عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

إبراهيم قاسم يوسف - لبنان

قليلٌ من عزّةِ النفس


كانا قد اتْخذا من الحديقةِ في دارِ العجزة موطناً. ومن شجرةِ الكينا العاليةِ مكاناً آمناَ لبناءِ بيتِ الأسرة المُنْتَظَرة. والطبيعةُ كانتْ تصحو من غَفْوَتِها وتُزْهِر، في نفسِ الموعد كما في كلِّ عام، تبشِّرُ بفرحِ العرسِ القادم والولادةِ الجديدة، وتنشرُ في الكون ترنيمةً رخيمة، حَمَلها نسيمٌ عليل وبلغتْ مسامعَ العصفورة فانتشتْ لها، وألهبتْ مشاعرَها عاطفةٌ طارئة، فانثنى لها العصفورُ وتحركتْ كوامِنُهُ وهرموناته، وعصفتْ بكيانِه حالُ مراهقٍ مسَّتْهُ امرأة.

ثم لاقى صديقتَه في منتصفِ الطريق، فوقعَ المنقارُ على المنقار، والتَفَتِ الساقُ على الساق، وتعانقَ الريشُ مع الريش، واختلط الرُّضابُ بالريق، والتنهيدةُ جاوبتْها الآه في حالٍ من النشوةِ والسكرِ اللذيذ. ثم كانَ بينهما من الطقوس ما كان في الزمن بين ذكرٍ وأنثى، منذُ الكينونةِ الأولى وبدايةِ الخلق.

لهذا وضعا مخططاً لشهرِ العسل وبيتِ الأحلامِ؛ بعاطفةٍ مُتَّقِدَة وثقةٍ بالمستقبل. ثم تعاهدا على المودَّةِ والوفاء، وشرعا في تنفيذِ البناء، فتولتِ العصفورةُ هندسةَ الدار بمنقارِها وعقلِها وما أوتيتْ من العواطفِ والإيمان. أما صديقُها العصفور، فراحَ يرتادُ الشواطئ القريبة بهمةٍ عالية ينقلُ إليها الحصى والطين، ويفتشُ عن القشِّ والريشِ يحملهما باندفاعِ العاشقين. هكذا تعاونا على بناءِ بيتِ الزوجية، يداً بيد وقلباً على قلب، يحدوهما الحبُّ والسعادةُ والأملُ المنشود.

وما إن انتهى بناءُ العشّ حتى وضعتْ عليه لمساتها الأخيرة وفرشتْه بالوسائدِ الملونة، وريشٍ ناعم كالحرير، واتخذتْ لنفسِها مكاناً قصياً في إحدى زواياه. أما شريكُها فاكتفى في الليلِ بمكانٍ ضيقٍ ينامُ فيه على عتبةِ الباب، لا يقيهِ برودةَ الليل، أو يتسع لجسمِه المُتْعَبِ النحيل.

عش عصافيرثمَّ باضتِ العروسةُ العصفورة بيضتين رائعتين؛ واحتضنتْهما بحرارةِ المشتاق. هكذا راحتِ الأيامُ تتوالى والعصفورةُ تحضنُ بيضَها، وتراودُها أحلامُ الأمومةِ العذبة، وتستعيدُ في ذاكرتِها الحَدْوَ والسَّقْسَقَة، وترنيمةَ الأطفالِ الصغار؛ تلك التي تعلمتْها من أمِّها، حينما كانتْ لا تزالُ طفلةً في مهدِها الورديِّ الحرير.

أمّا العصفورُ فقد عاودتْه الرِّغبةُ الغلابة. وابتدأ يعاني ضجراً وهجراناً موجعاً. في البداية لم يكنْ مستاءً من فترةِ الحريةِ هذه، فقد استفادَ من الفرصة وزارَ بعضاً من أصدقائِه القدامى، أولئك الذين كادَ ينساهم بعدما انقطعتِ السبيلُ إليهم، وغابتْ عنه أخبارُهم منذ انشغلَ قلبُه وعقله بصديقتِه الجديدة. لكنّه كانَ كلّما انقضى الوقت، كلّما ازدادَ ضيقُه وبرمُه بالدنيا من سوءِ أحوالِه ولهفتِه من جديد، وكلما عادَ منهكاً في المساء، لم تكنْ شريكتُه تعفيهِ من الشكِّ وغيرةٍ ترتسمُ واضحةً في مُقْلَتَيها، ومن مُساءلةٍ دقيقة يخضعُ فيها لاستجوابٍ طويل.

"كان يتراءى لي يا حبيبتي أنّ المسألة ستمضي أسرع ممّا كنتُ أتوقّع"، هكذا كان يُوَشْوِشُها. وتجيبُه العصفورة: "هل حقّاً ما تقول؟" فيردًّ عليها: "نعم أشتاقُ كثيراً أن أرى أحبّتنا الصغار، وأن أفتّشَ لهم عمّا يأكلون، لو تعلمينَ بما أجِنُّ من الهوى لرؤيتِهم. لقد اكتشفتُ مكاناً مدهشاً فيه طعامٌ وفير، فاستعجلي يا حبيبتي؛ استعجلي؛ أرجوكِ أن تسرعي".

العصفورُ مضطربُ الخاطر، تخونُه أعصابُه وتتحكمُ فيه رغبَتُهٌ من جديد، فينطُّ من مكانٍ إلى مكان، لا يكادُ يستقرّ على حال. إنّه بالقربِ من صديقتِه الّتي تتحوّلُ في العامِ المقبل إلى عصفورٍ آخر، فالعصافيرُ لا تَخْضَعُ للمحاكمِ الشرعيَّة، ولا تعنيها القواعدُ والأعراف، ولا تكتبُ ميثاقاً بالزواج لتميِّزَ بين حلالٍ وحرام. تكفيها المساكنة والعشرة بمودةٍ طيِّبَة، وترفضُ علاقةَ القسرِ والإكراه ولو كانتْ بالحلال.

وصديقتُه المُرْتابة راحتْ تلعنُ ظنَّها؛ وتراقبُه برأفةٍ وتأثرٍ شديد، وهو يقفزُ من غصنٍ إلى غصن، مُوَتّراً مُستنفَرَ الأحوال؛ يطيرُ يميناً وشمالاً بلا أملٍ أو رجاء. لقد عِيلَ صبرُه واستبدتْ به هشاشتُه، فهو قريبٌ منها يعذّبه بعدُه عنها. وتتوجَهُ إليه العصفورةُ قائلة له: "مهلاً، مهلاً.. توقفْ. لقد أضجرتَني. قليلٌ من الصّبرِ، ومن عزّةِ النفسِ، يا صديقي، فكلّ شيءٍ في أوانِه".

العصفورُ المتيَّمً الملهوف، يُمضي معظمَ يومِه هائماً يروّحُ عن نفسِه وحيداً عندَ الغدير، وعندما يعودُ في المساء تتبدّلُ الدُّنيا في ناظريه. تسكنُ أعصابُه، يهدأ باله ويرقّ قلبُه لفرخيه الجديدين، وشريكتُه التي عادَتْ إليه بعد شوقٍ وانتظار.

هكذا تبدّلَتْ أحوالُ الأسرة، وراح العصفورُ يزاولُ واجبَه في دورَ المُعيل، فيطيرُ بعيداً يفتشُ لهم عن القوتِ، ويحملُه إليهم باندفاعِ الأبِ الحنون وربِّ البيت المسؤول، وسعادةٍ تفيضُ حباً وسلاماً على الجميع. هكذا أيضاً تنتهي كلُّ الحكاية، ويتهيأ الأبُ من جديد ليدربَ فرخيْه على التحليق.

D 25 حزيران (يونيو) 2013     A إبراهيم يوسف     C 19 تعليقات

12 مشاركة منتدى

  • تظل لكتابات الأستاذ ابراهيم يوسف نكهة الفرادة بطعم الحلاوة، ولمسة الطراوة في المعاني، وعبق اللاوندر الشذي في الأسلوب السردي، الذي يوائم بالتصوير ما بين التصوير الداخلي والتصوير الخارجي، يزاوج في قصصه الخيالية ما بين الطبيعة الانسانية والطبيعة الحيوانية في موازاة تسير بخط مستقيم على مستوى موائم غير مكروه، تجتمع فنياته كلها في بوتقة القصة بلغتها الأنيقة جداً، التي تبدو بتناسقها وفارع معانيها كعروس ترتدي أجمل حليها وتخطو بدلال مثير.... مواضيع قصصه متنوعة بين الخيالية والوجودية والاسطورة والواقعية، قد يضمنها معاني انسانية سامية أو معالجة اجتماعية هامة، تبرز تارة من خلال الأسلوب المباشر وأخرى من خلال الرمز، لكنه يتميز بأناقة لغوية طاغية، تجعلك تتلذذ القراءة والمتابعة برغبة قوية، اللغة في قصصه هي محور فنيات قصصه، اللوحة المحببة التي تمنح القصة ذلك التألق حتى لو لم تجتمع فيها فنيات السرد المعهودة جميعها (وهذه نادرة) لكنها تبدو زاهية المنظر جميلة التنسيق، تشدك كمتلقي لتفحص جميع جزيئاتها، لتكتشف مدى تأثيرها الجمالي عليك.... القصة تتحدث عن الشراكة في بناء بيت الأسرة، والبرود الذي يصيب علاقة الأزواج حين ينصرف كل منهم نحو واجباته مهملاً الآخر، مبيناً ما لدور الزوجين من أهمية في تفهم متطلبات الآخر النفسية، ثم دوره في أهمية خلق أجواء المحبة والرومانسية والاهتمام والرعاية والتفاعل مع الآخر لانعاش العاطفة بينهما، واتقاد مشاعرهما، خاصة والعلاقة بينهما محكومة بالمدة البسيطة التي تنتهي بطيران فراخهما، لذلك فمتطلب التوازن في تأدية المسؤوليات دون أن تطغى على حق الآخر، وهذه العاطفة التي تعقد بينهما أواصر العلاقة خلال فترة شراكتهما، فيما العنوان يؤكد أن قليل من عزة النفس بين الأزواج لا يضير عودة توادهما وتراحمهما.. جميل هذا التنسيق السري.. تحية ابداع سيدي


  • الأستاذ إبراهيم يوسف

    نهاية جميلة لسلسلة لطيفة من الحكايات
    حكايات تومض بالأمل وسط لوحة قاتمة الألوان
    جاءت ونحن في حاجة لدفعة إلى الأمام، تذكرنا أن دائرة الحياة مستمرة لاتوقفها الحروب والأحزان.

    شكرا لك ولعصفور الدوري

    تحيتي وتقديري


  • عودة متألقة عصرية لقصص كليلة ودمنة مع تشويق واسقاط هادف على الحالة البشرية !


  • النص رمزي تدور أحداثة عن العلاقة بين حبيبين، والتي تنتهي بالدخول إلى القفص الذهبي، إسمح لي بدايةً أن أعلق على مدى ترابط العنوان بمحتوى الحكاية، فمن وجهة نظري لا يوجد حتى القليل من عزة النفس، فلماذا أسميتها إذن " القليل من عزة النفس"، ومن ناحية أخرى بصفتي دكتورة في علم الإجتماع، ومتخصصة في قضايا المرأة، فإنني أرى أنك قد إستطعت سرد مشكلة الزواج بشكل جيد، إلا أنك لم تعطِ حلولاً سوى وجود الأطفال، وكأنما الزواج ما هو إلا مؤسسة تقوم على تربية الأطفال، ونسيت قول الله عز وجل "وجعلنا بينكم مودةً ورحمة"، وكذلك قوله تعالى "ويجعل من يشاء عقيماً"، فكيف تستقيم الحياة من وجة نظرك بتلك الطريقة، وأخيراً كنتُ أتمنى منك ألا تنهي الحكاية بتلك الطريقة التي يوجد بها إمتهان كبير للمرأة التي توضع قيد الإنتظار.


  • مها القاضي
    وهل كان ينبغي للعصفورة الأنثى أن تنفرد بإعداد العش وأن تلقِّحَ نفسها بنفسها، ثم تبيض وتترك البيض للذكر ليحضنه لها، وتتولى لاحقاً مسؤولية التفتيش عن الطعام للفراخ، ولا بأس أن تَئِدّ الفرخ الذكر، وتقوم أخيراً بتدريب من بقي من الفراخ الإناث على الطيران.

    هل هكذا تستقيم الأمور يا سيدتي وتنتفي في رأيك تهمة الذكورة.. لتعود صديقتنا العصفورة بعد هذا كله إلى الشكوى والتذمر بأنها متروكة وحدها. هناك أيضا مزيد من الأسباب الأخرى المحرجة التي لا تصح مداولتها.

    لكن؛ ولكي أكون منصفا وأنت (امرأة)، فينبغي أن أشكرك على المرور الكريم، وعلى اعتبارك القصة مجازية ورائعة. أنا نصير المرأة يا سيدتي. مهزوم مع زوجتي، وابنتي تبتزني في عواطفي ومالي. مع خالص محبتي ومودتي وشكري واحترامي.


  • أشواق مليباري

    توزيع الثروة بالتساوي بين البشر سيعزز تهمتي.. لا سيما وأن الافتتاحية تدور في ذات المعنى. شكرا للإشارة ما دمت تعتبرينها من باب الأمانة.


  • من جدوى الكتابة وجماليتها، أن يبقى الكاتب في النص فلا يشرد بعيداً، وأن تأتي الخاتمة مرتبطة ارتباطاً وثيقا بمقاصده، ويأتي تأثير الفعل إيجابياً متّصلاً بالمعاني الماضية، فلو لم يأتِ النص في نهايته على النحو الحاصل؟ لأتت الخاتمة باهتة وأقل إشراقاً. نجح الكاتب في ربط نهاية النص الأخير "قليل من عزة النفس" بالنص الأول، "لا خوف عليك بعد اليوم" وما بينهما، "يوم التقاها على الغدير". كما تمكن من استخدام أدوات العطف في وصل العبارات استخداما سليماً نتج عنه بنيان نص متين.

    تابع


  • أما هيام ضمرة فسيدة متألقة وكاتبة يرضخ الحرف لمشيئتها، والنقد المنصف البناء يليق بترفعها وتجردها وعفتها. إن انتقدت فإنها لا تجرِّح أبداً. وإذا مدحت أو أثنت فإنها لا تغالي. وحينما تناولت هذا النص؟ تناولته من جميع جوانبه وحللته تحليلآ أدبيآ مستفيضاً، من حيث الأسلوب واللغة والصياغة والعبرة والمعاني، وتناولت رمزية القصة بالكثير من الشفافية والمعرفة الأدبية المحيطة بأدق التفاصيل، وذلك بالتركيز على الفكرة التي دارت حول الحكاية.

    هيام شخصية مستقلة، متفهمة كثيرا وإنسانة شديدة الذكاء ، وصاحبة مبدأ والتزام لا يتغير. سيدة رائعة بروعة النص. لعلها أغفلت الإشارة إلى الفقرة التي تناولتْ مسألة المساكنة دون تعليق عن عمد أو سهو لست أدري؟.


    • سيدتي الراقية مريم.. أحس أن عباراتي مهما حاولت منحك حق قدرك فإنها ستقصر في شكرك ونثر كل رد فعل أحاسيسي تجاه ما أورته بحقي من وصف دغدغ مشاعري، فليس غريباً على من يلتقون على الأدب والنقد أن يكونوا كما شواهد الابداع في النقد البناء يلتقون على المودة والاحترام ولهم مآثرهم في الفكر والخلق والمصداقية خلال العملية النقدية، فالمعروف أن الطرائق الجلفة في النقد غير محفزة ابداعياً بل وكثيراً ما تركت أثرها السلبي على مشاعر الكاتب وعلى أدائه، فالكاتب حين تأتيه ملكة إبداعه يتحرك وفق مشاعره الذاتية النابعة من داخله ويسير بالقصة كما تكونت بكلها في ذهنه، كما أن الكاتب غير معني دوماً المظاهرة المباشرة بما يريد قوله وإلا ما ترك للناقد فرصة اختراق المعنى من خلال المبنى، فشكراً لك سيدتي عبق كلماتك وخصب قولك الذي يتضوع فيه الند والمسك والعنبر.. اغفالي الاشارة إلى مفهوم المساكنة قد يكون تقصيراً إلا أن ضيق المسا

    • أما بالنسبة لاغفالي موضوع المساكنة، فقد يكون السبب في ضيق المساحة المتاحة للتعليق عدا عن ضرورة وجود النص بكامله أمام الناقد للمرور على كل بادرة وشاردة فيه وهو غير متوفر في تسجيل نقد انطباعي أكثر منه نقد تحليلي كامل، وإلا لأشرت لعدة معاني قد تبديها العبارة التي كانت مفتاحاً للقصة والتي تقول (كانا قد اتْخذا من الحديقةِ في دارِ العجزة موطناً)المكان الذي يعج بالقضايا الانسانية والذاكرة المنتعشة بصور الماضي، لأن الماضي يصبح الجزء المنير الوحيد الذي يهب القوة لاستكمال الخطوات الأخيرة من الحياة، قد تكون في أغلبها أقسى مما نتصور على صاحبها، منها ما تعلق بالعقوق ومنها ما تعلق بصور النهايات الحزينة أو البائسة.. أقدر فيك ذكاءك الأدبي والنقدي أستاذة مريم ولغتك القوية المعبرة وإمكانياتك الفكرية الناضجة.. لك مني سيدتي خالص محبتي واحترامي وتقديري متمنية لك التألق الساطع الذي تستحقين

  • سرى في قلبي شك أن العصفور من بدايه القصة يحتاج لبناء العديد من الأعشاش ليكون أسره تليق بمشاعره وقلبه( أسره ترضيه بالعصافير ، وأسرة ترضيه بالمشاعر، وأسره ترضيه بالمشاعر) تلك التي بالواقع لا يحصل عليها بوقوقت واحد .. ما اجمل روحك وهي تسرد هذا البعد من حياتنا .. ما أجمل زقزقة العصفور وتحاولاته التي نقرتها بذاكرتي الآن ...


  • "وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ"

    والكريمتان في هذا المقام هيام ضمرة من الأردن، ومريم من القدس التي قطعت علي الطريق فلم تترك لي ما أعتز بقوله للصديقة هيام، وأجدني قليل الحيلة في شكر الصديقتين كما ينبغي.

    أما الإشارة التي أغفلتْها الست هيام من التعليق..؟ فرأي أن المساكنة لم تكن أبدا بالإكراه ولا الزواج كان دائما بالتراضي.

    مع أصدق المحبة وأحلى الأماني للصديقتين الكريمتين.


  • دكتورة رانيا كمال

    العنوان إشارةٌ إلى النص يقاربها كلٌ بأسلوب مختلف، ومن غير المعقول أن نحيطَ بمضمون النص من خلال العنوان، فلو طلبتِ إلى ملايين الكتّاب أن يختاروا عنواناً لنص بعينه..؟ لما تطابق عنوان مع الآخر، لأن الآفاق الأدبية لا حدود لها. وخير برهان على ذلك ما تضمنه تعليق الصديقة مريم من القدس، التي خالفتك الرأي بأن النهاية كانت مشرقة ولم تشر أبداً إلى امتهان المرأة.

    حينما عصفتْ بالعصفور رغبتة..؟ توجهتْ إليه العصفورة تقول: قليل من عزة النفس يا صديقي فكل شيء في أوانه. الرغبات بأشكالها هي محور حركة الكون وعليها يتوقف استمرار الخليقة والزمن، ورأيت من المناسب أن أجعل من هذه الإشارة عنوانا، ولا أعتقد أن في العنوان ما يضير النص كثيرا أو ينفعه ولو قليلا.. لكن؛ ربما كان مفيداً أن أشير إلى الترابط بين "قليل من عزة النفس"، ونصين سابقين نشرا على التوالي وأتيا في نفس السياق..؟ يتبع


  • أشواق مليباري
    لا أواجه إحراجاً أو حاجة إلى الاعتذار حينما أتأخر في الرد، فأنتِ من أهل البيت. شكراً على إطرائك وما حملتْه إليكِ نهاية الحكاية، من أمل لا أرجو له أن يخيب بسبب قسوة ما يجري في بعض الديار. ولو أن البعض رأى في النهاية نتيجة مختلفة تماماً، وهذه وجهة نظر يجب أن أقدِّرها كثيراً وأحترمها أكثر.

    وأما الحرب يا صديقتي فلن تتوقف ما دامت الأطماع والأنانية جزء من (إنسانيتنا). الحرب قائمة منذ بداية الدنيا ومستمرة إلى الأبد. لكن ينبغي أن نعوِّد أنفسنا على قسوتها ومآسيها ونتائجها التي لا تخلو في بعض الجوانب من نهضة عمرانية وإنسانية، كما حدث في اليابان. تلك البلاد نجحت كثيراً وتفوقت على سواها بعد الحرب العالمية الثانية.

    سئل مرجع ديني عن رأيه في إيفاد (مبشرين) لهداية الناس هناك؟ فأجاب ممتعضاً: إلاَّ اليابان!؟ ههؤلاء؛ دعوهم وشأنهم فأحوالهم كأحسن ما يكون، ولا حاجة بهم إلى الهداية والإصلاح.


في العدد نفسه

كلمة العدد 85: ظاهرة اليساريين سابقا

مفهوم التناص: المصطلح والإشكالية

ابن المقفع وتجديد النثر العربي

التجريب في رواية المتشائل

الحقول الدلالية في قصيدة...