عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

سالم ياسين - لبنان

ننهي ما بيننا


"دعنا إذا ننهي ما بيننا".

هي ذات النغمة، نفس الجملة التي يقف أمامها للمرة السابعة خلال تسعة أشهر.

لن يعجبه الموقف، سيثور محتجا مستجمعا كل ما يسعفه من تعابير دافئة ترفرف كزغب أجنحة عصفور صغير يروم الاحتضان فيهز مشاعرها ويبدل الموقف ليغرقا في بحر حب محموم.

توقن في قرارة نفسها أنه سيفعل. وأنها تحتاج لثورته وصخب كلماته كل حين، كما العاصفة في استمرار الحياة.

هي حالة من السعي للأمان المرتجى قد اختلقتها نتيجة الصدفة من المرة الأولى. ويدرك في قرارة نفسه أنه ماهر جدا في التبرير والتفسير والتصوير وأنها لعبته المفضلة، بل هي اختصاصه في عالم الحب والنساء.

توقن أنها كلما احتاجت ترجيح كفة مشاعرها على صوت المنطق، تفتعل الموقف المؤدي إلى "إنهاء" ما يجمعهم آملة ما يشفي غليل قلبها الظامئ لمزيد من العطف والاهتمام.

وهو يتنفس الصعداء بدم يصخب في عروقه وخفقات قلب تلهبه نار الحروف ولذعات التبغ، يعلم أنها تود دفعا جديدا كي تستمر معه في اتفاقية القلب والجسد، لعلاقة أعلنت بدايتها ارتجالا، وبقي إعلان نهايتها في يد الطرفين حتى إشعار آخر، فيصول ويجول في غمار أفضل ما يجود به فؤاده المقهور من استحضار فلسفة العشق النبيل.

بين وعي وإيمان ببينات علاقة تتأرجح بتسليم آني لفرح اللقاءات، تدور يوميات هذا الحب، هو في بحثه الدائم عن حضن دافئ، وهي في سعيها الرامي لتعويض ربيع بائس، فينعشهم عبق مطر في أرض عطشى، ويكبلهم قيد ما يستدركونه من واقع استدامة مستحيل.

لم تفهم لم كان وقع كلماتها هذه المرة مختلفا، فإذا به ينتفض ابتغاء إعلان النهاية بشكل صارم، ولم يعد ينفع معه جذب اختبائها في شذى عطور وألوان زاهية لسحر الصبا والجمال، فانبرت تسعى للتمسك بأذيال ثوب حبها الواهي بغير جدوى.

طوى بضع أوراق في حقيبة قلبه، وتنهد بعمق إثر شعوره بألم في صدره، لكنه لم يع سببه، أهو الانقباض المزمن في عضلة رئته اليسرى لكثرة التدخين؟ أم انحسار مشاعره في جزر يرتد انكماشا على ذاته لكبرياء مجروح تهشم من جراء الإقصاء والإهمال، فتهالك لما قد يقعده دهرا في سبات طويل للقلب واللسان؟

كلاهما أسلم أنها النهاية، كلاهما يرى أنها طالما كانت معلنة منذ همسة الحب الأولى، إنما هو المد والجزر في زمن ضائع لحب مهزوم.

D 1 أيلول (سبتمبر) 2007     A سالم ياسين     C 0 تعليقات