عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 
أنت في : الغلاف » أرشيف أعداد عـود الـنـد » الأعداد الشهرية: 01-120 » السنة 3: 25-36 » العدد 26: 2008/07 » كلمة العدد 26: الوجه البشع لحكم القانون

عدلي الهواري

كلمة العدد 26: الوجه البشع لحكم القانون


عدلي الهوارييفترض أن مبدأ حكم القانون صيغة إنسانية أسمى في حكم الناس، وتنظيم العلاقة بين البشر، وبين الحاكمين والمحكومين، ويجعل الجميع سواسية أمام القانون. ولكن المبدأ المثالي يطبق في الواقع بنسبة معينة، تعلو أو تتدنى حسب عوامل كثيرة. وثمة قول يعتبر القانون امتدادا للسياسة، وهو قول أجد فيه الكثير من الصواب.

لكن القانون ليس موضوع هذه الكلمة إلا من زاوية استخدامه للحد من حرية النقد والتعبير في الوسطين الثقافي والأكاديمي، فقد جاء في الأنباء أن المؤسسة الناشرة لإحدى الدوريات الأميركية التي تعنى بالفن (*) هُددت برفع دعوى تشهير اثر نشر مراجعة لثلاثة كتب عن الفن الفلسطيني كتبها (أي المراجعة) جوزيف مسعد، الأستاذ في جامعة كولومبيا في نيو يورك.

تناولت المراجعة ثلاثة كتب لكل من الفنان الفلسطيني كمال بلاطة المقيم حاليا في فرنسا، والفنانة الفلسطينية سامية حلبي، المقيمة في الولايات المتحدة، وغانيت انكوري، الأستاذة في الجامعة العبرية بالقدس. وقد أشاد جوزيف مسعد في المراجعة بكتاب كمال بلاطة، خاصة رجوعه في الكتاب إلى القرن السابع عشر في إطار حديثة عن أصول الفن الفلسطيني. وانتقد غانيت انكوري وكتابها الذي وجد فيه نقلا عن أفكار كمال بلاطة.

وقد هُددت المؤسسة الناشرة للدورية برفع دعوى تشهير عليها في المحاكم البريطانية، فقررت بعد دراسة أفضل السبل للتعامل مع الموضوع أن تتوصل إلى تسوية تشمل نشر اعتذار في العدد التالي من الدورية. وقالت إن مداولاتها حول الأمر أخذت بعين الاعتبار القدرة المالية التي تمكنها من مواصلة تقديم خدماتها وبرامجها. وقد تم سحب الجزء المتعلق بغانيت انكوري من المراجعة المنشورة بصيغة إلكترونية.

وتذكر تلك الحالة بدعوى الذم والقدح التي رفعها على دار الآداب في لبنان محامو فخري كريم، صاحب دار المدى للنشر، وأحد مستشاري الرئيس العراقي، إثر نشر رئيس تحرير مجلة الآداب سماح إدريس افتتاحية بعنوان "نقد الوعي ’النقدي‘: كردستان-العراق نموذجا."

هذان مثالان فقط على كيف يمكن استخدام القانون ليكون وسيلة لتضييق الحريات في الوسطين الثقافي والأكاديمي، وإنهاك مؤسسة صحفية أو أكاديمية أو دار نشر بالجرجرة إلى المحاكم، وجعلها تنفق مواردها المالية المحدودة في معركة قضائية تستنزف مالا، ويكون الطرف المحدود الموارد خاسرا حتى لو كسب القضية.

لا يحتاج الإنسان إلى كلمة طويلة للتعرف على الوجه الآخر البشع لحكم القانون، فالحريات المفقودة في الكثير من الدول مصادرة بقوانين. والقانون على أهميته لتحقيق العدالة، ليس دائما الوسيلة التي تعيد الحق إلى صاحبه. وبدل أن نرى القانون يصون الحقوق ويحمي الحريات ويوسع نطاقاتها، صار حكم القانون تعبيرا مجازيا يقصد به مصادرة الحريات حتى في الوسطين الثقافي والأكاديمي.

مع أطيب التحيات

عدلي الهواري

= = =

(*) تفاصيل متعلقة بكلمة العدد 26

اسم الدورية (Art Journal). عدد خريف 2007. المؤسسة الناشرة: كولج آرت اسوسييشن (College Art Association/CAA). الكتب التي تمت مراجعتها:

1= كمال بلاطة (2000). استحضار المكان: دراسة في الفن التشكيلي الفلسطيني المعاصر. تونس: المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (اليسكو).

2= سامية حلبي (2001). فن التحرير الفلسطيني: الرسم والنحت الفلسطينيين في النصف الثاني من القرن العشرين. نيويورك. (بالإنجليزية. انظر التفاصيل أدناه).

3= غانيت انكوري (2006)، الفن الفلسطيني. لندن. (بالإنجليزية. انظر التفاصيل أدناه).

Samia A. Halaby. Liberation Art of Palestine: Palestinian Painting and Sculpture in the Second Half of the 20th Century. New York : HTTB, 2001.

Gannit Ankori. Palestinian Art. London: Reaktion Books, 2006.

D 1 تموز (يوليو) 2008     A عدلي الهواري     C 0 تعليقات