عــــــود الـــنـــــــد

صدر للكاتبة والشاعرة التونسية، وهيبة قوية، كتاب جديد عنوانه "على ضفاف الضوء". يضم الكتاب ثلاث مجموعات من النصوص النثرية والشعرية. الأولى مخصصة لقراءات في أعمال ونصوص، والثانية تضم مجموعة من النصوص الإبداعية والوجدانية. بعض نصوص هاتين المجموعتين نشر في مجلة "عود الند" الثقافية. أما المجموعة الثالثة فتضم عينة من شعر المؤلفة. بعض القصائد كلاسيكية عمودية، وأخرى شعر ملتزم بالتفعيلة.

يجدر بالذكر أن الكتاب الجديد أول إصدار ورقي للكاتبة. الناشر: دار عود الند، لندن، 2020. عدد الصفحات 160، ايه 5.

::

أدناه مقتطف من قصيدة بابنا القديم

::

عَلَى تِلَالِ الْعُمْرِ، وَاقِفًا كَانَ

بَابُنَا الْقَدِيم.

يَبْسَمُ لِلْعَابِرِين،

يَمْنَحُهُمْ حَفْنَةَ ضَوْءٍ حِينَ تَشِحُّ مَصَابِيحُ الطّرِيق،

رَاحَتُهُ مبسوطةٌ بالحَبّ،

تُطْعِمُ عَصَافِيرَ سُطُوحِنَا وَحَمَامَ الْجِيرَان،

وَبالحُبّ عامرٌ قلبُهُ،

يُدَفّئ قُلُوبَنا إذا ما أصابها بَرْدُ السّنِين.

ضَارِعَةٌ يَدَاهُ، في خُشُوعِ النّسَّاكِ

يَغزِلُ لغيماتِ المساء الرّاحلات، شالاتِ الفرح بالعودة

ويرسم مسالك الرّجوع للغائبين

على أمل.

مثل نبيّ يقرأ ألواح الرّوح، كان

وإلى صدره، يضمّ الحائرين، والتّائهين،

والعاشقين،

والسائرين في دروب الحياة،

والسّالكين إلى ضفافها الأخرى، يَهديهم سواءَ السّبيل

جبينُه قِبلةُ البدايات،

وعيناه بوصلةُ الطّريق.

* * *

من شقوقِ بابِنا القديم، تنزّ فُصُولُ العمر

أعانق الذّكرى،

طفلةً كنتُ

تحبو أنفاسي على مدارج الضّوء

وفراشاتُ النّبض موشومةٌ بالوصول.

طفلةً ما زلت...

أصقل رخامَ خطوتي،

وأعدو على بلاط الذّاكرة،

طفلةً، ما زلت

وروحي تتوضّأ برذاذ الفكرة،

عند بابنا

وقفتُ... هناك

هناك... في مسامات العمر، ومجاهل الهجرات منذ قرون

أصابعُ الذّكرى تغازلني،

تُراودُ الحنين الطّائف حول مدارات روحي،

تفتّش في بقايا دمي عن قِبْلتي الأولى،

تتخطّفُ حكاياتِ مفاتيحِنا المنتظرة،

تُلهب في نبضي محارق لا تنطفي

ورقاعُ الأرض تفرّ من دهاليز التّاريخ،

ومن كُتُبِ جدّي الأندلسيّ.

= = =

كتاب وهيبة قوية: على ضفاء الضوء