نازك ضمرة وداعا
انتقل إلى رحمته تعالى الكاتب العربي المخضرم نازك ضمرة (أبو خالد) يوم الإثنين، 29 حزيران (يونيو) 2020 في أحد مستشفيات ولاية كارولاينا الشمالية في الولايات المتحدة الأميركية. للفقيد مجموعة كبيرة من المؤلفات تشمل القصة القصيرة والرواية. هيئة تحرير مجلة "عود الند" الثقافية تتقدم إلى عائلته وأصدقائه ومحبيه بأصدق التعازي. تجدر الإشارة إلى أن الفقيد كان في السنوات الأخيرة كاتبا منتظما في "عود الند"، وكان يحظى باحترام وتقدير زملائه وزميلاته في المجلة. انظر/ي في العدد الفصلي 16 ملفا عن حفل التكريم الذي أقيم له في الأردن في شهر شباط (فبراير) 2020.
أدناه الكلمة التي ألقاها الكاتب نازك ضمرة في الحفل الذي أقيم لتكريمه في عمّان في شباط (فبراير) 2020. طالع/ي في العدد تقريرا عن حفل التكريم.
ترافق اثنان في يوم قائظ في مشوار طويل، فقال الكبير للأصغر: الطريق طويلة، وأخشى أن أتعب، فإما أن تحملني أو أحملك، فأسرع الآخر بالإجابة قائلا: أنا سأتعب بحمل نفسي، فكيف سأحملك؟ فتبسم الآخر: إما أن تسليني بكلام ينسينا تعب الطريق أو أسليك، حتى لا نشعر بهذا المشوار. هل نحن في مشوار سيطول هذه الليلة؟
لا بد أن أحملكم إلى عوالمي، ولا أحب التكرار وقراءة شيء مضى، فهذا الختيار مختلف في معظم شئون حياتي عن الآخرين، ولا أطيق الانضواء تحت نمطية ما، فسأحملكم معي إلى عالم بعيد عن الاقتداء بما اعتدتم عليه في مقالات الاستقبال أو التقديم أو الترحيب أو التحيات، فحلّقوا معي، فهذا العجوز حي خلاق يتجدد، وأخلق إيحاءات لا حصر لها في حدود طاقتي، فلأجعلها أمسية لا تشبه أمسية أخرى.
مرابع الأمس أضحت يبابا = = وزورق المجد ولى وغابا
أيا ظبيات الإنس قلن لنا = = ألا ولدتن سيداً وثابا؟
عاث في النفس قهر ويأس = = وأرض أجدادنا أضحت خرابا
يجوس الغريب شرقا وغربا = = وصغار النفوس يدمي الشبابا
يتنمل الصمت ويتململ، وريش الزغب ما زال في مهب الريح.
جمانة كانت هناك، فهل فكر أحد بالسؤال عما فعلت جمانتي؟ الروح تحلق مع الريح، الجراد والسموم يغزو بلاد القوارير، قوارير كانت من فضة. اليوم تشنف آذاننا محطات القتل والتخريب والنميمة، وجمانة تحبل وتلد بلا سند، وما أكثر الإخوان حين تعدهم!
حذرتني جمانة من تكملة الحكاية. مساؤكم بهاء وألق سيداتي سادتي. لم أدر ما يليق بهذا الجمال الذي يحيط بي من جانب، وأزهار جمانة تتراقص مع أنفاس هذه الأمسية المباركة، وكل زهرة تتمنى أن تنشق أنف كل حاضر هنا.
سيداتي سادتي، قد أقرأ قصة قصيرة جدا، إذا أردتم، وإلا فسأواصل ثرثرتي المختصرة على مسامعكم، يحلو السهر مع الأحباب، وتمر الساعات بلا حساب، وينقضي الوقت ونحن على بساط لقائنا.
وأم هيثم [هيام ضمرة] والدكتوره هناء البواب في ميدان المجد والسرد والشعر والحفلات. جمانتي تحييكم بحرارة، كررتْ ذلك مرات عدة، مسجاتها متصلة متواصلة مع هبات هذا المساء، لم تشأ أن تشكو مما تعانيه جمانة، لكنها تقول، كثر أولادها وكبروا، ولم يتحسن حالها، تحس بضيق وعزلة، لعلها تريد حلا، تسائلكم بل ألحت جمانة على رغبتها بنجدتها، ودعم أبنائها، فهل من يثبت أقدامهم كي يتمكنوا أن يسيروا على الأرض بحرية وأمان؟
الليل يا ليلى يعاتبني، والروح تشقى بما تلقى من الألم. لا نريد أن نقلبها مناحة، فهل من شيخ طريقة ينعشنا بلمساته الروحية وبدعواته ورقاه الإيمانية؟
حيّ الله من معي، فأنتم الأهل، أنتم أهلي وسندي، وجمانة أسمع قهقهاتها وقفزاتها مرحا،
بعد ما سمعت وصفي لأجوائي هنا.
شكرا جمعية سماء الثقافة ممثلة بشخص ابنة العم الملهمة أم هيثم، والشخصية المرموقة في الأردن، بل تخطت الحدود، فسمت في أسماع معظم شعوب البلاد العربية، وخاصة من يهتمون بالأدب بجميع أشكاله والشعر والفن.
وشكرا جزيلا للأستاذة هناء البواب على جهودها المباركة، ونجاحها باقتدار في جعل هذا المركز ملتقى لإشهار الإبداع في جميع الفنون الكتابية، وزاره أو سهر به معظم أدباء الأردن وزائرون كثيرون من مختلف الأقطار العربية.
أتمنى لو تسمعون زغرودة جمانة، تصلني مع الريح الغربي مجلجلة، فرحة بحضوركم وسروركم سيداتي سادتي. وقبل صمتها تركت لي غصة بكلمات قصيرة، إذ قالت ليت طريقي آمنة لأذهب لصلاة العشاء في الأقصى هذا المساء.
معذرة، صمتت جمانة، ولم تعد على تواصل معي، هلو. هلو.
لا بد أن أصمت أنا الآخر، محبتي لكم جميعا، وعلى الدنيا السلام، وفي الناس المحبة.
حتى لا تطول الثرثرة جمانة ذكرتني قبل صمتها بالآية الكريمة "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم".
والسلام عليكم. حفظكم الله.
::
- حف تكريم نازك ضمرة في الأردن
::
- غلاف كتاب عن نازك ضمرة
◄ عود الند: التحرير
▼ موضوعاتي