عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

هدى أبو غنيمة – الأردن

تلك الشعلة


هدى أبو غنيمةتتوهج الشعلة، ثم تكاد تخبو. أخالها ومضة برق والسماء تزمجر غاضبة، وهي تبعث طوفانا من المطر، علها تطهر الأرض من سبخات دماء الأحقاد والثارات الطائفية والعرقية.

أخشى أن تخبو تلك الشعلة المتوهجة في وجداننا، منذ تعلمنا أن نتهجى وحدة الوطن.

تدثرت بعلم بلادي، ورحت أتجول في رحاب الوجدان بحثا عن ملاذ آمن، وينابيع محبة تغذي إنسانيتي وتحمي تربة روحي من الجفاف والتردي في مهاوي اليأس.

أتلمس طريقي في أنفاق معتمة، مهتدية ببصيص ضوء يومئ لي من مكان بعيد، وكلما اجتزت نفقا واجهني آخر، فأغذ السير متمتمة: يا شمس بلادي أضيئي لي الطريق.

لم أعرف أن الرحلة الى أعماق الوجدان بهذه الصعوبة، فقد كانت الطريق مليئة بالمرايا المقعرة تريني أشكالا متعددة غريبة لذاتي: مناطق معتمة لا أعرفها، ولا يعرفها الآخرون، ومناطق أعرفها ولا يعرفها الآخرون، ومناطق يعرفونها ولا أعرفها.

أجتاز الأنفاق، لأرتقي جبالا ثم أهبط إلى وديان، أسير في طرق وعرة ضيقة، وعواء الذئاب يصم الآذان.

أتعثر بخيبات تحدق بأعين مطفأة، فأستعين بأمنيات تتلألأ كأقمار بهية وكلما راودني اليأس أومأ بصيص الشعلة لي من بعيد. لا أريدها أن تنطفئ ففي ضوئها أرى عالم الذات أرحب أفقا من عالم الواقع، وفي ضوئها أهتدي إلى ينابيع الحق والخير والجمال لأغسل ما علق بروحي من صور الدمار والدماء، وفي ضوئها أشعر بالأمان .

أتراني أجري وراء وهم شعلة قد انطفأت؟ أتراني أهذي بها، وأنا أكتبها على قصاصات تتطاير مع الريح العاصفة مثل لحظات فرح قصيرة؟ أم أني توغلت في متاهة البحث عنها بين الشرق والغرب ففقدت طريق العودة إلى عالمي؟

ألمح بصيصها يزداد توهجا، أتفقد دثاري فيبهر عيني ضوء قوي. إنها الشعلة متقدة بهية تنبعث من روح سكنت تراب جسدي، تراب وطني الذي جبلت منه.

D 25 أيار (مايو) 2015     A هدى أبو غنيمة     C 6 تعليقات

3 مشاركة منتدى

في العدد نفسه

كلمة العدد 108: دور النشر والجوائز

عن الهويّة العربيّة: طرح يستدعي الحلول

قراءة موجزة في رحلة الغفران

المقاومة في الأدب الجزائري أثناء الاستعمار الفرنسي/ج2

الإرهاب في الرواية الجزائرية