زهرة زيراوي - المغرب
قراء في فن أفانين كبة
الفنانة تتحدث عن نفسها وتجربتها
أمتللك موهبة الرسم والصبر، عندي خيال واسع . أعتمد كثيرا على استعمال الحدس ولكي أبدع، احتاج إلى حرية، حرية الرأي والتعبير بأسلوبي، وأحتاج إلى سكون لكي ألتقي مع نفسي . أرسم للاكتفاء الذاتي وليس هدفي المادة. وأحب تأكيد هويتي العراقية التي أفتخر بها.
أرفض الامتثال لما يفرضه كهنة الفنون عامة، والتشكيل خاصة، الرفض عندي ليس لمجرد الرفض بل لأنه يستدرجني لولوج عوالم أخرى، عوالم تمنعت فأدمنت طرق بابها، فدعتني أخيرا للدخول. لا أنكر أن للزمن الذي نعيشه سلطة علي، فلوحاتي تعكس عالما تسيطر فيه القوة بقناع ناعم أحيانا وبيد القوة المدمرة أحايين أخرى.
أعمالي هي تعبير في الأخير عن عالم يعيش تغيرات ثقافية سريعة لا تثبت على حال، أرفض الرسوخ والثبات والتوزيع للكتل اللونية وفق دروس معينة، لأن ذلك لا يدفع لشيء جديد، ما يعنيني هو التوازن في الأخير بالنسبة لعملي الصباغي، ويعنيني أيضا تاريخ بلدي ليظل الصباغي يعكس تهجيرنا، والدم العراقي الذي أهدر، والحروب المروعة التي تعرضنا لها، لقد أدار العالم يومئذ ظهره لنا، هذا ما أود أن تدونه لوحاتي.
تحاول فرشاتي أن تعكس هذه العوالم كيفما راودتني، ألوان تتطلع لأن تعكس عالم الفوضى والحروب واللايقين. علمت نفسي بنفسي وذلك بالاطلاع على عالم االفن من خلال زياراتي المستمرة من خلال زياراتي للمتاحف والمعارض ومتابعة المجلات الفنية وكتب الفنون بأشكالها
ابتدأ عندي الولع بالرسم منذ سن الخامسة عشرة.
قراءة الفنانة التشكيلية زهرة زيراوي في أعمال أفانين كبة
ونحن نتابع الأعمال الفنية للفنانة أفانين كبة في كل من أقبية معرض (الأندلس) ومعرض (لو لوفان) في منطقة سان لوران تسافر بنا ونحن في مونتيريال عبر الذاكرة إلى أكثر من ستة آلاف عام قبل الميلاد في الحضارة الأكادية شلالات ضوء التاريخ لزمن لم يمح بعد في عوالم الطين بكل من نهري الفرات ودجلة فنستعيد عبر لوحة تعكس ما قامت به الحروب الشرسة التي لم تستثن حتى الكتاب حمال المعارف والحضارات امتدت أنياب الحروب إليه ذلك لأننا عبره نستعيد الرازي وابن سينا وغيرهم من فرسان بيت الحكمة، ما قامت به هذه الحرب مت تقتيل للصفحات التي تحمل هذا التاريخ المجيد امتدت له فرشاة أفانين فعكسته اللوحة ليظل خالدا وشاهدا على اليد المدمرة التي امتدت إليه
وتأخذنا في رحلة مشوقة عبر مسيرتها الفنية لأكثر من خمسة عشر عاما، أعلنت عن مدى وعيها الفني والأدبي إذ هما معا يحضران في جانب من أعمالها المعروضة، حيث توظف مقاطع من قصائد لشعراء العراق فيتساكن الشعري والصباغي معا، ليستعيدا معا تاريخ العراق، هذا يعكس مشارب شخصيتها الفنية المتعددة المنابع، ففي لوحة يبدو الحي خاليا من الناس كأنهم قد رحلوا، وتبدو في سماء الحي امرأة وهي تطير، تقف لتطل على الحي المهجور، تذكرنا بالملك الضليل ينشدنا : بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه، لقد كتبت على الإيشارب الذي يلف جيد بطلة اللوحة ما يلي:
إذا ذكرتك يا بغداد أرقني ذكرى حبيب بروحي كنت أفديه
تركته ساعة التوديع في وله لم يدر كيف عن الأنظار يخفيه
وفي لوحة مجاورة يطالعنا نهر دجلة بدوره يشكو رحيل البحارة إلا بحارا واحدا يظل قاربه فارغا وصاحبه يتأمل رهبة المكان ووحشته، ثم في لوحة أخرى تجلس فتاة تعكس ملامحها حزنها العميق تنظر من بعيد النهر الفارغ من القوارب، وقد ساكن الشعر الصباغي فعكسا معا وحشة المكان وما نالته الحرب من العراق فجاء التوظيف الشعري حمالا مع الصباغي مأساة ما حدث:
عهدي به أن لا بعدي يغيره ولا الليالي وإن جارت تنسيه
لعل في الغيب أياما تميد بها تلك الكؤوس فيسقى وأسقيــــه
كلها تعكس الهوية الوطنية للفنان العراقي خارج بلاده، وهذا هو القاسم المشترك بين فناني العراق الذين اختاروا المهجر بعد الحروب الدامية التي تعرضت لها بغداد فحضرت هذه الحروب موضوعا وأسلوبا في أعمالهم الصباغية على غرار لوحة الجرنيكا لبيكاسو، لا تقل عنها أبدا ربما هي تجعلنا نحس بالألم الدفين فينا وبعمق حضاري يتسرب منا، ونحن نقف موقف اللامبالي، فاللوحات تعكس
أخدوداً مؤثراً في أنفس أغلب الفنانين العراقيين، في المنفى أو في المهجر أم في الوطن، إنها التعبير عن الماضي الحضاري العميق، وعن الانتماء للوطن الذي يسكن الذاكرة، هي سفر داخل الذات والتاريخ.
أفانين كبة التي آواها المهجر والتي يعكس حجابها انتماؤها الإسلامي، تبعث رسالة عبر لوحتها التي تطالعنا فيها يد فنان يقف قبالة دير للعبادة عليه الصليب يرسم هذا المشهد ليسافر بنا عبر رسالة الإسلام الحقيقية : "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم".
تقول عنها جريدة "صدى المشرق" الصادرة بمونتيريال بمناسبة معرض جماعي ضم مجموعة من الفنانين العرب المهاجرين :
"أما أفأنين كبة الرسامة الكندية العراقية، فتصور شهرزاد في إحدى لوحاتها، وهي في حال مأساوية تتماهى مع مدينة بغداد، التي غرقت في مياه دجلة، ودمرت واندثرت، ثم تعود بغداد في لوحة مجاورة، وقد نهضت من كبوتها، تخرج إلى الحياة من الأنقاض ململمة جراحها لتستعيد إرثها الحضاري وتلعب دورها الثقافي الفني والعلمي عامة ... "طرحت الفنانة كبه اللون رديف حضارة. وللون دلالة منذ النظرة الأولى، إذ يحيلنا على حواء التي أبصرت التفاحة فأغراها "لونها" و"شكلها" ثم سحر طعمها فدفعها لما فعلت. الإحساس في اللون، ليس فائض عاطفة، بل توظيف لاستخدام يبدأ في العين وينتهي في الشيء! في حضارة وادي الرافدين . استخدم اللون مقترنا بالسببية فصارت له دلالة اللون الأحمر، مثلا، رمزا له منذ القدم دلالته وعلاقته بالحياة لأنه لون الدم.
واستخدمت التشكيلية أفانين لوّن التراب: لون الطين والخصوبة والنماء الترابي، وهو في التراث الشعبي يمتلك من الدلالات ما يمتلك من سلطة، إنه يرعب الأرواح الشريرة، يطردها.
ونجحت أفانين كثيرا في لوحة "الحضارة" وبلورة معتقدات العراقيين القدامى، في بعض قصص خلق الإنسان: "إنه خلق من طين، دبت به الحياة بعد مزجه بالدم. ولملمت الجغرافية أماكنها سهولها وجبالها، وذلك الأفق البعيد لرسم التاريخ بألوان تراب"
نعم لقد تفردت فرشاة أفانين بالفن الذي يستعيد الوطن، ومجد حضارة بلاد الرافدين، فهل تمتد لأعمالها يد المؤرخ العربي كما امتدت يد التاريخ الغربي للوحة الجرنيكا لبيكاسو؟
يبقى أن أشير إلى ما أشار إليه ألان دو سوزا، رئيس دائرة سان لوران، وممثل عمدة مونتريال جيرالد ترامباليه، في كلمة الافتتاح، إذ قال: "إن التجمع الفني في معرضه الجديد بين البارحة واليوم يسجل حركة مميزة ونقل لحضارات مختلفة في تاريخ الحركة التشكيلية في مدينة مونتريال".
= = = = =
شاهد اللوحات المذكورة أعلاه وغيرها في صفحة التعريف بالفنانة.
◄ زهرة زيراوي
▼ موضوعاتي
2 مشاركة منتدى
قراء في فن أفانين كبة, لطيفة حليم . المغرب . | 26 كانون الثاني (يناير) 2012 - 15:06 1
ما اجمل ان تقرأ في مدينة مونتريال ما تكتب الكاتبة المغربية زهر الزيراوي المقيمة بمدينة الدار البيضاء
التي تشبه في تألقها وحركيتها ووهجها مونتريال
لقد لامست عن قرب وأنا هنا في مدينة مونتريال . لوحات الفنانة التشكيلية افانيين من خلال قراءة ما كتبت
عنها الكاتبة والمبدعة زهرة الزيراوي. فشعرت بوحدة العالم وإلغاء الحدود المصطنة. واقتربت الدار البيضاء من مونتريال.
فحضر الشرق بهمومه واحتلاله للعراق, وحضر الغرب بفرحه وحريته بكندا.
و عدت لاشاهد اللوحات
اللوحات تحمل التناقض الحاصل بين الفرح والسرور . بألون تبدو مفرحة أحيانا محزنة أخرى . نحب شهرزاد لغوايتها السردية ونكرهها لأنها مؤشر للموت .
هكدا هي لوحات أفانين . حياة+ موت . يغلب عليها , اللونين البني الدي يرمزللأرض والتراب .والأزرق الدي يرمز للماء ودجلة .
وكأن الفنانة التشكيلية في مونتريال ما زالت تقيم في بغداد. بين الماء والتراب تطير في الهواء خائفة من لهيب النار. تحلق مثل الطيور التي لا تعرف للعام حدودا جغرافية .
تجمع في لوحاتها
التراب + الماء+ الهواء+ النار.
1. قراء في فن أفانين كبة, 29 كانون الثاني (يناير) 2012, 08:44, ::::: افانين كبة, كندا
شكراً عزيزتي الدكتورة لطيفة حليم , ومن منا ليس لديه احزان وهموم .
هذا هو حال الفنان يجمع مابين واقع الحياة وخيال الابداع.
يسعدني ان ارى تفاعل وفهم للقضية العراقية من خلال الفن , وهذا هو هدفي, واراه من خلال النظرة العميقة لتفسيراللوحات من ِقبل الاستاذة زهرة زيراوي .
اشكرك دكتورة لطيفة وما ابديتيه من رأي وما اروع ان يوحدنا الفن.
تحياتي,
افانين كبة
قراء في فن أفانين كبة, أ.د/ عبدالله بن أحمد الفَيفي | 27 كانون الثاني (يناير) 2012 - 22:40 2
يعانق الفنُّ الفنَّ هنا، والشِّعرُ الشِّعرَ، من خلال أعمال الفنانة العراقية أفانين كبة، وقراءة الفنّانة المغربية الأديبة زهرة زيراوي.
أحيّيهما، وأتمنّى لهما مزيد العطاء والتوفيق؛ فالفنون تظلّ السبيل الأرقى والأبقى لترميم الروح، واسترداد إنسانيّة الإنسان، المستلبة والمنتهكة.
أ.د/ عبدالله بن أحمد الفَيفي
1. قراء في فن أفانين كبة, 28 كانون الثاني (يناير) 2012, 21:30, ::::: ا فانين كبة, كندا
حضرة الاستاذ الدكتور عبد الله بن احمد الفَيفي المحترم.
تحية طيبة ولي الشرف ان تنال اعمالي الفنية التقدير والثناء من حضرتكم.
الفن هو لكم , بيدي الفنان وروحه , لكنه لكم و يستوحي من كلامكم.
الف شكر على كلامك الجميل, وخالص الشكر الى الاستاذة القديرة زهرة الزيراوي التي قدمتني الى ( عود الند ) وفتحت لنا باب التواصل الفني.
تحياتي الخالصة,
افانين كبة