوت ، وأعادت قاطرة الأيام لذات المحطة ، هنا وجع بمنتصف الحب ، بدائرة العمر التي أذاب جزءا منها شعاع الانتظار.
مازالت نغمة النشاز تزاور ألحاننا التي أودعنها أوتار الحياة أ وتركنا للقدر أن يشد على عراباتها.
مازال اللحن مبتورا ، والنغمة في قبضة النشاز، والخطان في عهدة التوازي .
هدى الغالية الرائعة ، نصوصك أرى فيها صورتي المتخفية عني .فأستعيدها في تفاصيل البوح وفي لقطات القراءة. محبتي لك وباقة ورد تليق بك.
1. نغمة نشاز ونصوص أخرى, 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2014, 18:56, ::::: هدى الكناني من العراق
جليلة الخليع
سيدتي
سانثر الزهور على هامش كلماتك لاعطرها بذلك الوجد المعتق الذي ما غادرتنا ذكرياته ولن يطفي لهيبها طول الامل.
احس بقرب كلماتك من نفسي واكاد احس ذات الالم .
احب بوحك الذي ارى في اروقته روح محببة ،اكاد اجزم انها ظلي الآخر.
سلمت أناملك
نغمة نشاز ونصوص أخرى, آيات محمد من العراق | 28 أيلول (سبتمبر) 2014 - 21:54 4
أتعلمين اين التقيا ذنيك الخطين المتوازيين ؟!!!! في حلمٍ حلمتْ به طفلةّ نامتْ في احضان الارصفة والازقة وتمنت لو ان الوقت يأخذها لحضن امُها ولايعود
1. نغمة نشاز ونصوص أخرى, 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2014, 18:45, ::::: هدى الكناني من العراق
آ يات محمد / العراق
في احلامنا تتحقق المعجزات و تحل المشكلات، اكاد اجزم ان الله منحنا الاحلام لنخلع ثوب الياس ونرتدي الامل.
وكم من المنجزات كان الألهام مصدره حلم .
من يدري ؟ فدعينا يا عزيزتي نحلم.
نغمة نشاز ونصوص أخرى, إيمان يونس | 29 أيلول (سبتمبر) 2014 - 09:15 5
عزيزتى هدى ..خصوبة كلماتك نسجت خطين متوازيين وأحاطتهما بنغمة نشاز لتلقى بنا فى أحضان قبر طازج تحفه مشاعر دافئة رومانسية يشوبها الكثير من الندم والألم لحبيب أنسل من بين يديها والأمل مازال معقودًا لعودة الإلتقاء به ..دُمتِ ودام نبض قلمك ..تحياتى وتقديرى
1. نغمة نشاز ونصوص أخرى, 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2014, 18:49, ::::: هدى الكناني من العراق
ايمان يونس/ مصر: اشكر مرورك عزيزتي. بالتوفيق سيدتي ومن ابداع لاخر.
نغمة نشاز ونصوص أخرى, ايناس ثابت اليمن | 29 أيلول (سبتمبر) 2014 - 12:38 6
لطالما أسرني إحساسك في زنزانة حرفك.
مبدعة أنتِ ياجميلة الحرف.
لكِ كل تحية.
1. نغمة نشاز ونصوص أخرى, 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2014, 18:39, ::::: هدى الكناني من العراق
ايناس ثابت / اليمن
ولطالما حررني احساسك بدموع حروفي وضجيج كلماتي ليجعلني احلق في عالم أثيري محاولة ان اغزل احلى العبارات .
سيدتي دوما مرورك يطربني ويطريني .
نغمة نشاز ونصوص أخرى, إبراهيم يوسف - لبنان | 30 أيلول (سبتمبر) 2014 - 04:18 7
"وكيف أهربُ منه ؟ إنه قدري، هل يملكُ النهرُ تغييراً لمجراهُ؟" (نزار قباني). لا الأنهار تغَيِّر مجاريها ولا الخطوط المتوازية ستلتقي ولو على أطراف الكون لأن الخطوط المستقيمة موجودة في أوهامنا أو في الرياضيات وعلى الورق. أما الحرارة التي تذيب جليد القطبين فإنه تعبير يشبه العتابا اللبنانية الجميلة في حفلات الزجّالين. وهذا إطراء.
1. نغمة نشاز ونصوص أخرى, 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2014, 18:32, ::::: هدى الكناني من العراق
ابراهيم يوسف / لبنان: لامفر من ان نبحث عن نظرية او طريقة عسى بها يلتقي الخطان المتوازيان ولو على سبيل الحلم ولو على سبيل الحظ. اسعدني مرورك استاذنا الكبير، فلتعليقك جمال آسر هو سمفونية من شعر غزل بحكمة وطرزت بنثر.
نغمة نشاز ونصوص أخرى, أوس حسن | 8 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 - 12:29 8
صديقتي هدى،قلمك يمتلك مشاعر جميلة مرهفة،فيها ذاك الحزن العراقي المعتق والوجع الشفيف،هي الحياة بتفاصيلها وغموضها،ومجهولها.الحركة هنا حاضرة وبقوة لكنها تخترق الزمن وتبشر بغد قادم جميل،هذا اليقظة في الإحساس هي النقطة المركزية المركزية المميزة في نصوصك.دمت بكل ود صديقتي / تحياتي
1. نغمة نشاز ونصوص أخرى, 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2014, 19:14, ::::: هدى الكناني من العراق
أوس من العراق
سيدي
لقد اصبت حين قلت ان الوجع العراقي معتق الجراح مزمن الالم
ويقظة الاحساس ما يميز العراقي الاصيل، كل بطريقته التي عََلَمَتْها شخصيته وتجربته وإن كانت مُرة لكنها حلوة الاحساس
ونكهتها الغموض الذي قد يحمل البشر او اللا بشر، ويبقى السؤال حائرا ويبقى الأمل متواجدا كما الأبوذية العراقية التي تفيض شجنا حنونا جميلا حد البكاء.
اسعدني مرورك وأرجوا لك التوفيق
هدى الكناني
نغمة نشاز ونصوص أخرى, مهند فوده- مصر | 18 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 - 07:23 9
استاذة هدی .. كم هي مفعمة كلماتك بالمشاعر .. كم تتساقط منها الدموع حينما تقراها اعيننا فتصير في مواجهة مباشرة مع وجعها العاري .. سلم قلمك ..وبقي عين مشاعرك يفيض ولا ينضب ابدا
1. نغمة نشاز ونصوص أخرى, 18 تشرين الأول (أكتوبر) 2014, 21:08, ::::: هدى الكناني
مهند فودة من مصر
اشكر كلماتك الرقيقة التي دوما ترشح تشجيعا
ومحبة وتلهمنا لننضم دموعا نثرناها في طريق المشاعر
لتكون عقدا لؤلؤيا نزين به جيد اﻻدب.
اسعدني مرورك
بالتوفيق في كتاباتك الملونة كازاهير الربيع المتفتحة.
هدى الكناني
نغمة نشاز ونصوص أخرى, احلام مهدي | 31 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 - 11:22 10
ياهدى لكلماتك صدىً واثراً عميقاً في قلوبنا قبل عقولنا رغم الحزن والمرارة التي فيها الا انها تبقى كلمات منتقاةٍ من قاموس الحياة .سلمت اناملك التي سطرت اروع الكلمات