عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 
أنت في : الغلاف » أرشيف أعداد عـود الـنـد » الأعداد الشهرية: 01-120 » السنة 5: 48-59 » العدد 51: 2010/09 » كلمة العدد 51: رحيل الطاهر وطار وغازي القصيبي

عدلي الهواري

كلمة العدد 51: رحيل الطاهر وطار وغازي القصيبي


عدلي الهواريرحل في شهر واحد مبدعان شهيران أحدهما الروائي الجزائري الطاهر وطار في المغرب العربي، والآخر الشاعر السعودي غازي القصيبي في المشرق العربي.

أسعدني قبل خمسة أشهر أن تتمكن عود الند من الإسهام في جهود تكريم الروائي الطاهر وطار وهو حي يرزق من خلال نشر ملف كانت مادته الرئيسة تقريرا وصورا خاصة من الجزائر. ومن المؤسف أن نتحدث عنه في هذا العدد وقد رحل عن عالمنا بعد شهور قليلة من التكريم.

كَتبَ وسيكتبُ كثيرون عن الطاهر وطار بعد رحيله، ولكن المسألة ليست في كمّ ما يكتب، بل في التوقيت والمبادرة، فقد كانت عود الند واحدة من جهات قليلة خارج الجزائر اهتمت بموضوع التكريم قبل أشهر. (نضع في متناول القراء ثانية الملف الخاص الذي نشرته عود الند في العدد 47).

وأكتب عن غازي القصيبي لأنه رجل يستحق كلمة حق، علما بأني لم أره يوما في حياتي، ومعرفتي به مقتصرة على ما قرأت له وعنه. وليس صدفة تركيزي عليه كشاعر، رغم أنه مارس السياسة من خلال تولي مناصب وزارية ودبلوماسية.

في مطلع حياته كشاعر كان القصيبي شاعرا رومانسيا يجيد الغزل دون أن يتطرق إلى الجسد كنزار قباني. ومن دواوينه التي لدي يا فدى ناظريك (2001). وقد كتب روايات عدة قرأت منها سعادة السفير (2003)، ولم أجدها قوية. وقرأت له كتابه عن هذا وذاك (1981)، ونشرت منه مقطعا في العدد الثالث (أعيد نشره في العدد الحالي)، وكتابه أزمة الخليج: محاولة للفهم (1993).

أثناء عمله سفيرا للسعودية في بريطانيا أوقعه شعره في أزمة سياسية ودبلوماسية عام 2002 عندما نشر قصيدة بعنوان "الشهداء"، ففسرها البعض في بريطانيا بأنها مديح للعمليات الفلسطينية الانتحارية، واستبدل بعد فترة بتعيين سفير سعودي آخر.

وكلمة الحق التي أود أقولها موجزها كالآتي.

قبل سنوات عديدة، زارني شاب في لندن بتوصية من صديق لي من أيام الدراسة الثانوية طالبا مني مساعدته على توفير تكاليف علاج أخته التي كانت ترقد في أحد المستشفيات البريطانية بعد إصابتها في حادث سيارة. خطرت لي فكرة طلب تبرعات من مجموعة من الأشخاص الذي فكرت بأسمائهم إما بحكم منصبهم أو لأنهم أغنياء مشهورون. ومن بين الذين كتبت لهم السفير السعودي في بريطانيا آنذاك، الدكتور غازي القصيبي، الذي رد على رسالتي وأرسل شيكا باسم المستشفى كما طلبت، وكذلك فعل رئيس غرفة التجارة العربية البريطانية المرحوم عبد الكريم المدرسي. أما مشاهير الأغنياء فقد وردتني رسائل ممن يعملون لديهم تقول إن لديهم هيئات خيرية محكومة بميزانيات وغير ذلك من كلام لا ضرورة له من شخص لا يريد أن يتبرع.

جدير بالذكر أن بعض كتب القصيبي كانت ممنوعة التداول في السعودية رغم المناصب الرسمية التي تولاها، ورفع المنع قبل فترة وجيزة من وفاته. والطاهر وطار نال تكريما في مرحلة متأخرة من حياته وأثناء صراعه مع المرض.

أتمنى أن يأتي اليوم الذي لا تمنع فيه الكتب في العالم العربي، وأن يكرم المبدع مبكرا في حياته، وأن يعيش كل مواطن معززا مكرما.

مع أطيب التحيات

عدلي الهواري

بحث