عرض لكتاب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية
في الشريعة الإسلامية لمحمد الحلبي
عقد المؤّلف هذا الكتاب في ثلاثة أبواب، الأوّل منها استوى في أربعة فصول، والثاني في ستة فصول، والثالث في فصلين. ففي الباب الأوّل المعقود تحت عنوان "التكافل الاجتماعي" يعرض المؤلّف في الفصل الأوّل دور التكافل الاجتماعي في الإسلام في تحقيق الحقوق، وإحقاق الحقّ، وهو توجيه من السّماء، حضّ عليه الإسلام، وفصّله نبي الأمة، صلّى الله عليه وسلّم، وهو تكافل من الأسر، ليمتدّ إلى الأسر والأفراد. وفي هذا الصّدد يشير المؤلّف في مبحث خاص إلى أنّ الإسلام هو الدّين الوحيد الذي انفرد بموضوع الحضّ على التكافل، عارضا الكثير من الأدلة القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة على هذا الحضّ.
في حين يعرض في الفصل الثاني المعقود تحت عنوان "الضمان الاجتماعي" إلى دعوة الإسلام إلى التكافل الاجتماعي، ومؤكدا الفرق بينه وبين الضمان الاجتماعي، الذي يعدّ حقا لكلّ إنسان، لا سيما التأمين الصحّي، وهو في هذا الشأن يؤكد واجب الدولة في ضمان المواطنين، عارضا الكثير من الأدلة القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة على ذلك.
وفي الفصل الثالث من هذا الكتاب عرض المؤلّف إلى خصائص النظام الاجتماعي في الإسلام بالتفصيل والشّرح والاستشهاد بالأدلة التاريخية والقرآنية، وهي خصائص أجملها الكاتب تحت العناوين التالية: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وشجب العنصرية وعدم التمييز بين الناس، والعفو والحلم والرفق، وحبّ الخير وإيثاره على حبّ النّاس، والرحمة، والحياء، والصبر، والوفاء والمحافظة على العهود، والصدق وحسن الخلق.
في حين الفصل الرابع المعقود تحت عنوان "بناء وتنظيم الأسرة المسلمة" يعرض إلى أهمية بناء الأسرة في الإسلام، وهذه الأهمية قد أولاها الإسلام كلّ التنظيم والتشريع والتقنين، ابتداء من الحق في الزّواج وبناء الأسرة على أساس الودّ والرحمة والتكافؤ والرضا والقبول والعشرة الحسنة وإقامة حكم الله.
أمّا في الباب الثاني المعقود تحت عنوان "الحقوق الاقتصادية في الشريعة الإسلاميّة" فيحمل الفصل الأوّل منه عنوان "التوازن الاقتصادي والاجتماعي ومبدأ العدالة في توزيع الثروات"، وفي هذا الفصل يتعرّض المؤلّف إلى أنّ الشريعة الإسلامية قد عالجت هذا التوازن بحيث يعمّ الخير جميع الأفراد، وبأنّ لا يكون هناك مغالاة في توزيع الثروة، وأنّ العمل هو أساس الإنتاج، مع الأخذ بعين الاعتبار تفاوت النّاس في القدرات والكفاءات والمؤهلات وفي مقومات الشخصية.
وفي الفصل الثاني يعرض الكاتب إلى فريضة الزكاة ابتداء من التعريف اللغوي والاصطلاحي لها، مرورا بالأدلة القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة على وجوبه، انتهاء بالتفصيل إلى أهمية الزكاة لتوازن المجتمع، وأهداف الزكاة، والأهمية الاقتصادية للزكاة، واختلاف الزكاة عن غيرها من الحقوق المالية، وأثر الزكاة على النظام الاجتماعي.
وفي إزاء هذا الفصل، يعقد المؤلّف الفصل الثالث لموضوع الرّبا، الذي يعرّفه، ثم يتوقّف عند الحكمة المتوخّاة من تحريمه، وأدلة تحريمه في القرآن والحديث النبوي الشريف، ثم التوقّف عند الآثار الضارة للربا المتمثّلة في: الضرر على الأخلاق، واستنزاف ثروة الكادحين، وسيطرة فئة قليلة على موارد الدولة، وبذر الحقد والضغينة في نفوس الناس، ورفع الأسعار على المواطنين، والتسبّب بالبطالة وتخفيض الأجور، وأكل أموال النّاس بالباطل.
أمّا الفصل الرابع من هذا الباب والمعقود تحت عنوان "حقّ الملكية" فيتوقّف مليا عند طبيعة الملكية الفردية، ويميّزها عن الملكية الجماعية، ففي حين تنحصر الملكية الفردية في الأموال التي يجوز تملكها، والأموال التي يجوز تملّك منافعها فقط، والأموال التي تقتصر فيها الملكية على العين فقط دون منافعها، تقع الملكية الجماعية في كلّ ما هو ضروري لحياة النّاس جميعا، ولا يجوز أن يمتلكه الأفراد.
ومن خصائص هذه الملكية الجماعية أنّها ملكية دائمة، ولا يجوز توقيتها بمدة معينة، ولا تسقط بالتقادم، ولا تزول بعدم الاستعمال.
والحديث عن الملكية يستدرج الفصل الخامس المعقود تحت عنوان "حق الكسب والعمل" حيث الحديث عن أهمية العمل في الإسلام ومكانته، وأهمية التشريع العمالي في الإسلام، وضرورة المنافسة الشريفة، والحث على العمل والجهد والكسب الحلال، وفي هذا المضمار يحرّم الإسلام حظر العمل في الأشياء المحرّمة، وتحريم العمل في الخمر، وتحريم بع الميتة أو المتاجرة بها أو الانتفاع بأيّ شيء منها، وتحريم تربية الخنازير، وتحريم شراء وبيع الدّم المسفوح، وحظر العمل في الصيد في الأشهر الحرم، وحظر العمل ضمن عصابات السّلب والنّهب.
والإسلام يكفل كذلك حق العامل في الأجر، والراحة، وتحديد ساعات العمل، والإجازة الأسبوعية، والإجازة السنوية. وفي الوقت ذاته تلزم العامل بتنفيذ العمل، والأمانة وعدم الغشّ والتدليس، وعدم الإهمال في العمل، والإبداع والإتقان في العمل.
وهذه الحقوق والواجبات تستدرج وجود الفصل السادس المعقود تحت عنوان "المبادئ الأساسية في العمل الاقتصادي" حيث تستعرض أهم المبادئ للعمل الاقتصادي الإسلامي، وتحصرها بالتفصيل في: الاهتمام بالعمل، وتقييد الملكية الفردية، وتحريم كنز الأموال، وتحريم الاستئثار بمصادر الإنتاج، وتحريم أكل أموال النّاس بالباطل، وتشجيع الصدقات.
ولأنّ التجارة من أهم مظاهر العمل الاقتصادي فالمؤلّف يخصّها بفصل كامل بعنوان "حرية التجارة" حيث يعرّفها، ويربط صحتها بشروط محدّدة، ويحرم الاحتكار فيها، ويناقش أهمية التسعير ومشروعيته وحكمته، ويسوق الأدلة الشرعية على ذلك.
وفي إزاء الحقوق المادية والحريات الاقتصادية والواجبات الإنسانية التي يوردها المؤلّف في البابين الأولين في هذا الكتاب، يعرض المؤّلف في الباب الثالث منه إلى "الحقوق والحريات السياسية في الشريعة الإسلاميّة"، وهي تختزل في أنّ الشعب هو الذي يتخلّى دفة الحكم عن طريق من ينتخبهم أو يوافق على ترشيحهم للقيام بمهام إدارة شؤون الأمة، والسّهر على مصلحتها.
والشورى هي من أهم ملامح الحياة السياسية في الإسلام، وذلك يفرد لها المؤلّف الفصل الأوّل من هذا الباب، حيث يسوق الأدلة الشرعية على وجوب الشورى، كما يوضّح أسلوب العمل بالشورى عبر استشارة أهل الأمر، ثم استشارة الأمة كلّها، واستشارة الصحابة عامة، مع الأخذ بعين العرض مواضيع الشورى، والمؤهلات المطلوبة في المُستشار، فضلا عن استعراض الكثير من الأمثلة العملية من حياة الرسول محمد، صلى الله عليه وسلّم، ومن حياة الصحابة والخلفاء الراشدين على الشّورى.
أمّا الفصل الثاني من هذا الباب، فهو معقود تحت عنوان "رئاسة الدولة في الشريعة الإسلامية" وهو يعرض بالشرح والتوضيح لكثير من القضايا المرتبطة ارتباطا وثيقا ومنطقيا بهذا المبحث. فيعرض ابتداء إلى حق النّاس في الإسلام في اختيار رئيس الدولة لاسيما في ضوء أهمية وجود رئيس للدولة، ثم كيفية اختيار هذا الرئيس، وكيفية البيعة الشرعية له، مع الأخذ بعين الاعتبار الشروط المقرّرة لصحة البيعة، والشروط الواجب توفّرها في المرشّح/رئيس الدولة المفترض، وهي: العلم والاجتهاد، والصلاحية والكفاءة، والإسلام، والعقل، والبلوغ، والذكورة، والعدالة والتقوى، والقرشية.
ويؤكد هذا الفصل حقّ المسلمين في خلع رئيس الدولة الإسلامية في الحالات التالية: انسلال الإمام عن الإسلام، اشتهار الإمام بالفسق والفجور والفساد، الظلم والجور، إصابته بعاهة تعوق قيامه بواجباته، إذا وقع في الأسر.
= = =
- غلاف: الحقوف في الشريعة الإسلامية
◄ سناء شعلان
▼ موضوعاتي