عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

منال الكندي - اليمن

تــسـاؤلات


"أنـا أفـكــر إذن أنـا مــوجــود" (رينيه ديكارت، الفيلسوف الفرنسي)

ينفث دخانه قرب نافذته وكأنه بنفثه يطرد الهموم الجاثمة فوق صدره، يطرد عن رأسه تلك الأفكار عن كل شيء وحول كل شيء: حبيبته التي هجرته للبحث عن حياة أفضل مع رجل الضمان لديه بنك جيوبه.

فقد الأمل في أن يحصل على فرصة عمل واحده بعد أن تشقق حذاؤه بحثا وتنقلا من مكتب، لوزارة، لشركة. وهو يرى أمامه الإعلانات والبرامج برنامج تلو الآخر: فرص عمل وطرق للنجاح. بائعو الآمال والأحلام التجارية التي فرصتها في البقاء لتختمر ربع ساعة لا أكثر. إنها الحياة العصرية السريعة التي لم تعد تقوم لها قائمه إلا بالمدعمات والفيتامينات المقوية والدعم الخارجي.

السلام، الحرية، التعايش السلمي، الوسطية، مهمة مقدسة. تمتم بهذه الكلمات متذكرا ما كتبه والمؤرخ والدبلوماسي الأميركي، جورج كينان، الذي قال إن تعبيرات مثل "واجب شرف"، و"مهمة مقدسة"، و"حتمية ضرورية" تعبيرات شائعة تفصل وتطرز كساءً لمطالب القوة الأمريكية. تذكر ذلك وهو ينتقل من قناة إخبارية لأخرى، ومن برنامج إخباري لآخر.

يحلل الأحداث وما يجري على ساحات الأوطان، وما يراه من الزحف الأمريكي لبقاع الأرض تحت تلك كل المسميات، ومنها مسمى آخر له نكهة أكثر قوة لتثبيت صورة رامبو، أي مسمى حماية العالم من الإرهاب. ثوب جديد استطاعت أن تطرزه بعناية فائقة لتكسب منه الكثير، وربما تكون به تدق آخر مسمار في نعش إمبراطورتيها. الطرف الآخر يتفرج وكأن كل هذا لا يعني شيئا بالنسبة له، طالما هو باق على عرشه.

أغلق التلفاز وأخذ رشفة من قهوته. يحاول أن يستمتع بمذاقها، محاولا تغيير مرارة حياته، مقلبا صفحات الجريدة بحثا عن شيء جديد. ولكن ما زالت صفحات الجرائد تعيد وتحلل ما رآه على شاشات التلفاز. ظل يقلب تلك الصفحات متسائلا: لماذا كل هذه الأحداث؟ ولمصلحة من تطحن الشعوب وتنزف الدماء ويقسم الوطن؟ صار السياسي اقتصاديا، والاقتصادي اجتماعيا، والاجتماعي سياسيا وحكيما. كل الاختصاصات في يدي شخص واحد ذي مواهب متعددة ومتنوعة، كالحاوي الذي أتقن لعبة الثلاث ورقات بيديه الاثنتين ببراعة فائقة. لم يعد لها معنى، كلها صارت معنى واحدا حسب وجهة نظره، معنى واحدا يخدم مصلحة الأبقى، الأقوى الذي لابد أن يتملك كل ثروات العالم عملا بنظرية داروين البقاء للأقوى، فرضت نفسها لتخدم أصحابها من أجل البقاء. وهل للبقاء نهاية؟

فكره تلو فكرة، إنسان يصارع إنسان، الكل على حق وصواب والكل على خطأ وباطل. كل هذا، وأين أنت، ولماذا أنت وحدك، مع آخرين متشابهين لك أو مختلفين عنك لا يهم. تبحث عن حقيقة، أم خيال؟ مادية، أم روحية؟ بعيدة، أم قريبة؟ كلمات، شعارات، نظريات وأفكار تعصر كيانه بحثا عن إجابة.

D 1 تموز (يوليو) 2007     A منال الكندي     C 0 تعليقات