مختارات: د. فيصل دراج
إميل حبيبي: الوجه المفقود في الأقنعة المتعددة؟
أدناه مقتطف من مقالة بقلم الناقد الفلسطيني، فيصل دراج، منشورة في مجلة العدد الأول من مجلة "إبداع" المصرية، الصادر في الأول من كانون الثاني (يناير) 1995. عنوان المقالة "إميل حبيبي: الوجه المفقود في الأقنعة المتعددة؟" (ص 74-95). للاطلاع على النص الكامل للمقالة، استخدم/ي الرابط تحت المقتطف.
الأديب-الذاكرة يفقد الذاكرة
تشكلت صورة إميل حبيبي المسيطرة من عنصرين، أولهما في أديب مرموق يمسك بناصية الكتابة، ويتجسد ثانيهما براو يحكي "أحوال البلاد" ويختصر في ذاته الأبطال جميعا.
يُرد العنصر الأول إلى الموهبة والاجتهاد الذاتي، ويحيل العنصر الثاني على إعلام فلسطيني رسمي يحتضن الأديب ولا يبخل عليه بالثناء.
وكان على الصورة أن تعيش توتر العنصرين وأن تعاني أثر اللقاء بين حذق المعرفة وهالة السلطة. ولم تكن أسئلة اللقاء بالغة الصعوبة لأنها استظهار جديد لمشهد قديم.
كان على المعرفة أن تقرأ أحوال السلطة وتشير إلى أعراض السلب، أو كان عليها أن تحتفل بالسلطة وترفعها إلى مقام الإيجاب الكامل. ولم يتردد إميل كثيرا، فدخل إلى ردهة السلطة، متخليا عن القراءة الصحيحة قبل الدخول، كما لو كان يستظهر درسا قديما لا عناء فيه.
وأعلن إميل عن مهارته في زجر كل قراءة صحيحة في صيف عام 1989، في مؤتمر للأدباء في بقعة آسيوية من الاتحاد السوفييتي الذي كان، حين صرح: "الصهيونية ليست عنصرية".
ولم يكن إيميل يقدم في تصريحه اجتهادا ذاتيا أو تأويلا خاصا به وتوصل إليه بعد إعمال للفكر طويل، إنما كان يتبرع بموقف سياسي عالي الصوت، واضح الكلمات، نيابة عن إدارة فلسطينية أدمنت الهمس وأنصاف الكلمات، يشكل "الحديث بالنيابة عن" جوهر السؤال في هذه الذات، وبصورة العلاقة بين الذات والسلطة.
وعلى الرغم من موهبة بينة تُـكره لغة النقد على تشذيب ألفاظها، فإن في التصريح المبرئ للصهيونية من عنصريتها ما يبعث على التأسي ويحرض على جمع الأسئلة. وقد يبدو، للوهلة الأولى، أن النقد يتعامل مع تبرئة زائفة، لكن النقد يخلى بداهة التزييف جانبا، ويركن إلى سؤال تكون فيه وظيف المثقف بداية أولى.
[...]
وتظل حالة إميل حبيبي مؤسية وداعية إلى الأسى، فالرجل، في بداية أدبه، نقض الصهيونية وكشف جرائمها، مثلما أعطى أدبا بعيدا عن "الواقعية الاشتراكية" ومختلفا عنها، كأن الراجل وزع ذاته على نصفين يلتهم كل منهما الآخر، أو لكأن الإنسان الشره فيه قضم رهافة الأديب ورقى به إلى سوق الخسارة.
= = =
رابط لمقالة فيصل دراج في مجلة "إبداع":
https://archive.alsharekh.org/Articles/164/16966/383519
رابط للعدد الذي نشرت فيه المقالة:
https://archive.alsharekh.org/contents/164/16966
- صورة مقطع من مقالة نقدية
◄ عود الند: مختارات
▼ موضوعاتي