عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

الصفحة الأخيرة - عدلي الهواري

الحقيقة وأخواتها: مقتطف


غلاف مصغر الحقيقة وأخواتهايوثق هذا الكتاب توثيقا جزئيا مجلات صدرت باللغة العربية في الولايات المتحدة الأميركية خلال خمس سنوات: 1980-1984. المجلات المشمولة بالتوثيق هي: «فلسطيننا» (أربعة أعداد)؛ «فلسطين الديمقراطية» (عدد واحد)؛ «فلسطين» (عدد واحد)؛ «الاتحاد» (اثنا عشر عددا)؛ «صدى المعركة» (عددان)؛ «الحقيقة» (عشرة أعداد)؛ «فتح» (أربعة أعداد).

لماذا هذه الفترة تحديدا؟ انتقلت في عام 1980 من ولاية أوكلاهوما إلى مدينة نيويورك لإكمال دراستي فيها، وغادرت الولايات المتحدة في صيف عام 1985. بدأت في نيويورك علاقتي بمجلة «فلسطيننا»، وصرت أشارك في إصدارها بمراجعة المواد التي تطبع لها وبالكتابة أحيانا وبعملية التوزيع التي كانت تشمل ربط مجموعة من الأعداد وإرسالها بالبريد البطيء إلى قائمة العناوين البريدية التي لدى المجلة.

اكتسبت من خلال «فلسطيننا» المهارات اللازمة لإصدار مجلة. ونتيجة لذلك تمكنت من إصدار مجلة «الاتحاد» بعد أن توليت مسؤولية الإعلام في فرع الاتحاد العام لطلبة فلسطين في الولايات المتحدة، وكان ذلك بعد انتخابي عضوا في الهيئة الإدارية للفرع في المؤتمر الثاني الذي عقد مدينة ايمز (ولاية أيوا) في صيف عام 1981.

تركز صدور المجلات في نيويورك وواشنطن العاصمة نظرا لتوفر مواد إعلامية عربية نتيجة وجود بعثات دبلوماسية عربية تصل إليها نسخ من صحف بلادها اليومية. والمجلات الصادرة عن م ت ف وفصائلها كانت تصل بالبريد إلى الهيئات المؤيدة للمنظمة وفصائلها. على سبيل المثال، كان يصل إلى فرع الاتحاد العام لطلبة فلسطين في الولايات المتحدة نسخ من مجلة «فلسطين الثورة»، التي تعتبر المجلة الرسمية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

كان من عادتي أن أحتفظ بما أحصل عليه من نشرات وبيانات، إضافة إلى احتفاظي بنسخة أو أكثر مما أتولى إصداره. ولكن للأسف، ما لدي من أعداد أقل مما كنت أظن أنه بحوزتي، إذ توقعت أن يكون لدي من «فلسطيننا» أعداد أكثر من الأربعة الموثقة في الكتاب؛ وأن يكون لدي كل أعداد مجلة «الاتحاد» حتى نهاية عام 1984، وكذلك مجلة «فتح». المجلة الوحيدة التي لدي سلسلة غير منقطعة منها (1-10) هي مجلة «الحقيقة».

يشمل توثيق المجلات الرقم التسلسلي للأعداد، وتاريخ الصدور المكتوب على العدد، وعدد الصفحات، وحجمها، ثم قائمة بأهم الموضوعات التي نشرت في العدد. بعد هذه المعلومات الأساسية، يشمل التوثيق نشر موضوع أو أكثر من كل عدد. وسأشير أدناه إلى معايير اختيار هذه المواد للنشر هنا.

كانت المجلات في تلك الفترة تعتمد على إعادة نشر مواد منشورة في صحف عربية أو مجلات تصدرها م ت ف وفصائلها، وخاصة فتح، والجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، مثل مجلة «فلسطين الثورة» ومجلة «الهدف». لم يكن ذلك العصر عصر إنترنت. ولذا كانت المواد تقص من الصحف والمجلات المتوفرة ليعاد نشرها في المجلات. ومع أن «القص واللصق» عمل غير مستحب في عصر الإنترنت، إلا أن عملية إعادة النشر في تلك المرحلة كانت أمرا لا مفر منه، وقدمت خدمة إعلامية مهمة للجالية والطلبة، فالحصول على عدد من الصحف والمجلات يكفي للتوزيع في مختلف أنحاء الولايات المتحدة غير ممكن.

رغم اعتماد المجلات على إعادة النشر، كان كل عدد يتضمن مادة أصلية أو أكثر، أي كتبت خصيصا للعدد، من بينها الافتتاحية. وكانت المواد تنشر بدون أسماء في العادة. ولكن قد توقع بعض المقالات باسم مستعار، وهذا كان يحدث في مجلة «فلسطيننا».

أول معايير اختيار مواد من المجلات للنشر هنا أن تكون المادة من إعداد المجلة، وفي كثير من الحالات هذا يعني افتتاحية العدد التي سميت أسماء مختلفة مثل كلمة، أو رأينا، أو موقفنا. في بعض الحالات قد تكون الافتتاحية قصيرة، ولذا أعززها بمادة أخرى أو أكثر، حسب طول المادة.

والمعيار الثاني اختيار مواد تعطي فكرة عن نشاطات الهيئات التي كانت تعمل في أوساط الجالية أو الطلبة. والمعيار الثالث اختيار المادة التي تعطي فكرة عن النقاشات التي كانت تجري في ذلك الحين حول الأوضاع الفلسطينية والمواقف السياسية في تلك المرحلة.

للتأكيد، المواد المختارة ليست من المواد التي أعادت هذه المجلات نشرها من صحف أو مجلات أخرى، باستثناء حالة واحدة، وهي الأعداد الأولى من مجلة «الحقيقة»، فسبب صدورها كان نشر بيانات صادرة عن الانتفاضة في حركة فتح، التي كانت أخبارها خاضعة للتعتيم والتكتم.

أستخدم في هذا الكتاب تعبير «مجلة» حتى لو لم تصف النشرة نفسها بذلك. والسبب أن استخدام سبعة أوصاف مختلفة لسبع نشرات لا مبرر له. حتى النشرة التي تصف نفسها بأنها «جريدة» لا تختلف عن النشرات الأخرى: جميعها كان يصدر في معظم الحالات باستخدام ورق الجرائد بالحجم الذي يعرف بـ«تابلويد» القريب من الصفحة التي تعرف خارج الولايات المتحدة بـ ايه 3. وجميعها يتشابه في رسالته ومضمونه.

مرحلة السنوات الخمس التي يعنى بها الكتاب كانت من الناحية السياسية مرحلتين مختلفتين، الأولى قبل الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، فحتى ذلك الحين كانت المجلات تسعى إلى تعزيز الهوية الفلسطينية ودعم م ت ف بحشد التأييد لها كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني. أثناء هذه المرحلة، كان مؤيدو الفصائل الفلسطينية يشتركون في هذا الموقف، رغم أن الفصائل كانت توجه الانتقادات لبعضها البعض في سياق تنافسها على كسب التأييد لها في أوساط الجالية والطلبة الفلسطينيين.

كان لخروج م ت ف من بيروت ووقوع مجزرة صبرا وشاتيلا وقع صادم على الجالية الفلسطينية ومؤسساتها. وكان فرع الاتحاد العام لطلبة فلسطين أول الهيئات الفلسطينية التي تنهض من حالة الإحباط التي سادت. وعقد الفرع مؤتمره السنوي الثالث الذي تأجل مرتين في شيكاغو في الأيام الأخيرة من عام 1982. ظهرت في هذا المؤتمر خلافات في الرأي بين مؤيدي تيار فتح، فالتقرير السياسي المقترح من أعضاء الهيئة الإدارية المؤيدين لهذا التيار لم يكن مجرد صدى لما تعبر عنه القيادة الفلسطينية، بل حدد موقفا من القضايا المختلفة وعلى رأسها رفض مبادرات السلام المطروحة في ذلك الحين، مثل مبادرة ريغان وأخرى تبنتها القمة العربية التي عقدت في فاس.

المرحلة السياسية الثانية هي التي تلت خروج قوات م ت ف من بيروت. أصبح الاختلاف في المرحلتين شديد الوضوح بعد الانتفاضة في حركة فتح التي انطلقت في أيار 1983. بعد حوالي أربعة شهور من هذا الحدث، أي في أيلول 1983، صدرت مجلة «الحقيقة» لتنقل المعلومات عن الانتفاضة (الانشقاق) في حركة فتح، من خلال نشر البيانات الصادرة عن هذا التحرك الذي سعى إلى إعادة فتح إلى مسارها النضالي القديم وإصلاح أوضاعها. وهكذا، بعد شهور قليلة من مرحلة رمادية بعد الانتفاضة في حركة فتح، بدأ يحصل الفرز في المواقف بين مؤيدي تيار فتح في الولايات المتحدة.

نشرت «الحقيقة» صوت الانتفاضة في حركة فتح داخل الولايات المتحدة. وصارت تعبر عن موقف معارض لتوجهات القيادة الفلسطينية، أو للدقة في التعبير، مواقف ياسر عرفات، فهو قبل الخروج من بيروت كان يحصل على معظم ما يريد، وبعد الخروج أصبح لا يحتمل أي اختلاف مع توجهاته التي قادت الشعب الفلسطيني إلى كارثة ممثلة باتفاقية أوسلو.

يتبين من الموضوعات الناقدة للقيادة الفلسطينية في مجلتي «الحقيقة» و «فتح» أنها كانت تعي مبكرا أن الدرب الذي سارت عليه القيادة هو الطريق إلى الهاوية، ولذا المواقف التي اعترضت على اتفاقية أوسلو بعد التوقيع عليها مواقف متأخرة كثيرا، وصحوة بعد فوات الأوان، فالمؤشرات قبل الخروج من بيروت كانت واضحة على رغبة القيادة الفلسطينية في الانخراط في مشاريع تسوية لا تحقق للشعب الفلسطيني الحد الأدنى من حقوقه. وازدادت المؤشرات وضوحا بعد الخروج.

JPEG - 26.1 كيليبايت
غلاف الحقيقة وأخواتها
JPEG - 26 كيليبايت
عود الند يافطة العدد الفصلي 8
D 1 آذار (مارس) 2018     A عدلي الهواري: بحوث ومقالات وقصص     C 1 تعليقات

1 مشاركة منتدى

في العدد نفسه

كلمة العدد الفصلي 08: ابتعدوا عن جوائز نوبل

اللغة العربية في الجزائر بين التعريب والفرنسة

تيسير السبول وروايته أنت منذ اليوم

ماجد أبو شرار: 36 عاما على الغياب

تواطؤ + حظر فرح