زينب عودة - فلسطين
اللاجئون الفلسطينيون وحق العودة (*)
(*) مقطع من رسالة ماجستير بعنوان اتجاهات اللاجئين الفلسطينيين في محافظات غزة نحو حق العودة: دراسة ميدانية. قدمت في جامعة القدس المفتوحة (أبو ديس).
ترتبط مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بالنكبة التي حلت بفلسطين عام 1948، وأسفرت عن قيام دولة إسرائيل، واقتلاع الفلسطينيين من مدنهم وقراهم وأراضيهم، وأعمال القتل وارتكاب المجازر. وقد أدت النكبة أيضا إلى لجوء مئات الألوف من الفلسطينيين إلى مناطق أخرى من فلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة)، وإلى الدول العربية المجاورة. ومنذ ذلك الحين تحتل مسألة اللاجئين الفلسطينيين محورا أساسيا في القضية الفلسطينية بأكملها، إذ يمثل اللاجئون الفلسطينيون ثلثي الشعب الفلسطيني البالغ عدده نحو تسعة ملايين مليون نسمة، وهذه أكبر نسبة من اللاجئين بين أي شعب في العالم [1].
وعملت إسرائيل على فرض وتعزيز وجودها على الأرض الفلسطينية من خلال جلب اليهود من شتى بقاع العالم وإيوائهم ومنحهم حق العودة. كما أن الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967 أسفرت عن موجة جديدة من اللجوء إلى دول الجوار ودول العالم. وقد أشارت أحدث إحصائية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) إلى أن عدد اللاجئين المسجلين لديها قد بلغ 4349946 لاجئا، بزيادة تقدر بخمسة أضعاف ما كان عليه عام 1950. من هؤلاء اللاجئين 1278678 لاجئا يعيشون داخل تسعة وخمسين مخيما موزعة على عدد من المناطق [2].
يبلغ عدد مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة سبعة وعشرين مخيما حيث يوجد تسعة عشر مخيما في الضفة الغربية، يعيش فيها 184382 لاجئا من عدد اللاجئين المسجلين البالغ عددهم 699817 لاجئا، أي ما نسبته 16.2% من إجمالي اللاجئين المسجلين لدى الأونروا، وهناك ثمانية مخيمات في قطاع غزة يعيش فيها 479364 لاجئا من عدد اللاجئين المسجلين البالغ عددهم 986034 لاجئا، أي بنسبة 22.6% من إجمالي اللاجئين المسجلين لدى الأونروا [3].
وأما في الدول العربية التي لجأ إليها الفلسطينيون فيوجد في الأردن عشرة مخيمات، يعيش فيها 286110 لاجئ، في حين بلغ عدد اللاجئين المسجلين 1827877 لاجئا، أي بنسبة 41.8% من إجمالي عدد اللاجئين المسجلين. وفي لبنان يوجد اثنا عشر مخيما يعيش فيها 213349 لاجئا، أما عدد اللاجئين المسجلين فقد بلغ 404170 لاجئا، أي بنسبة 9.4% من إجمالي اللاجئين المسجلين. وفي سوريا هناك عشرة مخيمات يعيش فيها 115473 لاجئا من أعداد اللاجئين المسجلين البالغ عددهم 432048 لاجئا، أي بنسبة 10% من إجمالي اللاجئين المسجلين [4].
بعد نكبة 1948 اتخذت الجمعية العمومية للأمم المتحدة قرارات عدة ذات صلة وثيقة بقضية اللاجئين، كان أهمها قرار رقم 194 لعام 1948 الذي نص على حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم، وتعويض عدم الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة [5].
ومنذ عام 1948 تنوعت الرؤى تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين ومشاريع التسوية وذلك منذ إنشاء لجنة التوفيق الدولية ووكالة الغوث الدولية وما تلاها من مشاريع أمريكية وأوروبية وحتى عربية، فقد بدأت الأونروا بتطبيق سياسية إغاثة، ثم الانتقال من منظور الإغاثة إلى منظور تحسين ظروف المعيشة للاجئين، ومؤخرا انتقلت إلى "مشروع تطبيق السلام" الداعم للعملية السياسية الجارية للتوصل إلى تسوية [6].
ومنذ عام 1949 كانت هنالك دعوة لإسرائيل لقبول عودة 100 ألف لاجئ فلسطيني مقابل الحصول على صلح مع العرب [7]، ولكنها رفضت ولم تطبق حتى الآن، أي بعد مضي 59 عاما على النكبة.
في المقابل كان الموقف الفلسطيني قد مال حتى مطلع السبعينات لصالح رفض التسوية السياسية والتركيز على المشروع القومي القاضي بتحرير فلسطين ومن ثم عودة اللاجئين. إلا أن هذا الموقف تطور تدريجيا، ففي منتصف السبعينات أصبحت العودة هدفا ضمن أهداف ثلاثة رئيسية للمشروع السياسي المرحلي، وهي العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية.
أما الثمانينات فقد شهدت تعددا في المشاريع، عربيا ودوليا وفلسطينيا، فدورة المجلس الوطني الفلسطيني التاسعة عشرة عام 1988، ومؤتمر مدريد للسلام عام 1991، ثم اتفاق أوسلو 1993 تلتقي على تأجيل تحديد الوضع النهائي لقضايا رئيسية، منها مستقبل اللاجئين وحق العودة.
وفيما يتعلق بعملية التسوية والمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية منذ اتفاقية أوسلو في عام 1993 فهي تدور حول الوضع النهائي لـ "الأراضي الفلسطينية"، أي ما يساوي 15% من مساحة فلسطين الأصلية. يضاف إلى ذلك أن إسرائيل ترفض مبدأ حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم وفق قرار الأمم المتحدة رقم 194 [8]. وترى إسرائيل الحل لمعضلة اللاجئين من خلال آليتين هما توطين غالبية اللاجئين في دول الشتات، وإعادة قسم قليل منهم من خلال أسلوب جمع الشمل [9].
وينطبق حق العودة على ثلثي الشعب الفلسطيني (67.7%)، لأنهم يعيشون بعيد عن بيوتهم الأصلية وأراضيهم وممتلكاتهم [10]. ورغم مرور ستة عقود على النكبة، والأعداد الكبيرة لمن ينطبق عليهم حق العودة، إلا أن القضية ما تزال تراوح مكانها. ولكن السنوات الأخيرة، التي كثر الحديث فيها عن قرب قيام دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي الفلسطينية الواقعة ضمن حدود عام 1967 (الضفة الغربية وقطاع غزة)، شهدت دعوات إلى التنازل عن حق العودة، كالدعوة الصادرة عن لقاء فلسطينيين وإسرائيليين في جنيف عام 2003 (عبد ربه-بيلين) [11]. ومقابل ذلك، انطلقت دعوات ومبادرات للتشبث بحق العودة كائتلاف حق العودة، والمركـز الفلسطيني لمصـادر حقـوق المواطنـة واللاجئيـن (بديل) [12]، والمجموعة 194 [13].
= = =
المراجع
[1] أبو ستة، سليمان. دليل حق العودة. مؤسسة العودة للثقافة والتراث. سوريا (2006). ص 17.
[2] موقع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا).
http://www.un.org/unrwa/arabic/Refugees/index1.htm
[3] أبو ستة، سليمان. دليل حق العودة.
[4] أبو ستة، سليمان. دليل حق العودة.
[5] انظر نص القرار: http://www.state.gov/p/nea/rls/22566.htm
[6] سالم، وليد. حق العودة والبدائل الفلسطينية. المركز الفلسطيني لتعميم الديمقراطية وتنمية المجتمع. القدس (1997). ص 27.
[7] صالح، محسن. "جدلية العلاقة بين التوطين وتوفير الحقوق الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان". ورقة مقدمة في مؤتمر للمنظمة الفلسطينية لحق العودة (2007).
[8] بعباع، خالد إبراهيم. "اللاجئون الفلسطينيون، العودة و/أو التعويض". رؤية، العدد الثاني، أيلول (2000). ص 42.
[9] سالم، وليد. حق العودة والبدائل الفلسطينية. المركز الفلسطيني لتعميم الديمقراطية وتنمية المجتمع. القدس (1997). ص 52.
[10] حسن عبد القادر وآخرون. مستقبل اللاجئين الفلسطينيين وفلسطينيي الشتات. مركز دراسات الشرق الأوسط. الأردن (2002). الطبعة الثانية، ص 38.
[11] http://www.alarabnews.com/alshaab/GIF/05-12-2003/ATwan.htm
[12] http://www.badil.org
◄ زينب عودة
▼ موضوعاتي