د. الحسن الغشتول - المغرب
رأي في مقولة الأدب النسوي
سبق لي أن عبرت عن رأيي في مقولة "الأدب النسائي" في مؤلفي "بين الفكر والنقد"، وتحديدا عندما وقفت عند عمل المستعربة الإسبانية مانويلا مارين (manuela marin) عن الزهد والصوفية والسلطة في الأندلس. فقد ذكرت أنها عمدت على أن تلهب حسها التاريخي بزاد أسطوري ونفس أدبي حكائي. وهي في صنيعها هذا لم تحد عن منهاج العلم في مسلكه التحقيقي، حيث يستحيل الجزم جزما علميا بتجريد التاريخ عن أدبيته الرائقة.
إنه فن عماده منظورات متوائمة في عقل المؤرخ. وأنا لا أعزو منزعها الحكائي في التاريخ إلى أنوثة مخصوصة؛ فنحن إلى يومنا هذا لا نملك أن نميز بين كتابة نسوية وأخرى ذكورية بقدر من العلمية التي تثبتها دراسات مخبرية أو تشريحية دقيقة.
أما ما يميز أعمالا إبداعية أسهمت بها المرأة في سياق تاريخي معين ومقتضيات خاصة، فلا يصح أن يحمل على نساء الدنيا، بل ما قد تمجده امرأة من قيم في كتابتها، قد تجعلها أخرى أمرا متجاوزا، أو بالأحرى يجمل السكوت عنه.
جانب آخر أشير إليه، ويتعلق بفرضيات يصعب التنبؤ بصدقيتها فيما ينجز على مستوى الإبداع، فقد يذهب البعض إلى أن أدب المرأة يحفل بالبوح الذي ترافقه نعومة في اللفظ، وفيض في الخيال، ثم يشق على نفسه باحثا عما يلون ذلك الأدب الناعم بالتشيهات والمجازات التي تغدو لها قيمة خاصة، فربما أوحت بشيء ذي بال لأصحاب المناهج الأسلوبية من ذوي الولع الشديد بتقصي أحوال الطباع ومعرفة مظاهر التركيب النفسي الدقيق، كأن تدل عندهم على عناصر التفرد الأنوثي.
ولعلهم سارعوا إلى عقد موازنات بين ما يكتبه الرجل وما تكتبه المرأة التي تفصح كتابتها عن خصوصيتها باعتبارها أنثى ساردة. لكن عندما تطالعك المرأة بالأدب التصويري الذي يأبى أن يصنف في الزاوية النسوانية الضيقة، فمن المفروض أن تزول الأحكام المسبقة وتختفي.
أتحدث هنا عن تصوير انفعالي بدرجة فنية قابلة لأن تقاس بمقاييس النقد الإجرائي. والحق أن هذا التصوير قد يورط أفهام الكثيرين ممن كبر عليهم التواصل مع سرد أبدعته المرأة وأحكمت عوالمه إحكاما فنيا دقيقا.
إن الكتابة عملية متشابكة ومعقدة، وهي قبل أن تكون تشكيلا ماديا وفيزيقيا، بناء رمزي متدفق. والرموز إرث، وطاقة، وخيال مشترك، يتعدى الجيل الذي يعاصره إلى أجيال المستقبل. وسر تأثيره كامن في إشاراته ولمحه أولا ودرجة استعداد الفئات التي تتلقاه في بعده الجمالي، أو البلاغي الماتع ثانيا.
وبانتفاء الأدب في صحوه الإنساني المتناسق والمتجدد، تنطفئ الجذوة، ويفتر حينئذ العطاء، ويطفو المجتمع بتكوينه الذري على حساب الخلية المؤتلفة، بله أن يحفظ النسيج الروحي الذي يبقى التكامل الوظيفي بين المرأة والرجل من أبهى تجلياته.
3 مشاركة منتدى
رأي في مقولة الأدب النسوي, هدى أبو غنيمة عمان الأردن | 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 - 18:28 1
الدكتور حسن الغشتول تحية طيبة كل التقدير لرؤيتك العلمية الدقيقة(( في مقولة الأدب النسوي)), لأني أعتقد أن في هذا المصطلح إقصاء لتجربة الاكتمال الإنساني ,وهي تجربة الإبداع ,فالإبداع وليد الموهبة والمعرفة والخبرة وخصوصية التجربة بغض النظر عن مفهوم الأنوثة ,والذكورة.
إن تجربة الكتابة الإبداعية مفتوحة على آفاق لا حدود لها,وبقدر ماتتحرر المرأة من ذاكرة خطاب الأيديولوجيا النسوية وذاكرة القهر الاجتماعي وتغتني بالمعرفي والثقافي تنتج أدبا ينطلق إلى آفاق أوسع من مرحلة(العناوين الكبيرة لتجارب صغيرة ,ماجعل دلالة الأدب النسوي وثيقة عبوديةلا وثيقة تحرر.)
رأي في مقولة الأدب النسوي, مليكة علاوي الجزائر | 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 - 22:41 2
تحيّة وسلاما/"...حقادلالته جعلته وثيقة عبوديّة لا وثيقة تحرّر"
فبروز أسماء أدبيّة نسويّة تنافس الأسماء الذكوريّة ولّد هذا التّصنيف و نشره في مجتمعاتنا العربيّة التي يحتكر فيه الرجل كل شيء لنفسه حتّى الإبداع،فكيف يمكن لهذا المخلوق الضعيف القاصر التابع أن ينتج ،وغن أنتج فتداعيات أنثويّة تحتفي بالغاطفة الجيّاشة،وخيال باحث عن الحبّ وطالب له.
رأي في مقولة الأدب النسوي, مليكة علاوي الجزائر | 1 كانون الأول (ديسمبر) 2013 - 23:43 3
تحيّة وسلاما/"...التي يحتكر فيها الرجل كلّ شيء لنفسه حتّى الإبداع،فكيف يمكن لهذا المخلوق الضعيف القاصر التابع أن ينتج؟! وإنْ أنتج فتداعيات أنثويّة تحتفي بالعاطفة الجيّاشة،والخيال الباحث عن الحبّ والطّالب له.
عـذرا،رغبتُ بتصحيح الأخطاء اللّغويّة التي وقعتُ أنا فيها دونما تركيز.فعذرا مرّة أخرى.