عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 
أنت في : الغلاف » أرشيف أعداد عـود الـنـد » الأعداد الشهرية: 01-120 » السنة 2: 13-24 » العدد 21: 2008/02 » كلمة العدد 21: غسان يبتسم: رجال (ونساء) في الشمس

عدلي الهواري

كلمة العدد 21: غسان يبتسم: رجال (ونساء) في الشمس


عدلي الهواريفي رواية رجال في الشمس لغسان كنفاني يتأخر أبو الخيزران، سائق خزان (صهريج)، في ختم أوراقه على المركز الحدودي بين العراق والكويت نتيجة أحاديث اضطر لتبادلها مع بعض الموظفين عن مغامرات نسائية مزعومة. كان على عجلة من أمره لأن ثلاثة فلسطينيين من أعمار مختلفة مختبئون في الخزان الفارغ المغلق أملا في دخول الكويت سعيا للرزق بعد نكبة 1948. كان الوقت ظهرا ويكاد الحديد يذوب من شدة الحرارة. وبعد عودة أبي الخيزران إلى سيارته الخزان، يكتشف أن الثلاثة قد لقوا حتفهم، ويقرر في البداية أن يدفن كل واحد في قبر على حدة، ثم أن يرمي الجثث في الصحراء، ثم يقرر أن يلقي الجثث في مكب القمامة حتى يراها عمال النظافة ويتم دفن الجثث لاحقا. ويتساءل بعد التخلص من الجثث: "لماذا لم يقرعوا جدار الخزان؟" ورددت الصحراء تساؤله.

أريد لأهالي غزة المحاصرين أن يلاقوا مصير الفلسطينيين الثلاثة في خزان أبي الخيزران: الموت بصمت وخنوع. ولكنهم يوم الأربعاء، 23/1/2008، قرروا الكف عن قرع الجدران وتوجيه نداءات الاستغاثة، وخرجوا كمارد من قمقم، وهدموا جدار الحصار المفروض من جهة الإخوة. وكانت صحراء سيناء سعيدة بهم وبأنهم داسوا على ترابها بدل أن تردد "لماذا لم يقرعوا الجدران؟"

وهكذا، وبعد عقود من صدور رواية رجال في الشمس أعاد أهالي غزة كتابة الخاتمة: لقد قرعوا الجدران طويلا، ولكن موظفي المراكز الحدودية وأبوات الخيزران مشغولون في أحاديث عن السلام والمفاوضات والأمن والشرعية، بينما يموت الصغار والكبار في القطاع المحاصر برا وبحرا وجوا. لقد كلّت الأيادي من قرع الجدران ولم يستجب أحد، ولذا قرروا هدم الجدار. هذا المصير الذي تستحقه الجدران في فلسطين وغيرها. غسان كنفاني سيرضى بهذه الخاتمة الأجمل لرجال (ونساء) في الشمس.

مع أطيب التحيات

عدلي الهواري

D 1 شباط (فبراير) 2008     A عدلي الهواري     C 0 تعليقات