لطفي بنصر - تونس
صعد الجبل
لقد عاد الطاغية بعد سنوات الجمر. عاد يحمل صك التوبة، يطلب الغفران. لقد تغير، أقسم لكم أنه تغير، لكن ماذا يريد بعد كل ما حصل؟ اتجه إلى الجبل، ولم يكلم أحدا، تبعه القوم في ذهول. لم يلتفت إلى أحد.
لقد سقط صولجان الحكم وسرق التاج ليلة الخلع. تساءل القوم من سرق التاج؟ أين يكون يا ترى؟ الأكيد أنه سيظهر يوما ما لأن حكم الناس لا يكون إلا بالتاج والصولجان.
صعد الجبل، لم يحس بالتعب البتة، ظل القوم في سفح الجبل. توارى الطاغية عن الأنظار. انتظره القوم حتى مغيب الشمس. خرجت الوطاويط من جحورها ولكنه لم يعد. أين ذهب؟ إنه لا يعرف الجبل.
وفجأة يقفز معتوه القوم صائحا: "لن نخاف بعد اليوم."
التفت إليه الجميع وصاحوا بصوت واحد: " ستكون حاكمنا من اليوم."
لم يصدق المعتوه ما يقولون.
"ستكون حاكمنا. ستكون السيد، وسنأتمر بأمرك، ستأكل اللحم. وستشرب النبيذ والعسل، وستستحم كل يوم، وستنام على الحرير، ستشعر بالدفء وستستقبل الوفود. ستفرح كثيرا بالهدايا، وستسافر الى جزر الكنار، كما ستشرب من وادي الحياة وستشعر بأن شبابك يعود الى جسدك المنهك.
رجع القوم يهللون ويرقصون، لقد نصبوا الحاكم. بات المعتوه على غير عادته، لقد شبع الليلة، نام في فراش الطاغية والكوابيس المرعبة تقض مضجعه. طلعت الشمس ولكن السلطان لم ينهض بعد، انتصف النهار، تجمع القوم حول القصر، لا أحد يجرأ على إزعاجه. و أخيرا ينهض بتثاقل أدام الله ظله. طفق القوم يهللون ويصفقون، التفت إلى وزيره وسأله:
"من يكون هؤلاء؟"
أجابه بكل أدب و احترام: "إنهم الرعية يا سيدي، جاءوك من كل حدب وصوب ليهنئوك بعيد العرش."
"عيد العرش؟ ماذا تقصد؟"
"إنه اليوم الذي ننصب فيه الحاكم بأمرنا. في هذا اليوم ستضع التاج وستحمل بيديك الكريمتين صولجان الحكم، ولكن تاج الحكم سرق فلا تحزن. لقد بعثنا جنودنا في المدائن باحثين.
يضحك السلطان: "تاج الحكم؟ لقد سرقته ليلة هروب الطاغية."
"حسنا لا تخبر أحدا سنتدبر الأمر.
طلع السلطان على القوم، خطب فيهم وأطال الخطاب. شعر القوم بالضجر ولكنه السلطان.
غابت الشمس ودقت طبول الفرح. خرجت البوم من جحرها، وعاد الضبع من الجبل وبين فكيه رأس الطاغية، اقترب من الحفل لم يشعر به القوم، إلا المعتوه. قفز من مكانه وتبع الضبع.
◄ لطفي بنصر
▼ موضوعاتي
3 مشاركة منتدى
ذَكَّرَني"صعودُ الجبل" "بِأخْوَتْ شَاْنَيْهْ"..؟ مسرحيةٌ لبنانيَّة نالتْ نجاحاً واسعاً.. في المسرحية؛ ألمعتوه ينصحُ الأمير.. والأميرُ الطاغية يستجيبُ للمعتوه، ويتحققُ رجاء الرعيَّة.
كم نخشى أن نُنَصب ذات المعاتيه؟؟
ونتبع الضباع..
وتسرق منا تيجان الفرحة والكرامة..
رسمت الحزن الخفي أستاذ لطفي..
نسأل الله لطفا وسلامة
تحياتي وتقديري
كان يا ماكان كان هناك سلطان ولو كان خلعه في الحسبان ما عشقت يده الصولجان ولو كان عاقلا محبا ماكان اخذ العرش و السلطان فالمعاني على العرش اول ماتقتل تقتل مابقي في قلبه من حب ،تقتل الانسان.