نـوشين الكيلاني - الأردن
انتحار
دارة المشرق - الأردن: مسابقة 2008
:: عود الند تبارك لنوشين الكيلاني فوزها في مسابقة دارة المشرق 2008 ::
انتحار/كانون الثاني
جلست على حافة سطح المنزل، ونثرت قدميها بطريقة عشوائية، وطففت تراقب الجميع من فوق. تكررت جلستها أياما وشهورا وسنين حتى وصلت لنتيجة: هي الرب، والجميع عبيد.
في يوم قررت النزول لأسفل كي ترى كيف تبدو من هناك. نظرت لأعلى ووصلت لنتيجة وقرار.
النتيجة: هي أصغر من أن تكون حشرة.
القرار: وقفت في اليوم التالي ورمت بنفسها من السطح، وتركت وراءها رسالة انتحار قالت فيها: "ربما الآن أستطيع أن أرى حقيقتي."
* * *
زواج/شباط
أحبها حتى الانعصار. عشقها حتى الهذيان. لا ينام حتى يقبل صورتها آلاف المرات. إن جاعت أحضر لها كل ما تشتهي النفس من طيبات. إن تألمت جمع الأطباء ليعرف مم تشكو ويطلب علاجه. إن خاصمت وقف على بابها أياما حتى ترضى عنه وتدخله.
في يوم لم نسمع سوى صوت صراخها ولسعة الحزام على جلدها الرقيق. "ماذا حدث؟" سألنا بكل سذاجة.
فجاءنا الجواب بأبسط من البساطة: "لقد تزوجا."
* * *
استجابة/آذار
رفع يديه قبل النوم يدعو ربه أن يريحه، ويسعد قلبه، ويقرب إليه الخير، ويجعل لنفسه مكانة مرموقة بين الناس، وأن يريه ما لم يره أحد من قبل، وذهب للنوم. ولم يستيقظ في اليوم التالي.
* * *
صرخة حلم/نيسان
تعالت صرخاتها حتى أصمت الآذان. شعرت بالألم يمتص منها الحياة. أحست أن جزءا من روحها بدأ بالانفصال عنها. بردت قدماها، ومالت عيناها إلى اللاجهة، اعتصرت وماجت وتلبدت، وشبح بجانبها ينتظر صوتا آخر رقيقا يصرخ ويبكي. لا لم تمت فقط: أنجبت حلمها الجميل.
* * *
ارتداد/أيار
ضربت بمشاعرها عرض الحائط، فارتدت إليها جرحا على هيئة رجل.
* * *
ضريبة/حزيران
كانت مثقفة، خلوقة، حساسة، متواضعة. صغرت بحيائها وتقلصت حتى أصبحت بحجم حبة العنب. ثم جاءت العنوسة لتحولها إلى نبيذ رخيص.
* * *
أشباح/تموز
قالت: "ما أنا؟"
قال: "روحي."
قالت: "وما أنت؟"
قال: "روحك."
قالت: "إذن فنحن أشباحنا."
* * *
تضحية/أيلول
قالت له: "اغتصبني."
قال لها: "فعلت مرارا وتكرارا."
قالت: "هذا ما أردت."
قال لها: "وماذا ستفعلين بدمائك؟"
قالت: "سأسقي بها أرض الذكورة، علها تنبت براءة بنكهة رجال."
* * *
طيف/تشرين الأول
قال: "أنت عمري."
قالت: "العمر القصير اختناق."
قال: "ومن قال إنه قصير؟"
قالت: "شهادة وفاتي."
* * *
فالس/تشرين الثاني
هو: "أتسمحين بهذه الرقصة؟"
هي: "لقد سبقك إليّ غيرك."
هو: "فلماذا إذن نقشت خطواتك على قلبي؟"
هي: "أحب أن أسمعها برائحتك."
* * *
ذاكرة مشوهة/كانون الأول
أحبها واعترف، فحكمت بالقبول، وعشقت حتى أصبحا روحا بجسدين. وصلا لنقطة لا رجعة فيها. وتماما عند تلك النقطة تركها وخطب قريبته. وهي لا زالت عند النقطة، تزوج وهي واقفة. أنجب أولادا وهي واقفة. حقق نجاحات كبيرة وهي صامدة تعيش على ذكراه المشوهة.
كتبت حكايتها ونشرت الرواية. أجهضت ما في داخلها ثم ماتت. اشتهرت الرواية واشتهر كاتبها. لم تكن هي، فمن شدة الهيام، تمردت الروح، ووقعت باسمه قبل آخر نقطة.