عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

ولاء المصري - فلسطين

وهجه يستنطق الوصف


في محفل هذا المستبد القادم يغيب العقل لتتوارى الإرادة. تجثو الحواس كلها في نهايات السكون، مره مستعذب يتلحفه القلب. حلوه عذب وعذاب يتلثمه الوجدان. وطنه مدينة تدوّي فيها لحظات مؤنسة تارة وموحشة تارة أخرى. رذاذه حنين مرسل مأخوذ في اتجاهين مختلفين، ينشطر قلبا واحدا غده نصفان اثنان.

كيان مهدد بطفرة روحية يراوح ويغادى في سعة الزمن وضيق المكان، ممتطيا أغوار السريرة كشموخ الوتد. يداعب الأمل في الدجى، يحمله في الخلد أشواقا حبيسة مكبلة بالجوانح، ليحتفي به القلب ابتهالا ويرهف له بالبذل خفقانا. لحنٌ للحياة يدب فيه من جديد، تطيب في لؤاه مراسيل تناجي السمر، وتنحني في حضرته جباه الأساطير وتمتثل.

فواصل ومضية، على التأمل عصية، تباغت كنه الدهشة في أوج تألقها، ولا تلبث أن تنجو بعد تيه عاصف لتفيق ميسماً وعلى الشفاه تبتسم. إيلاما ينتهي؟ وفي فحواه نداء بأمر الهوى سيّال وبطهر عرشه يأتمر.

ذاك هو الحب الذي يختال في هيمنته آفة الكبر وصولا للأمان، ظني أو واقعي، ديمومي أو وقتي. تعرفه المشيئة، وتدنو من أسراره مدارك الإنسان، لتنهل منه وتستشف الإجابة الوافية عنه، ولا تكاد تقترب، لتقر بقصورها وتبوح بعجزها عما يخفيه علم الغيب.

إنه لغز معلق يترقبه عالم روحاني مخبوء، ومرادف للحلم. تقبع فيه أمكنة رحاها قسمات شهبيّة، كنسيم الصباح عند إيغاله بالغبطة. وعلى النقيض، عتمة موحشة في ليل مظلم يشي بغصة. تترك أثرا وجدانيا يعزز من معنى الوجود التواصلي بين الإنسان كمحب، وبين الحلم كرمز عميق الدلالة له.

ولأنه يتراءى لنا أحيانا أن الماضي مرآة الحاضر، فالحلم مرآة الذاكرة، وقد تكون حقيقة على اعتبار إمكانية تحقيق الحلم وبزوغه في فجر الحب، يتأجج وعلى مرأى من الشمس وإن تعذّر، نحمله على راحة الأرواح كلما توغل الزمن في عمر القٍدم محلقاً، يتبحر ويتجلى في الآفاق الممتدة. وهو يقين لأمر متاح، فذروة الأحلام آهات محاصرة يغلفها المجهول في أعماق المصير.

وبين ربيع الخيال إن لاح، ونواة الحقيقة في البكاء على الأطلال، كم هو جميل أن نرى الحلم للحب منعشا! عوضا عن حمله مبسترا يسهل ذوبانه ومحوه من القلب، فنحيله بذلك نعشا.

أن نشد الرحال إلى أنفسنا مولد الخواطر، عوضا عن هجرها، وصونا منّا لعصب منبتها الذي به الحب يُروى، كما نحن نقتات منه ولا غنى للمرء عنه، لهو أرقى تتويج لرهافتها نضيفه وطناً عامرا بساكنيه، لا تطأ عيوننا الرحيل إلا إليه.

D 25 أيار (مايو) 2013     A ولاء المصري     C 3 تعليقات

2 مشاركة منتدى

  • يسعدني الأنضمام لأسرة مجلة عود الند الغرّاء كقارئة أولا.
    كما أشيد بتفرّد المجلة المذكورة في تميزها الملفت بين قريناتها
    على الساحة الالكترونية.
    وأخيرا أثمن تواجد نص "وهجه يستنطق الوصف" على صفحات
    المجلة مقترنا بالشكر الجزيل للقائمين عليها.


  • الأخت ولاء من الأرض الطيبة المباركة

    هذا هو الحب، اللغز المعلق المخيف، شعور يتجرد من العقل والمنطق. وحماقة يرتكبها الجميع ويندم عليها الجميع.

    شكرا على النص الجميل، أسلوب مميز قريب من أسلوب الأستاذة مكارم المختار من العراق.

    أهلا بك وبكل الأقلام الجديدة.

    تحيتي وتقديري


    • الحب المتقلب، الحب المتبدل، هوعاطفة متأرجحة متأزمة
      لعب عيال إن صح التعبير، ولو كان صاحبه قد بلغ سن
      الرشد.
      أستاذة أشواق،
      إنّ الحب المقدّر عندي مسوّر بالنضج الفكري والعاطفي،
      كلاهما معاًَ. وإن لم يتوج بالنهاية السعيدة، تحيا الذكرى
      مؤججة في القلوب جهة الأزل لا حيز الخسارة
      وغير ذلك سأوافقك الرأي بأنه حماقة كما
      أشرتِ في تعقيبكِ ويستدعي الأسى. وسبحان من خلق الحب الذي
      أوجد عذرا محمودا للميل القلبي عند الرجل ولم يجعل منه
      شرطاً لتحقيق العدل بين الزوجات. الروح سر الوجود كما
      الحب سر الحياة، لذلك برأيي الحب والبحث في ظواهره الجوهرية
      أهم من تتبع قصصه وحكاياته الشكلية، أستثني من ذلك قصة
      حب حقيقية في الواقع على سبيل المثال لا الحصر، لذلك لا تغريني
      الروايات الرومانسية وإنما الغوص عميقاً في فلسفته حتمية الأزل
      وأحادية الأبد في تقاسم الخلود.
      كل الشكر أستاذة أشواق وأعتز جدا بتشجيعك ومن هنا تحية
      للأستاذة مكارم، ممتنة

في العدد نفسه

كلمة العدد 84: "عود الند" تبدأ سنتها الثامنة

تراثنا الأدبي بين الوحدة والتنوع

قراءة في ديوان للهكواتي

خصوصية الإبداع الروائي لدى نجيب محفوظ

سينما: فيلم المجهول