أشواق مليباري - السعودية
أبي العزيز
أتيتك أحمل حقائبي بعد أن ضاقت بي الأرض بما رحبت، شاكية باكية، أبوح لك بسري وأطرح أمامك همي وأنت أبي. ففتحت لي قلبك ودارك، وأوليتني سمعك وانتباهك. لجأت إليك بعد أن ضجَّ الصبر من سكوتي وحرضني على الشكوى، وما أقدمت إلا لأسترشد برأيك وحكمتك.
أنا يا أبي ومن سوء حظي، أو حسنه لا أدري، أملك قلبا ضعيفا هشا كقلب فرخ الطير، تفعل فيه الكلمة الحانية عمل السحر، فيرتعش شغافه ارتعاشات النخيل على الشواطئ الدافئة إذا داعبها النسيم. لكنه يتداعى وينهار كقلاع الرمل وقد ضربتها أمواج الكلمة القاسية.
لذلك فأنا أتجنب كل ما من شأنه أن ينال منه ويؤذيه، وأتوسل الحكمة والروية في تعاملي مع من حولي، مزودة بالصدق والوفاء والمحبة كما علمتني. ومع ذلك يعرض لهذا القلب الضعيف من هنا وهناك ما يؤلمه ويؤذيه ويسبب له التعاسة والحرج والضيق.
كل ما أعانيه في هذه الدنيا يا أبي، كما قلت لي دوما، إن هو إلاّ امتحان لصبري وإيماني، ولا ينبغي لليأس أن يكون له معنى في قاموسي. لقد أسعدتني وأنت تخبرني أنك إلى صفي، وستدافع عني، وستقطع اليد التي تمتد بالأذى إلي، فجفت دموعي، وهدأت نفسي، وأشرق وجهي من جديد.
وسألتني عن سعاد صديقتي. هي بخير يا أبي، مازالت تكافح لتوفر ما يكفل لصغارها العيش الكريم بعد رحيل والدهم. والسيدة أمل، هي بخير فزوجها الأسير سيفرج عنه بعد شهور.
وسألتني عن عفاف جارتنا. هي أيضا بخير تغالب إرادتها لكي تخرج من عزلتها وتعود فتنخرط في الحياة بعد استشهاد ابنها في ذلك الانفجار اللعين. أما سلوى يا أبي، فلم تزل على قيد الحياة، والحمد لله، رغم أن القصف نال من حيطان بيتها، فتكسر أثاث منزلها وزجاج شرفتها، واقتصرت خسارتها على المال.
أبي العزيز: إن شكواي لا تعدو أن تكون ترفا في زمن القنابل والبراميل المتفجرة والأشلاء، كما المظالم والمجاعات. و قد حازت لي الدنيا ما دمت أبيت آمنة في سربي، معافاة في بدني وعندي قوت يومي.
لقد فهمت يا أبي واستنار عقلي بعد أن كان ملبدا بغيوم الحيرة والقلق .لقد فهمت. وأنا الآن بخير. سأعيد حقائبي وأعود إلى نفسي. وإن لمحتني أمي وسألتك عني، فأخبرها أنك جهزتني، وبدلت حقائبي فملأتها من جديد حبا وطمأنينة، وأمنا وسلاما.
◄ أشواق مليباري
▼ موضوعاتي
7 مشاركة منتدى
أبي العزيز, عايشة القحطاني /السعودية | 25 آب (أغسطس) 2015 - 12:58 1
حزن سهل ممتنع..
فالشعرُ في عصرِ القنابلِ ثرثرَه*
1. أبي العزيز, 3 أيلول (سبتمبر) 2015, 10:35, ::::: أشواق مليباري
عَجَزَ الكلامُ عن الكلامِ .. وريشتي
لـم تُبــقِ دمعـــاً أو دمـــاً فـــي المـحبـرة
قراءتك نصي شرف لي معلمتي الغالية
شكرا لك
خالص محبتي واحترامي
أبي العزيز, إبراهيم يوسف - لبنان | 29 آب (أغسطس) 2015 - 09:29 2
تفاخرتِ الفتاة الأولى وقالت: أبي يكرم الجار، ويوقد النار، ويواجه الأخطار، وينتصر على الأقدار، ويولم بعد الحوار، ويتعب من أجلنا في الليل والنهار.
فقالت الثانية: أبي عظيم الخطر، منيع الوزر، عزيز النفر، يقدم ولا يخشى المخاطر والحذر.
وأردفتت الثالثة فقالت: أبي صادق اللسان، بليغ البيان، كثير الأعوان، يروي السنان عند الطعان.
وأما الرابعة فعلَّقت تقول: أبي كريم الفعال، شديد النزال، فصيح المقال، كثير النوال، قليل السؤال، موفور الكرامة والحال.
ثم تنافرن واحتكمن إلى إلى عجوز بينهن.. فقالت: "كل فتاة بأبيها معجبة".( بتصرف).
1. أبي العزيز, 4 أيلول (سبتمبر) 2015, 17:28, ::::: أشواق مليباري
أما أبي !
فكريم الأخلاق
صدوق عند التلاق
للخير سباق
يحمده الرفاق
شكرا على ما تفضلت به
وعلى مرورك الكريم
وتشريفك لنصي
تحيتي واحترامي
أبي العزيز, ايناس ثابت اليمن | 31 آب (أغسطس) 2015 - 23:23 3
الأستاذة أشواق
تذكرت هذا البيت وأنا اقرأ نصك:
وأنت تفكر بالآخرين البعيدين
فكر بنفسك قل: ليتني شمعة في الظلام.
نصك رقيق حنون، فليبارك الله فكرك.
1. أبي العزيز, 9 أيلول (سبتمبر) 2015, 13:56, ::::: أشواق مليباري
العزيزة إيناس ثابت
القصيدة كانت جميلة جدا
شكرا لمرورك الكريم وتعليقك الرقيق
تحيتي ومحبتي
أبي العزيز, جليلة الخليع /المغرب | 1 أيلول (سبتمبر) 2015 - 18:00 4
ولكل منا في وجعه حكاية ، وللبوح وجوه متعددة لكن الإصغاء يظل قريبا ممن اعتدنا أن نملأ مسامعهم شكوى برنة حزن ، فيعيدوا لنا االطمأنينة والسلام تتوسعان بهما مسارات الروح.
الرائعة أشواق مليباري، دمت للحرف ، ودام االحرف بك .
محبتي والورد.
1. أبي العزيز, 9 أيلول (سبتمبر) 2015, 14:07, ::::: أشواق مليباري
الأديبة الراقية جليلة
أجمل من باقة الورود التي وصلتني منك
انتباهك لنصي المتواضع
أشكرك على كلماتك المشجعة
دمت بود غاليتي
أبي العزيز, هدى أبوغنيمة عمان الأردن | 3 أيلول (سبتمبر) 2015 - 20:05 5
أ/أشواق مليباري حديث مرهف حنون يمس حنينا جماعيا إلى الأب السند ويعبر برقة متناهية عن وجع المكلومين سلم قلمك ودمت بخير.
1. أبي العزيز, 14 أيلول (سبتمبر) 2015, 11:36, ::::: أشواق مليباري
الأديبة الراقية هدى
أشكرك على مرورك الكريم
وأنا سعيدة أن يكون نصي قد لقي قبولا بين الأقلام الكبيرة.
تحيتي واحترامي
أبي العزيز, زهرة يبرم/ الجزائر | 4 أيلول (سبتمبر) 2015 - 21:20 6
هكذا هي علاقة البنت بوالدها، في حياته أميرة وبين أحضانه تعود طفلة صغيرة.. شدني الجانب الوجداني المؤثر في النص، وذكرني بقصيدة لدرويش: فكّر بغيرك.. سلمت يدك أستاذة أشواق، وأجمل تهنئة على نص موفق..
1. أبي العزيز, 15 أيلول (سبتمبر) 2015, 04:57, ::::: أشواق مليباري
الصديقة زهرة
صدقت البنت أميرة أبيها
أسأل الله عز وجل أن يرحم موتانا ويجمعنا بهم في عليين.
شكرا لإطرائك عزيزتي
أبي العزيز, مريم -القدس | 7 أيلول (سبتمبر) 2015 - 15:33 7
ويبقى الأب أوفى حبيب لابنته ،ولو أحبها أهل الأرض جميعآ .
نص جميل لا يخلو من المشاعر الدافئة ..
شكرأ لك
مع خالص تحياتي
1. أبي العزيز, 15 أيلول (سبتمبر) 2015, 05:08, ::::: أشواق مليباري
الصديقة مريم
حُكِيَ أنَّ عمرو بن العاص دخل على معاوية وعنده ابنته، فقال: من هذه يا معاوية؟ فقال: هذه تفاحة القلب، وريحانة العين.
أشكر مرورك العاطر.
تحيتي