جليلة الخليع - المغرب
بوح على ضفاف أغنية
بوح على ضفاف أغنية
::"J’y crois encore":: [1]
يكفيني صمتا ثرثراتها في صفي الأغنية المتقابلين، لأستعيد صوتا ينطق بلسان حالي، وينشدني ضعفا، ويضاعف كتلة الكلام المحجوزة في قفصي الصدري.
هل سأظل على عهد الاعتقاد الساذج، أم أنني في عهد ثورة جديدة على ما تبقى من مواريثي القديمة؟
هي تلك الرسائل التي أقتلع فيها كل الأشواك المغروسة بمساحات عمري التي زرعتها حبا وحصدتها شوكا، وملأت بها أكياس لغتي علها تطعمني من دقيقها ذات مجاعة.
ولأترنم في صمتي: :[2]:"pas sans toi":: غافلة عن ظلي المقابل لي في اختلاس الضوء.
أجفف دمعا هنا، ذرفته عيون أغنية تبكي أشيائي في انتفاضاتها، في تقاعسها، في انطلاقاتها إلى حيث هي.
بين الحلم والأغنية، ذاكرة تقتص من الحاضر، تلصق لحظاته المبتورة على أوراقها المنثورة هنا وهناك، تملأ فراغاتها بكلمة من معجم قديم ورثته أعمارها.
يستفيق السمع الغافي في الربرتوار الفرنسي، لينقر عودا إسبانيا، فيعيدني لقرارة الروح، لبعضي الموزع على سلم الحنين، يشرد فيها سمعي، وينغلق صوتي على حبالي الموصولة بأوتار التمني.
::"vete ya":: [3]
أخلد في سهو عميق، أحاصر أنفاسي بتذبذبات الصوت، فيقشعر بدن ذاكرتي عند هبوب اللحن من باب الأذن اليسرى.
أقف عند عتبة الصوت المقبل من جهة الشوق، تحمر وجنتا الكلمة وتأخذني بمسارات الأشعار الموشومة بها سنواتي، والمتعامدة مع خط الغياب.
ليستمر العزف يدغدغ القيثارة بأصابع امتدت نحو الجرح ففعلت عراباته.
لحن على مقام الحنين
يرتد طرف حلمي، أغمض عين الورقة، تنسكب الأمنيات من مداد تعثر في الهطول.
يهطل الحرف من سحابات مجتمعة أغرقت اليباس بوابل من بوح.
لم يبصر حلمي النور، وشمسي متوارية خلف ركام من غبار.
ضباب بصيغة الوهم، يلاحق أشعة النور المتقطعة، لتكتظ بي في لحظة نقاء.
هي الشمس المحدقة بعيني فكري، تعتنق حلمي من جديد، أو حلمي يسترجع الألوان المتداخلة، ليبث الشفافية على أثيره الممتدة أمواجه، والتي تعبد الترددات على شبكة المسافات العالقة في الأفق.
وأفقي، بعناوين الزهر، بطريق النحل، بالمسافات الفاصلة في ترانيم:
"Les amours lointaines"
في المساحات الصوتية لآلات الحنين المسترجعة لذاكرة الأوتار في صخب العمر.
وحيرة خطى الزمن بين الكمان والبيانو، أسئلة تبحث عن إجابات بقلب النوتات. والنوتة الغافية هناك مازالت تنقر على وتري المنزوي في كمشة الورق.
أية مسافة تلك التي تظل فيها الخطى متوقفة عند حدود النور، لتظل الشمس هناك، في مكانها؛ زمانها؛ قرصا مضيئا بقطر من حلم وأشعة من خيال.
= = = = =
◄ جليلة الخليع
▼ موضوعاتي
5 مشاركة منتدى
بوح على ضفاف أغنية, محمد علي حيدر ـ المغرب | 26 كانون الأول (ديسمبر) 2014 - 10:49 1
تماهى الخطاب السردي مع الموسيقى فأصبح نغما شعريا جمع بين بلاغة الاستعارات التشخيصية وجمالية الصورة التي نلمسها في مثل قولك "أجفف دمعا هنا، ذرفته عيون أغنية تبكي أشيائي"، وتأنُّق وتألُّق البوح في مثل قولك "أقف عند عتبة الصوت المقبل من جهة الشوق، تحمر وجنتا الكلمة وتأخذني بمسارات الأشعار الموشومة بها سنواتي"، بل إن السرد ارتقى إلى مستوى إلغاء المسافات الفاصلة بين النثر والشعر حين قلت "أغمض عين الورقة، تنسكب الأمنيات من مداد تعثر في الهطول. يهطل الحرف من سحابات مجتمعة أغرقت اليباس بوابل من بوح". شفاف هو سردك وبوحك، ورقيقة ورائقة هي نغمات كلماتك. لك كل التحية والتقدير.
1. بوح على ضفاف أغنية, 17 كانون الثاني (يناير) 2015, 16:39, ::::: جليلة الخليع /المغرب
المبدع الراقي محمد علي حيدر.
وتألق بوحي بهذا الحضور الغائر في العمق، المنصهر في الإبداع، المدرك لماهية الشعر والنثر، لتكون هذه الإطلالة وسام شرف، علقتها على صدر بوحي، ليغمر الفرح جنبات روحي.
شكري الكبير وكثير ود وتقدير.
بوح على ضفاف أغنية, هدى الكناني | 28 كانون الأول (ديسمبر) 2014 - 19:21 2
جليلة الخليع
اية مسافة تلك التي تظل فيها الخطى متوقفة عند حدود النور، لتظل الشمس هناك، في مكانها؛ زمانها؛ قرصا مضيئا بقطر من حلم وأشعة من خيال.
سيدتي
قلتها واقولها لك
يا ارستقراطية الحرف ونبيلة الاحساس والبوح.
كلماتك تنساب بعبق الازاهير لتقطر عطرا وحنانا وتتنفس قطرات الندى مع كل لذة حلم موجوع.
بالتوفيق
هدى الكناني
1. بوح على ضفاف أغنية, 17 كانون الثاني (يناير) 2015, 16:45, ::::: جليلة الخليع /المغرب
الغالية المبدعة هدى،
هي بعض الأغاني تكتبنا، تدرك أوجاعنا، فتغنينا على مقامات الشجن، وينساب منا اللحن حرفايشد على عرابات الألم ، لتتفتق الآهات.
شكرا حضورك المغموس في العطر المزهو بالورد.
محبتي أيتها الرائعة.
بوح على ضفاف أغنية, إبراهيم يوسف - لبنان | 2 كانون الثاني (يناير) 2015 - 09:23 3
أ/جليلة الخليع – المغرب
لو كانت للنصوص ألوانُها التي تتصفُ بها..؟
لاخترتُ البنفسج لصفائه؛ لوناً لبوحك يا سيدتي.
1. بوح على ضفاف أغنية, 24 كانون الثاني (يناير) 2015, 20:34, ::::: جليلة الخليع /المغرب
المبدع إبراهيم يوسف ،عندما نلبس النصوص الألوان التي تليق بها ، وتتناسب وتفاصيلها ، فكرا وشعورا ، فهذا رونق الإبداع ، وقمة الرقي.
شكري الكبير حضورك الراقي الذي أعتز به كثيرا.تقديري الكبير وكل الود.
بوح على ضفاف أغنية, ايناس ثابت اليمن | 7 كانون الثاني (يناير) 2015 - 17:23 4
"أقف عند عتبة الصوت المقبل من جهة الشوق، تحمر وجنتا الكلمة وتأخذني بمسارات الأشعار الموشومة بها سنواتي، والمتعامدة مع خط الغياب"
أ/ جليلة لايسعني إلا قول أنتِ رائعة، جداً رائعة.
بوح على ضفاف أغنية, هدى أبو غنيمة الأردن عمان | 17 كانون الثاني (يناير) 2015 - 18:15 5
أ/جليلة كم هو جميل عزفك على أوتار الروح بلغة جميلة تتماهى مع الأغنية لك محبتي وتقديري .