عصام عقرباوي - رومانيا
نصان: هذه ليلتي + درويش أناديك
هذه ليلتي
تجربتي الليلة أن أتوقف في المنتصف، ما بين أرض عشقتها، وبين أخرى نفرت منها. توقفت لساعات بين جدران أربعة، أراقب كل شيء من بعيد، كان في داخلي صوت لفرح قديم في لحظات وقوفي في المنتصف اكتشفت أن نفورك من مكان ما قد يولد مودة قوية قد لا تحس بها بهذا المكان، حتى تقف في مكان ما بعيدا عن نفورك وعشقك لتكتشف أن كل أرض تعيش بها تكون لك بمثابة قرية فرح صغيرة تسكن تحت جلدك، لا تطفو على السطح حتى تدعوها لذلك: وليلتي هذه لا تحمل أي نفور وعشق للمكان الذي أنا فيه، وما أصعب الاعتدال في الإحساس!
ولأني أكره اللون "الرمادي" فإني أكره هذا الإحساس باللا شيء، فعندما طالعت الوجوه في الشوارع المزدحمة، أحسست ببرودة أعنف من برودة الشتاء الأوروبي، لذلك قررت الانعزال عن العالم ليلة واحدة، أصنع لذاتي أرضا على حدود المنتصف. أريد أن أمر بتجربة "الرمادي". أن أخلع مني كل ما يربطني بمن أحب وبمن لا أحب حتى أصل إلى الاعتدال.
ما يجعلنا نكره أو نحب مكانا أو أرضا ما هو تجاربنا بذلك المكان. إذن، قررت أن أعيش دائما على حدود المنتصف: لأول مره أجد كل ما بي خاليا من الحبر، خاليا من التعبير. ورغم الصمت الذي انتشر كبخور ساخط في أرجاء الغرفة، إلا أنني ما زلت أحس بزحام شديد يطرق رأسي. بداخلي حرب مزعجة، ما بين خضوعي لنفوري، ولحبي، ولأن تحقيق معادلة الصلح بين الفريقين مستحيلة، قررت ألا أعير تلك الحرب أي اهتمام، حتى انتهت ليلتي هذه.
::
درويش أناديك
درويش أناديك. كل اللغات انتهت، مثلما ينتهي العمر في ثانية، فيجلس في الليل طير غريب كما أنا.
درويش أناديك. يفكر بالعش والقش. والضفة الحانية.
درويش أناديك. فإني وكل الطيور الحزينة يدفعنا البرد للحر والحر للبرد في البلدة النائية.
درويش أناديك. لماذا تماديت في البعد؟ والأرض ترحل، ترحل فانية، والحلم يرحل في النظرة القانية.
درويش أناديك. وهذه الفصول تزف إليك مرارة حرفي، وترسم فوق شباكك احتمالات حتفي.
درويش أناديك. لأنني الوحيد الذي لا يعانق في حلمه أمنية واحدة.
درويش أناديك.
◄ عصام عقرباوي
▼ موضوعاتي