إبراهيم يوسف - لبنان
تسأله الأمان
في خبايا النفس، في زواياها المضيئة أو المظلمة، ما تخزنه أو ما يطفو منها على السّطح، بين طيّات الكتب، في صحبة الأقلام إلى دنيا الله الواسعة، إلى الواحات الخصبة إلى الصّحارى المجهولة والجزر البعيدة النّائية، إلى سماوات بلا حدود، مع أوراق الخريف تلهو بها الريح، تبعثرها وتجمعها بعد شتات، تخبر عن موت مرتقب وولادة قادمة.
الغروب سخي بريحه وروحه وألوانه، من الأحمر الخفيف إلى البرتقالي المتوهّج، سخي بغيوم متناثرة تتحرك في السماء كما الشّراع يتهادى في مياه ساكنة. الغروب صديقها وتوأم روحها لكنّه يثير فيها الشجن. تعوّدت أن تشكو له، وأن يسمع شكواها ويساعدها في التفتيش عن حطام تناثر من نفسها بعثره هوى اليوم، لتلمّه وتجمعه عند الغروب.
حبّات سبّحتها تتواءم مع ذاتها في خيط متين، تمسح عن قلبها عناء يوم طويل، بيد دافئة، بلمسة حانية، وسكون عميق، بقلب يبكي من خشية الله، ثمّ تتلون الأشياء كقوس القزح بالأبيض والأحمر والأزرق، والسندس الأخضر، والإستبرق، الألوان نعمة من الله، نزهة للعين وتحفيز للقلب على الإيمان، سبحان من أنعم بالألوان على البنفسج والورد والياسمين، سبحان من زرع فيها عطرها عبرة للعالمين.
أمام نافذتها، تتأهب الشمس استعدادا للرحيل، لتحمل نورها كرفّة الجفن إلى ديار أخرى. الشمس كالقلب لا ترتاح ولا تهدأ، لاتكلّ ولا تتعب كريمة كما الله. متأهّبة لتهب الحياة على الدوام، لتمنح نورها ودفئها بلا مقابل، لتجدد فينا الحياة. تتناغم مع البحر والغيم مع المطر والشجر في نشيد ربّاني بديع وتحيي قمحا وسنابل لتطعم خبزا لا يحيي وحده الإنسان، فتنشر زهرا وعطرا ونثرا ثمّ شعرا على المؤمنين، وعلى الكافرين.
الرّب على العرش استوى، والشّمس وضحاها والقمر إذا تلاها، سكينة عميقة تلفّ الكون، تحمل إلى النفس الفيء وتشيع فيها الحبّ والسّلام، لو تختزل ساعات النهار بطرفة عين؟ ليأتي المساء فتلهج النفس وتتوهج بالدّعاء، ويهدأ القلب في سكون تذكارات الليل وصاحب العزّة، والأسماء الحسنى.
◄ إبراهيم يوسف
▼ موضوعاتي