مختارات: الآنسة دنانير (فدوى طوقان)
قراءة في ديوان للشاعر علي محمود طه
ديوان ليالي الملاح التائه
أدناه مقتطف من قراءة في ديوان "ليالي الملاح التائه" للشاعر المصري، علي محمود طه. القراءة نُشرت عام 1940 في مجلة "الرسالة" ووقعت باسم "الشاعرة الفلسطينية الآنسة دنانير". وهو الاسم المستعار الذي استخدمته الشاعرة فدوى طوقان قبل أن تبدأ استخدام اسمها الحقيقي. التفاصيل المتعلقة برقم العدد في ختام المقتطف.
.
شعر صاف صفاء الجدول النمير تنعكس فيه صورة نفس الشاعر، فتحس إذ تقرؤه بروح صاحبه تتغلغل في كل لفظة من ألفاظه، وتشعر بدمه يسري في كل بيت من أبياته، فإذا أنت تقرأ نفسا حية تتمثل في قصيدة، وإذا الشاعر يسمو بروحك معه إلى دنيا شعرية علوية تفيض بالجمال والجلال حتى لتنسى ما يحيط بك، وقد ملأت قلبك تلك الأخيلة البديعة التي ملأت قلب الشاعر، وأثر فيك ذلك الإلهام الذي صدر عن حسه المرهف الرقيق. وهذا هو الشعر، متى كان القلب منبعه فالقلوب مصبه. وذلك هو شعر الأستاذ علي محمود طه في ديوانيه "الملاح التائه؛ و"ليالي الملاح التائه". وهذا الأخير هو موضوعانا الآن.
يهدي الشاعر شعره إلى الذين أطالوا التأمل في أسرار الكون، وأرهقهم التيه في مجاهل الحياة، وإلى العائدين بأنس أحلامهم إلى وحشة مضاجعهم بين اللهفة والحنين. وفي هذا الإهداء نستطيع أن نلمس تلك الروح النبيلة الهائمة وتلك النفس الرقيقة الشاعرة التي لا يفتر حنينها، نفس الأستاذ علي محمود طه.
أول ما يطالعنا في الديوان [ليالي الملاح التائه] به هو تلك القصيدة التي شرّق ذكرها وغرّب. ومن منا لم يسمع بأغنية "الجندول" التي أوحتها إلى الشاعر زيارته لمدينة فينيسيا أثناء احتفال الفينيسيين بليالي الكرنفال؟ ولعل من اللغو أن أذكر هنا هذه القصيدة لشهرتها البعيدة وذيوع صيتها.
.
مقطع من قصيدة "الجندول" مغناة |
غناء محمد عبد الوهاب. طول المقطع: دقيقة واحدة |
.
أثر في نفس الشاعر طوافه في أقطار الغرب، ونحن نسمع صدى هذا التأثير يتردد في قصائده التي يصف فيها ما شاهده هناك، أو بالأحرى التي يصف فيها تأثير تلك المشاهد في نفسه الصافية وخياله الخصب.
نقرأ له مثلا: "بحيرة كومو" أو "الجندول" أو "خمرة نهر الرين"، فإذا روح الشاعر وحسه وقلبه وكل أولئك مذاب في قصائده يظهرك على مدى تأثير ذلك الطواف فيه.
يقول في قصيدة عنوانها "خمرة نهر الرين":
كنز أحلامك يا شا == عر في هذا المكان
سحر أنغامك طوا == ف بهاتيك المغاني
فجر أيامك رف == ف على هذي المجاني
أيها الشاعر، هذا الر == ين فاصدح بالأغاني
كل حي وجماد ها هنا = = هاتف يدعو الحبيب المحسنا
يا أخا الروح دعا الشوق بنا = = اسقنا من خمرة الرين اسقنا
= = =
المصدر: "في ليالي الملاح التائه". مجلة "الرسالة". العدد 350. 20 أيار (مايو) 1940. ص ص 872-873
رابط المقالة في مجلة "الرسالة" أرشيف الشارخ للمجلات العربية.
◄ عود الند: مختارات
▼ موضوعاتي