سالم ياسين - لبنان
أربعون
أصاخ السمع قليلا مقلباً المصباح بين يديه كأنما يسمع نداءً خافتاً من داخله:
"لربما كنت أمام أسطورة تتحقق، فالحياة أعمال غير مكتملة إلا بالأحلام بحثاً عن فرص عادلة."
بدأ يفرك المصباح ممنيا نفسه بعظيم الأمنيات والأحلام، منتظرا المارد الأزرق وشبيك لبيك.
زاغت عيناه من هول المفاجأة عندما رأى جنيا أخضر هزيل الجسد يتدرج من فوهة المصباح إلى الأرض.
"من أنت؟" صاح به من فرط المفاجأة.
"أنا جني المصباح، ألبّي أمنياتك الثلاث بفرص عادلة في الحياة. خذ وقتك بالتفكير قبل أن تطلب."
"هي أول فرصة عادلة في حياتي. عمري أربعون، بمثابة تاريخ من الأخطاء لحياة ضالة. هل تمحو لي أخطائي كي أتابع حياتي؟ "
"لك ما أردت، وأعود إليك بعد أربعين عاما."
عاد الجني إلى فانوسه. ومضى صاحبه يسعى.
لاقاه بعد أربعين عاماً شيخاً هرما يثقله الهم والحزن.
"أين أصبحت في الحياة؟ وكيف أحوالك؟"
"أصبح لدي تاريخ آخر من الأخطاء والضلال حري بأن يُمحى، ولم يعد لي من العمر بقية ُتذكر، فانظر ما أنت فاعل."
"ألبي أمنيتك في فرصة عادلة أخرى، فانظر ما أنت طالب."
أطرق مفكرا قليلاً ثم قال:
"أعدني طفلاً صغيراُ كي أمضي في حياتي من جديد."
"لك ما أردت، وأعود إليك بعد ثمانين عاما."
عاد الجني إلى فانوسه، ومضى صاحبه يسعى.
لاقاه بعد ثمانين عاما. شيخاً هرماً يثقله الهم والحزن.
"أين أصبحت في الحياة؟ وكيف أحوالك؟"
"قد أعدتني طفلا صغيراً وعشت في أرض غير ارضي وأهل غير أهلي، فكانت حياتي خاطئة ضالة، ولم يعد لي من العمر بقية تُذكر، فانظر ما أنت فاعل".
"ألبي أمنيتك الأخيرة بفرصة عادلة في الحياة، فانظر ما أنت طالب."
أطرق مفكرا واليأس يقطر من عيونه الغائرة هما وحزنا، ثم توجه إلى الجني قائلا:
"هي الحياة، أعمال غير مكتملة إلا بالأحلام والأساطير بحثا عن فرص عادلة. وفرصتي الأخيرة أن تعود بنا إلى يوم لقائنا: أنت تعود لمصباحك، وأنا لما مضى وما تبقى من عمري."
◄ سالم ياسين
▼ موضوعاتي
المفاتيح
- ◄ قصة قصيرة
- ● وماذا بعد؟
- ● النظّارة
- ● خرابيشُ خطّ
- ● بقرة حسين
- ● تاريخ