هدى أبو غنيمة - الأردن
ويبقى الفرح وحيدا
لم يسمع أحد من المدعوين إلى حفل الزفاف الآخر، فقد عطلت الموسيقى الصاخبة التواصل، فتواصل كل منهم ببصره مع ما استهواه في القاعة من الناس والثريات الفخمة، وفنون التزيين، وصورته في عيون الآخرين كما يراهم، بينما كان الفندق غارقا في عتمة مثل عتمة المجهول، عتمة لا يبددها سوى مصابيح خافتة مبثوثة هنا وهناك بين الأشجار المحيطة بالحديقة وعلى بعض الجدران، تتأرجح مع كل هبة ريح تأرجح قلوب حائرة بين السعادة والرضا.
وما إن دخل العروسان القاعة حتى تعالى صوت الموسيقى ممتزجا بالزغاريد، وكأنه صوت وجدان جمعي لمجتمع قلق يتناسى همومه في لحظات فرح، ويعبر عن اضطرابه وحيرة هويته بين الشرق والغرب، بفوضى اللباس والسلوك وطقوس الاحتفال.
نساء وصبايا يتقمصن هيئات النجمات، ويتجاهلن حقيقة ذواتهن الأجمل، ورجال يبدون في خطواتهم منضبطين على إيقاع طبل الزفة.
اندفع بعض الحضور من الشابات والشباب إلى حلبة الرقص مستجيبين لنداء الحياة معبرين عن فرحتهم بالعروسين.
لم يكن ما يدور في أعماق نفوس بقية الحضور من أحاديث أقل صخبا من أجواء الحفل: بعضهم استعرض حفلات زفاف كانت أبسط وأصدق فرحا، وبعضهم الآخر اشتبك مع ما مضى من الزمن بذكرى زفاف تلاشت حلاوة لحظاته في مرارة الخيبات، بعضها علاقات لم يتحقق فيها التكافؤ بين شريكين، وبعضها الآخر أفسدته عقود الصفقات وجشع الاستثمار.
في ركن من أركان القاعة زوجان يتصنعان الألفة ويكتمان لوما تراكم بعد أشهر من الزفاف حتى استحال جفاء.
في أركان أخرى صبايا حالمات يغزلن بخيالهن أثواب الأحلام القادمة، ونساء تعلو وجوههن مسحة حزن بعد أن صحون من أحلامهن على عثرات في دروب الحياة.
بينما كانت شاشة العرض في صدر القاعة تعرض صورا من طفولة العروسين، كانت ذاكرة الحضور تستعيد صورا من الطفولة، بعضها لطفولة بائسة شقية جملت أقدارها إرادة الحياة والنجاح، وبعضها الآخر لطفولة مترفة هانئة انطفأت أحلامها في مواجهة العثرات، فغدت أسيرة ذاكرة تغص بلوعة الحسرة.
حينما خرج آخر الحضور مع العروسين وأطفئت الأضواء، بقي الفرح وحيدا يردد صدى زفاف الأمل بالحياة.
◄ هدى أبو غنيمة
▼ موضوعاتي
8 مشاركة منتدى
ويبقى الفرح وحيدا, محمد علي حيدر ـ المغرب | 26 كانون الأول (ديسمبر) 2014 - 10:09 1
عتمة المجهول، وتأرجح القلوب الحائرة، واضطراب الهوية بين الشرق والغرب، وتحول الألفة إلى جفاء، وعثرات دروب الحياة... كلها ملامح رسالة اندست بين ثنايا خطاب سردي شفَّاف، لتكشف عن التباين بين المظهر والمخبر، وتعري المسكوت عنه، وتصيخ السمع للأنَّات المكبوتة الباحثة عن فرح ينفلت بين أنامل الزمن، فكانت عين "السارد (ة)" المحايدة بمثابة كاميرا تتجول في المحيط المرئي، لتتسل عبره إلى التقاط ما يعتمل بالمحيط المخفي، تاركة للقارئ/الرَّائي أن يرتد إلى أعماقه كي يتأملها في ضوء المحكي...
سيدتي أبدعت وأَمتَعْتِ كما عهدتك، فلك مني كل التحية والتقدير.
1. ويبقى الفرح وحيدا, 26 كانون الأول (ديسمبر) 2014, 17:12, ::::: هدى أبو غنيمة الأردن عمان
أ/محمد علي حيدر تحية طيبة والشكر الجزيل لمرورك الكريم يسعدني أن يترك النص أثرا في قارئه والقراءة دوما تضيف إلى النص أبعادا جديدة وكل عام وأنتم بألف خير .
ويبقى الفرح وحيدا, إبراهيم يوسف - لبنان | 28 كانون الأول (ديسمبر) 2014 - 06:36 2
نصّكِ عن الفرح الوحيد من جميل ما قرأت.. فلا يقلُّ في بساطتة وبلاغتة عمّا كان يقوله فؤاد سليمان، وأنا صادق يا سيدتي فيما أقول وأشهد. حينما يغادر الحضور مع العروسين ليبقى الفرح وحيداً في القاعة الخاوية..؟ فلأنّ الفرح صار منافقاً ومريضاً..!؟ (هبِّ "الهوا" وتجرَّحِ الموّال)، ورحل الفرح الحقيقي يا سيدتي مع أكواخ الفلاحين، والعتابا والحِنّة والعجينة على باب الدار والزفَّة والدَّبكة "والأووها" والزغاريد تتعالى من الحناجر بلا مكبرات للصوت أو شاشات لاستعراض أيام الطفولة والشباب؛ كنا نرضى بالقليل القليل فبات الفيضُ من الكُلِّ لا يكفينا.
1. ويبقى الفرح وحيدا, 28 كانون الأول (ديسمبر) 2014, 22:04, ::::: هدى أبو غنيمة الأردن عمان
أستاذنا الكريم الأصيل أسعدني مرورك المضمخ بطيب الأرض وقيمهاالأصيلة التي زيفتها المدنية الحديثة واعتنقنا قشورها ولم نتحضر وتعالينا على قيم الأرض وعلى التراب الذي جبلنا منه فتهنا وضعنا أعتقد أن إبليس يفتح فاه مشدوها من الآثام التي يرتكبها البشر ومن الزيف والدجل والنفاق .علنا نجد الخير في السنة الجديدة وكل عام وأنت بألف خير.
ويبقى الفرح وحيدا, هدى الكناني | 28 كانون الأول (ديسمبر) 2014 - 19:10 3
هدى ابو غنيمة/ الاردن
ترى لم غادرنا الفرح؟
لقد قدمت استاذتي العزيزة الكثير من الاحتمالات، منهم انه حائر اي قناع، يلبس اهو الشرقي ام الغربي؟
اهي البهرجة والمبالغة في كل شيء؟ قتلت البساطة والعفوية
فما اجمل عبير الازهار النضرة وما اجمل الآهات والزغاريد التي تنبع من لبة القلوب وما اجمل الحب الذي يجمعها على عقد محبة لآخر العمر، لا عقود صفقات تبرم تحت غطاء زواج المصالح او الانتحار بالزواج افضل من الموت تحت وطأة ظرف قاهر او حزن مدمر.
ام موت الاحلام في زمان اطفا سَرجها ورحل ليبقينا ننتظر في عتمة ايامنا لبصيص امل بعد ما لفت قلوبناالآهات واعتادت عيوننا ظلمة الحواس.
موضوع يفتح آفاقا رحبة في زمان انتحرت فيه الافراح ولم ينفع بها كل ما جربناه معها من اسعافات اولية او صدمات كهربائية.
كعادتك سيدتي تقدمين ابداعاتك على طبق انساني باذخ الاحاسيس.
سلمت اناملك استاذة
هدى الكناني
1. ويبقى الفرح وحيدا, 28 كانون الأول (ديسمبر) 2014, 21:46, ::::: هدى أبو غنيمة الأردن عمان
الصديقة هدى الكناني كل التقدير والشكر لمرورك المرهف الودود الرسائل المبثوثة بين ثنايا نصوصنا جميعا هي حوار وجداني يبدد وحشة الواقع وتؤنس نفوسنا المتعبة من جنون هذا العالم وتوحشه فالكلمة كائن حي وروح .كل عام وأنت بخير عزيزتي .
ويبقى الفرح وحيدا, غانية الوناس/الجزائر | 30 كانون الأول (ديسمبر) 2014 - 12:45 4
كم من فرح وحيد نخلفه وراءنا؟ ونمضي معتقدين أننا سنحصل على شيءٍ من السعادة، كم من اللحظات أضعناها، ونحن نحاول التمسك بما ظنناه طريقاً نحو الأجمل؟ كم من عمر أهدرناه من أجل مالا يستحق.
في نص بسيط جمع الكثير من الحكايا المبعثرة في زوايا الحياة، كان كلمحة بصرٍ، أرتنا الكثير مما لا نراه عادةً بشكل واضح، أو مالا نحبّ الكشف عنه.
الأستاذة الجميلة هدى، أهنئك على النص الجميل، وعلى كل كتاباتك المميزة.
تحياتي لكِ وبالتوفيق دائماً.
1. ويبقى الفرح وحيدا, 30 كانون الأول (ديسمبر) 2014, 14:49, ::::: هدى أبو غنيمة الأردن عمان
أ/غانية يسعدني مرورك ولك كل الشكر والتقدير وكل عام وأنت بخير
ويبقى الفرح وحيدا, أشواق مليباري | 6 كانون الثاني (يناير) 2015 - 21:46 5
الأستاذة هدى
من يبحث عن الفرح في ظل تدهور أوضاعنا بالصخب والعبث وتبذير الأموال أنما يخدع نفسه ليبرر خيبته
الفرح في نظري يصنع من أبسط الأمور
من رغيف يوضع في كف فقير
أو مريض يتعافى
أو دمعة تنزل على خد تائب..
نص مهم ومؤثر على بساطته
أشكرك
تحيتي وتقديري
1. ويبقى الفرح وحيدا, 7 كانون الثاني (يناير) 2015, 16:21, ::::: هدى أبو غنيمة الأردن عمان
أ /أشواق تحية طيبة كل الشكروالتقدير لمرورك الودود واهتمامك .دمت بخير.
ويبقى الفرح وحيدا, ايناس ثابت اليمن | 7 كانون الثاني (يناير) 2015 - 17:13 6
لم يكن الفرح وحيداً، بل كان مختبئاً في كل تلك الزوايا والأرواح والتفاصيل التي شملتها قصتك.
نصٌ بسيط جميل، استمتعت به.
1. ويبقى الفرح وحيدا, 8 كانون الثاني (يناير) 2015, 21:35, ::::: هدى أبو غنيمة الأردن عمان
أ/إيناس كل الشكر والتقدير لمرورك الكريم دمت بخير
ويبقى الفرح وحيدا, مهند فوده- مصر | 17 كانون الثاني (يناير) 2015 - 13:28 7
اتفق مع احد المعلقين .. بان نصك القصير ذلك .. بمثابة فيلم صامت بلا حوار بين ابطاله .. وكان تجولك بالكاميرا بين نظراتهم وخواطرهم ..ابلغ من اي حوار او حديث .. راق لي اشارتك للزوجين التعساء رغم حداثة زواجهم .. واحلام الصبايا وخيبة امل المتزوجات ..حتی استرجاع المدعوين لصور طفولتهم هم وليس صور العروسين.. اخيرا اهنئك فقد برعت في اخراج ذلك الفيلم القصير
1. ويبقى الفرح وحيدا, 17 كانون الثاني (يناير) 2015, 17:54, ::::: هدى أبو غنيمة الأردن عمان
أ/مهند فودة تحية طيبة شكرا جزيلا لمرورك الكريم واهتمامك .
ويبقى الفرح وحيدا, جليلة الخليع | 21 كانون الثاني (يناير) 2015 - 20:00 8
المبدعة هدى أبو غنيمة ، سلطت الضوء على الفرح بأكثر من كاميرا، لتلقطي صوره المبعثرة هنا وهناك ، وان كانت بعضها قد مزق.
كان الفرح يلبس البياض ، ويزف خطاه على وقع الموسيقى ،إلى أكثر من اتجاه.يستجمع العتمة المختبئة في الأركان المنزوية.ليهمس في الأخير في أذن القاعة، كل هذه البهرجة لم تكن إلا زيفا وأقنعة تخبئ أحزانامطرزة بالروح.
دام لك الألق والرقي مبدعتنا هدى أبو غنيمة.
كل المحبة وباقة ورد.
1. ويبقى الفرح وحيدا, 22 كانون الثاني (يناير) 2015, 10:50, ::::: هدى أبو غنيمة الأردن عمان
أ/جليلة كل الشكر والتقدير لمجاملتك الرقيقة ,وملاحظاتك القيمةيسعدني مرورك الكريم مع أطيب الأمنيات .