أمين خالد دراوشة - فلسطين
العشق الأبدي ونصوص أخرى
العشق الأبدي
مليئة بأشجار الليمون واللوز والرمان والزيتون. عندما انهض صباحا يداعب أنفي أريج زهر الليمون، فاستقبل يومي بفرح عارم يعجز جسدي عن احتماله، فأطير قليلا فوق الأشجار، ارتع قليلا بين ثمارها، قبل الذهاب إلى عملي.
كانت الشمس قد "عملت عمايلها وما خلت عشبة إلا ومن الدفى طلعت". ونسيم البحر الرقيق يصل من بعيد يحمل الندى والمنى.
ومن فرط السعادة، أقرر أن أصلي "صلاة النعنع البري" في كنيسة البشارة و"صلاة الميرمية" في كنسية المهد، وانهي يومي الجميل بتكحيل عينيّ برؤية قبة الصخرة الفريدة، وأكمل مروري إلى الأقصى بـ"صلاة العشق الأبدي".
بهذه الأفعال التي اطرد بها التشاؤم، وتعطيني دفعات تفاؤل ودفقات شعورية من الأمل، أحس بحلاوة صورها، وبليغ مرارتها، ورقة ألمها، وجع حروفها الصافية "اللي بوجع حتى اللي في التراب والسحاب"، وأقوم بمحاولات لأتعلم حروف الأمل وحب الحياة.
وعندما اسمع واشم وأرى وأتذوق والمس أي شيء فيها، أحدس أن عالما جديدا ورقيقا يتشكل من الفراشات، ورقصات سنابل القمح على ظهر الجبال، ونوار الصبار يستحق الحياة. وتشرع روحي تنادي وتصيح وتصرخ بأعالي الجبال، فأمي كانت تقول:
"فرغ غضبك على أرض بتحبك، بتحس بوجعك، وبتريحك منه".
الأم
هو يقف على عتبة البيت العتيق، والصغار يتنططون ويتقافزون حوله، والشمس بأشعتها النقية تحيطهم بالدفء. الأم خلف نافذة الزنزانة، تنظر إلى الشمس.
صوب الجبل
بعد أن دق المكلكلون عنقه، نهض من جديد، لم يكلم إنسيا. سار في طريقه. قيل إنه شوهد يسلك الطريق المحاذية للبحر، متجها صوب الجبل.
وسادة
كم هي عميقة! كأنها هاوية ليس لها نهاية. خططّنا عليها جداريات حياتنا المرسومة بشتى الألوان اليومية تلك التي تكمن فيها الأسرار، وما بين ابتلالها بدموعنا التي لا يراها أحد، ودفئها في ليالي الشتاء القارص، ونبضات روحنا التي تزيدها غليانا، تعطينا الراحة والسكون، وهدوء الليل يوصلنا إلى النوم العميق، الذي قد لا ينهي دورة حرائق النهار. كم تبدو تافهة في عيون البعض، ولكنها الأكثر حقيقة في سترنا من أي إنسان!
◄ أمين دراوشة
▼ موضوعاتي
2 مشاركة منتدى
العشق الأبدي ونصوص أخرى, زهرة يبرم/ الجزائر | 11 شباط (فبراير) 2013 - 15:53 1
جميلة هذه الومضات.. أعتقد أنها الطريقة الأنسب لعقد مصالحة بين الشباب و القراءة في زمن طغت فيه الرسائل المختصرة من مبدأ خير الكلام ما قل ودل.
تقديري
العشق الأبدي ونصوص أخرى, أشواق مليباري | 17 شباط (فبراير) 2013 - 10:39 2
حقا .. العشق الأبدي هو عشق تلك الأرض الطيبة.
شكرا على النصوص الجميلة
تحيتي