عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 
أنت في : الغلاف » أرشيف أعداد عـود الـنـد » الأعداد الشهرية: 01-120 » السنة 3: 25-36 » العدد 26: 2008/07 » نصان: صلاة + مقتطفات من أنفاس مخيم ما

صالحة رحوتي - المغرب

نصان: صلاة + مقتطفات من أنفاس مخيم ما


صالحة رحوتيصـــلاة

الحذاء ينفث أنفاسه. عَطَن يتلمس فتحات الأنف. والعينان مغمضتان ترومان بعض وميض في الحلكة، أو حتى ما قد ينسي ذات سواد عم.

ذكر، والأدعية تنساب من غور متآكل. قطرات تتشربها أحجار بلاط المسجد، استسلمت منذ زمن ولى وتجتر وجبات الأحزان. ما كانت لتستبدل طهر الأقدام متوضئة، لكن...

زفرات منها حرى تلك الساجدة والحذاء يلكز منها الجبهة، يذكرها به هو الواقف في عنف، هو من استُفِزَّ حتى بدموع منها، فما عاد يقبل هو ذاك الأقوى حتى أن يراها تلك الدموع تغسل أدران القهر.

استمرأه هو ذاك الذل، يراه الطافح في الأوجه وتتأجج آنذاك الهمة فيه، يجاهد من أجل التوراة، فــ"الأميين" أجلاف، وما ينئيهم إلا الجور عن هذا الهيكل كان الفخر.

الزناد نزق يدغدغ منه الإصبع، هو الجندي في باحات الأقصى، والرشاش تفاقمت فيه الرغبة في القتل وهم السجد. اصطفوا كما هي تلك المحاذية لحذائه، ثم والحقد اصطفت في نفسه كتلات منه.

يغازله ذاك الزناد توثب، يغويه ويغريه بأن يزيح جباها ينثال منها الدنس، والأحجار استمرأت طعم دموع الخشية فالتصقت بذات جباه.

::

مقتطفات من أنفاس مخيم ما

أوتاد تتأرجح مع زخات الريح لا تفتأ تتناسل منها الأبعاد وتتزايد منها الموجات لتغفو ثم لتتواتر في جلبة، والثوب المنخرمة منه الأوصال ينتفض في عنف متواصل، صفير ينحشر في الأسماع ليغنيها عن صوت الآلام يتعاظم حين الصمت.

بخار يتصاعد في كسل، وإناء ورائحة طعام ما، والخيمة تكتنز الرائحة فتضفي طعم حياة يخشاه الموت الجاثم بالقرب.

أجساد مستلقية، بل أيد وأرجل وصدور امتزجت برؤوس انطرحت ترقب في صخب صامت. نظرات وخواء يرتع فيها قد تلفع برداء الخوف.

نظرات والأعين حمراء انحشرت فيها ذرات رمال كانت طوال اليوم تتقافز، تنتثر في مقلات وتذكي غبشا يتفاقم ليحمي من رؤية ما قد يدمي أغوار حنايا انغرزت فيها سهام ورماح وحتى سيوف الألم انشحذت تتبارى.

كان البيت هنالك وكان الدفء عناقيد تتدلى، وكانت هي الطفلة تزهو في الحقل بثياب العيد قرب ذاك البيت، والأبناء الآن لا ضمة جدران عهدوها إلا الثوب عتيق من الخيمة، ويهتز رقيق لا يصمد، أنواء تتوالى، رعد والبرق ضياء يتسلل.

دمعات انحبست وتناضل من أجل العتق تروم السبيل إليه، لكن جدب والقحط يجتث فسائل عاطفة قد توحي بوجود الإنسان ما زال يسكن فيها.

حركات تنضح بالرتابة مفرطة تحرك منها اليد تمسك بالملعقة خشبية أضحت سوداء، وتجول في الإناء دون هدف بين حساء من دقيق مسود هو الآخر امتزجت فيه فقاعات بِزَبَد لزج متناسل.

بكاء والأصغر يذكر بالجوع يؤثثه حد العنف. والصوت من وراء الحجب أتاها يوصى بذاك الأصغر. ارتحل هو الموصي والأصغر كان ما يزال في الأحشاء مصانا من عنف الأيام.

أوصاها بهم وبه وبها هي أيضا. كان ذلك منذ زمن. دمعات كانت تتدحرج، وسواعد حيف تفانت تسحل منه الجسد إلى ظلام السجن. ذاك الجسد الذي استلمته بعد أن غادرته الروح مرفرفة إلى عوالم أفسح.

رائحة والحساء ازداد اللون منه سوادا، وشخير من الكل تعالى.

اضطجعت وسهاد أتى يساوم على لحظات للمكث وتمنع من إغفاء قد ينثر بذار الراحة فيها.

وحتى الريح استعانت بهزيم الرعد، تخشى أن يجتاح منها تيار النسيان كيانا. تنسى.

D 1 تموز (يوليو) 2008     A صالحة رحوتي     C 0 تعليقات