عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

ميادة عودات - الأردن

ثلاث خواطر


الخاطرة الأولى: أحزاني

عندما يتوقف بك الزمن لحظه تشعر فيها بأن الوقوف لا بد منه لتتأمل ما يدور في هذا الزمن الغريب ويراودك شعور حزين عندها لا بد لك أن تصنع حزنا. عندما تشعر بملايين البشر حولك لكن لا تجد من يسليك وحدتك التي تشعر بها عندها تستحق يا قلبي أن تصنع حزنا آخر. عندما تكتشف للحظة أن المشاعر التي كنت تعتقد بأنها خارجة من القلب مزيفة عندها لا بد أن تصنع حزنا. عندما تفكر بأنك ستواصل في هذه الحياة الأليمة رغما عنك عندها سأجبرك على أن تصنع حزنا بحجم الجبال. عندما تموت أحلامك فجأة دون سابق إنذار ألا تستحق يا قلبي أن تصنع الحزن؟ ويقولون لك ألا تحزن. عندما يتراقص قلمك على متن هذه الصفحة والدمعة على أهبة الاستعداد بأن تفجر شلالا على متنها عندها سأصنع أنا لك الحزن بيدي ولن أدعو أحدا لشراء أحزاني فهي من صنعي أنا وحدي. وإذا كانت أحزاني ليست ملكا لي عندها سأسافر إلى المجهول لعلي أجد نفسي وعندها سأصنع أحزانا لمملكتي.

الخاطرة الثانية: عند السابعة مساء

عند السابعة مساء زارتني دموعي، لعلها سمعت صرخة أحزاني التي كانت تؤلمني فجاءت لتمحو أحزاني. لم تقو دموعي على محوها لأن أحزاني كالجبال. حتى دموعي لم تحتمل أن تراني أسيرة أحزاني فجاءت رغم ضعفها لتحررني. اليوم عند السابعة مساء جميع أهل المعمورة كانوا زواري: دموعي، همومي، وأحزاني. اليوم عند السابعة حدث فيضان عاصف لم يدمر أحزاني. اليوم عند السابعة كنت وحيدة فجاءت أحزاني ودموعي لتسامرني. في كياني قوتان متضادتان: دموعي وأحزاني. سنة الحياة أن القوي يكون المنتصر دائما وأنا عند السابعة مساء كانت أحزاني المنتصرة. لك الشكر يا دموعي رغم أنك لم تمح أحزاني، لكن جعلتها تبرح مكانها الذي كانت قابعة فيه. سترجع أحزاني لتزورني في كل ساعة وعندها سأصرخ طالبة عونك فأنت في هذه الساعة الصديقة الوحيدة التي تلازمني.

الخاطرة الثالثة: رياح الشتاء

ما أقساك يا رياح الشتاء! لا أدري لماذا عندما أراك مسترسلة بالهبوب يخيل إليّ إنسان يريد أن يبث للبشر خبرا عاجلا. وأحيانا أراك مثلي تماما مليئة بالأحزان وتريدين أحدا يشاركك أحزانك، لم عواصفك ما دمتِ أنتِ من تذكري بالصمت؟ لم البكاء ما دمت أنت من تجبري على الهروب؟ أوقعت في قلبي الحيرة. تريدين الوصل ولكن عواصفك تسبب الدمار هنا وهناك. أسمع بكائك أثناء الليل. أليس الليل خلق للراحة والهدوء؟ أنينك يجعلني أتخيل أنني سمعت طفلا يريد من يلاعبه آخر الليل. تقضين مضجعي لدرجة أنني لا أستطيع النوم وأنا أسمع أنينك الموجع. كفاك أيتها الرياح أنينا فقد أغرقتنا في بحار من الأحزان.

D 1 أيار (مايو) 2011     A ميادة عودات     C 0 تعليقات