منال الكندي - اليمن
نقتات كلمات من أجل الحرية
سبب المنافسة بين الثورتين الفرنسية والأمريكية، كلتاهما تدعي الكونية وتحاول تعميم ذاتها على الكرة الأرضية بأسرها، وكلا الشعبين معتقد بأنه محمل رسالة حضارية إلى العالم. (بول ريكور: كاتب فرنسي).
كل يوم يأتي نفقد الكثير من أنفسنا، من قيمة كانت تسكن داخلنا وتعطينا الحياة والأمل لنبقى. كنا في الماضي نكتفي بأغنية للعندليب لتلهب الحب بيننا ونعيش معها الحب والأمل. عشرات بل مئات الكلمات والصور من الحب والعشق لا تعني لنا شيئا سوى أنك رجل لا حبيب.
خرجت بكل حماسك وانتفاضتك لتصرخ، لتقول كلمة حق، لتصنع صوتا، لتضع بصمتك على تراب وطنك. عدا بعدها متذمرا قائلا: خرجنا، صرخنا، كلها شعارات، ونعلم أنها شعارات لن تقوم ولن تقعد لأجلها الدنيا. صرنا كلابا تصرخ وقوافل الموت تسير بكل قوتها وهدوئها لتكمل مسيرتها على رمال دمائنا.
صار كل شيء وكأنه قدر كتب علينا، لا يد لنا ولا خيار. الحب قدر. الخيانة قدر. الحرب قدر. لوحة رسمناها بأيدينا وأيديهم باسم الحرية والحضارة، ولم نعلم أننا سندفع ثمنها. صرخنا للديمقراطية، ولم نعلم أنها كلمات نظمت لتبحر على ساحات دمائنا.
رجولتك طعنت لإحساسك بخيانة الدنيا لك. كانوا يمنعونك من البكاء لأن الرجل لا يبكي، ولكنك صرت تبكي بحسرة وأنت ترى اغتصاب أرضك وزيتونك واخضرار قلبك على مرأى من العالم، ولا يتحرك ساكن ليمسح دموعك. كلمات الشجب والاستنكار تتطاير هنا وهناك وكأنها توقيع صريح بالموافقة على قتلك. كلما زاد حبهم لنا، كلما زاد دفع الثمن لهذا الحب من دمائنا على ساحات أرضنا لتروي عطشهم من مائنا وثرواتنا. فلا تحزن يا حبيب العمر فإننا ندفع الثمن لأجل الحب وما قتل.
◄ منال الكندي
▼ موضوعاتي