غادة المعايطة - الأردن
حلمي: طاقية الإخفاء
أعلن علماء أمريكيون وبريطانيون عن نجاحهم في تصميم جهاز قادر على لعب دور الإخفاء.
قدمت براءة اختراع في روسيا لتكنولوجيا ابتكرها عالم الفيزياء الروسي اوليغ غادومسكي، أستاذ جامعة اوليانوفسك، تجعل الأشياء غير مرئية.
وأخيرا. هل من المعقول أن يتحقق حلم حياتي و(أصول وأجول) على مزاجي في أرض الله الواسعة، وأكشف المستور وأخترق المحظور، وأنافس إبليس، مع إمكانية هزيمته، على انتهاك عورات البشر ونشر غسيل سلالة آدم على الفضائيات وفي المحافل وفي مجالس الثرثرة والنميمة؟
منذ الطفولة راودتني الفكرة ولكن لم أفصح عنها خوفا من اتهامي، لا سمح الله، بـ ...
المهم أني ذاهب إلى أكبر متجر في البلد بعد أن سحبت جميع مدخراتي من البنك، وقمت ببيع سيارتي وحصتي من أرض القرية وبعض الأسهم في شركة النهاية المحتومة، وبصوت هامس، بعت ذهب زوجتي واستبدلته بذهب روسي (فالصو).
إذن (صفيت ع الحديدة) لأن طاقية الإخفاء باهظة الثمن. نسيت أن أذكر أني استدنت (مبلغ وقدره) من صديقي عزمي بعد أن خدعته وأقنعته بأني بحاجة ماسة للمبلغ لأسدد أتعاب مشفى الحياة بعد أن خضعت زوجتي لعملية استئصال المرارة وكيس دهني على الجانب الأيمن من الغدة الصنوبرية.
شكلت لي قضية حب الاستطلاع منذ البداية مشكلة كبيرة، فأنا إنسان مثقف جدا، وهوايتي في أوقات الفراغ، وهي كثيرة والحمد لله، أن أقرا الصحف الملونة وخاصة تلك الصفراء. طبعا الهدف أن أكون على اطلاع بما يجري على الساحة العربية والدولية والكونية وساحة الجيران من مستجدات تفرض عليّ أن أعيش الحدث بكل تفاصيله، وأدلي بدلوي في الديوانيات والمقاهي والملاهي، وهذا أضعف الإيمان.
وبسبب حرصي الثقافي هذا فقد أطلق عليّ الأصدقاء اسم (السيد باباراتزي) ما اعتبره وشاحا على صدري الذي اختزن ما لا يمكن أكبر كمبيوتر اختزانه من شائعات وتلفيقات وإساءات.
ولأني أرجو أن أورث هذه الصفة الجميلة لأبنائي فقد حرصت على أن يكون فيلم (سر طاقية الإخفاء) للمرحوم عبد المنعم إبراهيم وفيلم هاري بوتر، هادييهما ومعلميهما في هذه الحياة الصعبة التي لا تحتمل عناوين بادت وعفا عليها الزمن مثل مسميات القيم والمثل والمبادئ، إلى آخره، إلى آخره.
كنت قد ذكرت لكم أني أتمتع بالكثير من أوقات الفراغ، والسبب إني لا أعمل، والحقيقة أنا جد مستاء من أصحاب العمل الكثر الذين كان لهم الشرف أن أعمل لديهم، أنا المثقف العارف بكل الخبايا والخفايا، ومع ذلك كنت أفصل من العمل في اليوم الثاني أو الثالث بالأكثر، وبدون إبداء الأسباب. أي ظلم هذا؟
لن أطيل عليكم، فأنا الآن في أشد اللهفة لشراء طاقية العمر (وما حدا حوش).
* * *
أعرفكم بنفسي، فأنا عزمي، صديق السيد باباراتزي. طبعا كنت لا أرتاح له منذ البداية، فقد كانت هالته الأكثر حلكة من ظلمة الغابة في ليلة غاب عنها القمر، تسبقه أينما حل وارتحل، وصدقوني كانت له قرون استشعار تتقصى كل مفردات القواميس والنواميس المريضة. باختصار هو الآن في مشفى الأمل المفقود للأمراض النفسية المستعصية، والقصة أنه عندما باع (اللي فوقه واللي تحته) ذهب لشراء الطاقية إياها. وعندما حاول استعمالها للمرة الأولى للتلذذ في هتك أستار البشر تبيّن أن الطاقية لا تعمل إلا على موجات إنسانية سليمة تتقي الله، وفي حال وجود نوايا (شريرة لدى مستخدم الطاقية)، فإن هذه الطاقية تصعق دماغه الموبوء وترسله إلى جهنم الدنيا، ومن ثم الآخرة. وسلامتكم.
◄ غادة المعايطة
▼ موضوعاتي