عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

إبراهيم يوسف - لبنان

الفستان الأحمر ونصوص أخرى


على القمَّة

لم يعدْ يكفي الدجاجات ديكٌ واحد.. والديكُ الآخر الذي اشتراهُ صاحبُ المزرعة أثارَ حفيظةَ الديكِ الأول، وحَرَّكَ الغيرةَ في قلبِه، لأنه تَعَوَّدَ الاستئثار وحده بالدجاجات. طارَ صوابُ الديكِ الأصيل من الوافدِ الغريب، وتعاركا على النفوذِ بين الدجاجات في صراعٍ تَخَضَّبَ بالدماء.

تَوَقّفَ القتال؛ وأسفرتِ المعركةُ على مرأى من الدجاجات، عن هزيمةِ الدِّيكِ الطًّفيليِّ الغريب، فانزوى ذليلاً مهاناً في زاويةٍ من زوايا الخم.. بينما راحَ الديكُ الأصيل ينفشُ ريشَه، ويمشي "مُزْبَطِراً" مُنْتَشياً على رؤوسِ أصابعِه، وهو يتسَلقُ مَزْبَلةً ليشرفَ من علٍ على رعاياهُ من دجاجِ الحي.

على القمَّة، راحَ يعلنُ عن انتصاره، بصياحِ المستبدِّ القادر. صياحُه بلغَ عنانَ السماء، وتناهى إلى مسامعِ نسرٍ كان يحلقُ في الفضاء، فانقضَّ الطائرُ الكاسر وحملَ الديكَ بين براثنِه وغاب.

لا يسلمُ الشرفُ الرفيعُ

يرتدي "دَشْداشَتَةً". يجلسُ على راحتِه يُدخِّنُ النرجيلةَ في المقهى، أنامِلُهُ تَعْبَثُ بشاربيه في ملاطفةٍ طويلة. يميلُ معتزاً بطربوشه إلى الوراء ليبينَ جبينَه العالي، يتلألأ ناصعاً بالمكرمات.. لكنَّ رجلاً كهلاً تسللَ من خَلفِه، وغَيَّرَ له وضعَ طربوشِه على رأسِه، ليختفيَ منهُ الجبين.

امتعضَ صاحبُ الطربوش من "الخِتْيار" وغادرَ المقهى حانقاً، مضطربَ الخاطر من فعلِ التَعَدِّي على شخصه وطربوشه؛ ليضبطَ زوجتَه مع رجلٍ في وضعٍ مريب، وهو في حالٍ من الغضبِ الشديد، ثمَّ كانَ من الأمرِ ما كان. هكذا "لَمُّوا" القضية "ولفْلفوها" بالتواطؤ معَ العشيرة، بعيداً عن عينِ القضاء.

بعد أسبوع عادَ الرجلُ إلى المقهى حزيناً مُتًجَهماً مهموماً، مُنَكّسَ الطربوش، منخفضَ الجبين..؟ لكنَّ الختيار عادَ هذه المرَّة إلى مواجهتِهِ من الأمام، وعدَّل له وَضْعَ الطربوش على رأسِه، ليعودَ جبينُه ناصعاً كما كان.

مؤمنةٌ بالنوايا الحَسَنة

باعتْ سيَّارتَها. اشتراها رجلٌ لا تعرفُهُ، نقدَها الثمن رزمتانِ غاليتانِ من المال. خجلتْ أن تحصي المبلغ، دونَ أن تستبعدَ من ذهنِها سوءَ النوايا، من أن يكونَ المالُ مزيَّفاً أو ناقصاً.

بعدما رحلَ الرجلُ لم تحسبِ المبلغَ مرَّةً أخرى؛ لأنَّه لم يعد يُجْدي. في اليوم التالي حينَ أودعتِ المالَ في حسابِها لعنتْ ظنّها، وتعلمتْ كيف ينبغي أن تفترضَ الصحّ، وتبني على النوايا الطيبة.

الفستانُ الأحمر

لم يشترِ لها فستاناً أحمرَ كما رَغِبَتْ. ولم يستجبْ لها حينَما تسللتْ إلى عواطفِه وتوسلتْ إليه هَمْساً، وهما في وضع حميم.. كان يضنُّ على زوجتِه بالمال. لكنّه كان كريماً على حالِه، ينفقُ مالُهُ بلا حساب، في الترفيهِ عن نفسِهِ مَعَ العاهرات.. ينتظرُ إحداهن مرةً في الأسبوع في شقةٍ أعدَّها للغاية.

كان متلهفاً ينتظرُ وراءَ الباب، ليرى الأنثى الجديدة التي يسوقُها إليه "الوسيط". كانتْ جميلةً جذَّابة، وفي غايةِ الأناقة، وكان يعرفُها جيداً، وكانتْ ترتدي فستاناً أحمر.

الطفل بحاجة إلى المال

ذاتُ دَلالٍ وهَيَف. عيناها بُنِّيَّتان فاتنتان. تعوَّدَ يومياً أن يلتقيها في الحافلةِ التي تقلُّه إلى عملِه. أعْجَبتْهُ؛ وتمنّاها شريكةً له في عمره. تقابلا مراراً في المقهى إلى جانبِ "العاصي (*)، وفشلَ مسعاهُ معها؛ فهيَ عاليةُ السقف، بالغةُ الطموح، مغاليةٌ في طلباتِها، ولا يُرضيها الشيءَ القليل.

في المقابلةِ الأخيرة بينهما، كان يحملُ حقيبةً ملأى بالنقود. قالتْ له: هذه النقود وحدها لا تكفي. فمعي سَيَنفَدُ مالكَ بسرعة؛ فما عساكَ تفعل حينما أنفِقُ آخرَ "مَلِّيْم"؟ كادَ يبكي. فتحَ الحقيبةَ وألقى بالمالِ إلى النهر. صدمتْها التضحية بالمال ورضيتْ به زوجاً.

بعد سنواتٍ طويلة، كانَ ابنُهما قد بلغَ السابعةَ من عمره، حينما اصطحباهُ معهما في نزهةٍ إلى المقهى، المقهى الشاهد على الواقعةِ بينهما. هذه المرَّة عاتبتْهُ زوجتُهُ على طيشِه حينما ألقى بالمالِ إلى النهر، فالطفلُ يحتاجُ في تربيتِه إلى المالِ الكثير. تبسَّم لها وصارحَها أن المالَ كانَ مزيَّفاً.

= = = = =

*نهر العاصي في شمال لبنان.

الحِمْلُ الأكبر

كانَ في المشفى إلى جانبِها، يلاطفُها ويفركُ لها يديها، وهي تتقلبُ تشكو إليهِ مما تلاقيهِ من آلام المخاض؛ في الولادةِ السابعة، كانَ يُشفقُ عليها ولعلّه يَشتهيها. يُجفِّفُ لها دموعَها وهي تبكي من شدةِ الوجع، وتقولُ له بصوتٍ متقطعٍ يختنق؛ يمتزجُ فيه الدلالُ والألم:

"لو كنتَ مكاني لعرفتَ حقيقةَ حالي، وأدركتَ مدى وجعي وشدةَ صبري، بعدَ اليوم لن أدَعْكَ تَقْترَبَ منِّي."

ويجيبُها: "أعرف جيداً يا عزيزتي أعرف أنكِ تعانينَ كثيراً وتتحملين أوجاعَ أيُّوب.

يُشَجِّعُها ويشُدُّ على يديْها، يحرِّضُها على الابتسام ويمازحُها وهو يقول:

"أنتِ تتحملينَ أوجاعاً تنوء في حملِها الجبال، وأنا أتحَمَّلكِ. فهلْ أدركتِ الآن يا حبيبتي مَنْ منّا حِمْلُهُ أكبر؟

D 25 نيسان (أبريل) 2012     A إبراهيم يوسف     C 18 تعليقات

18 مشاركة منتدى

  • قصص قصيرة رائعة وممتعة تجذبك لارتشافها لتخوم الدهشة وغير المتوقع!


  • ألكاتب الفلسطيني- مهند النابلسي

    ألمتلقي يا سيدي شريكٌ بالنصيبِ الأكبر، من الروعة والمتعة والدهشة.. أشكرك من القلب


  • الأستاذ إبراهيم
    كما عودتنا دائمآ في معظم نصوصك المستمده أحداثها من الواقع الذي نحياه,تنقل إلينا وبأسلوبك المميز الرائع قضايا إنسانيه إجتماعيه بطريقه فكاهيه أحيانآ أودراميه أحيانآ أخرى .. وتكون النهايات مفاجئه غبرمتوقعه,ولكن في هذه المجموعه القصصيه بدت لي نهاياتها واضحه جليه :من نهايه الديك الذي صال وجال واعتقد أن الدنيا ملك له ,إلى ذلك الرجل الي شحت نفسه وضن على زوجته بتحقيق رغباتها ,إلى الآخر الذي ا فتتن بعينين بنيتن فبنى بيته على الغش,و وصاحب الطربوش الذي لم يعرف أن يعدل طربوشه أو بيته ,والآخر الذي بدت عليه الأنانيه وحب الذات استكثر على زوجته وهي في أضعف حالاتها أأن يجاملها ,وتلك المرأه التي وثقت بالآخرين فغدر بها ..
    نهايات متوقعه في زمن انقلبت فيه الموازين ,واختلت الأخلاق ,
    أخبرني ماذا يضر هذا الرجل المنعم لو اشترى لزوجته فستانآ أحمر ..؟؟؟؟؟؟


  • ليلى من فلسطين

    أجل يا سيدتي.. أستمدُّ ما أكتب؛ مما أرى أو أسمع أو يتراءى لي وأشعر، وقد يسعفني الحظ فأنجح أو أتعثر فأفشل..؟ هذه النصوص القصيرة بالذات ربما كان بعض أسلوبها درامياً كما تفضلتِ بالإشارة.. لكنه لم يكن فكاهياً بحالٍ من الأحوال.

    إن كانتِ النهايات مفاجئة بالفعل..؟ فهذا يعني أن الحكايات القصيرة هذه لعبت دورها كما أتمنى، وأدتْ رسالتها؛ كما في حكاية الديك، وصاحب الطربوش، أو عاشقة الرداء الأحمر، إلى ذات العيننين البنيتين الفاتنتين والمال المزيف.. مهما كان لون العينين تبقيان سر الله في الخلق، ومرآة النفس التي لا تكذب.. ألعيون المغمضة وحدها تستطيع خداع الآخرين.

    أما السيدة في مخاض الولادة فكان يرأف بها، لأنه كان يُشَجِّعُها ويشُدُّ على يديْها، وكان يحرِّضُها على الابتسام ويمازحُها، فهل حرام عليه أن يحبها ويشتهيها في حالات ضعفها..!؟ ألمرأة يا سيدتي مخلوق مُحَيِّر..!

    حينما تختل الموازين فتنقلب أو تتغير..؟ فإنما نحن السبب.. والصحيح أن الرجل يحب زوجته ويخلص لها، فيشتري لها فستاناً جميلاً مبتكراً، أو من "البالة" لا فرق..!؟ ما دام يحبها يرأف بها ويخلص لها، سيكسب ودها حتى ولو كانت عالية السقف مغالية وبالغة الطموح والأحلام..

    مع المحبة والمودة وبالغ التقدير.


  • أستاذ ابراهيم
    رغم قصر قصصك الا انها تتطرق لأكثر المواضيع جدلاً، لننهي قراءة نصك ونستمر في التفكير فيه ونمارس ترف النقاش لمدة ليست بالقصيرة بعد ذلك.

    أستاذ ابراهيم، أحب اسلوبك في فتح الملفات المغلقة.


  • القمة
     أتمنى أن تكون بشارة خير، فيتسلق مزبلة ليشرف على رعاياه، ويصيح صياح المستبد القادر، فتأتي العدالة من السماء. 

    النوايا الحسنة، والثقة التي تعطى لشخصٍ ما استناداً إلى مكانته الإجتماعية أو سنه أو تدينه، ليست خطأ لكن قد لاتكون في محلها. بالنسبة لي، كنت سأستأذنه في عد المبلغ أمامه، فالكل معرض للخطأ سواء القريب أو الغريب. 
    من كانت ( مسكينة وعلى نياتها) كما يقال تتعب في حياتها...!
     الطفل بحاجة إلى المال
    أجل هي مدللة وجميلة ومغالية في طلباتها، والغواني يغرهن المال والثناء، لكنها رضيت به زوجاً من أجل التضحية بالمال، وعندما ضمن عواطفها وقلبها وعينيها، صارحها بالحقيقة بعد وقت طويل، حينما لم يعد بإمكانها أن تتراجع، وقد صار عندهما طفل مشترك.. بلا شك هو شاطر ومحتال!.. محتال أحبها، وقد فعل ما فعل ليحوز على عواطفها ويتزوجها، لعلها حين صارحها بالحقيقة صمتت لحظة ثم نظرت إليه، فابتسما وأحتضنا طفلهما معاً 
    الحمل الأكبر
    هي تحمل الأولاد وهو يحملها، هذه هي الحقيقة..لكن تخيلت أن يشعر بالحزن عليها، بالشفقة، بالذنب...لا أعرف ربما تكون على حق، فمشاعر الناس تختلف في الموقف الواحد. 

    الفستان الأحمر
    "أنا مؤمن بصحّة المرأة وسلامة عقلها، مؤمنٌ أيضاً باتزانها والتزامها وصدق أحاسيسها ونعومتها وودها وإرثها من الله وأمانتها. وأُشدّد على الأمانة. والرجل غبيٌ أحياناً ولئيم، نهمٌ يتهالك على الأكل، يتهالك على الجنس، يخون لأتفه الأسباب ويرتكب الخيانة مجّاناً ولو "بمعزاة". ولو كانت كل نساء الأرض مثلُ رجالها لتحوّلت الأرض إلى مبغى"*
     وأنا مؤمنة كذلك، ولكن في المقابل " لا يسلم الشرف الرفيع"

    ........……………
    *من نص للكاتب. 


  • أشواق مليباري- ألمملكة العربية السعودية

    إذا كانتْ بائعة السيارة قد ارتكبتْ حماقةً أو أصابتْ، حينما لم تحصِ النقود..؟ فلا يصح أن أدينَها أو أدافعَ عنها لكي لا نمارسَ ترفاً في النقاش، كما يشيرُ الأخ محمد التميمي، ولأن القصة القصيرة لا تخضعُ كثيراً للسيطرة والتعقيب.. والإقناع ضربٌ من المستحيل في اتجاهيّ ألمعارضة أو الموالاة، لأنها لا تتحملُ الرأي والرأي المعاكس، بل تعتمدُ أسلوبَ الإيجاز والحسم والمفاجأة والوضوح والعبرة أيضاً.

    أما صاحبُ الطربوش..؟ فقلما حدثَ أنَّ امرأة قتلتْ رجلاً، لأنه خانَها، أو أحبَّ سواها، تحصيلاً للشرف.. إلا امرأة متطرفة في أنوثتها ومزاجها ورغباتها.


  • ألاخ الأستاذ محمد التميمي

    ما أراه صواباً..؟ قد يراه الآخرون من ثقافة مختلفة خطأً.. ألمشكلة أن تكون البوذية مثلاً مرفوضة من الإسلام، أو العكس.. حتى المسائل العلمية ليست مطلقة. ألله هو الحق المطلق، سبحان من لا عيب فيه.

    أشكر تشريفك في التعقيب على الموضوع.


  • الفن لا يمكن تفسيره بالمنطق الحياتي الدارج ! ولا يمكن تصنيفه ضمن ملفات الحلال والحرام والمسموح والممنوع ! الفنان والروائي والقصصي والسينمائي المبدع وظيفتهم ابداع العمل الفني وتقديمه للناس لكي يتذوقوه ويفهموه ويستمتعوا به ليرقى بذائقتهم الحياتية والفنية والابداعية ! أما النقاد وهم كثر فالمطلوب منهم توضيح وشرح العمل الفني وملابساته والتركيز على نقاط الابداع والاعجاز والهفوات ان وجدت ! أما التفاعل مع الكاتب فهو ضروري شريطة ان لا يجب الكاتب نفسه مضطرا لشرح كل شيء! ودمتم ودام ابداعكم وننتظر المزيد منه .....


  • الأستاذ الفاضل ابراهيم يوسف: لن أعقّب على أغلب ما كتبت فزميلاتي وزملائي سبقوني هنّ وهم وغطّوا على أغلب مايمكن أن يقال,أو يكتب, مالم أفهمه هو اشتهاء الرجل لزوجته أثناء المخاض وتعاطفه معها في آن واحد, ما أعلمه سيّدي انّ المرأة في حال المخاض تكون قرفانة حالها لو صحّ التعبير فكيف يرغبها الزوج؟ عذرا هذا يقلل من انسانيّة الرجال ويظهر ميلهم الغريزي المفترض الى انّ المرأة أكثرها للمتعة وأقلّها لأشياء أخرى ولا أظن انّ كل الرجال هكذا بل ربّما قلّة قليلة فقط. تحيّاتي


  • ألكاتب مهند النابلسي- ألأردن

    شكراً جزيلاً على الاهتمام، والتدخل مرَّةً جديدة، ودقة التوضيح.. قطعتْ جهيزةُ قولَ كلِّ خطيبِ.


  • الفستان الأحمر ونصوص أخرى
    باقة متميزة من إبداعات الأخ العزيز إبراهيم يوسف... وكما أسرنا في قصصة ونصوصه السردية الطويلة (نسبياً) ... فقد فتننا في قصصه القصيرة جداً... إبداع يتجدد... وتألق يزداد مع الزمن بريقاً.

    سأتوقف عند بعض القصص معجباً لا ناقداً....
    على القمة ..
    "على القمَّة، راحَ يعلنُ عن انتصاره، بصياحِ المستبدِّ القادر. صياحُه بلغَ عنانَ السماء، وتناهى إلى مسامعِ نسرٍ كان يحلقُ في الفضاء، فانقضَّ الطائرُ الكاسر وحملَ الديكَ بين براثنِه وغاب." ...
    فليكن ... لقد حلق في السماء منتصراً منتشياً .. وغاب عن دجاجاته وهو بطل مغوار... وستبقى ذكراه في قلوبهن إلى الأبد... أما الديك المهزوم فلن يجرؤ أن يقترب من أي دجاجة ...!

    مؤمنةٌ بالنوايا الحَسَنة
    نهاية غير متوقعة... افترضنا سوء النية... فأبى الكاتب المبدع إلا أن يفاجئنا.

    الطفل بحاجة إلى المال
    التمثيل أصبح وسيلة للحصول على ما يرغب البعض ولو كانت عواطف امرأة... الغاية تبرر الوسيلة ... في تدهور للقيم الإنسانية.

    الحِمْلُ الأكبر
    "أنتِ تتحملينَ أوجاعاً تنوء في حملِها الجبال، وأنا أتحَمَّلكِ. فهلْ أدركتِ الآن يا حبيبتي مَنْ منّا حِمْلُهُ أكبر؟"
    تتوافق تماماً مع حيلة ومنطق المختار في قصة هكذا نَجَحَ المُخْتار" عندما
    "تم الاتفاق بين الطرفين بموجب هذه الوثيقة، بأن البقرة باتَتْ "مُلْكَنْ خالِصَنْ " لسعدية..؟ وأنَّ سعدية والبقرة " مَعَنْ " " مُلْكنْ " لراجح، مهما تغيّرت الظروف وتبدلت الأحوال."

    كل الشكر ... لقد أمتعتنا... كدأبك دائماً...


  • ألأخ الصديق موسى أبو رياش- الأردن

    أخذتُ على نفسي نصرة المظلوم.. وأنا من المظلومين ممن لم يجدوا لأنفسهم نصيرا، فتصوَّر معي دِقة أموري وتعاسة أحوالي..!؟ في الحقيقة لم يخطر في بالي أبداً وأنا أكتب "على القمة" الوجه الذي استنبطه الأخ الصديق موسى أبو رياش. لكن ليس في الأمر ما يضير..؟ ما دام المتنبي نفسه سبقنا إلى القول: "والظلمُ من شيمِ النفوسِ، فإن تجد ذا عفةٍ فلعلة لا يظلم". هذا هو الوجه الآخر للحكاية، إن لم أكن من نفس الرأي فلستُ ضدَّه بالمطلق، فأنا أمام رؤية مختلفة، جديرة بالتروي والاهتمام، والأخ موسى لا يتمتع بقدرة على الإقناع فحسب.. بل يُكَوِّن الفكرة ويصوغها ثم يُقولبُها وفق مفهوم جديد.

    دعني أعود إلى حكاية "نرسيس" في أساطير اليونان، وهي المرة الثانية التي أعود فيها إلى ذات الحكاية بعد التعقيب على ما كتبته غانية الوناس في هذا العدد.

    تقول الأسطورة: إن "نرسيس" كان مفتوناً بنفسه، يتأمل جمال وجهه على صفحة إحدى البحيرات، وأنه سقط في البحيرة وقضى غرقاً، وفي نفس المكان نبتت زهرة النرجس..
    لكن"أوسكار وايلد" واستناداً إلى مقدمة كتاب "الخيميائي" ل "باولو كويلو" يرى نهاية القصة على النحو التالي: يقول أنه لدى موت نرسيس، جاءت ربات الغابات إلى ضفة البحيرة، ووجدنها قد تحولت إلى مياه من الدموع.. وسألتِ الربات البحيرة لماذا تبكين..؟ قالت البحيرة أبكي من أجل نرسيس، فقالت الربات: ألأمر لا يدهشنا.. فالبحيرة كانت الوحيدة التي رأت عن قرب جمال نرسيس. تقول البحيرة: كان ينحني على ضفافي، فأرى انعكاس جمالي في سحر عينيه..!!؟؟
    تلك هي المفارقة الجميلة، التي قلبتِ الحكاية ببراعة ليتحول الديك من مستبد ظالم، إلى شجاع يهون الموت على نفسه.. إنها ببساطة مسألة Théorème et réciproque هذا هو منطق الأمور.

    عندما تتحول نوايانا إلى السوء بالمطلق، سينتهي العالم وتقوم الساعة..!! فلكي لا ينتهي العالم ينبغي أن نبني على الصح و"النوايا الحسنة".. وأنت توافقني الرأي بلا خلاف.

    في حكاية "الطفل بحاجة إلى المال" لا أريد لك أن تكون جاداً وصارما وقاسياً على نفسك..؟ إلى الحد الذي يتعبك، وربما أتعب معك الآخرين.. وأنتَ تعرف أنني أحبك كثيراً وأحترمك أكثر.

    نعم يا صديقي "ألحملُ الأكبر" وجهٌ آخر من وجوه "هكذا نجح المختار"..
    راقني كثيراً استخدام نون النسوة للدلالة على الدجاجات.. والإشارة لا تعني مطلقاً النيل من أهمية المرأة، فكرامتها في الفكر والقلب وعلى اللسان.. لكنني وجدت الإشارة لطيفة..
    شكراً دائماً للأستاذ عدلي ألذي تتسع مجلته، ويتسع قلبه للإغراق في تفاصيل الأمور.


  • أستاذي الفاضل :
    لن أكرر ما قاله الأساتذه الأفاضل عن الروعه والإبداع الذي تضمنته مجموعتك القصصيه,وما أحدثته من أثر فني في النفس من الشعور الرفيع بالجمال.
    أريد القول فقط :بأن الأديب حر أن يكتب ما يشاء ,وكيف يشاء ,والقراء أحرار يقرأون إن شاؤوا ,ويعرضون إن أحبوا,ويسخطون إن أثارفيهم الأدب سخطآ,ويرضون إن أثارفيهم الأدب رضى ,ليس لهم على الأديب أن يكتب ما يشاؤون .وليس للأديب أن يرضوا عما يكتب ,وإن لم يعجبهم ,ولم يقع منهم موقع الرضا.
    أشكرك على هذه النصوص الرائعه المتجدده في أفكارها دائمآ


  • مريم من القدس

    إذا كان الكاتبُ حراً فيما يقولُ أو يكتب يا سيدتي..؟ وهو قطعاً ليس كذلك..! فَلِمَ تُقيِّدينَ القارىء وتنكرين عليه حريتَه في أن يقبلَ أو يرفضَ مايشاء..؟

    أشكركِ جزيل الشكر، وأحترمُ ما تفضلتِ بقوله.. ربما لأن عينَ المحبّ لا ترى أحياناً إلاَّ ما يروقها..

    سيؤلمني حين يكون التعقيب تجريحاً بالآخرين..! وأتوسل إليك أن تعذريني وتسامحيني على فظاظتي.

    ألقارىء وحده يا سيدتي هو المقياس والمؤشر على نجاح العمل أو فشله.. ولا يجوز بحال من الأحوال النيل من بصيرته وقدرته على التمييز..

    مع الشكر، والاعتذار الصادق مرة أخرى، وخالص مودتي ومحبتي وتقديري.


  • على القمة:
    اعجبتني عبارة "..ويمشي (مزبطرا) منتشيا على رؤوس اصابعه،.."
    الى اين؟ الى مزبلة التاريخ وقد فاز في انتخابات بنسبة 99.99% مع تهميش رعاياه من الدجاج.

    بحثت عن اصل كلمة "مزبطرا" فوجدت "زبطرة" هي احدى محافظات تركيا، لعل الكلمة من اللهجة اللبنانية؟

    لا يسلم الشرف الرفيع:
    لعل "الختيار" على دراية بالقضية، ففي خفض الطربوش تنبيه للرجل، وفي رفعه مواساة له.

    مؤمنة بالنوايا الحسنة:
    ربما اضطرتها ظروف قاهرة لان تبيع وتشتري في سوق السيارات مع الرجال، الا انها لم تتخلى عن خلق الحياء ف "خجلت ان تحصي المبلغ".
    لكأني بفتاة موسى من اهل مدين اذ جاءته تمشي على استحياء..

    الفستان الاحمر:
    الطيور على اشكالها تقع وكما تدين تدان.

    الطفل بحاجة الى المال:
    اعتقدت ان من يرمي بحقيبة من النقود في النهر ببساطة لا بد أن له غيرها. فبنت حياتها على الطمع. حين تزوجته وجدت خفي حنين. فعاشت الحرقة في قلبها سبع سنين. وحين صارحها بزيف المال، اكتشفت أنها لم تتزوج من رجل مفلس فحسب، بل وبلا اخلاق ايضا.

    الحمل الاكبر:
    في الولادة السابعة ما كان ليقوم بكل تلك الطقوس، بل كان سيفكر في الوافد الجديد الذي سيضبف حملا الى حمله الكبير. اما هي فتكون قد كتبت وصيتها.


  • ألسيدة زهرة من الجزائر

    أجلْ يا سيِّدتي الكريمة، فمفردة" مُزْبَطرّاً" لا وجودَ لها في قواميس اللغة..؟ بل هي كلمة محليَّة غير مُتداولة.. .. على أطراف الماضي البعيد، كان يقتصرُ استعمالُها على منطقة "الشوف اللبنانية" دون سواها، وتعني كما هو واضح: مختالاً مغروراً ومتعالياً صلفاً.. ورائدُها الأول كاتبٌ لامعٌ من الشوف هو "سعيد تقي الدين"، "جديرٌ حقاً بالقراءة".

    كما أنتم يُوَلّى عليكم..؟ تلكَ هي سبب ما تتمخض عنه نتائجُ الانتخابات في كلِّ الديار. ألمسألة مرهونة بالوعي العام يا سيدتي.. وإلاَّ فما معنى أن ينالَ رئيسٌ ما نسبتُه 99,99، يخلفه رئيسٌ على النقيض في الطرفِ الآخر، لينالَ النسبةَ نفسها..!؟

    "أما الطفلُ بحاجةٍ إلى المال"..؟ فقد توجهتُ في التعقيب على تعليقِ الأخ الصديق موسى أبو رياش بالقول:
    لا أريدُ لكَ أن تكونَ جاداً وصارما وقاسياً على نفسك، إلى الحد الذي يتعبكَ، وربما أتعبَ معكَ الآخرين.. وأنتَ تعرف أنني أحبُك كثيراً وأحترمُك أكثر.

    في "الحِمْلِ الأكبر".. من كانت لديه زوجةٌ مماثلة يا سيِّدتي..؟ فعليه أن يرعاها جيداً ويمارسَ معها كل الطقوس.

    يبقى أمرٌ أخير..؟ وينبغي للأمانة أن أشيرَ إليه ما دامَ يعنيكِ مباشرة، فقد أرسلتُ نصاً جديداً إلى عود الند وعنوانُه: "ضاعتْ بين الركام" آمل أن يُنشرَ في العددِ المقبل. هذا النص يا سيدتي يعودُ الفضلُ فيه إليكِ، فأنتِ من هيَّأ لي الفرصةَ في كتابته إثرَ تعليقٍ تناولَ شؤونَ المطالعة عموماً، فأشكركِ والفضلُ فيه يعودُ إليكِ.

    أتوقع قريباً يا سيدتي أن تكتبي شيئاً.


  • يشرفني ان قد هيأت لك فرصة كتابة نص، او قد الهمتك بشيء انا في سهو عنه. متأكدة من ان "ضاعت بين الركام" سيكون بنفس الجودة التي عهدناها في نصوصك السابقة، آملة ان لا يطول موعد نشره.

    اما بخصوص الكتابة، فأنا اكتب لنفسي اذ مازلت في اول الطريق اتهجى الكلمات وادقق في فهم المعاني و اراني كمن يسبح وسط بحر من الامواج العاتية، او هكذا ارى اللغة العربية. حين يستقيم عودي و تصير كتاباتي مؤهلة للنشر سأنشر.

    اشكرك على كل شيء


في العدد نفسه

عن مبدعة الغلاف

كلمة العدد 71: فاشية إسلامية؟

زمن المحنة في سرد الكاتبة الجزائرية

ثروة من الماضي يحرقها الفساد

الهوية والتاريخ والآخر في موسم...