عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

سعيد الشيخ- السويد

جنود في الميدان


سعيد الشيخأصواتهم تهتف للوطن وللحرية، أصوات المواطنين أبناء البلاد.

رصاصهم يهتف بحياة الرئيس وكرسيه "المجيد"، رصاص جنود الحرس الجمهوري.

***

كانت الميادين والشوارع قد اكتظت منذ الصباح بالجماهير الغاضبة والمحتجة على فساد الرئيس الذي حوّل الوطن الى مزرعة مملوكة له ولسلالته.

وقد طغى . طغى الرئيس حتى بات هو الطغيان كله، إلى أن بات الناس يدعونه سرا بالطاغية، وقد نسوا اسمه الحقيقي بالرغم من تكراره طيلة النهار والليل في وسائل الإعلام الرسمية، مع مقدمات لا تحصى ولا تعد من مفردات التمجيد والتفخيم.

إعلام الرئيس هو الإعلام الرسمي الوحيد في هذه البلاد المترامية. له تكتب القصائد خوفا، وله الأغاني والرقص الذي يبدو فرحا بوجوده "النادر". ولكنه في واقع الحال هو الرقص ارتعادا. وله كل ما للبلاد من أصول، وللناس حسرات فقدان أملاكهم وذواتهم.

***
الطاغية في قصره المنيف، وبعدما وصلته التقارير عن حشود الشعب في ميادين وشوارع البلاد يصرخ غاضبا ومزبدا بوجه أعوانه: "كيف يحدث هذا وأنا على قيد الحياة؟ كيف لا يرهبوني؟"

الأعوان يدارون وجوههم ويطأطئون، يتحاشون أن تلتقي نظراتهم بنظراته الحادة. لم يكن هذا الكائن الرئاسي في هذه اللحظة إلا وهجا ناريا يتفلّت للانطلاق ليأكل الأخضر واليابس، وهو لم يتأخر باتخاذ قراره الهستيري:

"أفلتوا عليهم جيشيَ القهّار الجبّار. افلتوا حرسي الجمهوري."

***

انفلت الرصاص من كل حدب وصوب يخترق الأجساد الساخنة. ليس للرصاص عيون، أو شيء من حواس.
فقط رصاص يمضي بمشيئة الرئيس. والجنود المدججون في الميدان ما هم إلا في مهمة رسمية كلّفوا بها للدفاع عن الوطن. جاءتهم الأوامر بأن البلاد تتعرض لمؤامرة أجنبية أدواتها الحشود في الشوارع والميادين.

يطلق جندي رصاصة فيردي شقيقه قتيلا. ولا ندري إن كان هو يدري. يقترب جندي آخر من امرأة منقّبة، يمزق عنها قماشها ويطرحها أرضا فينكشف جسدها. المرأة كانت شقيقته. ولا ندري إن كان هو يدري.

***

تلال صارت جثث الأهالي. جثث شاخصة للسماء ، لم يتيبّس على شفاهها سؤال الحرية. أحياء وموتى يريدون امتلاك حريتهم.

= = = = =

(*) قصة من مجموعة قيد الإعداد بعنوان "مملكة الرئيس".

D 25 كانون الثاني (يناير) 2013     A سعيد الشيخ     C 1 تعليقات

1 مشاركة منتدى

  • نص مؤلم يختصر الكثير مما جرى ويجري..
    ذكرني بنص ( وليمة) للأستاذة ظلال عدنان تقول : "وليمة"
    سارعت الحاشية إليه بكوب من شراب الكرز الأحمر النقي المصفى، ولم يكد يلامس شفتيه حتى قذف به أرضاً والدماء تسيل من بين أسنانه، وشفاهه مضرجة بلون أحمر قان ولسانه يلعق تلك الدماء في الكأس: دماء حرائر وأمهات، وأعراض نساء وبنات سُفكت في وخزة الجوع والضياع

    شكرا
    تحيتي


في العدد نفسه

عن مبدعة الغلاف

كلمة العدد 80: العدالة الاجتماعية ونهاية التاريخ

دعوات توحيد الفصحى والعامية

قراءة في قصّتين

إبراهيم يوسف: مبادرة تكريم