من أرشيف المجلات العربية القديمة
مجلة رسالة الأديب المغربية
أدناه مقتطف من افتتاحية العدد الأول من مجلة "رسالة الأديب" الصادرة في المغرب في مطلع عام 1958. المصدر أرشيف المجلات العربية. رابط الأرشيف في ختام المقتطف.
رسالة الأديب
مجلة شهرية تبحث في الأدب والفكر والسياسة والاجتماع. تصدرها "جمعية الأديب" بمراكش.
مدير المجلة ورئيس التحرير: محمد الخطيب
السنة الأولى: يناير 1958. العدد الأول.
افتتاحية: خطتنا
لا ريب أن إمكانيات من الفعالية الخلاقة تكمن في جمهورنا المغربي. وأن نزوعا متواليا إلى المثالية الصالحة تصطرع في نفسيته، وإن يكن اصطراعا يكتنفه الغموض والإبهام، ويعوزه فتح مجال الانطلاق والتفتق أمامه.
وأن الامتخاضات التي تتعرض لها أمتنا في الظروف الحالية، والحالة النفسية التي يعيش الجميع عليها كرد فعل لتحقيق الاستقلال - لفي أشد الحاجة وأعنفها لمن يكشف مطالبنا الروحية من خلالها، ولمن يعطي ثورتنا الحاضرة تفسيراتها الفلسفية ومرابطها الروحية العامة، لتتحول مداركنا إلى مظاهر، بل شحنات من الحيوية والحماس.
والمعركة في الواقع هي معركة الحرية. الحرية لا في معانيها التجريدية الزاهية، ولا في خلابة الأغاني التي يرتلها العالم كله لتمجيد الحرية وقداسة مراميها - ولاكن الحرية في قيمتها العملية، ومدلولها الإنساني بالنسبة لكل فرد ولكل مجتمع وفي طاقات الخير والبناء التي تحمل بها الحرية إلى المجتمع الذي يؤمن بها. كذلك السعادة وطمأنينة الفكر والوجدان. ذاك أن إيماننا بالحرية هذه كان -ولا يزال - أضعاف إيماننا بأنفسنا. وأن مسؤوليتنا للحرية بعد الاستقلال هي أضعاف مسؤوليتنا إزاءها قبله.
ودور الثقافة وخدمة شؤون الفكر والأدب إنما يقع من المسؤوليات إزاء هذا كله في أشقها. ومن الأمانة في أثقلها حمولة وتبعة، وخصوصا في أمة كالأمة المغربية، تقف من كل شيء في بداية النشوء والتكوين، دون أن تكون لها سابقة من تقاليد أو عوائد في شؤون الثقافية والحضارة العصرية. ذالك أن للثقافة وللأدب رسالة، وفي عنق الأديب والمثقف أمانة وتبعة، هي أن تفتق في ذهنية الجماهير نزوع المثالية الفردية والجماعية، وأن تبذر في نفوس الأمة معاني السمو والنبالة في الفكر والمعاملة والذوق. وتنمي الشعور بالحرية ومسؤولياتها، ثمت أن تحدد مناهج العمل ومسالك الاتجاه، وتعطى لكل منهج ومسلك مدلوله المعنوي.
ولأننا نؤمن أن الثقافة - في معناها الأوسع - هي القوة الشعورية التي تهضم المعاني الخفية لأسرار جميع الحركات والأعمال وتبين مكامن الروحية العامة في الحياة. ثم تعطي لجميع المناشط اتجاهاتها المثالية المرسومة المناهج، المحددة الأهداف. وبالتالي، تكشف عن قيمة الفرد، وصلاحية الإبداع فيه. ثم تؤلف هذه الصلاحيات لخدمة السعادة الجماعية والأهداف السامية لوجود الإنسان وكماله.
= = =
ملاحظة: لاكن؛ ذالك؛ ثمت في النص الأصلي.
http://archive.alsharekh.org
- غلاف مجلة مغربية
◄ عود الند: التحرير
▼ موضوعاتي