رامي حسين - الأردن
فاطمة: من وحي عينيك
تتوسد النجوم بين عينيها مرتاحة من عناء سفر طويل، تعلو وجهها ابتسامة تذيب جليد الاحزان من حولها، وبخار القهوة يتصاعد من كوب مستمتع بالاستلقاء بين يديها، وشعرها الحريري ممتد على كتفيها.
يطرق المطر نافذة غرفتها بشدة طالبا الولوج للداخل حيث دفء مشاعرها قد ملأ المكان. تراقب باهتمام محاولات المطر المتكررة.
يلمس خدها الرقيق زجاج النافذة، تسري قشعريرة في بدنها. تنكمش متل الزهرة حول نفسها، جميلة ورقيقة وأنيقة بكل ما تفعله، وجهها ابيض يحتوي على كل نقاء الكون، عيناها عسليتان تحاكيان النجوم بجمالهما.
تجلس متربعة على كرسي خشبي. تنظر من نافذة غرفتها التي تزاحم سطحها بحبات المطر. تضم ذراعيها إلى صدرها بحثاً عن مزيد من الدفء، الافكار تتجول ذهابا وإيابا أمامها، والذكريات تطل برأسها من طرف باب كان موصدا في مكان منعزل تماما في حيز فكرها. اود أن أضمها لصدري واتأمل ذاك الجسد الفاتن. اود أن اقطف لها من بين يديها زهرة واجدلها بين خصائل شعرها.
حبها يملأ قلبي وإحساس بالشوق والحنين، احساس جميل لا يمكنني يوما ان اصفه، دوما ما احاول ان اتحايل على قلمي لعلي استطيع ان اصف ما تشعرني به هذه الجميلة، لكنه يأبى التحرك من على حافة السطر الأول، فحينما يكتب أسمها يجلس متأملاً فوق " التاء" ويأبى النزول.
الابتسامة ترتسم على شفتيها الورديتين لكن سرعان ما تتلاشى كسرعة تلاشي قطرات المطر حين تحملها الرياح بعيداً عن زجاج نافذتها، لكي تتيح المجال لقطرات اخرى اصطفت في طابور طويل لرؤية وجهها. تلك الابتسامة، وبالرغم من الوقت القصير التي تجلسه بين شفتيها، ارى فيها سعادة لا توصف فابتسامة كهذه تنسيني احزاني بمجرد النظر اليها.
لوعة الأشواق تكتنز وتكبر بهذا القلب كنهر ممتد عبر صحارى هذا الجسد الذي ما عاد يطيق صبرا على لوعة البعاد، انا وغربتي ووجهها الجميل جلساء تلك الغرفة. دائما ما كانت تندب حظها التعيس في هذه الحياة، أحاول دائما التخفيف عنها لو بالقليل، كنت أحسها مثل فراشة سعيدة وهي بين ذراعي. تنهدت بعمق طاردة بعض الافكار التي تجول في بالها، واطلقت بصرها بعيداً نحو قطرات المطر القادمة من اعلى طارقةً نافذتها.
لا تفارقني ابدا في اي من لحظاتي، اتخيلها دائماً بجانبي وقد ارسلت شعرها الجميل على كتفي ووجهها اللطيف بين يدي، اتحسسه برفق خوفاً عليه من أن تؤذيه قسوة يدي، وهي تهمس في اذني بأعذب كلمات العشق.
اجلس بين جدران غرفتي منتظرا ذاك اليوم الذي يجمعنا وهي بين ذراعي وقد ارسلت على كتفي شعرها الطويل.
تلك هي فاطمة. توقف القلم، وما زال يأبى النزول.
◄ رامي حسين
▼ موضوعاتي
4 مشاركة منتدى
فاطمة: من وحي عينيك, محمد التميمي | 28 كانون الأول (ديسمبر) 2011 - 04:17 1
هنيئاً لفاطمة فقد أجزلت فيها الغزل ... أبدعت
1. فاطمة: من وحي عينيك, 28 كانون الأول (ديسمبر) 2011, 13:45, ::::: رامي حسين
شكرًا لك استاذ محمد.
مهما خطت ايدينا من كلمات العشق الذي منبعه من وريد القلب ومصبه أوراقنا، لا نستطيع أن نصف ذاك الشعور الذي يخالج قلوبنا، فكثيراً لا تسعفنا تلك الكلمات، مهما نثرنا منها على الورق.
فاطمة: من وحي عينيك, إبراهيم يوسف | 28 كانون الأول (ديسمبر) 2011 - 15:00 2
لو تَوَفَّرَتْ لي يا صديقي بعضُ مشاعرك..؟لَقُلتُ كلاماً لا يَقِلُّ عن جمالِ ما أوْحَتْهُ لكَ عينا فاطمة، (فَضْفِضْ) عن نفسك.. قل ولا تتردد.
1. فاطمة: من وحي عينيك, 28 كانون الأول (ديسمبر) 2011, 16:36, ::::: رامي حسين
أستاذ أبراهيم، شكراً لك على كلماتك.
المشاعر نستمدها من الذين نحبهم، فهم من يطلقوا العنان لذاك القلب بأن يعبر عن مكنوناته.
وبمقدار الحب الذي يشعورنك به بمقدار المشاعر التي تملأ قلبك، لكن بالطبع ليست كل مشاعرنا نستطيع صياغاتها بالكلمات، فهناك كثير من المشاعر من المحال وصف مدى روعتها ولا يفلح قلمي أبداً في ترجمتها فتبقى حبيسة هذا القلب لا يشعر بها أحد سواي.
وبالطبع سأبقى ( أفضفض ) لأوراقي وانقل لها جزء مما يدور داخل هذا القلب.
فاطمة: من وحي عينيك, رنا من الأردن | 30 كانون الأول (ديسمبر) 2011 - 12:55 3
لقد أعادتني كلماتك لزمن أتمنى العودة إليه حيث أصبحنا في زمن ضاع به الحب و لم يعد موجود من كثرة الهموم و المصاعب التي تلم بنا. ولأن الهم الأوحد أصبح زغيف الخبز و لم يعد هناك متسع لمشاعر الحب الجميلة التي تأخذنا إلى عالم رائع . فهنيئا لك بمشاعرك الجميلة و هنيئا لفاطمة بك......
أتمنى لك دوام التقدم و المزيد من الكتابات الرائعة......
1. فاطمة: من وحي عينيك, 31 كانون الأول (ديسمبر) 2011, 10:58, ::::: رامي حسين
صدقيني يا رنا ذاك الحب لم يضع في هذه الايام وما زال موجوداً، لكنه وللأسف أصبح نادر الوجود، حيث اصبحنا لا نجده الا بالقلوب الصافية النقية الخالية من الغش والخداع.
وكثيراً ما يخرج من رحم تلك الاوجاع والصعاب اشياءٌ جميلة، كالورود التي تنبت من قلب الأشواك.
شكرًا على كلماتك الرائعة، أسعدني مرورك.
فاطمة: من وحي عينيك, فاطمة | 31 كانون الأول (ديسمبر) 2011 - 07:28 4
عجزت حروفي عن النطق امام روعة كلماتك والرقي في وصف احساسك .. شعور رائع ذاك الذي يؤئر في القلب والاجمل ان يصل الى الى كل القلوب واظنك قد نجحت.. لا استطيع الرد فقد انبعث بداخلي احساس بالسعادة حين قرات اول حرف فكل حرف يمثل فيك الصدق والوفاء ولا حدود للحنان
اشكر لك صدق كلماتك واتمنى ان ارد لك ولو بجزء قليل مما اشعرتني به ...
1. فاطمة: من وحي عينيك, 31 كانون الأول (ديسمبر) 2011, 11:49, ::::: رامي حسين
تراقصت كلماتي فرحاً بقدومك، وأنارت حروفي لرؤيتها عيونك.
أعذريني أميرتي أذا عجزت عن وصف روعتك جميع أقلامي.