عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

سحر قراعين - بريطانيا

عرض كتاب وطن من كلمات


الكتاب: وطن من كلمات: رحلة لاجئ من المخيم إلى الصفحة الأولى

المؤلف: عبد الباري عطوان

الناشر: دار الساقي، لندن (2012)

سحر قراعينيسرد المؤلف في هذا الكتاب مسيرة حياته الشخصية والمهنية، التي تكللت برئاسة تحرير صحيفة "القدس العربي" الصادرة في لندن، وبشهرة إعلامية جعلته وجها معروفا على شاشات التلفزة العربية والعالمية. رحلة حياته القاسية ابتدأت من مخيم دير البلح في غزة، وأخذته إلى الأردن ومصر وليبيا والسعودية، ثم استقر به الحال في بريطانيا. ويسرد بشكل مواز الأحداث التي شهدتها القضية الفلسطينية منذ ذلك الحين.

ولد عطوان في شباط/فبراير عام 1950. وحسب ما نقل إليه، فعندما كانت والدته في المخاض، انهارت صحة والده، فنقله عمه إلى مستشفى يديرها الإنجليز في مدينة غزه. وبسبب عدم إلمام عمه باللغة الإنجليزية، اعتقد خطأ أن أخاه، والد عطوان، قد توفي، وقرر إخفاء الأمر عن والدته حتى تتم الولادة بسلام. وقررت والدته تسميته عبد الباري بموافقة عمه. ولكن بعد ذلك فوجئ العم بعودة الوالد من المستشفى حيا. وقرر الوالد تسمية الولد سعيد. ووافق أفراد العائلة على ذلك الاسم ولا زالوا ينادونه به فيما سجل في شهادة الميلاد باسم عبد الباري.

بدأ عطوان حياته المهنية في السابعة عشرة من عمره، قبل عام على إنهاء دراسته الثانوية، وذلك بسبب الاحتلال الإسرائيلي الذي أغلق مدرسته وجعل فرص العمل في غزة شبه معدومة على حد قوله. توجه إلى عمان بمساعدة مالية من عمه لا تسمن ولا تغني من جوع، ولكنها كانت كل ما يملك.

ويتحدث عطوان بتواضع عن المعاناة التي عاشها في عمان، ويقول إنه عمل في مصنع لتعليب البندورة ومصنع للحلوى ثم عمل سائقا لشاحنة لجمع القمامة. وفي تلك الأثناء وبينما كان عطوان يبحث عن مكان للعيش، ونظرا لضيق ذات اليد لم يتمكن من استئجار شقة، واستأجر بمساعدة من ابن عمه سريرا على سطح فندق في عمان عاش فيه أكثر من شهر.

انتقل عطوان من عمان إلى القاهرة لإكمال تعليمه، والتحق بكلية الإعلام في الجامعة الأمريكية التي تخرج منها بتفوق. ثم انتقل إلى ليبيا وعمل في جريدة "البلاغ" التي نشرت مقالا له ضد شاه إيران بعد تردي العلاقات بين ليبيا وإيران. وقد نشر المقال باسم عبد الباري عطوان بإيعاز من العقيد معمر القذافي في الصفحة الأولى تحت لقب "الكاتب الكبير".

ومن ليبيا انتقل عطوان إلى السعودية حيث عمل بصحيفة "المدينة" إلى أن استقر به الحال عام 1978 في لندن حيث عمل في صحيفة "الشرق الأوسط" ومجلة "المجلة" السعوديتين. ويقول عطوان إن انتقاله إلى لندن شكل صدمة ثقافية له خصص لروايتها فصلا كاملا.

ويذكر أنه كلف عام 1989 بإنشاء مكتب لندن لصحيفة "المدينة" السعودية، وبعد ذلك انتقل مجددا إلى صحيفة "الشرق الأوسط". هذه التنقلات، شابها الكثير من عدم الاستقرار والخلافات مع رؤساء التحرير والصراعات والمنافسات مع الزملاء إلى أن تأسست صحيفة "القدس العربي" في لندن وطلب إليه أن يرأس تحريرها.

شهدت صحيفة "القدس العربي" ولا تزال ظروفا مالية صعبة. ومع ذلك، تمكن عطوان وبعض العاملين معه في الصحيفة من إبقائها على قيد الحياة. ودارت شائعات وتكهنات وأطلقت اتهامات في هذا الشأن. يفند عطوان الاتهامات، ويذكر عدة أمثلة على شخصيات عرضت عليه دعما ماليا لصحيفته إلا أنه رفض العروض رفضا قاطعا.

غلاف كتاب عبد الباري عطوانأثناء العيش في غزة، يذكر عطوان الشعبية الواسعة التي كان يحظى بها الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر والتي ازدادت إثر العدوان الثلاثي على مصر عام 1956. وكان كثير الإعجاب بعبد الناصر لدرجة أنه كتب له رسالة حينئذ لا تحمل من العنوان سوى "الرئيس عبد الناصر- القاهرة"، ليفاجأ عطوان بعد ذلك هو ومدير المدرسة والمدرسون والتلاميذ من زملائه برد الرئيس عبد الناصر على رسالته وإرفاق الرد بكتب وصور له.

ويلقي عطوان الضوء على أبرز المحطات في رحلته الصحفية وأبرز الشخصيات التي التقاها وعلى رأسها أسامة بن لادن في أفغانستان. هذا اللقاء تناوله عدد كبير من وسائل الإعلام العالمية والعربية بالتغطية الصحفية واللقاءات مع عطوان. وكتب بعد ذلك كتابين باللغة الإنجليزية عن أسامة بن لادن، الأول "القاعدة التنظيم السري"، والثاني "ما بعد بن لادن".

ومن الشخصيات البارزة التي التقاها عطوان رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، ورئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت ثاتشر، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني. أما علاقته بالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية، التي خصها بفصل كامل، فهي علاقة خاصة ومعقدة حسب وصفه. ويقول عطوان عن عرفات: "رغم أنني كنت أختلف معه كثيرا، فإنه يبقى شخصية مهمة بشكل فريد في حياتي وكذلك، بالطبع، في حياة كل الفلسطينيين".

أما الشخصية الأقرب إلى قلب عطوان فكانت الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش الذي كان على اتصال معه بشكل يومي تقريبا حتى يوم وفاته، إضافة إلى الكاتب الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد.

تجدر الإشارة إلى أن كتاب عطوان عن مسيرة حياته الشخصية والمهنية صدر باللغة الإنجليزية أولا. ويبرر ذلك بـأنه "جاء بهدف الوصول إلى عشرات الملايين من الناطقين باللغة الإنجليزية، سواء أكانوا من الغربيين أم من أبناء العالم الثالث، أو من ملايين العرب والمسلمين الذين يقيمون في أوروبا وأميركا وأجزاء عديدة من العالم". وقد صدرت الطبعة الثالثة من النسخة العربية في الآونة الأخيرة.

وقد ترجم الكتاب من اللغة الإنجليزية إلى العربية حسام الدين محمد. ورغم أن مذكرات عطوان التي تضمنها الكتاب قد ترجمت بشكل جيد حافظ على عنصرالتشويق إضافة إلى والإثارة وتحريك المشاعر، وفي رأيي أنه من الكتب القليلة التي تشد القارئ حتى النهاية، إلا أن الترجمة شابها الكثير من الأخطاء النحوية، وهناك عدد من الأخطاء في المعلومات التي لا أعلم إن كانت وردت خطأ أيضا باللغة الإنجليزية.

D 25 آذار (مارس) 2013     A سحر قراعين     C 0 تعليقات