د. فراس ميهوب - سورية
كلانا نعشق الموسيقى
كلانا متعبان، أنا متوجس من الحياة، وأنت مقبلة عليها بلا مبرر ولا سبب.
كلانا نحبُّ الضحك، أنا أحبُّ الكوميديا السوداء، وأنتِ تفضلين الكوميديا الصامتة.
كلانا خائفان، أخشى أن ينتهي شجني، فأفقد سرَّ وجودي، وأنتِ تخافين من تغيِّر الاعتياد.
كلانا لاجئان، مستجيرٌ أنا بالوقت ومتلحفةٌ انتِ بالمكان، لا أطيق الأمكنة ولا تريدين إعادة ساعتنا إلى الوراء.
كلانا يا صديقتي، كواكب في سماء الحياة، أنت تمثلين الإشراق والغروب، وأنا مظلم أبدا.
كلانا مهمشان، أنا أعيش على الهامش الأيمن مع المنسيين، التائهين، والمهمشين الفعليين من كل سلطة وسطوة.
أنا مصاب بالفقدان والملل، وأنتِ محرومة من المعاناة كأولئك الذين لا يشبهون واقعنا.
كلانا صامتان، أنا من فرط الكلمات، والأشعار، والأغاني، وأنتِ من فراغ القواميس.
كلانا معذبان من السفر، أنا هارب من ظلي، وأنتِ سائحة في البحث عن فيء ما يشبه الضوء، ولم تدركي بعد أنه وهم.
التقينا فتقاطع مصيرانا، سرتُ إلى صحراء المجهول المتقلب والمتفرد بكآبته، وانكفأتِ إلى العادي المشابه لأي شيء.
كلانا مشتهيان للموت، لم أدركه فارتاح، ولم تتصالحي مع الحياة كحقيقة بديلة.
كلانا نعشق الموسيقى، أتغنى بأجمل أناشيد الحزن والرثاء، ولا أحرم نفسي من تذوق الأغاني الشعبية، وتجبرين نفسك على سماع ملل الموسيقي الكلاسيكية.
كلانا هاربان، أنا من نفسي، وأنت منّي تهربين. أضنانا البردُ، فتدثرنا بشيء، أنا بالذكريات، وأنتِ بالانتظار.
كلانا نعشق الأطراف، أنا بنهاية لم تظهر قط، وأنتِ ببداية أخرى لن تأتيَ أبدا.
كلانا مسافران، أنا على خطوط الطول للخريطة الفعلية لهذا الكون الضيق، وأنتِ على خطوط العرض المفترضة.
كلانا نعشق القهوة، أشربها غالبا في المقاهي، وأحيانا بلا طقوس على الطريق، وأكثر في الليل لأعانق حلمي المتكرر صاحيا، ودائما بلا أي أمل.
أمّا أنت فقهوتك صباحية، في ذات الساعة الثامنة من كل يوم، بتلك الرتابة والأناقة المبالغ بها وبنفس الركوة وبالفنجان الأزرق السماوي ذاته، في ركنك الهادئ، وأنتِ تستمعين إلى الموسيقى الغربية الخالية من الكلمات.
◄ فراس ميهوب
▼ موضوعاتي