عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

رحاب الصائغ - العراق

تصور في قهوة سويدي


كَلِمَةْ السأمْ يطلقها على أفكارهِ كلّما كان بحاجة إلى ظمأ جديد.

غيّرَ رَسمْ المدينة في ذهنهِ المُتعَب. حمل مفاصله إلى الشارع وأخذ يبحث عن قبس من الاستقرار حول مركز المجرة. يريد تمزيق أمتار مشاكله والعمل على إيقاف تحجر عواطفهُ اتجاهها. خرج جلس في قهوة السويدي القريبة من بيته في باب الجبلين ليُمَتِعْ نظرهُ برؤية منارة الحدباء في الجامع الكبير. إنها مثل برج بيزا منذ أول عهدها فهناك الكثير من الحكايات عنها.

أشدُّ ما يؤثر عليهِ ولائم ضجرهِ وشبح عطرها من دهن الورد الذي ابتاعه لها من سوق باب السراي يوم الجمعة الماضية، عندما صلّى في جامع الشيخ عبدال. في كثير من الأوقات تسبح على وجه استداراتهِ وتأثُيرِهِ بها جعلَ غيرتهِ عليها كمن ينفُخ في زوبعة. أخذ يهزُّ رأسَهُ بعد كُلْ جَرَةِ نفسْ عميقة قائلاً لصديقهَ: أبو صابر الذي لا يُخَبئُ عنهُ شيئاً من أسرار أحداث حياتهِ مَعَها:

"تَذْكُرْ يوم جَعَلَتني أركعْ لصحنْ الفاكهة، ويوم جَعَلَتني أبحَثُ في دولاب الملابس – قائلة: اجلب لي آخر بدلة قامَ بحياكتها ذلك العنكبوت الذي أتى "فاتحاً لا غازياً." من يومها وأنا أحسُّ بالسأم وأصبحتُ أتأثر بنقطتين: دمدمتها، واستعمارها لي."

درستُ الحقوق من أجلِ النهضة وليسَ من أجلِ الخروج بالمنازعات. في يومٍ ما قررتُ مزاولة الجنون عليها بضربي عصا الموت وشق بطن الوقت لأُعالج ما لم أعلم من حدودها، فما كان منها إلاَّ أن كسرت محبرة الأجداد، وفكت زمام حماري الذي عليهِ أسفار ابن الرّازي.

قبل مليون سنة ولِدْتُ ليس من أجلِ أن أشرب الشاي بقربها مثلُ خنزير، ولأُجالسها صدر البيت وأحرق سمّ النهار، وليس من أجل أن أجرَّ أذيالي إلى مكان هو نقيض ما أرغب تهرباُ من إشاراتها السطحية.

وإذا لم أخرج تجالسني قائلة: "لماذا تركض وراء شيء وافق على أغصان قتلها الجمود ونحن لا نملك من الوطن إلاَّ جزءً صغيراً نأكل عليهِ وننام فيهِ."

منذ ذلك اليوم جمدتْ صورتها على ظهر الحديث وعلمتُ أن هناك خطأ كبير في تقاويم نقوش المعرفة، وبتُّ أسأل نفسي ألفَ مرةٍ عن سبب وجود أرض الحياد بين طرفين متخاصمين فكان الجواب "تناسق الفشل."

D 1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2006     A رحاب الصائغ     C 0 تعليقات