سيف الدين مساعدة - الأردن
أختي العزيزة
أختي العزيزة
كان عليكِ أن تري أخاكِ هذا المساء يتدحرجُ فوقَ أسفلت الشوارعِ بمعطفهِ الأسود مثل حبةِ إسفلتٍ نفرت من مكانها لتدوس غيرها بدلَ أن تُداس.
أقطعُ الأرصفة الملونة مثل رقعة الشطرنج جُندياً، خُطوةً خُطوةً للأمام، حيثُ لا مكان للتراجع. أميلُ مثل حصانٍ على شكل حرف (L) إذا تنشقتُ ياسمينةً في الجوار، و أقطعُ الشوارعَ قُطرياً إذا مرت فتاةٌ جميلة في الاتجاه المُعاكس.
أنا ملك الشوارع والشوارع لا تبالي بكثرةٍ من يدعون حقهم في عرشها.
قبل ليلتين أو أكثر وصلتني رسالة منك تقولين فيها: "أنا الآن في الواحدة والعشرين من عمري." ها قد كبرتِ يا فتاتي. رددتُ عليك حينها: "مريم، إن بُكم التعبير عن أخوتنا لا ينفكُ لسانهُ إلا بوداعٍ أو موت."
ونسيتُ أن أشتري لكِ هدية. لا أعرف ماذا يمكنُ أن يقدمَ الأخُ لأختهِ في عيد ميلادها في شرقنا المرهون بالكذب.
أختي العزيزة
الليلُ والشوارع للرجال. هكذا شربتُ الحقيقة عندما كانت تتوقف السيارات بالقرب مني ويبهرني لون الكوابحِ الأحمر في مؤخرة السيارة. ها أنني "مطب". يتأملُ السائقونَ في شعري الطويل ظلَ أنثى، فتتلاشى خيالاتهم في شمس ذقني الطويلة.
لم أسمع قطُّ أن مجموعةً من النساء خطفنَ رجلاً من شوارعنا. ماذا لو فعلن؟ هل كنتُ أرى الرجال بهذي البطون المندلقة بعد أن أنهكهم التمشي على أملِ اختطاف؟
أختي العزيزة
أعرفُ أنني حين سأقرعُ باب البيت قرعاً خفيفاً ستكون والدتي نائمةً بالقرب منه، وستقول لي: "الحمد لله على سلامتك. هل تعشيت؟" وأعلم أنك إن لم تعودي قبلَ المساء فهواتف اللعنة والخوف سوف تطاردك. الذنب ليس ذنبي لو كنا رجالاً.
أختي العزيزة
يسألني خالي العزيز أسئلةً مُحرجة. يقولُ لي: "ماذا لو أتتك مريم يوماً وقالت: أُحبُ فلاناً كما أنت تُحب فلانة أمام أمك؟" ولا جوابَ يُدحرجهُ لساني صوبَ مرمى الارتياح إلى حقيقة.
أختي العزيز
تُلح أمي عليَ: "تزوج". وتقول لي: "هذي البنت طويلة. هذي سمينة. هذي ذكية، وتلك غبية؟" ولي الخيار. هل يعرضون عليك الزواج بشاعر؟ أو فكرة التفكير بمشروع حب؟ وها أنني أرى عُمَرَاً يبحث عن زوج لحفصة بين أبي بكر وعثمان دون أن يتوارى من القوم.
أختي العزيزة
تعلمين أنني لست نبيلاً بما يكفي لأخطب ودَ امرأة كخديجة، وأنني لست من الخبث بما يجعل من مومسٍ زوجةً مناسبةً لي. لكنني أخشى عليكِ الحياة بعد أن تركناكِ تكبرين وحيدة.