عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

غانية الوناس - الجزائر

نبوءة ونصوص أخرى


رسالةٌ متأخرةٌ من سندريلاَ

غانية الوناسعزيزِي الأمير،

في قصّة أخرى منسوجةٍ بخيوطٍ من حرير، كنتُ سأصدّق تلك النّهايةَ السّاحرة بحذاءٍ ألماسيّ، وعربةٍ تجرّها خيولُ الدّهشةِ، وبيدكِ تمسكُ بيدِي لنحلّق معاً وسط الغيّومْ، لكنْ في قصّتنا يا أميرِي الوهميّ لا نهاية تصلحُ لنا سوى نهاياتُ الوجعْ، بطعمِ العلقمِ وبقليلٍ من المرارةِ التي نحتاجها لنُفيقَ من الوهمْ. مشهدنا الأخير رقصةٌ للوداع وابتسامةٌ خافتةٌ على وشكِ الغروبِ، ورحيلٌ لا يليقَ إلاّ بالمفطورين على الخيبات.

أميرِي، كنتُ صدّقتُ لوْ قلتَ لِي إنّ كلّ شيءٍ حقيقيٌ، وإنّ الحلم إذا ما أطعمناهُ إرادتنا وقُوّتنا سيغدُو ولو بعدَ حينٍ واقعاً، لكنّك لمْ تفعلْ شيئاً سوى أنّك غذّيّت في روحِي الوهمَ أكثرْ وأكثرْ. أبدلتَ آمالِي بيأسٍ صار يخنقنِي ويُجهضُ كلّ فرحٍ يريد أن يولد. لذلك يا عزيزي ها نحن نجلس على الخيبةِ مجدداً، بانتظار قطار الألم ليحملنا معه إلى مدينة الحزن حيث مكانُ كلّ الصّادقين، وهكذا كلّ النهاياتِ تفعل.

طعمُ الفرح

قالَ لها: الفرحْ خبزٌ مؤّقتْ ليسَ منْ نصيبِ كلّ الجائعينَ. ابتسمتْ ودمعةٌ تسرّبتْ رغماً عنها، قالت: لمْ أتذّوق ذلكَ الخبزَ يوماً، ترى كيفَ طعمه؟

بينَ الشّوق والحنين جسرٌ من وجعْ. نبتَ الشّوقُ فُروعاً على أذرعِي وتسلّق الوجدُ أعماقِي، نسيتُ كيفَ طعمُ النّومِ في غيّابك؟ كيفَ السّبيلُ إلى كتْمانِ الحنينْ في النّفسِ حتّى لا يفيضْ؟ كيفَ ألقّنُ روحِي أنْ تردّد في صمتٍ دعاءَ البعيدْ؟ كيفَ أقُولُ إنّي "اشْتقتُكَ" دونَ أنْ تشهقَ في نفسِي ألف آه وآه؟

زائرِي الذي لا يرحلْ

إنّي ما امتهنتُ الحزنَ لكنّه كان زائرِي. ظلّ واقفاً أمامَ البابِ وقتاً. فتحتُ لهُ فدخلْ. ظننتهُ عابراً لكنّهُ في يقينهِ كانَ يُضمرُ البقاءْ.

نصيب

أحكمتُ إغلاقَ قلبِي، فمنْ أيّ ثقبٍ أو مسامٍ تسرّبتَ إلى الرّوحْ؟

نبوءة

كنتَ نجمِي الّذي أهتدِي به. كنتَ قمرِي الّذي أستضيءُ بهِ كلّ مساءٍ، فهلْ أكذّبُ حدسَ أحلامِي وأصدّقُ كلّ تنّبؤاتِ النّساءْ؟

رحيل

أدخلُ ذاكرتِي بوجعٍ خفيّ أواريهِ عن أعينُ قلبِي، وأنسى أنّه أكثر من يشعرُ ويحسُّ به. تتسابقُ حبّاتُ الدّمعِ الفضيّ، تسرِي على خدٍّ مدرّجٍ بالحنينِ، جافٌ جداً. خشنٌ جداً ملمسُ حقائبِ الرّحيلْ.

قلبٌ قدري

القلبُ الّذي يحبّ لا يكرهُ أبداً، لكنّهُ يتأذّى. وحينَ تبلغُ الأذيّةُ حداً لا يتحمّلهْ، ينسحبْ ليسَ هرباً ولاَ جبنا، ولا حتّى غدراً لكنّهُ لا يعُودُ أبداً كما كانْ.

خطوة

حينَ ينتهِي الحب يصبحُ الانسحابُ شجاعة.

وصية

ويمرّ بِي غريبٌ أوصيهِ بوجعِي، لعلّه يحملُ شيئاً منهُ، ويرميهِ في الطريقْ.

أمنية

أنتَ آخرُ ما أتمنّى أنْ أغمضَ عينيّ وأراه قبلَ الرحيلْ. أمنيّةُ العمرِ الأخيرة أنت.

الرسالةُ الأخيرة

سأكتبكَ فِي دفترِي اليوميّ عنواناً عريضاً، تاريخاً مميّزاً في رزنامتِي، سأخطّ بالقلمِ الأحمرِ تحتَ اسمكَ مراراً، سأعلّقكَ على جدرانِ ذاكرتِي كذنبٍ كبيرٍ اقترفته، كخطيئةٍ سأقضِي عمرِي أحاولُ التكفيرَ عنها، هلْ كانَ حبّكَ وهماً؟ أمْ أنّي بالغتُ في الانحيّازِ لقلبكْ بينما تركتُ قلبِي الضّعيفَ وحيداً هائماً في بحرِ حبّكَ العميقْ. طفلةٌ لازلتُ حينَ أحبّ، أمضِي في حبّي إلى النّهاية.

D 24 آب (أغسطس) 2013     A غانية الوناس     C 8 تعليقات

4 مشاركة منتدى

في العدد نفسه

كلمة العدد 87: عن سمات الجنرالات

الزمن في سرد سهيل إدريس

أبو نواس والتغزل بالمذكر

بلاغتنا الجميلة: من ينقذها؟

النار في حدث أبو هريرة...