عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

محمد التميمي

غصة الذكرى


محمد التميميأصوات ضحكات وهمسات من زوجين سعيدين تقطع صمت غرفته السميك. رفع رأسه ونظر الى الجهة التي صدرت منها الأصوات. تبسم فرحاً لسعادة الزوجين، ولكن قلبه كان يعاني من غصة، فقد تركته بعد أن كانت كل حياته. أراد ان ينساها ولكنه لم يستطع. لقد حاول مراراً ولكن ذهبت كل محاولاته أدراج الرياح، فقد كان يذكرها دائماً وفي كل موقف وفي كل حركة.
أطلق العنان لذكرياته، لعل استعادة الماضي تخفف من ألم الحاضر. تذكر ضحكتها العالية التي كانت تنطلق بعفوية على نكاته الساذجة، تذكر دموعها التي كانت تحرق قلبه قبل ان تبلل وجنتيها. وتذكر ألمه العنيف لحظة فراقهما.

وقتها احتضنها بقوة كما تحضن الأم صغيرها الخائف. وبكت وبكى حتى حانت ساعة فراقهما. كان قلبه يتفطر والدموع تحرق خديه. وبين غيمات الحزن التي تهطل بالدموع، اشرقت على شفتيها ابتسامة حزينة وقالت بصوت مختنق بالعبرات: "ستعود، صحيح؟ ستعود؟"

تبسم وأخذ نفساً عميقاً وقال: "نعم، سأعود. لن أتركك. أعدك."

ثم افترقا.

كان يكلمها يومياً لساعات. ولكن وبعد مدة أصبحت الساعات دقائق والأيام أسابيع ثم أشهر. ثم انقطع الاتصال، حاول مراراً ان يكلمها ولكن محاولاته كلها باءت بالفشل.

أيقظه ألم قلبه من أحلام ذكرياته. نظر إلى الساعة، كانت تشير إلى السابعة صباحاً. ذهب إلى المطبخ. أعد فنجان قهوة. تناوله على أنغام أغنية فيروز: "حبوا بعضن. تركوا بعضن ".
أنهى فنجان قهوته، وضعه على الطاولة، تناول هاتفه النقال ومفاتيح سيارته وخرج.

D 25 آب (أغسطس) 2011     A محمد التميمي     C 8 تعليقات

4 مشاركة منتدى

  • الجدران فقط تضل وقفا لساكنيها او للمعتاشين من ريعها ، وهي كانت تتكأ على الجدار لتبكي حين تباعد بين يوم واخر اتصاله وحديثه فقررت ان تهدم الحائط حتى يقرر ان يعود كما كان او ان " يبكي من ذكرى حبيب ومنزل"


  • أسلوب أدبي أكثر من رائع، واستخدامك للصور الفنية مذهل...

    كأنه الفراق لكن بلا عناق
    كيف شموع الفراق رغم ريح اللقاء تشعلها
    كيف تسكن قصة ما زالت جنيناً في رحم الدروب توئد
    كيف موعد اللقا يغدو فراقاً وكيف نار الشوق تغدو رماداً ينثره ريح البعد لنعمى عن صواب الدروب
    كنا فقد كنا معاً...

    بانتظار العدد التالي على أحر من الجمر :)


  • عندما تزدحم الذّاكرة بالذّكرى تعانق عادة أجمل اللّحظات، تلك اللّحظات المشتهاة والّتي قد يعكّر صفوها أحيانا لحظات حزينة. فلا تملك الذّكرى حينها إلاّ أن تنسكب بمرارة وغصّة في الحلق وفي القلب وفي الذّاكرة.
    في قصّتك أستاذ محمّد وقفنا عند لحظة متعة نشطت لها الذّاكرة بجمال الذّكرى، ولكنّها سرعان ما قلّبها الألم فانقلبت إلى ألم شديد وغصّة. وانكشف الصّمت السّميك عن صخب غصّة موجعة تُقابل سعادة عرفتها شخصيّة القصّة زالت وذهبت أدراج الرّياح. ذهبت لحظة السعادة واستبدلت بزمان من الألم والغصّة
    في القصّة نقرأ نفسيّة الشّخصيّة ونحن نتعرّف إلى ذكراها، نعيش معه وطأة الغصّة وهذا يعود إلى سلاسة اللّغة وتناغمها مع المجال الشعوريّ للشخصيّة.


  • عندما تصيبنا الغصة لاحباب فارقناهم نحاول ارتشاف جرعات من ماء الذكريات الذي مع كل رشفه منه سقطت دمعه مؤلمة لذكرى مضت و ما زلنا على امل عودتها
    سلمت أناملك على ما كتبت


في العدد نفسه

لعنة البريد الإلكتروني

كلمة العدد 63: دراويش محمود

أنثى فوق الغيم: نسخة إلكترونية

عن مبدع الغلاف

مختارات من عود الند

بحث



5 مختارات عشوائية

1.  جورج إفراح: التاريخ العام للأرقام

2.  إلى مدينة مختلفة

3.  كلمة العدد الفصلي 08: ابتعدوا عن جوائز نوبل

4.  مبادرة خطوات نَحْوَ التَّمَيُّز

5.  شعب في خطر: مقتطف من تقرير

send_material


microphone image linked to podcast



linked image to oudnad.net pdf_xive
linked image to oudnad.net/dox